من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع .....9

محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 1529 - 2006 / 4 / 23 - 12:10
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

المرأة والتنظيم:3 :
إن عدم الحرص على إيجاد أماكن الترفيه يرجع إلى اعتقاد الطبقات الحاكمة أن ذلك ليس ضروريا للشعوب، و لكون الشعوب نفسها قد لا تفكر فيه، لانغماسها في اليومي، بسبب الأمية، و الفقر، و تدني الدخل الاقتصادي، الذي صار لا يكفي حتى للقوت اليومي الضروري، و انتشار الأمراض الجسدية، والاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و السياسية. و لأن الطبقات الحاكمة في البلدان ذات الأنظمة التابعة تعتقد أن الترفيه قد يقف وراء جعل الناس يمتلكون وعيا معينا، يجعلهم يلتفتون إلى حرمانهم من الحقوق المختلفة، و يعملون على التمتع بها، و بالوسائل التي تساعدهم و تقودهم لأجل ذلك.

و النظام الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، الذي يتجسد في الأنظمة القائمة في كل بلد من البلدان ذات الأنظمة التابعة، ليس من مصلحته أن يفتح على نفسه المنافذ التي قد تقلص ما تستفيده الطبقات الحاكمة. و لذلك فهو لا يسمح بإنشاء أماكن عامة للترفيه على مدار السنة، إلا إذا كان ذلك الترفيه يخدم مصالحها الإيديولوجية، و يقف وراء نمو مصالحها الاقتصادية.

فهي تحرص على إقامة المواسم، و المناسبات "الدينية"، و الاجتماعية، التي تصرف من خلالها إيديولوجياتها المتخلفة، و التي تسعى إلى جعل النساء يفقدن ما تكون لديهم من وعي اقتصادي، و اجتماعي، و ثقافي، و مدني، و سياسي، بسبب التضليل الذي يستهدفهم بالدرجة الأولى، و يستهدف استغلالهم اقتصاديا كنتيجة لتضليلهم.

و بناء على ذلك، نرى أن ضرورة مساهمة المرأة في إيجاد جمعيات ترفيهية، و الانخراط فيما هو قائم منها، يعتبر مسألة أساسية بالنسبة لمستقبل الشعوب، لأن الجمعيات الترفيهية، هي إطارات لتقديم تصور للترفيه الذي يعالج أفراد المجتمع المستهدفين من الأمراض الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، من جهة، و إطارات للنضال من أجل إدخال مادة الترفيه في الحياة العامة، و في الحياة الدراسية، حتى يصير الترفيه جزءا من حياة الناس، و مساهما بشكل كبير في تطوير الاقتصاد، و الاجتماع، و الثقافة، و السياسة، و في تطوير القيم المرتبطة بها، حتى تصير الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، ملاذا للإنسان، و منطلقا لقوة الدولة، أي دولة، تنبذ الاستبداد، و تتحرر من التبعية، و تعطي الكلمة إلى الشعب. لأن الشعب وحده يجب أن يقول كلمته في كل ما يهمه، و يقرر ما يريده، و هو الذي يستطيع أن ينبذ دونية المرأة، و إلى الأبد، إذا صار يتمتع بالديمقراطية الحقيقية.

7) و بتحرر المجتمع من العقد المختلفة، بنضال المرأة من أجل سيادة الترفيه في المجتمع، نجد أنها تنخرط في التنظيمات النقابية، من أجل النضال في أفق تحسين الأوضاع المادية، و المعنوية للأجراء، و من ضمنهم المرأة العاملة.

و المرأة عندما تنخرط في النقابة، يكون وعيها قد انتقل من وعي بالذات إلى وعي بالجماعة، و من وعي بالمصلحة الفردية الخاصة بالمرأة، إلى الوعي بالمصلحة الطبقية في مستواها النقابي.

لذلك فانخراط المرأة في النقابة، يعتبر نقلة نوعية في حياة المرأة، شرط أن يكون ذلك تعبيرا عن تحرر الرجل، و المرأة، معا من عقدة دونية المرأة، و سعيا إلى تجاوز عقدة أفضلية الرجل على المرأة، وعن حضور المرأة في الساحة الجماهيرية بشكل مكثف، و تحولها إلى مهتمة بالقضايا الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و مساهمة في بلورة ما يجب عمله لتحسين الأوضاع المادية، و المعنوية، للجماهير الشعبية بصفة عامة، و لسائر الأجراء بصفة خاصة.

غير أن الواقع النقابي، و بوضعه الحالي، لا يعمل على أن تتخلص المرأة من دونيتها، و من عقدة أفضلية الرجل على المرأة، رغم أن النقابات تسعى إلى انخراط المرأة في صفوفها، حتى تستغل ذلك في العلاقة مع النقابات الخارجية، لينتقل انخراط المرأة في النقابة، إلى مجرد ديمقراطية للواجهة، و ليس شيئا آخر.

فديمقراطية الواجهة على المستوى النقابي، لا يمكن أن يكون إلا مناسبة لدغدغة العواطف نحو الواقع المتردي للمرأة في المجتمعات العربية، و في مجتمعات باقي بلدان المسلمين، ليبقى الأمر على ما هو عليه، نظرا للطبيعة الانتهازية للقيادات النقابية، في هذه البلدان بسبب انتمائها إلى الشرائح البورجوازية الصغرى، التي تنتهز كل شيء من أجل تحقيق تطلعاتها البورجوازية.. لأن انخراط المرأة في النقابة، لا يعني ارتباط المرأة بالنقابة، و استمرارها فيها، بقدر ما يعني أن ذلك الانخراط سرعان ما يذهب إلى حال سبيله، لاصطدام المرأة بالواقع الانتهازي لقيادة النقابة القطاعية، أو المركزية، المحلية، و الوطنية. و ترجع المرأة إلى حيث كانت، لتنزوي بعيدا عن النقابة، و العمل النقابي.

و لذلك نرى ضرورة تخلي القيادات النقابية عن الممارسات الانتهازية، و أن تعمل على وضع برنامج للتوعية في صفوف النساء العاملات في مختلف القطاعات، ينسجم ذلك البرنامج مع برامج الجمعيات النسائية، و الثقافية، و التربوية، و الترفيهية، التي تستهدف النساء فقط، أو تستهدف الرجال، و النساء على السواء، من أجل حفزهم على الانخراط في العمل الجمعوي، و في العمل النقابي على السواء، من أجل امرأة حرة في اختيارها، مساهمة في صياغة واقعها الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، وصولا الى تحقيق ديمقراطية حقيقية، من الشعب، و إلى الشعب، تستطيع، في مناخها، المرأة أن تعمل على التمتع بكامل حريتها، في اختيار الجمعية التي تشاء، أو النقابة التي تشاء، حتى تزول دونيتها، و إلى الأبد. و يتم إقبار أفضلية الرجل على المرأة، و في جميع التنظيمات الجماهيرية، و خاصة في النقابات القطاعية، و المركزية.

#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات