|
عالم ما بعد الحقيقة !
سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 6164 - 2019 / 3 / 5 - 15:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
· عالم ما بعد الحقيقة !
سليم نزال
فى العام 2004 نحت كاتب امريكى اسمه رالف كيس تعبيرا جديدا لكن لم يكن معروفا من قبل. و لم يضفه قاموس اوكسفورد الشهير الا فى عام 2016 .كان تعبير ما بعد الحقيقة من اهم التعابير التى تم صياغتها فى تلك الاوقات التى تصف اتجاه العالم . و مرة كنت مدعوا للتحدث حول الشرق الاوسط امام مجموعة من الصحافيين المتفاعدين الذى كانوا يعملون فى التلفزيون الرسمى النرويجى و اظن ان ذلك كان فى العام 2005 ان لم تخنى الذاكرة .عندما اثار احدهم هذا التعبير لانى استخدمت تعبير الفيضان الاعلامى الرهيب. لم اكن حينها قد اضطلعت على التعبير و لا على الكتاب الذى اشترتيه لاحقا و قرات اكثر من نصفه. من وجهه نظر الكاتب العالم يتجه نحو فوضى اعلاميه غير مسبوقه حيث تسود الاكاذيب و التزوير و الدعايات و الترهات و ارباع و انصاف الحقيقة الخ . و يبدو هذا جليا خاصة فى المواقع الاجتماعية التى صارت تتفوق كافة وكالات الانباء .
عندما كنا فى سن اصغر كان هناك فى العالم وكالتا انباء هما رويتر و اسوسييتد برس و على الرعم انهما كانا يحتكران صناعة الاخبار ا لا انه كان من الممكن على الاقل ان نقوم ببعض الجهد لمعرفة الحقيقة.
لقد باتت الحقيقة صعب الوصول اليها بسبب غابة الاخبار حيث ملايين الصحف و المجلات و المواقع الى درجة صار يصعب فيها معرفة الصحيح من التزوير و صار البحث عن الحقيقة بمثابة البحث عن ابرة فى كوم من القش . الفيس بوك مثل واضح على حجم الاخبار المزورة و المفبركة .و الطريف ان لا احد يهتم بمعرفة مصدر الخبر. .اما انا فقد لاحقت بعض الاخبار التى كنت على شية يقين بدون برهان انها كاذبة و بالفعل وجدتها مزورة .و لهذا السبب انا لا اعتمد على الفيس بوك و المواقع الاجتماعية كمصدر لللاخبار و ان كنت قد عرفت الخبر من المواقع الاجتماعية الا انى احاول معرفة المصدر الاول .
منها مثلا ما قراته اليوم ان مصادر صحفية فى لندن قالت كذا و كذا ؟ من هى هذه المصادر و من هى هذه الصحف و ما هو مصادر الصحف نفسها لانه لا يكفى القول ان فلان ذكر هذا الكلام . منها ايضا مثل خبر يناسب تماما العقل العربى المؤمن ان كل ما يجرى هو مؤامرات ان الذى عمل ال واتس اب وضعه مجانا فى المنطقة العربية لمراقبة العرب. و الحقيقة ان الواتس اوب مجانا فى كل العالم و ليس فى العالم العربى .(( و بعدها خذ لايكات على هذا الكلام الفارغ!!!! ) و القنوات العربية تقدم احينا انصاف متعلمين و يقدمون على انهم خبراء و ما هم بخبراء .ضاعت الطاسة فعلا!
فى احد المرات انتشر كلام على الفيس عام 2015 اى عام اللجوء السورى قيل فيه ان ميركيل قالت ان مكة اقرب اليكم من اوروبا . رايتها على الفيس و كنت شبه واثق انها لم تقول هذا الكلام لانى عشت فى اوروبا معظم حياتى و و اظن ان لدي مقدرة بحدود معقولة لمعرفة ان كان هذا الكلام قد قيل ام لا . و قد انتشر الخبر انتشار الهشيم فى النار.و بالعل سعيت لمعرفة المصدر و لكن لا يوجد مصدر اى انه خبر مفبرك .
و الغالبية الساحفة من مستخدمى وسائل الاتصال اشخاص محدوى التعليم و المتعلمين منهم تنقصهم الخبرات فى هذا الصدد و من السهل ان ينجروا للشائعات و هو اما اراه بوضوح يوميا .. هناك جهتين كانتا الاكثر الاستفادة من وجهة نظرى من هذا الوضع .
الحركات الاسلاموية المتطرفة و الارهابية التى وظفت هذا الجو الفوضوى لصالحها من تحريض للمسلمين على سواهم من المصائب و الكوارث التى جاؤوا بها و بث اجواء ثقافة سامة بين مكونات بلادنا .
و الفئة التالية اليمين الشعبوى الاوروبى و الغربى خاصة فى امريكا الذى يمثل ترامب احد رموزه و الذى استخدم تويتر استخداما لنشر سمومه ضد المسلمين و سواهم . من ابرز سمات مواقع التواصل الاجتماعى انها تخلوا من تحليل منطقى جل اخبارها تركز على الغرائز و العاطفة و التحريض ضد الاخرين .و تساهم فى جر العالم الى فوضى لا نعرف الى اين توصلنا . من اهم سمات مرحلة ما بعد الحقيقة ان الحقيقة باتت الضحية الكبرى و ساد الكذب و الخداع و التشويه .و لهذا التطور اخطار كبيرة على الانسانية لانه من السهل تجيييش مجموعات كبيرة من البشر و خداعهم بعناوين و شعارات زائفه و بث ثقافة الكراهية و الاحقاد الخ من الكوارث .. و فى المحاضرة التى دعتنى اليها جمعية موزاييك الموقرة فى اوسلو التى ستكون بعد عشرة ايام ساضىء على هذا كله كونه ساهم فى تقوية كل القوى التى ذكرتها و ساهم فعلا فى عالم يتجه بقوة نحو الفوضى .
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاومة الانسانية !
-
بانتظار الحصاد!
-
ريحانة الفلسطينية تستقبل الشاعر احمد شوقى بالحدادى!
-
اشعر بالاشمئزاز من امريكا !
-
عن عزرا باوند!
-
اختلط الحابل بالنابل !
-
حوار مع فنانة!
-
خبراء الشرق الاوسط ؟
-
القتلة الحقيقيون لكارل ماركس!
-
مؤشرات اولية على نهاية المرحلة السلطانية !
-
حول المجتمع الاسرائيلى
-
اشكالية البلوكاج او الدلدل الهندى !
-
يا ليل الصب متى غده
-
عن زمن ميس الريم !
-
العز للرز و البرغل شنق حالو!
-
لا يوجد اقليات فى بلادنا ,بل تنوع حضارى !
-
التدمير الخلاق!
-
عن هيلين توماس
-
نحتاج ان نبث روح الامل !
-
ما بعد مرحلة سنوات الجنون !
المزيد.....
-
إصابة العشرات بعد إطلاق صواريخ من لبنان على الجولان.. وبيان
...
-
السعودية: وزارة الداخلية تعدم الأكلبي قصاصا.. وتكشف كيف قتل
...
-
-كتائب القسام- تتصدى لجنود وآليات الجيش الإسرائيلي في محور ا
...
-
سترانا: إحراق مركبة عسكرية أخرى في كييف
-
-لقد ضربوا حلفاءهم-.. سيناتور أمريكي سابق يتحدث عن تفجير -ال
...
-
أولمبياد باريس 2024: خطأ فادح يخلط بين كوريا الجنوبية والشما
...
-
-سرايا القدس- تعرض مشاهد من استهداف جنود وآليات إسرائيلية شر
...
-
مصر تضغط.. نحو صفقة لإسرائيل مع حماس
-
مجموعة مستوطنين تعتدي على قرية برقا الفلسطينية بالضفة الغربي
...
-
ليتوانيا تعلن تسلمها أسلحة ثقيلة بقيمة 3 ملايين يورو قبل نها
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|