|
المحاصصة الحزبية والطائفية لن تخدم التوجه لبناء العراق الديمقراطي
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1530 - 2006 / 4 / 24 - 11:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان قراءة الواقع السياسي لا تمت الى الغيب بصلةلأنها تعتمد على الاستنتاجات الموضوعية والقوى المتحركة ومدى تأثيرها وقوتها وارتباط مصالحها وتوجهاتها الطبقية، ولهذا كنا قد قرأنا هذا الواقع العراقي منذ تشكل الحكومة بعد الانتخابات الاولى وتوصلنا اعتماداً على هذا الواقع ان الحكومة القادمة سوف لن تكون الا ممثلة لثلاث جهات بدلاً عن الجهتين الائتلاف العراقي والاتحاد الكردستاني وهذا ما حصل مؤخراً. ان اربعة شهور مرت بالفراغ السياسي خسر الشعب العراقي فيها الكثير ودفع الثمن غالياً بدون سبباً مهماً الا اللهم الصراع على الكراسي وتثبيت الاستحقاقات الانتخابية والمحاصصات المعروفة، وقد ادى هذا الفراغ ايضاً الى تضحيات جسيمة وتعطيل العملية السياسية وعدم تشكيل الحكومة بالسرعة اللازمة بعد الانتخابات الثانية، وخلال هذه الفترة قدمت الكثير من الانتقادات والملاحظات على اداء حكومة السيد الجعفري وكان اكثرها انتقاداً اعتبارها حكومة طائفية قومية ضيقة بسبب المحاصصة التي جيرت بها منذ البداية، تلك المحاصصة التي اثرت على اداء الحكومة مما جعلها تفشل في اداء الكثير من مهماتها الاساسية ومن بينها استقرار الوضع الامني وايجاد الحلول الواقعية للمشاكل التي اصبحت من اصعب العقد ومن بينها الاحوال المعيشية وغيرها. اليوم تعود الطريقة نفسها التي تم فيها تنفيذ تشكيل الرئاسات الثلاث ثانية الى حيز الوجود وحسمت القضية على اساس المحاصصة الطائفية القومية التي تتنافى مع الدستور وكأن ذلك اصبح عرفاً او نهجاً متعارفاً عليه واعتبر كقانون جبري يجب التقيد به او الالتزام بما فرضته الولايات المتحدة الامريكية اثناء تشكيل مجلس الحكم، والاعجب من ذلك ان القوى السياسية الجديدة التي كانت ترفض العملية السياسية او لها موقف منها ووقفت منتقدة حكومة السيد الجعفري باعتبارها حكومة محاصصة طائفية وقومية ضيقة وافقت على هذه المحاصصة الجديدة بدون قيد او شرط، وافقت وهي التي كانت ترفع عقيرتها بالضد منها وتعتبرها اداة جديدة لتقسيم العراق ومن الواجب الوطني الوقوف ضدها وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. ان اخطر ما يحاط بالعراق هو التقسيم الطائفي القومي العرقي باعتباره آلياً يدفع الى تقسيم النفوذ على مناطق معينة لكي يتحكم فيها من لديه الامكانيات والمصالح الضيقة التي يريد الحفاظ عليها وقد تكون العملية برمتها للتقاسيم الاقليمية التي طرحها البعض سابقاً وهي اليوم اصبحت قاب قوسين من التنفيذ، وليس بالخطأ او التجني عندما نقول ان العراق قد قسم فعلاً الى ثلاثة مناطق اردنا ام لم نرد " شيعية وسنية وكردية " وقد شكل هذا التقسيم وما زال الاحباط لدى اوسع الجماهير الشعبية التي تتطلع الى حكومة وطنية لا تعتمد المحاصصة بل تعتمد على الكفاءة الوطنية المخلصة بدون الاعتبار للطائفية والحزبية والقومية الضيقة، وهو ما نوهنا عليه سابقاً وتحدثنا عن خطورته في الوقت الراهن والمستقبل لأن هذا النهج الذي يتبناه البعض سوف يكون قاعدة منهجية حتى في المستقبل ولن يتخلى عنها من روّج لها واعتمدها في التخاطب والتعامل السياسي مع الفرقاء الآخرين وسوف تكون عكازة يتعكز عليها ذوي النهج والعقلية الطائفية. ومع هذا سنكون متفائلين ولو قليلاً ولن نستبق الواقع الزمني والسياسي الذي نتج عن الانتخابات الاخيرة وبخاصة ونحن اكدنا اننا لسنا كاشفي الغيب ومن هذا التفاؤل فيما قاله السيد جواد المالكي بعد تكليفه بتشكيل الوزارة " سأعمل على القضاء على اساس التناقضات العنصرية والطائفية ورفع المظلومية التي لحقت بابناء الشعب العراقي بغض النظر عن انتمائهم " ونقول له وبكل صراحة ليس المظلومية في زمن النظام السابق فحسب بل الذين ظلموا وجرى التجاوز على حقوقهم من جميع قطعات الشعب وتكويانته المختلفة فيما بعد انهيار النظام السابق،اي ان المظلومية استمرت بطرق واخرى بسبب الاحتلال والمحاصصة الطائفية السابقة. وبمجرد المتابعة والعودة الى الدوائر والوزارات والبعض من المؤسسات الامنية سيجعلنا نقف مستغربين امام تصريحات المسؤولين السابقين حول الدفاع عن مصالح العراق والعراقيين من جميع الفئات وبدون تمييز وتفريق، وما جرى على ارض الواقع من الممارسات الطائفية والقومية واتساع الفساد الاداري والسرقات والرشاوي وغيرها من الاعمال التي يعاقب عليها القانون مما نتج عنه اهمال حقيقي لاصحاب الكفاءات والطاقات العلمية الوطنية البعيدة عن الطائفية والقومية الضيقة ، اما ما جاء على لسان السيد المالكي حول الاهتمام بقضايا الامن والاستقرار والعمل على التسريع " برفع الكفاءة والقدرة للقوات الامنية من اجل استكمال السيادة الوطنية " فهو حديث ذو شجون وبخاصة ما عانته جماهير الشعب من كلا الطرفين، الارهابيين والبعثفاشي والمليشيات المسلحة التابعة للبعض فهذان الامران قد يعيقان عملية الاستقرار ويقفان بالضد من الارادة الخيرة اذا لم تكن هناك خطط واقعية للتصدى لهما ومن بينهما حل جميع المليشيات المسلحة غير القانونية فوراً وبدون تأخير او استثناء، واعتماد سياسة بعيدة عن الروح الطائفية مبدأها الاساسي الاخلاص الوطني واعتبار الشعب العراقي بمختلف قومياته واديانه واعراقه الاساس في التعامل والتساوي في الحقوق . وعلى الرغم من جميع الخطب الرئاسية التي رفضت الطائفية ونبذ الاحتراب الطائفي والمذهبي الا ان المحاصصات اتسمت بالطائفية لأن المناصب السيادية انحسرت بين ثلاث كتل واهملت الكتل الاخرى او اعتبرت معارضة ايجابية في المستقبل وبهذا انتهت المساعي الوطنية المخلصة الهادفة الى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية القوية التي تستطيع قيادة البلاد الى شاطئ الامان والسلام. سننتظر ونتابع بايجابية وبروح وطنية لا تمييز فيها ونتمنى ان تطبق على ارض الواقع تصريحات وخطب الرئاسات الثلاث على الرغم من اننا نجدها بالغة الصعوبة وبعيدة عن المطلب الشعبي الواسع، حكومة الوحدة الوطنية الواسعة الواسعة.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسؤولون عن ضحايا الفراغ السياسي في العراق
-
المقاطعة اضرت مصالح العراق والشعب العراقي
-
ثمة دهليز في الزمن الكرّ
-
البرلمان العراقي كسلطة تشريعية هو المكان الحقيقي لتخاذ القرا
...
-
المحنة تتلوها المحنة والأبغض محنة الاحتقان السياسي على الكرا
...
-
وبعد.. الى اي مصيبة اكثر من هذه المصيبة
-
الموقف من الاقاليم ورفع جلسة البرلمان الجديد
-
بلا هوادة... اثنان وسبعون عاماً من النضال الوطني والطبقي
-
اخطار السياسة الايرانية المريبة
-
خيول الجلود الذهبية
-
الفروقات في استقلالية سلطة القضاء بين عهدين
-
المرأة العراقية و ( 8 ) آذار مابين الواقع والطموح
-
مزالق سياسة الانفراد تؤدي الى التسلط والدكتاتورية
-
حسن بن محمد آل مهدي ودعواه المستقبلية بالضد من الحوار المتمد
...
-
لا للطائفية لا للحرب الأهلية نعم للوحدة والتلاحم الوطني
-
أحفاد الذين قصفوا المراقد في كربلاء آبان الإنتفاضة فجروا الم
...
-
من هم وراء اغتيال وترهيب العلماء العراقيين؟
-
سفر الظل في رحلةٍ الى الوطن الغائب
-
اختيار رئيس الوزراء والحكومة الجديدة ومحنة التغيير
-
هل كانت المفوضية العليا للانتخابات مستقلة حقاً؟
المزيد.....
-
شهقات.. تسجيل آخر محادثة قبل لحظات من اصطدام طائرة الركاب با
...
-
متسلق جبال يستكشف -جزيرة الكنز- في السعودية من منظور فريد من
...
-
المهاتما غاندي: قصة الرجل الذي قال -إن العين بالعين لن تؤدي
...
-
الهند وكارثة الغطس المقدس: 30 قتيلا على الأقل في دافع في مهر
...
-
اتصالات اللحظات الأخيرة تكشف مكمن الخطأ في حادث اصطدام مروحي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يشكر نظيره الأمريكي على رفع الحظر عن
...
-
-روستيخ- الروسية تطلق جهازا محمولا للتنفس الاصطناعي
-
الملك الذي فقد رأسه: -أنتم جلادون ولستم قضاة-!
-
زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب ألاسكا
-
سماعات الواقع الافتراضي في مترو الأنفاق تفتح أفقا جديدا في ع
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|