|
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 35)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6162 - 2019 / 3 / 3 - 00:38
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هناك امثلة كثيرة على ان الفكر السياسي برز كجزء من الصراعات السياسية و منها التفسير العقلاني من قبل المعتزلة للمسلم المذنب اوالاثيم و مصيره و موقعه و حكم الاسلام عليه. عدا هؤلاء فان من المستشرقين اهتموا بهذه المسالة كثيرا و منهم نلينو. و من الدوافع لبروز مثل هذه المسائل و المفاهيم هو الخلافات و الحروب الداخلية و منها مقتل عثمان و اتهامه و قتل الصحابة بايدي البعض و قضية حكم امو موسى الاشعري و عمر بن عاص عن ظلم الخلافة الاموية و يزيد بالذات، مع الكثير من الحوادث الاخرى . و هناك اراء اخرى حول هذه القضايا و من بين الجماعات التي لها اراء خاصة بها وهم الخوارج المناوئين لسلطة علي و معاوية معا. و استنادا على تلك المباديء ادّعوا بان علي و معاوية و عثمان عائشة و الموالين لهم كفار و ارتكبوا خطايا كبرى و استمروا عليها. اما المرجئة و على خلاف المعتزلة فانهم قالوا مهما ارتكب المسلم من خطايا مادام يؤمن بالله و الاخرة فانه مؤمن و لا يمكن تكفيره، وقالوا ان الفعل ليس جزءا من الايمان . و كانت بجانب الجبرية هناك ايديولوجيا الدولة الاموية، و سمّى المامون ذلك التيار دين الملوك ( 32)، دين الذي فوق العقوبة و الاستجواب. و من هذا الجانب ايضا، يروي ابن كثير بان مأمون سال احد علماء عصره و هو نذير بن شميل ماهو الارجاء؟ و اجابه بانه دين وفق هوى الملوك و ياكلون به من الدنيا و ينقصون به من الدين (33). و من الناحية المعرفية فان هذين الاتجاهين اعتمدتا على النصوص الدينية. و ولد ذلك من الصراعات السياسية و في النتيجة افرزت منها الحوادث السياسية الداخلية في المجتمع الاسلامي بذاته، ولكن مجيء واصل بن عطاء لمجلس الحسن البصري واجه ذلك السؤال( وفق رواية الشهرستاني) بعكس ايديولوجيا الدولة و خطاب المعارضة المتطرفة التي مثلها الخوارج، عرض جواب جديد بالاستناد على العقل. و به تسبب الى تقاطعه مع الحسن البصري و ظهور جماعة المعتزلة بشكل نهائي وم ن ثم اصبح الجواب احد اهم المباديء الاساسية لذلك التيار. و حول المسلم المخطيء بان هناك منزلة بين المنزلتين اي انه ليس بكافر و لا مؤمن. و موقف هذه الجماعة الوسطية بين الصراع السياسي الدموي و الجماعات الاسلامية في حينه حول السلطة. و هذه اشارة الى تولد تيار جديد وسطي و هو المعتمد على العقل محاولا تفسير ايمان المتهم، على الرغم من ان الوسطية تلك اقدم من التوسط بين الحروب و الخلافات بين الجماعات الاسلامية في ذلك العصر. و كما يقول نلينو بان هذا التيار و الكلمة ذاتها تعود الى بداية الاحتكاكات العسكرية بين تلك الجبهات و كما يقول بثقة كاملة ان المعتزلة اسم لاولائك الجماعات التي كان موقفهم هو الابتعاد و الحياد بين رجال الدين و السياسة في الوقت المحدد، و به اعزلوا نفسهم عن الخلافات و الصراعات بين المسلمين ( 35) و ما يقصده نلينو هو ما وصلت اليه الخلافات بين السنة و الشيعة الى قمتها بشكل خاص. وكما ان نوبختي يروي بروز المعتزلة بشكل اخر و مغاير عن الشهرستاني و يمكن يعتمد عليه نلينو بشكل خاص لبيان ارائه. و يعتقد بان هذا التيار جاء من عزلة الكثيرين من خلافات و صارعات علي وابوبكر حول السلطة، فابتعدوا اعتزلوا و اختاروا الحياد( وهو يقول انهم انشقوا عن علي و ابعدوا انفسهم عن مناصرته في الحرب او الحرب ضده، بعدما بايعوه و ارتضوا له ) و عليه سموا بالمعتزلة و اصبحوا سابقة للمعتزلين ، وقالوا ( ان الحرب مععلي ليس بحق و ليس حقا ايضا ان تحارب له ) و كان شعارهم ابعدوا عن تلك الفتنة افضل لكم ) ( 36). اما البغدادي يروي بروز واصل والمعتزلة بشكل اخر ايضا، يقول عند حدوث فتنة الازارقة ( وهم من اكثر المتطرفين الخوارج) في البصرة و الاحواز و برزت خلافات بينهم حول الاشخاص المتهمين، خرج واصل بن عطاء من راي كافة الجماعات الاخرى، وقال ان من يعتبر فاسقا في هذه الامة ليس بمؤمن و ليس بكافر او فاسق، انه بين الدرجتين من الايمان اي المنزلة بين المنزلتين بين الكفر و الايمان. عندما سمع الحسن البصري هذه البدعة من واصل طرده من مجلسه، و عليه فان واصل ابتعد و اعتزل عند عمود من الجامع البصري، و سانده في ذلك التمرد عمر بن عبيد، و قال الناس في ذلك اليوم انهما اقتطعوا عن راي الامة ، و منه سُمي التابعين لهم بالمعتزلة ( 37). في جميع هذه الروايات يتوضح لدينا ان السبب الاول لظهور الاتجاه العقلاني و الجماعات الاسلامية هو مشكلة السلطة و السياسية وفق لغة اليوم، و التي قيل لها في تلك المؤلفات في حينه الامامة. و تلك هي الحقيقة التاريخية التي يتحدث عنها الاسفراييني الاشعري في القرن الخامس في كتابه الخاص حول عقيدة الجماعة المتحررة من الجحيم، اي الاشعريين، و يقول جول هذا بوضوح ، كان المسلمون عند ظهور واصل جماعتين، قال احدهما ان المحاربين في الجمل كفار، من امثال الخوارج، بينما قال جماعة اخرى ان هؤلاء مؤمنون و مسلمون و لكنهم اجتهدوا، وعليه لا يمكن ان نتبرا منهم و ننتقدهم، و لكن جاء واصل و بين راي ثالث و انشق عن الجماعتين، و قال ان المشاركين في حرب الجمل انهم كانوا فاسقين جميعا يعني الطرفين( 38)، وهذا يدل على ان راي واصل لم يكن الوسطية و انما كان يبين رايه و يحكم. و يتكلم عن الجماعة الثانية وهي المعتزلة المسمين بالعمرية نسبة الى عمر بن عبيد تلميذ واصل، هؤلاء قالوا من قاتل كانوا من الفاسقين و يستحقون نار الجهنم (39) و المعلوم ان راي المعتزلة ليس موقف سياسي محافظ بين جبهة المعارضة المحافظة ( بالاخص الخوارج) مع السطلة السياسية السنية المذهب، وانما كان ظهور نوع من التفسير و فهم للنقاط الاخلاقية، من تعيين الامامة حتى الاثيم او المذنب و القضاء و القدر و في النهاية مسالة التوحيد، و لكن لم يكن هناك في اي وقت التراكم الفكري الفعلي المفاجيء و النهائي و لكن كان شيئا نتيجة تخمين و تنمية، الى ان عثر نفسه معتمدا على خمس مباديء عام، و بهذا الشكل وقع تيار عقلاني اخر في الفضاء الاسلامي و الذي كان تيارا اكثر تاثيرا و ثقلا على الفكر الاسلامي على كافة مستوياته. و بالاخص بظهور المؤلفات الفلسفية ادى الى تنمية هذا التيار مرة اخرى و توسعت تلك الجوارات التي لها العلاقة باسم الله و صفاته، كما يقول الشهرستاني بنفسه( بعد ان قرا التابعين لواصل الكتب الفلسفية ) ( 40).
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 34)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (33)
-
افول الفلسفة قبل تجليها ( 32)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (31)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (30)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 29)
-
افول الفلسفة االاسلامية قبل تجليها ( 28)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (27)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 26)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (25)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها(24)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 23)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 22 )
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (21)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (20)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (19)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (18)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (17)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (16)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (15)
المزيد.....
-
سياسي بريطاني سابق يعلن انضمامه إلى المرتزقة الأجانب في أوكر
...
-
تبون: الجزائر تحافظ على توازن علاقاتها مع روسيا وأمريكا
-
رئيس كوبا: الضغط الأمريكي على المكسيك يهدد استقرار أمريكا ال
...
-
قادة الاتحاد الأوروبي يناقشون تعزيز الدفاع والإنفاق العسكري
...
-
توسك يعلق على تصريحات ترامب حول فرض رسوم جمركية على السلع ال
...
-
ألمانيا.. دعوات جماهيرية لاستمرار -الجدار الناري- ضد حزب -ال
...
-
إعلام سوري: القوات الإسرائيلية تخلي عدة مواقع في القنيطرة بع
...
-
إعلام سوري: القبض على -الذئب المنفرد- في -الدفاع الوطني-
-
نائب أوكراني يكشف خطة ترامب الجريئة لإزاحة زيلينسكي
-
الرئيس تبون يرد على تصريحات مارين لوبان المسيئة للجزائر
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|