أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نعيمة عمر - البلاشفة والإسلام ونساء الشرق















المزيد.....

البلاشفة والإسلام ونساء الشرق


نعيمة عمر

الحوار المتمدن-العدد: 6170 - 2019 / 3 / 12 - 09:56
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


الناشر وحدة الترجمة – مركز الدراسات الاشتراكية


يعتقد كثيرون أن الدين والاشتراكية لا يمكن أن يتعايشا سويًا –أي أنه كي يكون المرء اشتراكيًا يجب أن يكون ملحدًا. ومع ذلك، كما توضِّح المناضلة الاشتراكية البريطانية نعيمة عمر في هذا المقال، فإن المثال الرائع لعلاقة البلاشفة بالمواطنين المسلمين في روسيا بعد ثورات عام 1917 يكشف عن تراثٍ مختلف.

منذ سنوات نشأتي المبكرة كانت قناعاتي دائمًا اشتراكية، لكنني كنت أعتقد أنه لا يمكن أن تكون اشتراكيًا ومسلمًا، ولا يمكنك أن تدعو إلى تحرير المرأة مع ارتداء الحجاب. هذا الاعتقاد شائع بين المسلمين، على أساس افتراض أنه لكي تكون اشتراكيًا، يجب أن تكون ملحدًا، لأن كل الاشتراكيين يكرهون الدين.

يمكن دعم هذا الافتراض بالنظر إلى جزءٍ كبير من فصائل اليسار اليوم في جميع أنحاء أوروبا وخارجها. الكثير من هذه الفصائل تسعى جاهدةً للتعاطي مع قضايا تتعلَّق الدين -لا سيما الإسلام- وقد وقف بعضهم إلى جانب اليمين في دعم حظر الحجاب باسم تحرير النساء.

لكن هناك تراثًا آخر على اليسار، يجد جذوره في كتابات كارل ماركس عن الدين، ويستلهم النهج البلشفي في التعامل مع مسلمي الإمبراطورية الروسية خلال ثورة 1917.

أدرك ماركس الطبيعة المتناقضة للدين. في كتابه “نقد فلسفة الحق عند هيجل”، كتب أن الدين في شطرٍ منه “تعبيرٌ عن التعاسة الواقعية، وهو من جهة أخرى احتجاجٌ على التعاسة الواقعية. الدين زفرة الإنسان المسحوق، روح عالم لا قلب له، وروح الظروف الاجتماعية التي طُرِدَت منها الروح. إنه أفيون الشعب.”

قد تبرز المقاومة وتجد لنفسها تعبيرًا في الدين، على الرغم من أن الدين نفسه وُلِدَ عن الاضطهاد والاغتراب. في عام 1917 أدرك البلاشفة ذلك أيضًا. على الرغم من أن الحزب البلشفي كان حزبًا غير ديني، لم يكن الإلحاد قط شرطًا لعضوية الحزب -فقد جرى التعامل مع الدين باعتباره مسألةً خاصة.

كان الزعيم البلشفي لينين واضحًا بشكل خاص في مسألة الدين. وأشار إلى أولئك على اليسار الذين -مثل الملحدين المُتشدِّدين اليوم- حاولوا الإساءة إلى الأشخاص ذوي المعتقدات الدينية باعتبارهم “ماديين طفوليين”. وشجَّع على ضمِّ أشخاص مؤمنين إلى الحزب، واصفًا إياهم بـ”المجندين الثوريين خام الذين جاءوا طارقين على بابنا”، وهم حاسمون بالنسبة لنمو الحزب والثورة.

في وقت الثورة، كانت الإمبراطورية الروسية موطنًا لـ16 مليون مسلم -نحو 10% من السكان. كانت الشعوب المسلمة في الأجزاء الشرقية من الإمبراطورية قد صارت أكثر راديكالية بسبب أزمة نظام القيصر، الذي عانت على يديه سنواتٍ من الاضطهاد المرير. وقد كانت الحريات الدينية والحقوق الوطنية في القلب من مطالبهم.

الأولوية
كان منح مثل هذه الحقوق أولوية بالنسبة للينين والبلاشفة بمجرد اندلاع ثورة أكتوبر في عام 1917.

أُعلِنَ يوم الجمعة، لما له من مكانةٍ مُقدَّسة بالنسبة للمسلمين، رسميًا يوم إجازة في جميع أنحاء آسيا الوسطى؛ وأُعيدَت الآثار، والكتب والأغراض الإسلامية المُقدَّسة التي سرقها القياصرة إلى المساجد. في عام 1921، أُنشِئت محكمةٌ إسلامية موازية وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، مما أتاح للناس الاختيار بين العدالة الدينية والثورية. ومُنِعَت أحكامٌ مثل الرجم وقطع الأيدي.

بحلول عام 1922، أُدخِلَ نظامٌ تعليمي إسلامي موازٍ، مع إعادة منح حقوق الملكية لبعض العقارات الإسلامية لأصحابها لاستخدامها في التعليم. وترتَّب على ذلك تأسيس المئات من المدارس الإسلامية.

لم تُمنَح هذه الحقوق ببساطة من أعلى؛ بل ناضَلَ أصحابها المسلمون وانتزعوها إلى جانب البلاشفة كجزءٍ من الثورة.

كانت الجهود التي بذلها البلاشفة تعني كسب أغلبية القادة المسلمين لدعم النظام السوفييتي الجديد، وكان السكان المسلمون مُصمِّمين على القتال والموت من أجل هذا النظام في الحرب الأهلية (1918-1921). بحلول مطلع العام 1919، كان ما يقرب من 250 ألف مسلم يخدمون في الجيش الأحمر تحت قيادة ضباط مسلمين، مع عشرات الآلاف الآخرين المنضمين إلى “قوات الشريعة”. وقد ضَمَنَ الجيش الأحمر أن يقوم السكان الأصليون في المستعمرات القيصرية السابقة بحكم أنفسهم بأنفسهم في الجمهوريات المستقلة الجديدة.

في سبتمبر 1920، نُظِّمَ مؤتمرٌ مهمٌ في باكو، عاصمة أذربيجان: المؤتمر الأول لشعوب الشرق. وذكر شاب أذربيجاني كان يعمل حارسًا أثناء المؤتمر في وقتٍ لاحق أنه سيضع مسدسه جانبًا للدعوة للصلاة يعود بعدها “للدفاع عن المؤتمر والثورة”.

كان المؤتمر نقطة تحول في الصراع ضد الحكم الاستعماري في آسيا -ليس فقط ضد النظام القيصري القديم بل ضد الإمبريالية البريطانية أيضًا. وقد حضره مندوبون من أقصى الشرق مثل اليابان، بما في ذلك مندوبون واجهوا خطر الموت في رحلتهم؛ وقد تعرَّض العديد من المندوبين للقتل في طريقهم للمؤتمر. بذلت الحكومة البريطانية كل ما في وسعها لمنع رحلة المندوبين إلى باكو، بما شمل هجماتٍ على البواخر، ودورياتٍ في البحر الأسود التركي. وأكَّد ذلك على ما مثَّله المؤتمر من تهديدٍ للإمبريالية الغربية، خاصة لبريطانيا.

في القلب من المؤتمر كانت الدعوة إلى “حرب مقدسة” ضد الإمبريالية الغربية. ما يعني “تحرير البشرية جمعاء من نير العبودية الرأسمالية والإمبريالية، ومن أجل إنهاء كل أشكال اضطهاد شعب لآخر، وإنهاء جميع أشكال استغلال الإنسان للإنسان”.

ومع ذلك، كانت ثمن الحرب الأهلية للدفاع عن الثورة باهظًا. بحلول عام 1922، كان النظام السوفييتي الجديد يناضل من أجل تلبية احتياجات الناس الأساسية. كانت السوفييتات تناضل لمواصلة جهودها لضمان الحرية الدينية والحقوق الوطنية للسكان المسلمين من الناحية العملية. كان لابد من قطع الدعم المقدم إلى آسيا الوسطى، مع إغلاق المدارس الحكومية، مما يعني أنه أصبح على المدارس الدينية أن تُمَوَّل من المجتمع المحلي. بعد عامين، في عام 1924، انقطع التمويل المركزي المُقدَّم للمحاكم الشرعية.

الضرورة
لكن قطع الدعم كان نتيجة الضرورة، وليس أي تغيير في السياسة. وعلى النقيض من ذلك، فإن نمو الستالينية منذ منتصف عشرينيات القرن العشرين فصاعدًا كان يعني حربًا شاملة ضد الدين، ولا سيما الإسلام. لقد أدرك لينين وتروتسكي أن الحرية الدينية هي وسيلة لإصلاح ما ارتكبته القيصرية من جرائم، وفي الوقت نفسه الكشف عن الانقسامات الطبقية في المجتمع المسلم. كان ذلك شرطًا مسبقًا ضروريًا لوحدة الطبقة العاملة. من ناحية أخرى، لم يكن ستالين يُميِّز بين الظالم والمضطهدين من نفس المعتقد.

خطت النساء المسلمات أثناء وبعد الثورة الروسية خطواتٍ واسعة في ما يتعلَّق بتحريرهن وحرياتهن الدينية. عُقِدَ أول مؤتمر للنساء المسلمات في عموم روسيا في قازان في 23 أبريل 1917، وكان يضم 59 مندوبة منتخبة من منظماتهن المحلية، وجمهور من 300 امرأة. وشملت قرارات المؤتمر المطالبة بحقوق سياسية متساوية للنساء والرجال، والحق في الطلاق وإلغاء زواج الأطفال، من بين مطالب أخرى.

نوقشت القرارات العشرة التي أُقِرَّت في مؤتمر النساء المسلمات في المؤتمر الإسلامي الذي عُقِدَ في روسيا في مايو 1917، الذي أفرد يومًا كاملًا لمناقشة حقوق النساء. كان مركز النقاشات يدور حول مسألة تعدُّد الزوجات. وفي حين اتخذ بعض المندوبين موقفًا إصلاحيا من الأمر، اتخذ مؤتمر النساء المسلمات القرار التاريخي الداعي إلى حظره.

شدَّدَت المناقشات التي دارت في المؤتمر الإسلامي لعموم روسيا على تأثير الثورة الروسية على النساء. خلال المناقشة حول تعدُّد الزوجات، استنتج المندوب إسماعيل إيمانوف أنه يجب منح المرأة الحقوق التي تريدها لأنها سوف تنتزعها بأي حال. وأصبح لدى المسلمين صوتٌ أعلى مِمَّا كانوا عليه في ظلِّ حكم القياصرة.

من المثير للاهتمام أنه، مع هذا الصوت الجديد، لم تكن مسألة الحجاب مطروحة. كان المؤتمر الأول لشعوب الشرق هو الأول في العالم الذي حرَّر النساء من القيود التقليدية للمجتمعات الإسلامية في ذلك الوقت. لكن المندوبات إلى المؤتمر قلن: “يمكن القول أن مسألة الشادور (نوع من الحجاب الطويل) تأتي ضمن آخر الأولويات”.

بعد ثورة أكتوبر، قامت منظمة جينوتدل (المنظمة البلشفية لحقوق النساء) بقيادة إينيسا أرماند، ثم ألكسندرا كولونتاي، بتنظيم مُتطوِّعات، أغلبهن مُحجَّبات، للسفر إلى السكان المسلمين في الشرق للعمل مع النساء المُحجَّبات. كنَّ يديرنَّ برامج تعليمية ويتحدَّثن إلى النساء حول مخاوفهن. دفعت بعضهن حياتهن ثمنًا للنضال في مواجهة التمييز ضد النساء في المجتمعات الإسلامية المنعزلة.

التخفي
جاء هجوم ستالين على الإسلام متخفيًا تحت راية تحرير المرأة. كان ذلك يتعارض بصورةٍ مباشرة مع العمل الذي اضطلع به البلاشفة في المراحل المبكرة للثورة. أطلق ستالين حملة بعنوان “خودجوم” (وتعني الانقضاض) في يوم المرأة العالمي، 8 مارس 1927، لإجبار النساء المسلمات على إزالة الحجاب في الأماكن العامة.

لم يؤد هجوم ستالين إلى تحرير النساء المسلمات بل العكس؛ إذ أدَّى إلى سحب الآلاف من الأطفال المسلمين، وخاصة الفتيات، من المدارس السوفييتية واستقلن كذلك من رابطة الشبيبة الشيوعيين. لم تملك الفتيات اللاتي أُجبِرن على الموافقة على زواجٍ مُعَدٍّ لهن أو متعدد الزوجات أي وسيلة للرفض بدون عمل أو فرص أخرى.

لم يحرر ستالين النساء، بل دفعهن للعودة إلى المنزل مرة أخرى. وقد واكب ذلك إحياءه بشكل عام للأسرة التقليدية في عموم روسيا، التي شهدت مرة أخرى تشجيع النساء على إيلاء الأولوية للأمومة. انشقَّ ستالين عن التراث البلشفي، ورمى بعيدًا بعض المكاسب الهامة للثورة.

واليوم لا تزال الهجمات على المسلمين، وخاصة النساء المسلمات، تظهر تحت راية تحرير النساء، سواء كانت هيئات التفتيش على المدارس (أوفستيد) التي تسأل الفتيات المسلمات في المدارس الابتدائية عن سبب ارتدائهن الحجاب، أو ضباط الشرطة المسلحين في فرنسا الذين أجبروا امرأةً مسلمة على خلع ملابسها على الشاطئ.

للأسف، بعض فصائل اليسار تدعم هذه الهجمات. لقد حاول ائتلاف نسوي كبير في فرنسا، وهو “التجمُّع الوطني لحقوق المرأة”، منع النساء المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب من المشاركة في مظاهرات اليوم العالمي للنساء، مما وضعه في تحالفٍ مع الدولة الإمبريالية الفرنسية ضد أكثر مواطنيها اضطهادًا.

يجب أن يقف الاشتراكيون مئة في المئة مع المظلومين عندما يتعرَّضون للهجوم ويقاتلون من أجل حقوقهم. يجب أن نحافظ دائمًا على سياستنا وفهمنا أن الطبقية تشكِّل القهر وهي في الوقت نفسه المفتاح لتحديه.

هذا هو تراث البلاشفة. قال تروتسكي إن من أجل تغيير العالم الذي تعيش فيه، يجب أن تراه من خلال عيون النساء، ومن خلال عيون النساء المسلمات سوف نغير العالم الذي نعيش فيه.

– هذا المقال مترجم عن مجلة “سوشياليست ريفيو” البريطانية



#نعيمة_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البلاشفة والإسلام ونساء الشرق


المزيد.....




- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...
- السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب ...
- تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نعيمة عمر - البلاشفة والإسلام ونساء الشرق