أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - مذكرات كرة قدم














المزيد.....

مذكرات كرة قدم


حيدر الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 6140 - 2019 / 2 / 9 - 14:07
المحور: الادب والفن
    


مذكرات كرة قدم :
قصة قصيرة
كنت في عنفوان شبابي وجمالي وزينة الواني المرقطة ، ساعة اخرجوني من رحم مصنع لصناعة الكرات ، ثم انتقلوا بي لأضخم معارض بيع الكرات ،
حينها ادركت بانني سلعة تباع وتشترى منذ ان لامس جلدي ،
أرضية ملاعب عشاق الكرة .اولئك العشاق الذين لم يشعروا يوماً بعذاباتي ،
مسكينة أنا تلك الكرة المعشوقة ،
حين يركلني ( 22) لاعباً على مدى شوطين او اكثر ،
وأنا أئن وأتشكى الماً ، وان احداً منهم لم يرحمني ، ولم يتركني لأتنفس لحظة من الوقت ، بل يرفسونني بكل قوة من واحد لآخر ،ومن وقت لآخر أثناء المباراة ،وكم اني ضحكت منهم في معظم الاحيان ،بغير مسمع منهم .
كنت مصراً حينها على عدم معانقة الشباك بعناد طفولي وأبتعد عن الخشبة متعمداً بدلال وغنج واضحين حين ارتفع عالياً في سماء الملعب ،
وأجعل ممن ركلني في خاصرتي يعض على كفية عضة نادمٍ ،
يا للاقدار التي تحكم بين الكرة واللاعب ...
في كل مرة أحاول فيها ان أهرب بجلدي من تلك الرفسات الموجعة المصوبة الى خاصرتي ، ولكن هيهات ان أفلت منها ...
ويتملكني الذعر في احايين اخرى من الضربات الركنية والحرة المباشرة ، او ضربات الجزاء او ركلات الترجيح عند التعادل، لكن خيوط الشباك الناعم احياناً ، أو كفوف حماة الهدف تدركني ، فأطمئن في احضانهم وبين دقات قلوبهم بأمان ، اما في ضربات المرمى فان الاقدام الرعناء تعبر بي الى ما وراء خط الوسط ودائرة الوسط المشؤومة ، بيد انني أرتاح قليلاً عند رميات التماس الجانبية فتراني أتراقص بفرحٍ في كفي لاعب يجيد تلك الرميات الجانبية الطويلة بين الرؤوس ،
حيث تتلاقفني الأقدام من جديد فترفسني ،على حين غفلة منّي ...
آه لكم آلمني رعونة أحد حراس المرمى حين ركلني بعيداً ،
وكاد واحد من المهاجمين ان يسجل بي هدفاً ،
لو لا وقوعه في مصيدة التسلل....
البارحة كنت أتدحرج بين اقدام فريقين متنافسين قيل عنها ودية بالنسبة لهم ،
ولكن اي وداد بالنسبة لرأسي المتورم ، حينها وقعت بين الأقدام ورفساتها ،
دون رحمة ، حيث انستني اسمي وعنواني واسم الملعب الذي انا فيهّ...
يا حكم يا حكم ، قل لهم ان يرأفوا بحالي قليلاً .
يا ويلتي الحكم أصم لا يسمعني ، والجمهور من فوق المدرجات يطلب من اللاعبين ان يركلوني دون شفقة .....
ويوم ان هرمت وما عادت الملاعب تستقبلني ، وأمست تشمئز من وجودي، أبعدوني خارجها مطرودا ذليلاً بلا مأوى ولا نصير في ليل غائم حالك الظلام ،
يومها أمطرت السماء ، وكان أن أصبحت لعبة بين اقدام بعض الصبية الصغار، يتلاعبون بي عند منعطف الطريق، صوب رصيف أسن مزمن بالعفن ،
حتى تهرأت تماماً وصرت احك جلدي الذي اوشك ان يتيبس ،
وأرفع بصري الى السماء بحزن ٍ فتتناثر الدموع من عيني بأسى ،
كانت اضلعي مخدشة من كل جانب ، من جراء احذيتهم المتشققة البالية .
وحدث ان دفعت بي اقدام الصبية صوب عجلة مسرعة ،
بم م م ...انفجرت تحت دوامة اطاراتها الحالكة السواد ،
وانشطرت الى اخماس واسداس متناثرة على قارعة طرقات المدينة ،
وتناوبتني العجلات والمركبات والحافلات على التوالي
صحتُ في الم : آهٍ من هذا المصير المزري ، وتلك النهاية المحزنة
وتلاشيت... تلاشيت بالتدريج من الوجود ،
ولم يبق مني سوى صدى صوتي الذي احدثكم به
وذاك الصدى ،بدأ يتلاشى هو الآخر....
الاشياء كلها تلاشت من امامي وأنا أستعرض صوتي في تحوّل حزين ،
بأشلاء مشوهة بالوحل ، وها أنا أدخل في غيبوبة النسيان .
ثم الى لا شيء ،وكل شيء انتهى
ايها السادة الكرام ...
رفقاً بحال الكرة التي عشقتموها ذات يــــــــوم !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر ـ بغداد
كانون الثاني 2019



#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية نذير الدرويش
- قراءة لرجل يلتهم الظلام
- مفردة الصدر عند الجواهري
- الشعراء والمغنيّون في أسرار الأجفان والعيون
- ثياب العيد
- وما اوحى المطر
- حنين عبر الرمال
- هروب من كابوس
- ليلة من ليالي الخريف
- فلا تقلق
- رحيل الذاكرة
- جولة تصيبها الخيبة
- جمجمة جدّي
- من هوَّ
- رمضان بريمري
- لوحة موناليزا في مختبر نٍزار قباني
- صوّر من الحياة ( مشاهد قصيرة )
- آه يا أنا
- مهداة الى صديقي الشاعر الراحل حسين السلطاني
- ذكريات


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - مذكرات كرة قدم