|
أحوال الشخص والنصّ
مصطفى خضر
الحوار المتمدن-العدد: 1528 - 2006 / 4 / 22 - 10:12
المحور:
الادب والفن
ماذا يغيّرني؟ وهل أنا عالمٌ أم كائِنُ؟ والخَلْقُ من ماءٍ وفحمٍ، والطبيعةُ ساحرهْ الأرضُ مرجُعَها.. تدوِّنُها بلاغاتٌ، وتسردُهَا اضطراباتٌ، وتغلُقَها روايهْ! وكأنّها النصُّ الذي اختبرتْ وقائعهُ رهاناتٌ، وتفتحهُ إراداتٌ.. فكيف أراهِنُ؟ والنصُّ ذاكرةٌ، كأيّةِ ذاكرهْ! هو فاعلٌ، متأهّبٌ، وسواهُ مُلْقى، ساكِنُ! لم يدّخرْ منه وريثٌ ما يربّيهِ، ولم يُعْرِبْ ذخائرَهُ وليٌّ أو فقيهْ.. وفصولهُ مَتْنٌ أقالتْهُ حواشيهِ، يرجّعُها فتونٌ أو غوايهْ… وإلى الحروفِ أو العبارة، والنقاطِ أو الفواصلِ، ينتمي بستانُ معرفةٍٍ، يسيّجهُ بنوهُ العارفونَ، ولم يكونوا عارفينْ... وإذا تكاثرَ في لسانِ السّالفينَ، فكيف يحفظهُ بيانٌ، لم يصنّفْ في زوايا قارئيهِ وكاتبيهْ! وإذا انتميت إليهِ حقّاً واهتديتُ، وما اهتديتُ، فهل ألاحظُ حكمةً فيهِ وآيهْ؟ والنصُّ تيهٌ يحتمي فيهِ الخطابُ أو الكلامُ، بكلِّ ما يرضي، ولا يرضي، ذويهْ! وعليَّ أن أتقبّل الرؤيا التي اضطربت بما اضطربتْ، وأقبلَ بالحوادثِ والمصائر والشّخوصِ، وما وراءَ حقيقةٍ متوهّمَهْ… وأصالحُ الماضي، أروّجهُ، وتبعثني، وأبعثُها، أحافيرُ السنينْ! وأرى سلالاتٍ أضاعفها، تضاعفني، تبايُع عصبةً من حاكمينَ، وبالعبادِ الصّالحينَ تسودُ، يحميها العبيدُ أو الجنودُ… ولا حدودَ سوى الحدودِ… ومن مدارسَ نخبةٌ متكلّمَهْ كانتْ مهمّتُها العزيزةُ أن تكرّرَ ما تردّدُهُ… وتلهمُها هِدَايَهْ! ** ماذا يغيّرني.؟ اكتشافٌ أم فضولْ؟ والنصُّ أم شخْصٌ تورّثُني صحائفهُ القبولَ وكلُّ حنجرةٍ يؤثّثُها سؤالٌ، ثمّ ترضى، تستكينْ… والشكّ أوّلهُ ارتيابٌ أم حلولٌ كانَ آخرهُ اليقينْ! والوقتُ بَهْوٌ للنموّ، ومن نموّ كائنُ يتكاثرُ! ومن التكاثرِ ملحمهْ فيها تدرّبَ والدونَ ووالداتٌ أن يكونوا صابرينَ وحالمينَ وصامتينَ، كما يعلّمهمْ دليلٌ غيرَ مرئيٍّ.. وهل هذا الدليلُ سوى زبونٍ للعنايهْ؟ *** ماذا يغيّرني؟ وهل أنا غائبٌ أم حاضرُ؟ والنصُّ أم شخصٌ يجدّدهُ- رهانٌ خاسرُ؟ هو ذاتهُ أم آخرُ؟ وهو الشّبيهُ أم النقيضُ؟ هو السويّ أم المريضُ؟ حضورهُ يعني حساباتٍ مقنّعةً، تراكُمها مصارفُ أو عقاراتٌ، وتشحنُهَا قروضٌ كي تموّل برهةً للقَرْصَنَهْ وتحالفَ (الملْكَ العضُوضْ)! فهل الوضوحُ هو اختيارٌ للغموضْ؟ ومن الطفيليّات، ذاتِ الرّقْمِ، إذْ كسَدَتْ، بضاعهْ! في كلِّ منزلةٍ علتْ، صعدتْ، تباركُ كلّ أحوالِ الجماعهْ وكأنّها افتتحتْ عواصمَ للمجاعهْ!
ولمن تكونُ الهَيْمَنَهْ؟ للنصّ أم للشخصِ؟ أيٌ منهما امتلك الحقيقةَ؟ والحقيقةُ بعضُها خدماتُ تموينٍ وإعلامٍ، تخرِّبُ ما تخرّبهُ: تحوّلَ كائنٍ ينمو... براعمَهُ... بذورَهْ... وقديمُه يعني جديدَهْ! والآن يُسْلِمُ ما يريدُ، ولا يريدُه، للضرورهْ! وهل الضرورةُ غير حادثةٍ بعيدهْ! * ماذا يغيّرني؟ وهل أنا حالةُ النصّ الوحيدِ؟ وهل تمثّلُني روايته الوحيدهْ؟ وعليّ أن أحيا اختلاطاً مّا وفوضى مّا... شكوكي بعضُها أطوي مخاوفَهُ، ويغوي بعضُها الكلماتِ بالتفكيرِ… والكلماتُ مرجعُها الممثّلُ، وهو يبصرُ وجهَهُ في الخاتمهْ! ولكلّ نصٍّ مُخْرِجٌ، يغري تصوّرُه مشاهدَهُ، لكلِّ مُشَاهِدٍ دَوْرٌ تخرِّبهُ مشاهدُ ظالمهْ! *** الشّخصُ أَمْ نصٌّ تشكّلهُ الذّكورهْ لمّا يعالجْ، بين داخلهِ وخارجهِ، كسورَهْ والجسمُ لا يتجدّدُ ما دامَ يحيا في بكورهْ! لغةٌ تردّدُه... يكرّرُ بعضُه بعضاً… يكرّرُ لذّة فسدتْ... ولا يتعدّدُ! ومن الرموز حديقةٌ، أشجارُهَا أنوارُها... ومن الحقيقةِ قبّةٌ أنوارُها لا تَنْفذُ ومشاعرُ التهبت… ضرائبُ أو طقوسٌ أو مكوسٌ… أسْهُمٌ وشعائِرُ تعلو، وتعلنُ ما يجوزُ وما يجبْ! والكائناتُ دليلُها مشروعُ إنسانٍ، يحاولُ أن يغايرَ بعضَ ماضيهِ، فيُغْلَبُ، ثمّ يُطْمَسُ… يَحْتَجبْ! والوقتُ، أوّلهُ، وآخرهُ، لَعِبْ! * نصٌّ تقمّصَ في شخوصٍ، كلّما ابتعدَ اتّقدْ! ذُكْر أنُه اغتالتْ إناثَهْ فإذا تحوّل شخصهُ أسطورةً أو مُسْتَحاثَهْ ماذا سيطبخُ من معانيهِ؟ وهل يطهو الزّبدْ؟ والروحُ أنقاضٌ تنضدُّها وراثهْ! * العَصْرُ ينتزعُ اسمَهُ، سلعٌ تفاجئُ جِسْمَهُ… والآنَ تشحنهُ فكاهاتٌ بأَوْرامِ الحداثهْ! والكوْنُ سوقٌ، سوف تنعشُ حُلْمَهُ! والنصُّ ليس سوى البلدْ! لم يبق منه سوى لقى… أختامُ مرحلةٍ... عظامٌ أو حجارٌ... جمجمهْ... ولأنّهُ لم يمتلك أعضاءَهُ لم تمتلكْ أعضاؤُهُ أشياءَهُ وعليهِ أن يرعى خرائبهُ، ويحرسَ مطلقاتٍ من ورقْ! ولأنّه ما كانَ ضدّ سماءِ رأسِ المالِ، ضدّ وقائع اختُتِمْت بأفواجِ البرابرةِ الذين تقنّعوا بالعَوْلَمَهْ ما زال يصحبهُ وهامٌ أو أرقْ! وإذاً.. فهل هو سيّدٌ أم خادِمُ؟ ** ماذا يغيّرني؟ وهل سأكونُ عنواناً لروحٍ فاسدهْ؟ والنصُّ مثل الشّخصِ من ماءٍ وفحمٍ… لا يُعينُ، ولا يُغيثْ… والآنَ! لا عظمٌ... ولا لحمٌ، فيكسوهُ… ولا ينمو سوى عضو خبيثْ! وكأنّما كتبتْ عليّ هزائمُ! والشخصُ مثل النصّ يدخلُ مكرهاً أو طائعاً في خدمةِ الملكِ القديمِ أو الحديثْ! ومن الخطابةِ غلّةٌ ومواسِمُ! * كلُّ البلاغاتِ التي زحَمَتْ حدودي أو حدودَهْ لم تحملْ المعنى جماليّاتُها… لمّا أجدْ فيها وجودي أو وجودَهْ! وهو الذي امتلك الإجابةَ كلّها، وأضاءَ، بَعْدُ، بنورها وبنارِها... ثمّ احترقْ! وأنا امتلكتُ تساؤلي… والخَلْقُ فِعْلٌ دائِمُ! *** هل كانَ هذا النصُّ إلاّ دكتاتوراً من ورقْ والشّخصُ مثل النصِّ ما عرفَ العذابَ الدنيويَّ، ولم ينوّرْ بالقلقْ! هو شاغِلي أم قاتلي؟ ماذا يغيّرهُ إذاً؟ ماذا يغيّرُني؟ وهل أنا كائِنٌ أم عَالَمُ؟
#مصطفى_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنخاب صغيرة
-
تحولات الشاعر والقيصر
-
مقدمة نشيد لجنون آخر
-
النقد والخطاب النقدي في الفكر العربي المعاصر 3
-
النقد والخطاب النقدي في الفكر العربي المعاصر ج2
-
النقد والخطاب النقدي في الفكر العربي المعاصر ج1
-
حركات أولى
المزيد.....
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|