|
مفارقات بيت كطيو المضحكة
سلام ناصر الخدادي
الحوار المتمدن-العدد: 6149 - 2019 / 2 / 18 - 08:22
المحور:
كتابات ساخرة
بعد أن خبرِتنا سنين الحياة ، وعشنا جميع ظروفها ، حلوها ومرّها ، شقائها وفرحها ، عذابها وسعادتها ، عاصرنا جيلاً ، وعشنا مع آخر ، رأينا وسمعنا الكثير وهضمنا هذه السنين وتلك الحكايا ، وأفرزنا الجيد من الرديء ، بل ، شخصنا الصالحَ من الطالحِ ، المنافق والمجنون من السوي العاقل .. ومع هذا ، ما زلنا الى الآن نرى العجب العجاب !! الـمـفـارقـة الاولـى : فنرى أولاً جماعة أدعياء التدين !! ويا لها من (مهنة) مربحة لا تكلف شيئاً ! هؤلاء النفر الذين لا يفقهون شيئاً .. اصبحوا متدينين ! فاختزلوا كل علوم الدين الذي لم يفهموا منه الا النزر اليسير ، وجعلوه لأهوائهم ومصالحهم الشخصية فقط ! صار الدين عندهم عبارة عن أكل وشرب وحلال وحرام واقوالٍ ما انزل الله بها من سلطان ! لا يهم ان تتعامل بالربى ، ولا يهم ان تكذب وتغتاب ، وايضا مسموح ان تنظر بشهوة لغير ما تملك ! ومسموح ان تجني اموالا بشتى الطرق ! لكنه يفتي ويعظ ويحلل ويحرم ما يحلو له فقط والأهم انه لا يأكل الا الـ:(حلال) !!! كل شيء مسموح ، مادامت هناك نصوص (الهية) يستندون اليها !! ومع هذا فمظهرهم ( الورع والتقوى والتدين )!! والحقيقة : هم الاكثر نفاقاً والأكثر كذبا والأكثر سوءً بين البشر . لقد صار هؤلاء الملتفعين بعباءة الدين الأخطر على المجتمع ، فـهم بلا رأي ولا فكر ولا ثقافة ، وكل منهم اصبح فقيه عالم ! وكل منهم إدعى انه المرجع العارف وعنده فقط القول الفصل ، وإليه ينتهي حسم الأمور ! فهو أمام الناس : المؤمن المهيمن الوقور المتدين !! وما خفي كان أعظم ، ويحمل بين طياته العجب !! حتى كثرت دكاكين الدين ! وصار التنافس علناً لاستحواذ الزبائن ! ورفع شعار : من ليس معي ، فهو عدوّي اللدود .. وأصبحت جاهزية الفتوى بالقصاص منه حاضرة وتحت اليد ! أي نفاق ودجل هذا ؟؟ وأي مفارقات مضحكة نعيشها ؟ الـمـفـارقـة الـثـانـيـة : نرى ايضا الفئة الثانية : مجموعة متفرقة هنا وهناك، هامشيون .. لا رأي ولا موقف .. تراهم مع هذا الطرف ومع ذاك .. مع الصح ومع الخطأ ايضاً .. هم الاكثر ضجيجاً والاكثر تشهيراً والاكثر ثرثرة .. ولأنهم فارغون ( اسمٌ على مسمّى ) ، تراهم في كل مكان واينما وليت وجهك ! في السوق ، في الشارع ، في مجالس العزاء ، في الافراح ، في المؤتمرات ، تجدهم حتى في جيب بنطالك الخلفي ! يسمعون جملة (مهما كانت ومن قائلها ، لا يهم!! ) ليتلقفوها بصفحات كاملة واكثر !.. لذا فقد استفادت (بعض الجهات) منهم ، لكونهم قطيع من المغفلين ويستطيع أي فرد ان يسوقهم حسب ما يشاء .. ليتم تسخيرهم للهجوم والتصادم ، كالعصي اثناء العراك ، لا ضير ان تكسرت وتهشمت مادامت أياديهم سالمة !! فتم حشوِ اذانهم بعبارات خاصة (جاهزية الاكاذيب مع أي مناسبة) .. لتسمع ما يروق لك في هذا الشارع العجيب الغريب وهذه المفارقات المضحكة ! الـمـفـارقـة الـثـالـثـة : حتى يأتيك من تحلم به ! لترى (الفئة الثالثة) : جماعة النص ردن !! وما ادراك من هم ؟ وماذا عملوا ؟ وماذا خططوا وماذا نفذوا ؟ حينما تستمع اليهم : هم البنّاؤون ، وهم العارفون الذين لا يشق لهم غبار ! وهم اصحاب النظريات .. وهم الصادقون (وبدون قَسَم !).. وهم الذين قالوا وقلنا وقيل لنا !! لكن ، لم يؤخذ بكلامهم ! وهم الذين خططوا ، ورسموا وعالجوا! وهم اصحاب القاط والرباط ابداً ! صيفاً وشتاءً ! لتعلم أخيراً وتكتشف .. انهم فقط من ردحوا وصفقوا على ايقاع (طابخين النومي يا بيت كطيو) !!! هؤلاء الرداحون المصفقون ، صاروا يقيّمون الأعمال !! ولهم القول الفصل ! وباستشارتهم تسير الامور !! وهم في الصدارة .. ولهم الوجاهة .. كيف لا ؟ وتقييم الاعمال ترجع اليهم ؟ وأي اعمال ؟؟ ما يخطر او ما لا يخطر على بالك : بناء ، تجارة ، شعر ، مسرح ، معلبات ، آيس كريم ، كتاب أدبي ، مهرجان ثقافي ، نجارة ، كهرباء ، قوزي على تمن ، مشاوي ، غناء ، أصوات ، برياني ، دولمة ، قصائد ، كباب ، اوبريت ، سمك مسكوف ، صحافة وإذاعة ، عصير طازج بأنواعه .. كل شيء وأي شيء !! تجدهم في كل اللجان ! وفي كل مكان .. حتى وإن كانوا لا يعرفون الكتابة .. لكنهم يكتبون ( والشهادة لله ) !! لا يعرف الحديث .. لا متى يبدأ ولماذا ؟ أو أي موضوع .. لكنه يتحدث ! واحياناً بلا انقطاع وبلا معنى ! ليثبت لنفسه فقط انه تحدث ! هو لا يعرف شيئاً .. لكنه متمسك برأيه ويصرّ عليه ! وبإمكانه شتمك إن اقتضى الأمر .. فهو متمسك حدّ الممات بغبائه !! هو لم يقرأ كتاباً واحداً في حياته .. مكروه منبوذ اجتماعياً لكنه استطاع (وبقدرة قادر) أن يترأس مجموعة من الاف المثقفين !! هو لا يفي بوعده ، ولا يلتزم بكلمته ، يتحالف معك اليوم .. لينقلب ضدك غداً ! لا يحترم موقفه ويغدر بأقرب الناس اليه .. متقلب الرأي كل ثلاث ساعات ! .. فتراه ابداً كالقرد متنقلاً هنا وهناك ! لا تعرف له مستقراً ابداً .. مع من ؟؟ الله اعلم ! هو لا يعرف فن الالقاء ، لا يعرف فن الحوار ، لا يعرف مواصفات المذيع .. لكنه ببركات (بيت كطيو) صار مذيعا !!! هو لا يقرأ شعراً ولا يعرف الشعراء .. يسرق كلمات القصائد من هنا وهناك .. يضعها في جوف جمجمته .. ثم يعطيها لبعض الاصدقاء بحجة (بروح ابوك رتبها الي !!) .. ليخرج علينا بـ( قصيدة!!!) مذيلة باسمه !! وضاعت السرقة بين الفوضى !! هو متخاصم مع نفسه وأهله ، منبوذ اجتماعيا (وجهه طارد للنعمةِ) ، ان حضر لا يعد وإن غاب لا يفتقد ، لكنه يعمل لسنين طويلة ببركات (بيت كطيو) مصلِحاُ اجتماعياً!! .. فازدادت نسبة الطلاقات واتسعت دائرة الخلافات بجهوده الفذة !! وما أن تهدأ من التفكير ، وتراجع نفسك في ساعات الليل .. حتى تكتشف ان في هذه الجمهرة : شاعر لا يعرف الشعر ، وأديب لا يعرف الكتابة ، ورئيس بلا رأس ، وقائد بلا رأي ! ومغنّي بلا صوت ، ورئيس (لـجـنـة) تافه صعلوك ، ولجان كأنهم أحجار الشطرنج .. وتكاد تجزم ان هناك اصابع خفية تحركهم وتضعهم في المربع المطلوب تماماً !! أمــــا نــحـــن .... مـن نـحـن ؟؟ حينما نختلي مع بعضنا ، نتحدث همساً .. نعرف ان الفئة الاولى دجالين ونشتمهم .. لكننا نتبعهم ونسير خلفهم ونقبّل اياديهم تبركاً ! ونعرف تماماً ، ان الفئة الثانية كذابون ونشتمهم .. لكننا وبمحض ارادتنا نصدقهم ونردد كالببغاوات أقوالهم ! ونتناقلها ونلوكها صباحا ومساءً بكل فخر ! ونحن نعلم علم اليقين ، ان الفئة الثالثة متلونون متقلبون رداحون وفي كل عزاءٍ لاطمون ! لكننا نؤيدهم .. نمسح على اكتافهم ، نصغي اليهم بانتباهٍ .. نوميء ايجاباً لثرثرتهم مع ابتسامةٍ بلهاءٍ عريضة ترتسمُ على وجوهنا !! نقرّبهم ، ونبعـد الجيدين ، نجعلهم قادتنا ونسبّ ونشتمُ المفكرين والمخلصين ، نستهزئ ونحط من قدر كل حريص وغيور ونزيه ، ونمجّد ونصفّق للمنافق والخائن وبائع الضمير والفارغ والكاذب! مـازلـنـا نـجـمّـل قـبـحـهـم .. مـازلـنـا نـخـاف ونـرتـعـب مـن قـول الـحـقـيـقـة ! والآن ..... هذه الساحة امامكم .. وشاهدوا افرازات (بيت كطيو) وما يعبثون ! وبأي مقدرات يتحكمون ؟ وبماذا يتمرغون ؟؟ وأين يردحون !! وماذا يخططون ؟ وأين انتم سائرون ؟؟؟ السؤال المهم : متى نعالج انفسنا من هذا المرض اللعين ؟ مرض المداهنة ومسح الاكتاف ؟ متى نصلح منظومتنا الاخلاقية ونعيد القيم الاصيلة ؟ متى نبتعد عن التافه والمراوغ ولا نصدق الكاذب والمنافق ؟ نحتاج لشحذ الهمم ونبتعد عن كيل المديح للفارغ وتمجيد المنافق .. وتجميل القبيح .. نحتاج الى مراجعة الذات اولا ، وتشخيص الحالات السلبية لننهض من جديد .
سيدني _ في : 12/2/2019
#سلام_ناصر_الخدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شرّ البليّة ما يُضحِك !!
-
طرزان حكيم الزمان
-
الخطوط الحمراء .. الخطوط الخضراء
-
الفساد حين يكون توافقياً !!...
-
يابن الرافدين
-
الإقليم والأقاليم مرة اخرى !!
-
أغمضي عينيكِ
-
مَن يقودُ مَن ؟؟
-
نفترضُ لو إنّا ..
-
إفرازات الزمن الرديء
-
المدارس الأهلية .. الواقع والطموح
-
الأقليات العراقية والمشاركة الوزارية
-
همسات دافئة
-
الأقليات بين الحقوق والدموع !!...
-
وددتُ أن أقول
-
التوافق .. والفساد السياسي
-
غربة الجسد
-
لِمَ الصمتُ ؟
-
أحبك اكثر
-
من بذرة ... إلى شجرة للخوف !!
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|