وليام حداد
الحوار المتمدن-العدد: 1529 - 2006 / 4 / 23 - 11:46
المحور:
الادب والفن
وليـكـن …
رغم كل ما حصل وما يحصل فإننا نبقى ولا نهزم . ننتزع الرصاصات المغروسة في صميم لحمنا والألم الذي ينخر عظامنا كما يفعل البرد بالأطفال المشردين تحت ظل بيت مهجور . نمشي منتصبين أبدا" كالأشجار ونموت واقفين لا نركع إلا لنقبل تراب الأرض ورائحة الليمون القادمة من يافا .
تخلينا عن كل شيء من اجل قضيتنا ، وحتى عن الحب وأحلام الطفولة . فلا وقت للحلم ، والواقع هو الحقيقة الوحيدة . هنا يعيد الموت تشكيل نفسه بأشكال الحياة كي يظن الناس انهم أحياء وكي نظن إن الذي يدق في قلوبنا هو صوت أجراس العودة البعيدة . نمارس قديمنا منذ سنين لكن نعيده كل يوم بتجدد . نعيد بناء صياغة جديدة للأشياء حتى لا تصبح أوطانا" للعناكب .ننسج من أحزاننا هديا الميلاد ومن دموعنا نحاول حياكة ملابس دافئة للأمهات.
نستيقظ صباحا على بكاء طفل جائع يبحث في صدر أمه عن بقايا حليب جاف. نرتشف أبدا القهوة المرة , كالهزيمة العربية, شيئا من النسيان. ولكي نكون على علم دائم بما يحصل, نقرأ الجريدة.
الجريدة نفسها نقرأها كل يوم فالأخبار الجديدة انتهت منذ زمن وعهد الانتصارات والثورات والتحرير قد ولى أما أخبار الزعماء فلا تهمنا.
وعلى مقربة من الموت, اتخذ الشهداء لنفسهم مكانا" لينالوا القليل من الاستقلالية والسلام .يبحثون عن أشلائهم المتطايرة على الأرض و الزهور … وعلى الشجر .يبحثون عن فسحة أرض لدفن أنفسهم و عن توابيت يضعون فيها عظامهم و أقلام التلوين وقليلا" من زيت الزيتون أعرف شهيدا" هناك كان ينقش بضع أغان وأحلام على عظمة من عظامه و كان يحاول بعظمة أخرى أن يحضر هدية لرفيقه الشهيد حفر عليها جملة "لست مهزوما" ما دمت تقاوم " .
في المساء نسمع صوتهم يتحدثون بصوت ناعم عن البطولات القديمة و الانتفاضات الشعبية وهم أيضا" لازالوا يجدون وقتا" للحب. فقد سمعت شهيدا" يقول"أحبك" لشهيدة وهي كانت ترمقه بنظرة رومانسية وهو كان يحاول أن يحضنها بحنان فوق جسده الشبه مكتمل والتي لا تزال بعض قطعه تائهة على جدار بيت أحد المستوطنين …
#وليام_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟