افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (10)

عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6148 - 2019 / 2 / 17 - 11:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

هذه البساطة في اللغة و هي من افرازات بساطة العقل و البيئة، لم تكن بحاجة الى الفلسفة و لا للفلسفة اي دور في تكوينها و توسيعها، علاوة على ذلك فان المجتمع كان أميا، و كان هذا النشاط اللغوي نشاطا شفهيا و ليس مكتوبا على شاكلة كتب مثلا، لانه ان تكلمنا باختصار جدا يمكننا ان نقول بانه كانت العرب قبل مجيء الاسلام أميين و لم يقرئوا او يكتبوا، كما يقول الاديب و المثقف الكبير للحضارة العربية في القرن الثالث جاحظ. و من هنا عندما نعود الى ( ابن عبدالبر) المؤرخ و اهل الشريعة في الربع الاول من القرن الرابع الهجري، نصل الى احد تلك النصوص الذي يحمل تلك الحقائق التي اشرنا اليها مسبقا.
وعندما يتكلم في سياق نقد القوميات الاخرى عن العرب، في الادبيات المعروفة بالحركة الشعبوية، و في نص مهم جدا عندما يروي احد تلك الانتقادات في عصر عمر بن عبدالعزيز من قبل ملك هندي، يقول ان هذا الملك يقول، كان لدى كافة امم العجم من جميع جوانب الحياة كانوا يمتلكون سمات لبناء حضارتهم، اي الارض و الملك كان جمعهم, و مدن احتواهم و قوانين عملوا بها و فلسفة انتجوها كفلسفة الروم.... و لكنه لم يكن لدى العرب ملك يجمعهم و لا تمدن يحتويهم و يرسم حدودا لقمعهم و يمنع سيئاتهم، و لا عمل ينتجوا به و لا ثمار او نتاج فلسفي لديهم.( 6).
ان قلبنا هذه الكتابة للمؤرخ الاسلامي في القرن الرابع، اي بدلا عن نسمع المقولة حاولنا ان نقرا ما لم يقال، فنتمكن به ان نقول و بشكل واضح انه اعتراف بان العرب قبل مجيء الاسلام لم يكونوا اصحاب اي ملامح حضارية في ذلك العصر، كما كانت حال الشعوب الاخرى المثيلة لهم. علاوة على ذلك عاش هؤلاء في عصر ماقبل الدولة، و هذه احدى البنى التحتية الفكرية لجمع من الحركات المناوئة ضمن الاسلام التي برزوا ضد العرب و سموا في المؤلفات الثقافة العربية بالحركة( الشعوبية)، لانه تصرفت العرب بتعصب قومي امام الشعوب التي اسلمت و بالاخص في العصر الاموي. و عليه انهم ادعوا ان لم يكونوا افضل من العرب ليسوا باقل منه. و من جانب اخر، كان هذا السبب الرئيسي لكتابة و جمع و تدوين و انبثاق اسطورة الشعر الجاهلي عند بعض شعراء العرب في ذلك العصر، و بالاخص في المرحلة الاولى للسلطة العباسية . و عليه فان العرب صنعوا لانفسهم سيرة وتاريخا شعريا عن طريق الشعر، بعد ان تلقوا نقدا من قبل الامم المسلمة اصحاب الحضارات العتيدة. و من جانب المضمون فان هذه الاشعار كانت تحوي على البطولات الكرم و الشهامة و شجاعة و العمل الحسن للعرب، كي يُظهروا انفسهم امام تلك الامم التي كانت اصحاب سيرة قومية ثرية و خاصة الفرس.
اي عندما احست العرب بنقصها من الناحية التاريخية و الفلسفية و الحضارية ارادت ان تعوض ذلك من خلال تنسيب الاشعار التي اكثريتها الساحقة من العصور مابعد مجيء الاسلام الى تاريخهم و التي لم تكن الا بلاغات لغوية و نسبوا الى انفسهم من خلالها السمات الحسنة منتقدين ضمنا الامم الاخرى، و هكذا بدا صنعم لتاريخ غير مسلّم به لنفسهم، وهذا لم يوثق و مشكوك في امره ليومنا هذا.

#عماد_علي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات