|
فلسطين والفلسطينيون الأصل وغيرهم طارئون
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 6160 - 2019 / 3 / 1 - 14:05
المحور:
القضية الفلسطينية
في إطار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الممتد عبر التاريخ والمفتوح على المستقبل تشن إسرائيل ومعها الصهيونية العالمية حربا مفتوحة على الفلسطينيين ،وإن كانت المواجهات والحروب العسكرية الأكثر إثارة وجذبا للاهتمام بحيث لا يمر يوم إلا ونسمع عن مواجهة عسكرية هنا أو حربا هناك من غزة إلى الضفة والجبهة الشمالية وحتى في العمق العربي ،وإسرائيل معنية بتوجيه الأنظار إلى هذا البعد العسكري من الصراع ، إلا أن مواجهة وحربا لا تقل خطورة تخوضها إسرائيل وأطراف أخرى ضد الفلسطينيين بأساليب خبيثة وأدوات ناعمة وأحيانا عنيفة قليلا ما يتم الحديث عنها ، ونقصد هنا الصراع على الثقافة والهوية والرواية التاريخية . إسرائيل والصهيونية العالمية ومن يحالفهما ويتبنى رؤيتهما يدركون أن هزيمة الفلسطينيين عسكريا لا يعني نهاية الصراع ،لأن موازين القوى غير ثابتة والانتصار العسكري لا ينهي الصراع ما دام الشعب الفلسطيني متمسكا بحقوقه السياسية الوطنية وما دامت غالبية دول وشعوب العالم تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية وبالرواية الفلسطينية، لذلك فإن إسرائيل تسعى لهزيمة الرواية الفلسطينية والتشكيك بهوية الشعب الفلسطيني وانتمائه لأرض فلسطين ،وتعمل على تكريس روايتها الكاذبة بأنه لا يوجد ولم يوجد عبر التاريخ شعب يسمى الشعب الفلسطيني وأن الفلسطينيين عائلات وقبائل جاءت مهاجرة من بلاد أخرى واستوطنت (أرض إسرائيل) . استطاعت الحركة الصهيونية من خلال توظيفها للمال والأيديولوجية الدينية استقطاب بعض المستشرقين لتأكيد مزاعمها وهذا غير مستغرب إذا أخذنا بعين الاعتبار الأصول الكولونيالية للاستشراق في بداياته ومكانة التوراة عند بعض الطوائف المسيحية ونفوذ اليهود المالي والعلاقات الاستراتيجية مع الحركة الاستعمارية عبر التاريخ . وقد كشف المفكر إدوارد سعيد في كتابه الاستشراق الصادر عام 1978 المنحى المنحرف لمستشرقي المرحلة الكولونيالية وكيف وجهوا نتائج كتاباتهم وأبحاثهم لخدمة السياسات الاستعمارية والرواية الصهيونية التوراتية بالنسبة لتاريخ فلسطين والشرق بشكل عام ،وقد سبق ادوارد سعيد ولحقه كثير من المستشرقين والباحثين الغربيين الذين عملوا على إعادة رواية تاريخ الشرق وخصوصا الشرق الأوسط والإسلام بموضوعية مفندين الرواية الصهيونية ومزاعم المستشرقين الكولونياليين . لم يسلم المُفندون للرواية الصهيونية بالاستناد على الوثائق وعلم الأثار من أذى الحركة الصهيونية التي اتهمتهم بمعاداة السامية، ونذكر من هؤلاء : البروفيسور الفرنسي توماس تومسون في كتابه (التاريخ المبكر لشعب إسرائيل من المصادر الآركيولوجية المدونة) ( 1992) ،والبريطاني كيث وايتلام أستاذ الدراسات الدينية في جامعة ستيرلينغ في سكوتلاندا في كتابه (اختلاق إسرائيل القديمة: إسكات التاريخ الفلسطيني) (1996) ،والفرنسي روجي جارودي في كتابه الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية ،والإسرائيلي شلومو ساند في كتابه (اختراع الشعب اليهودي) (2008)، والكاتب اليهودي البريطاني جون روز في كتابه (أساطير الصِّهيونية) وآخرون . للأسف وفي زمن الردة الانحطاط العربي وصعود الإسلاموية السياسية فإن أطرافا عربية وإسلامية وفلسطينية تساند الإسرائيليين في حربهم للتشكيك بالرواية الفلسطينية ودعم الرواية الصهيونية ،بوعي وأحيانا بدون وعي ، وذلك في السياقات التالية : 1- بعض المطبعين العرب اليوم وخصوصا من الكُتاب وبعض السياسيين يتساوقون مع الرواية الإسرائيلية ويروجونها في سياق محاولاتهم لشيطنة الفلسطينيين عند الشعوب العربية حتى يمكنهم تمرير التطبيع مع إسرائيل دون ردود فعل شعبية كبيرة . 2- بعض جماعات الإسلام السياسي وخصوصا في الدول العربية ،وفي سياق الترويج للمشروع الإسلاموي الذي يزعمون ،يناصبون القومية والوطنية العداء ،وفي السياق الفلسطيني حاربوا المشروع الوطني الفلسطيني والرواية الوطنية الفلسطينية وكل ما يرمز للثقافة والهوية الوطنية ،بل إن بعظهم أعلن أنه لا يوجد شعب فلسطيني وأن الفلسطينيين لمم جاؤوا من الجزيرة العربية ومصر وأماكن أخرى !!!!. 3- بعض الفلسطينيين يعززون الرواية الصهيونية بدون قصد من خلال المباهاة بأصولهم غير الفلسطينية ،فتجد بعضهم وخصوصا من العائلات الكبيرة يتفاخرون بأن أصل العائلة من تركيا وآخرون يتفاخرون بأصولهم المصرية أو السعودية أو المغربية أو الأردنية وكأن الأصل الفلسطيني يُعيبهم ، وهم في هذا الأمر وكأنهم يقولون بأن الشعب الفلسطيني لمم أو شعب لقيط وليس أصيلا في وجوده على أرضه. ولا أدري لماذا يفترضون أن تشابه أسماء العائلات يعني أن أصلهم من خارج فلسطين وليس العكس ؟ . أكد المؤرخون والعلماء الموضوعيون المُشار إليهم أعلاه بعدم صحة الرواية التي روج لها المستشرقون اليهود الأوائل والتي تزعم أن الفلسطينيين ليسوا سكان فلسطين الأصليين وأنهم قبائل الببلست جاؤوا من البحر (جزيرة كريت) حوالي عام 1188 ق.م واختلطوا مع قبائل الكنعانيين وعاشوا على الساحل وسُميت فلسطين بهذا الاسم نسبة لهذه القبائل ، وأكد هؤلاء بأن الشعب الفلسطيني شعب أصيل تضرب جذوره لآلاف السنين ووجوده سابق لظهور بني إسرائيل . وحتى مع افتراض صحة رواية المستشرقين التوراتيين فإن شعبا يستقر على أرض تسمى باسمه فلسطين وبشكل متواصل منذ عام 1188 قبل الميلاد حتى اليوم هو شعب عريق واصيل بل من اعرق شعوب الأرض ، وليس كالدولة المصطنعة التي تسمى إسرائيل والتي لم يكن لها وجود أو يسمع بها أحد إلا خلال السبع عقود الماضية -منذ 1948-. بالإضافة إلى ما سبق ،يزعم بعض الجهلة ومنهم بعض العرب والفلسطينيين بأن فلسطين لم تظهر للوجود إلا مع اتفاقية سايكس - بيكو 1916 وهذه مغالطة كبيرة وما يؤكد ذلك أنه عندما انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل في سويسرا عام 1897 أي قبل سايكس - بيكو بسنوات أعلن المؤتمرون أن هدفهم إقامة وطن قومي لليهود في (فلسطين) ، وهذا يعني أن هذه البلاد لم تعرف لها مسمى إلا فلسطين ، وتواصل الأمر بعد ذلك حيث نجد آرثر بلفور في إعلانه المسمى باسمه عام 1917 وعد اليهود بإقامة وطن قومي لهم في (فلسطين) ،وعصبة الأمم أعلنت عام 1922 أن تكون بريطانيا منتدبَة على (فلسطين) ،وقرار التقسيم عام 1947 نص على تقسيم (فلسطين) ، واليوم فإن حوالي 150 دولة في الأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطين وبحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ،وهذ يؤكد بأن فلسطين والفلسطينيين هم الأصل أما إسرائيل والإسرائيليون فأمر طارئ فرضته توازنات وحسابات دولية استعمارية في مرحلة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية . [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الافتئات على المشروع الوطني ومنظمة التحرير
-
نعم لرفع الحصار عن غزة ، ولكن ليس بأي ثمن
-
عندما يظلم الفلسطينيون أنفسهم
-
شباب فلسطين :غضب ينذر بانفجار
-
من حرب التحرير إلى حروب المهرجانات والشعارات
-
عام 2019 وتحدي مخرجات عام 2018
-
حل المجلس التشريعي ليس حلا
-
المسألة الثقافية ما بين السجال الفكري والتأصيل المفاهيمي
-
المقاومة توحِد الشعب والصراع على السلطة يفرقه
-
الأمم المتحدة سلاح ذو حدين
-
حول المشروع الأمريكي لإدانة حركة حماس
-
قراءة في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني
-
حكم العسكر في فلسطين
-
تصعيد عسكري لتمرير صفقة سياسية
-
الكتابة ما بين زمنين
-
المجلس المركزي بديل عن منظمة التحرير
-
قراءة متأنية لزيارة نتنياهو لسلطنة عُمان
-
ليست إسرائيل وحدها
-
نظام فيدرالي بديل عن الانفصال
-
عقم الخطاب السياسي الفلسطيني
المزيد.....
-
ماذا قالت أمريكا عن مقتل الجنرال الروسي المسؤول عن-الحماية ا
...
-
أول رد فعل لوزارة الدفاع الروسية على مقتل قائد قوات الحماية
...
-
مصدران يكشفان لـCNN عن زيارة لمدير CIA إلى قطر بشأن المفاوضا
...
-
مباشر: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد ف
...
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|