ريسان هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 1529 - 2006 / 4 / 23 - 12:01
المحور:
الادب والفن
أخبار تحمل نعش من نحبّ
زهور بيضاء تنبت في أرض الغياب
* * *
عليٌّ، أمضيتُ يوم عمل طويل وعندما عدتُ للبيت منتصفَ الليل كان خبر رحيلك بارداً مثل الموت ومقتضب مثل حياتنا. قاسم يذكر ان جراحك عميقة ... ويرجوني أن أتماسك. كيف سمحتْ وسامتك للموت أن يأخذك؟ كيف سأعود لعراقٍ خالٍ منك؟ مذ كنا صغاراً أنت عرفتَ طريق الله. قلت لي مرةً : العراق بيتنا الاخير. وقلت لي مرات : الحبّ سينقذ العالم. قلبك طفل الحياة. كنتُ دوماً معجباً بهدوئك، صبرك ونبلك. تعلمتُ الصمتَ منك وتعلمت أن (الحياة أكبر من أن تعبر حقلاً) وكنت أتسائل كيف لإنسانٍ شفيفٍ مثلك أن يحيا في عالمٍ خشن؟ غيابك خَلّفَ رماداً في العيون. بالرغم من ذوبان الثلج هنا، كنتُ حزيناً. منذ عشرة أيام اتأمل بأسىً ثلجاً ذائباً. طيف أبي يحضر في آخر الليل، يترك دمعةً. جراحك كانت تؤلمني. كان عليّ أن أفهم ان أبي لن يبكي أحداً سواك. وكان عليّ أن أفطنَ أنني أودع عالم طفولتنا. طفولتنا التي تركض الآن نحو حقولٍ من الشمس، تحفظ أعيادنا الفقيرة، مشاكساتنا، عناقنا, يوم جمعة شاحب نجتمع فيه على الغداء وحديث عائلة مؤجل قد يطول العمر كله. قل لي كيف أعانقك الآن، أقبل وجهك وأمسح عنك تعب السنين؟ كيف ترحل قبل أن أنظر في عينيك وأضمك الى صدري وأقول لك؛ كيف حالك ياأخي؟ لم نتفق على هكذا رحيل. كل حياتنا أمضيناها قلقين على مصائر بعضنا.
ياعراق : كم عليّا ًيكفيك؟ حتى هؤلاء الظلاميون الذين أغتالوا الضوء في روحك الكبيرة لايملكون شرف أن يكونوا اعدائك. كيف تهاونت كل هذه السنين عن سماع صوتك؟ منكوبة الديار التي غادرتَها. منكوبٌ أنا. أنت بركة الله. ارقد بسلام قرير الروح ودعني أحمل عنك جراحك العميقة لتلعب خفيفاً مع الملائكة.
* * *
سابكيك الدهر كلهُ...الغربة كلها.
* * *
زهور بيضاء على قبرك البعيد
زهور بيضاء لشهداء مسجد براثا
كندا
April 18, 2006
#ريسان_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟