|
ما جدوى رئاسيات الجزائر حتى دون رفض الشعب ؟
كمال آيت بن يوبا
كاتب
(Kamal Ait Ben Yuba)
الحوار المتمدن-العدد: 6157 - 2019 / 2 / 26 - 20:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شعارنا : حرية – مساواة – أخوة
رأي حر .....
من الناحية التاريخية يجب التذكير أولا أن أرض الجزائر و تونس و ليبيا و المغرب كانت أرضا واحدة إقتسمها و قسمها الإستعمار.و اذن فشعوبها هي شعوب متجانسة ظاهرة للعيان تختلف تماما عن شعوب الشرق الاوسط..و بالتالي فما يصيب أحدها سيؤثر لزوما على الشعوب الاخرى . وما تلك الحدود بينها سوى حدود إصطناعية ناهيك عن افتعال مشكلة الصحراء الغربية المغربية و غيرها من اللاهيات (ما يلهي الشعوب عن التقدم والوحدة و النهضة) لاستغلال امكانياتها الطبيعية و مواردها ...
فالجزائر في شرق المغرب تعتبر عمقا استراتيجيا له.و ما يحدث فيها يهم المغاربة بدون شك و سيتأثرون به وخاصة شرق المغرب ..نفس الشيء بالنسبة لتونس و ليبيا.
وإذا لم نغص في كل مشاكل الجزائر البنيوية و الإثنية و اللغوية و التاريخية و الاجتماعية والعلمية و الدينية وغير ذلك و إقتصرنا عما يحدث هذه الايام بمناسبة ما يسمى انتخابات الرئاسة ، فإن مشاهدة رئيس دولة على كرسي متحرك كنتيجة لتدهور صحي ظاهر للعيان و كنتيجة طبيعية للتقدم في السن (81 سنة) لا تطرب أحدا أو تجعله يتشفى في الرجل الذي قضى معظم حياته في دهاليز السلطة وكان رئيسا منذ 1999 .إذ أن هذه الوضعية هي وضعية طبيعية لقانون طبيعي يحدث في الشيخوخة للبعض مهما كانت أعمالهم السابقة .لكن هذا الوضع (الوضع الصحي للرئيس) في دولة كبيرة المساحة مثل الجزائر يقول ان الرئيس مثل ما شاهدنا لا يقوى على ممارسة مهامه الرئاسية بكل تأكيد ...
لو كان هذا الوضع في ضيعة عائلية فسيكون مشهدا عاديا .و يستفاد منه أن هناك من يسير أمور الضيعة كلابناء...
لكن أن تجده في رئاسة دولة فذلك يطرح السؤال حول ماذا يعتبرون الرئيس. هل هو مالك للجزائر بمن فيها ؟
و يطرح السؤال حول علاقة مواطني تلك الدولة مع الحاكمين الذين يتحدثون عن إنتخابات و عن دستور و عن مؤسسات تعني أنهم يجمعهم عقد سياسي و ليسوا مجرد قطيع داخل الضيعة التي صارت ملكا لعائلة الرئيس حتى لو لم يكن في ذلك الوضع الصحي الذي يدعو للشفقة ...؟
لقد صار واضحا أن الذين يسيرون أمور البلاد من وراء الكواليس في ظل عجز الرئيس إنما يستغلون إسمه و يجعلونه مسؤولا عما يفعلون كي لا يتحملون أي مسؤولية ...لاشك في هذا ..
كل المدافعين عن بقاء هذه الوضعية الشاذة في الجزائر قالوا بنفس النبرة أن وجود الرئيس جنَّب الجزائر عواقب الربيع العربي و حافظ على إستقرار البلد و أمنه و لم يحدث ما حدث في ليبيا أو سوريا و غيرهما .لذلك يجب ترشحه للإنتخابات الرئاسية لولاية خامسة ...
جميل..
هذا الكلام يعني أنهم يريدون و قد قرروا بقاء هذا الرئيس رئيسا للجزائر حتى في ظل عجزه البدني بفعل الشيخوخة عن ممارسة مهامه بشكل طبيعي مثل باقي رؤساء العالم (ما عدا اذا كان هناك حالة مشابهة في مكان ما لا أعرفه) .و إذن فهو المرشح المفضل لدى من يمسكون بزمام الأمور في الجزائر لرئاسة الدولة لفترة رئاسية خامسة ..أي أنه تمديد للرئيس المنتهية ولايته هذا العام ...
إذا كان هذا هو الحال فالسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح وفقا للمنطق هو ما جدوى الإنتخابات إذا كانت نتائجها يعرفها العالم مسبقا؟ أو بعبارة أخرى ما فائدة مترشحين آخرين منافسين للرئيس المفضل أي هل هي مسرحية مكتملة الاركان في واضحة النهار؟؟؟ و السؤال الثاني هو ما جدوى مشاركة المراقبين الدوليين لنزاهة الانتخابات مثلا ؟
أما في ظل رفض الشعب للولاية الخامسة للرئيس الذي عبرت عنه المظاهرات الأخيرة ليومي الجمعة 22 والأحد 24 فبراير الجاري و بتلك المشاركة الكثيفة التي رأينا في الفيديوهات لاغلب ولايات الجزائر و نقلتها وكالات انباء عالمية ، فالسؤال الآخر هو هل تبقى أي مصداقية أو جدوى من الإنتخابات الرئاسية في الجزائر بعد رفض الشعب لمرشح السلطة ؟
من سيذهب لصناديق الاقتراع إذا كانت أصوات الشعب لم تعد فقط أوراقا في صناديق الاقتراع بل خرجت للشارع بقدها و قامتها و قبل الانتخاباات الشكلية تعلن للعالم رفضها التمديد للرئيس المنتهية ولايته و الذي صار عاجزا عن الرئاسة ؟ هل الاشباح ؟؟ أم ترى أن هناك من يرد على هذا التساؤل بالقول "إذا كنا قد إستطعنا أن نحافظ على بقاء الرئيس و هو يمشي على كرسي متحرك كل هذه المدة وتجاهلنا الاصوات التي نادت بالدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة ،أليس في مقدورنا ان نملأ صناديق الاقتراع بالاوراق التي تنتخبه و لو اضطررنا لكتابة أسماء الموتى أيضا ثم نعلن فوزه بنسبة 99,99% ؟؟"
كل شيء ممكن في عالم السحرة ..
لكن من الناحية القانونية كما يعلم الجميع فالوظائف في الدولة كالتعليم أو الصحة او غيرهما ينظمها القانون .فالأمور ليست عشوائية أو لا مبالية بمصالح الشعب في كل دول العالم. و تقلد هذه الوظائف يشترط على المترشحين بعد اجتياز كل الامتحانات العلمية المطلوبة ان يثبتوا بالفحوصات الفعلية و الوثائق الرسمية الموقع عليها من طرف أطباء الدولة المخولين لذلك بأنهم بصحة جيدة و لهم الكفاءة البدنية التي تتطلبها المجهودات التي سيقومون بها في عملهم و مهامهم احسن قيام .و هذا شيء منطقي ...فما بالك إذا تعلق الامر بوظيفة كبيرة مثل وظيفة رئيس الدولة ..
و اذن فوجود رئيس عاجز عن ممارسة مهامه الرئاسية بشكل كامل هو امر مخالف للقانون ليس فقط في الجزائر بل في كل بلدان الدنيا...
لذلك ، فمن اجل نزع فتيل الانفجار ، وما دام في الوقت متسع ، فإن البديل المنطقي والسياسي للوضع الحالي في الجزائر بعد مظاهرات 22 و 24 فبراير الجاري التي رأينا ، هو الإنصات لصوت الشعب الجزائري و احترامه و سحب الترشيح للانتخابات بالنسبة للرئيس العاجز عن ممارسة مهامه بشكل طبيعي فورا لتهدئة الخواطر و النفوس الملتهبة و إشراك مختلف القوى السياسية الجزائرية في تدبير شؤون البلد بطريقة ديموقراطية و شفافة تعبر عن تجسيد إرادة الشعب و سيادته و ذلك عن طريق السماح بتقديم مرشحين مؤهلين و بصحة جيدة لانتخابات الرئاسة حتى لو تطلب الأمر سنة أخرى من النقاش العمومي و السياسي بين الجزائريين لتجنيب الجزائر ما لا تحمد عقباه .فالشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده كما يقولون .و التأخر في الوصول إلى بر الأمان خير من عدم الوصول...
هذا لا يعني اي انقاص من قيمة الرئيس السابق على الاطلاق بالنسبة للذين يمثل قيمة مضافة بالنسبة لهم .على العكس فتركه يرتاح بعيدا عن توترات دهاليز السلطة و اكراهاتها و مواعيدها بين ذويه و اصدقائه و محبيه معززا مكرما افضل هدية يمكن تقديمها له على خدماته السابقة عوض تركه ضحية للسخرية من طرف الاعداء و المحبين للهزل و التنكيت على صفحات الانترنيت و غرف الدردشة و القنوات الفضائية و غير ذلك ..
أما الإستمرار في تجاهل صوت الشعب و الهروب للأمام بتنظيم مسرحية انتخابات رئاسية معروفة نتائجها مسبقا فربما هذا لن يعلم شيئا و لن يؤدي سوى للمزيد من الرفض و السخط و التوتر و المظاهرات التي لن تتوقف عند موضوع الرئيس بل سيرتفع سقفها مثلما سمعنا في بعض المظاهرات للمطالبة بإسقاط النظام ..و هذا لن يؤثر فقط على أمن و إستقرار الجزائر بل سيؤثر ايضا على دول الجوار ...(إقرأ مقال مصطفى صامت عن الموضوع. الرابط أسفل المقال) ...
نتمنى للجزائر و للمنطقة كلها السلام .
و نصلي للعظمة الالهية أن تخرج الجزائر و شعبها دوما من كل أزمة و هما في أحسن حال ...
آمين.
رابط مقال - مصطفى صامت - بعنوان "حراك 22 فيفري بالجزائر...خلفيات و تحديات"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=629148
#كمال_آيت_بن_يوبا (هاشتاغ)
Kamal_Ait_Ben_Yuba#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغاربة يستحقون الحرية
-
التنوع والاختلاف الطبيعي إرادة إلهية
-
دفن الأمازيغية من طرف الأمازيغ أنفسهم
-
حول نفي سحب سفير المغرب من السعودية
-
إنسحاب المغرب من اليمن ضربة لسياسة الرياض الفاشلة
-
أسئلة بسيطة لعلماء الجزيرة العربية في اللغة
-
الأمازيغ ليسوا عربا أو فُرسا وسيادة ثقافتهم واجبة في مناطقهم
-
القمر المغربي الثاني يوضع على مداره بنجاح
-
الساعة المغربية بين الفرنسية و العربية
-
الدارجة المغربية و السعودية أي علاقة ؟؟ تنقيب خفيف في اللغة
...
-
تذاكر قطار البراق المغربي الأرخص عالميا
-
وإنطلق أول قطار مغربي فائق السرعة بل افريقي أيضا أمس
-
على ذِكر اليابان العظيمة بأخلاقها
-
توضيح بخصوص دعوة التلاميذ المغاربة للإستمرار في الدراسة
-
أيها النسيم هب علينا ، فطريق الحرية قريب في ذكرى رحيل لونس م
...
-
أدعو تلاميذ و طلبة المغرب لمواصلة دراستهم
-
اللاعنف كطريقة لإحداث التغيير الإجتماعي
-
لا مجال للمقارنة بين عملاق و مستشار سعودي سابق
-
اليسار الراديكالي اليوناني يحقق النجاحات
-
لا مقارنة بين المغرب والسعودية أو إيران في قضية القنصلية الس
...
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|