أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة














المزيد.....

أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6158 - 2019 / 2 / 27 - 09:48
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



أملى هذا المقال على ابنتى الكاتبة الشاعرة د. منى حلمى، لعدم قدرتى على قراءة الحروف. أرقد بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة، بعد قرار الفريق أول محمد زكى، وزير الدفاع، بعلاجى على نفقة الدولة. يحوطنى الحب والتقدير، ابتداء بالمدير العام للمستشفى اللواء طبيب بهاء الدين أحمد مرسى، واللواء طبيب إيهاب يعقوب رئيس قسم العيون، واللواء طبيب أحمد فوزى رئيس قسم الأعصاب. وأحظى بالاهتمام من جميع العاملين والعاملات، وهيئة التمريض، وشباب الأطباء والطبيبات. كنت رغم المحن التى مررت بها، أؤمن بأن الانسان برىء حتى تثبت إدانته وأن الطبيعة البشرية، تميل الى فعل الخير.


فى طفولتى، وخلال مراحل عمرى المختلفة، سببت لى أفعال الناس الكثير من الأذى لكن إيمانى بقدرة الانسان، امرأة أو رجلا، على تغليب الخير، والحب والتسامح، ونبذ الكره والضغائن والانتقام لم يتزعزع يوما. وقد شاهدت قصصا إنسانية عظيمة، من أبسط الناس، تؤكد قدرتهم على العطاء دون مقابل، وتثبت أن النبل الإنسانى، متغلغل فى أعمق الجذور. لم تعد العلوم الإنسانية، تتكلم عن الطبيعة البشرية الثابتة، للإنسان امرأة أو رجلا، بل عن الدوافع، التى تقود البشر الى سلوك معين, تحت ظروف اجتماعية، وسياسية معينة. فى محنتى الأخيرة اكتشفت، بل أعدت اكتشاف قوة الحب فى الانتصار على الشدائد، وقوة الانسان على النجاة من المرض، أو حتى الموت.

كل يوم هناك القصص للبشر، نساء ورجالا، المريضات والمرضى الذين أوقفوا تغلغل السرطان فى أجسادهم، رغم تأكد الطبيب من أن حالتهم ميئوس منها. واذا بالطبيب يموت قبل المريض. واذا المريض بقوة الحياة، وارادة التحدى، يقهر الخلايا الخبيثة. بل أصبحت هذه القصص، مألوفة، بعد أن كانت ـ يوما ـ من العجائب، والنوادر. وكم هو عجيب هذا الانسان، امرأة أو رجلا، الذى يفجر كل لحظة، الحقيقة الأزلية الأبدية المتجددة، أن حب الحياة ليس مجرد غريزة تتدفق دون سيطرة. ولكنه إرادة، واعية يمكن للإنسان أن يتحكم بها ويوجهها بالقوة التى يريد، أينما شاء.

تظل العلوم الطبيعية والانسانية ومنها علم الطب قاصرة عن فهم ذلك الإنسان العجيب، الذى يتنبأ له الجميع بالموت أو فقدان البصر أو فقدان الحركة أو فقدان العقل والمنطق والذاكرة او حتى الجنون. فاذا بهذا المجنون أو المجنونة تكتشف من الفنون والعلوم ما لم يكتشفه عباقرة العلم وجهابذة الطب. نعيش فى عالم شديد القسوة على الفقراء والضعفاء والنساء، شديد الظلم على منْ لا يملك أسلحة السلطة والمال، شديد البطش بالانسان الذى لا يملك إلا الحلم، والأمل. لكن مهما تكن قسوة وظلم وبطش هذا العالم، الا أنه يقف عاجزا أمام الانسان الممتلئ بالأمل، والانسانة التى ترفض أن تُستلب أحلامها فى عالم أكثر انسانية، وعدلا، وحرية. هذا العالم الذى ينفق المليارات من الدولارات، على انتاج أسلحة الدمار الشامل، ويقتل الآلاف من الأبرياء، ويدمر فى حروب مختلفة المدن، والقرى، الآمنة، لا يمكنه تدمير الضمائر الحية المتشبثة بتأسيس حضارة عالمية جديدة.

ربما الزلازل والفيضانات والحرائق وحوادث الارهاب والأعاصير واحتمالات الافلاس والخسارة المادية، ومصائب الأقدار غير المتنبأ بها، غير المنطقية، لا تخيف العالم، مثلما يخيفه الانسان، الذى لا يتسرب اليه اليأس، والاحباط رغم الفشل أو الهزيمة، ويظل مشحونا بطاقة أمل لا تنضب. والأمل لا يقترن دائما بالنجاح، وتخطى الحواجز. هناك نجاح يصعد على أكتاف تجارب من الفشل. والسقوط من فوق أحد الحواجز، يمدنا بالقوة واليقظة اللازمتين للحواجز القادمة. حينما يسألوننى عن معنى النجاح، أقول: إنه الانتقال من فشل الى فشل دون فقدان الأمل، والنهوض بعد الوقوع عدة مرات. كان يمكن لفصيلة البشر أن تندثر، من فوق كوكب الأرض، لولا الانسانة، والانسان، الذى يؤمن أن حقه فى الأمل، وحلم التغيير، أول حقوقه الإنسانية وأيضا أول واجباته. لست أبالغ حين أقول إن الأيام التى أقضيها فى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة، أعادت الى الثقة فى وطن عظيم وُلدت فوق أرضه وشربت من نيله ونعمت بشمسه ونهلت من حضارته العريقة.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جائزة الاستغناء عن الجوائز
- الوزيرة وسلطة الزوج المطلقة
- الإنسان نعمة وليس نقمة
- عنب لذيذ فى احتفال العام الجديد
- الديمقراطية الرأسمالية تتهاوى فى فرنسا
- القانون والنقاب
- الأم الكبرى للعلم والفن
- وزراء الصحة وعمليات الختان
- كم من كاتبة مبدعة تحمل لقب الشيطان؟
- وزيرة الصحة وطبيبات معهد ناصر
- العاطلون والعاطلات عن العمل المنتج
- لماذا تفشل الثورات بقيادة النخب؟
- أم إبراهيم والوزيرة غادة والى
- الصراع فى مجلس النواب ومجلس العائلة
- الجينات الأنانية والكتابة
- البحث عن مأوى بالليل أم نسيم البحر؟
- قانون مدنى واحد لجميع المصريين
- قوة الفكر فى المستقبل القريب
- البحث عن فيلم سينمائى جيد
- تحرير النساء وقضية الاشتراكية


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة