|
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (12)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6149 - 2019 / 2 / 18 - 01:59
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
و كما يقول الطبري في تفسير هذه الآية؛ ان المقصود في الامي هنا هو ان العرب لم تقرا اي كتاب، و كما يقول ماتوريدي في تفسير الآية ذاتها، يقول( ان الاله ارسل نبي امي بين امة امية، التي لا تعرف ما هي الحكمة و لا ماهيتها( 12). و ان تذكرنا ان استخدام كلمة الحكمة بمعنى الفلسفة في هذه الامة، مثلا عند ابن رشد في كتابه فصل المقال، فيما بين الحكمة و الشريعة من اتصال)، يمكن ان نقول ان ما يقصده ماتوريدي من ان العرب لم يعرفوا ما هي الحكمة هو عدم معرفتهم للفلسفة، كما ان وجاج و نتاجه حول التفسير و شرحة معاني القران، يعود الى بدايات القرن الرابع الهجري, وهو يتكلم بشكل اوضح عن كلمة الاميين و يقول: الامي هؤلاء الذين لا يكتبون و هم باقون على الشاكلة التي خلقوا بها قبل تعليم الكتابة. و الا لايمكن الكتابة دون تعليم( 13). لذا كما اصبحت العرب بمجيء الاسلام صاحب نبي و كتاب مقدس بلغتها، دون ان يكون هذا الدين خاص بالعرب، و كذلك من الناحية الاجتماعية تكون هناك فرصة لتكون جميع القبائل والعوائل مجتمعين حول البعض دون ان يكون المجتمع الاسلامي في المراحل التالية مكونا من العرب فقط, و بهذا الشكل تغير المجتمع العربي سريعا من المجتمع الوحيد القومية الى المجتمع المتعدد القوميات؛ و اصبح هناك مجتمعا بخلط معقد و متنوع من جميع القوميات و اللغات و الجغرافيا الجديدة بدلا من المجتمع العربي. انبثقت الامة الاسلامية، امة في الظاهر متماسك ومنسجم مثيل للبعض و لكن في المضمون حاملة لجميع الخلافات و الاختلافات، و فيما بعد ذلك و في المراحل التالية و في اطار الدين ذاته، كان لهذه الاختلافات الاثنية و الجغرافية و الميول السياسية دور كبير في تعمق الاختلافات المذهبية و الدينية في الدين الاسلامي بذاته، وهذا ما ادى في النتجية الى ثراء الحضارة الاسلامية. مزج البيئة العربية الاسلامية مع الاثنيات و الدين و الثقافة المختلفة للشعوب المتاسلمة او غير المتاسلمة الاخرى، خلق الحاجة لتعليم لغات تلك القوميات من جهة، و من جهة اخرى فان القوميات ذاتها و بتاسلمهم حافظوا على جزء من عقائدهم القديمة باللغة العربية و بشكل اسلامي. هذا عدا الفروض الدينية الاسلامية احتاجت و فرضت اكثر الى ان العرب بانفسهم يجب ان يتعلموا القراءة و يقرءوا، لكي يفهموا الاسلام اكثر و كذلك لايصال الرسالة الاسلامية الى القوميات الاخرى والدفاع عنها.هذا الاختلاط وفر فرصة للوعي الاسلامي من الناحية اللغوية االتي كانت العربية ان يقع على العديد من التفسيرات و الشروحات. بوفاة النبي و بروز مشكلة خليفته و تعمق هذه الخلافات السياسية الداخلية في المجتمع الاسلامي، ازداد من فرصة الاثنيات الاخرى غير العربية (خاصة الفرس) و اللاسلاميين ( خاصة المسيحيين السريانيين) ان يكون لهم دور في توسيع افاق هذا الصراع السياسي و الثقافي. ما نريد ان نؤكده هنا، ان المجتمع العربي قبل مجيء الاسلام لم يكن صاحب اي خلفية فلسفية ، و الشيء الذي يمكن نحسبه لهم كنشاط عقلي، فهو لغوي، و هو شفهي ايضا وعن طريق الشعر فقط. و حتى تكرر ذلك في الكثير من المصادر الاسلامية ان (العرب في بداية الاسلام لم يهتم بالعلوم، عدا (علم) لغته و شريعته، عدا مهنة الطب التي كانت موجودة من قبل (14)، و هذه بشكلها البدائي و المحلي ايضا، و التي كانت عبارة عن تراكم تجارب و خبرة من الناحية الصحية و علاج بعض الامراض و لا غير، و كان هذا المقدار القليل من العلاج موجودا عند جميع المجتمعات الانسانية، و ان كانت متخلفة و بسيطة. على ما انا عليه من معرفة بذلك، لم يات في اي مصدر ان يكون هناك مجموعة و تركيبة اجتماعية معروفة بمهنة الطبيب و ان يكونوا اصحاب طقوس خاصة بهم في هذا المجتمع، في الوقت الذي كان عند المجتمع البابلي مثلا قبل الفي سنة من مجيء الاسلام مهنة الطب و من مارس هذه المهنة و انشغل بها كان له موقعه الاجتماعي و الديني الخاص به، و وفق المصادر القديمة ( الطبيب و الحكيم البابلي كانوا لديهم شهرة عالمية، اخذوا الى قصور الملوك و السلطات في جميع المناطق المعمرة و المدنية في حينه( 15). كما يقول جورج طرابيشي بعودته الى المصادر الخاصة حول علم الطب في حضارة مابين النهرين (الميزوبوتاميا)، يعتقد ان كلمة صوفيا كما تعني (الحكيم)، و هذا قبل الفلسفة كان مصدرها بابلي، لانه البابليين قالوا لكل من كان يملك العلم الالهي في علاج المرضى بال(شافي) و انتقلت هذه الكلمة الى الحضارة اليونانية و اصبحت (صوفيا)، التي هي مصدر كلمة الفلسفة. و كما كانت عليه الحضارة اليونانية صاحب فكر و اهم نشاط عرفت به هو الفلسفة، و هي كلمة طبيب بابلية و تحمل معنا دينيا و جسديا تغيرت الى معنى روحي و فكري، هذا و من ناحية اخرى و يمكن ان يعتبر دليلا اخرا لعدم حضارية المجتمع العربي قبل الاسلام، لو قورن مع حضارة اخرى اكثر قدما مثل البابلية. و في الوقت نفسه يمكن ان يكون نقصا و نقدا لاذعا لمقارنة لوبون بين هاتين الحضارتين. بالعودة الى نص ابن صاعد الاندلسي نعثر على تلك الحقيقة التي توضح بان العرب دارت حول اللغة و الشريعة، و حتى في بداية الاسلام، و كما يقول الكاتب في صفحة ما بعده بما يقصده من هذه البداية هو الخلافة الاموية. و هذه الحقيقة ذاتها التي يكررها باحث عربي اسلامي معاصر اخر قبل تفسيره لبداية مراحل الترجمة في عالم العربي الاسلامي. عندما يقول ان العرب في مرحلة الاسلام البدائية لم يهتمو باي علم، عدا لغتهم كما ساعدتهم لمعرفة احكام الشريعة( 16). او قال احد اخر (لم يكن العصر الاموي، عصر الترجمة و النقل مع انه بدا فعل التاثير و التاثر مع الفتوحات الاسلامية (179.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (11)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (10)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (9)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (8)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (7)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (6)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (5)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (4)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (3)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (2)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (1)
-
من عاش مخادعا مات متسكعا
-
هل النخبة السائدة انصفت المهمشة؟
-
ايهما المتهم الدين ام العلم ؟
-
هل الكلام مع الغيب ممكن ؟
-
فرصة سانحة لليسار الكوردستاني لا تعوض
-
انعدام المعارضة الحقيقية في العراق و كوردستان ايضا
-
متى نصل الى نقطة نعمل فيها بقدر ما نتتقد؟
-
لماذا ترجمتُ كتاب الشخصية المحمدية الى اللغة الكوردية؟ ( 5 )
-
لماذا ترجمتُ كتاب الشخصية المحمدية الى اللغة الكوردية؟(4)
المزيد.....
-
إلهام شاهين تعيش الطفولة مع -آخر العنقود- في عائلتها
-
الشرع يوضح موعد أول انتخابات رئاسية في سوريا ورده على من طال
...
-
فرنسا تستعد لمحاكمة طبيب متهم بالاعتداء جنسياً على أطفال تحت
...
-
الحكم على جندي بريطاني سابق بالسجن 14 عامًا بتهمة تسريب معلو
...
-
بوتين يقيل نائب وزير العدل من منصبه
-
سموتريتش: لا يمكن إنهاء المعركة قبل تدمير حماس بالكامل واتفا
...
-
حاكم المصرف المركزي: هكذا تبخر 21 مليار دولار في سوريا!
-
ترامب: حققنا تقدما كبيرا في مسألة حل الصراع بين روسيا وأوكرا
...
-
القضاء المصري يقضي بسجن بريطاني 3 سنوات
-
روسيا.. تطهير أكثر من 350 كيلومترا من سواحل البحر الأسود بعد
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|