أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالخالق حسين - أضواء على وثيقة الأخوة الإنسانية بين الأزهر والفاتيكان















المزيد.....

أضواء على وثيقة الأخوة الإنسانية بين الأزهر والفاتيكان


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 6139 - 2019 / 2 / 8 - 16:58
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تم في أبو ظبي، يوم 4 فبراير/شباط 2019، التوقيع على وثيقة تاريخية مهمة من قبل شيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر أحمد الطيب، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكا. وسميت بحق (وثيقة الأخوة الإنسانية بين الأزهر والفاتيكان).

ومن يقرأ هذه الوثيقة يعرف أنها ليست نتاج لحظة اللقاء بين زعمين روحيين لأكبر ديانتين في العالم، وإنما نتاج مباحثات ولقاءات كثيرة ولأشهر إن لم نقل لسنوات، بعيدة عن الأضواء وضجيج الإعلام، حيث كتبت الوثيقة بمنتهى الدقة، سواء بمضمونها المتكامل، وتماسك وتسلسل أفكارها، أو باختيار كلماتها بمنتهى الدقة من قبل خبراء في هذا المجال، وبما يناسب ظروف المرحلة الحرجة التي تمر بها البشرية في عصر العولمة، وما تعانيه من انحرافات شلة من المسلمين تبنوا التطرف والإرهاب ضد البشرية كوسيلة لتحقيق أغراض سياسية غير مشروعة.

والملاحظ أن هذه الوثيقة قد واجهت آراءً ووجهات نظر متباينة من قبل المعلقين، وبالخصوص على مواقع التواصل الاجتماعي. فهناك من يعترض على الدولة المضيفة (الإمارات) لهذا اللقاء التاريخي بين قداسة بابا الفاتيكان، وهو زعيم الكنيسة الكاثوليكية التي تضم أكثر من مليار مسيحي كاثوليكي، وشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب الذي هو الأخر يتزعم الإسلام الذي يضم نحو مليار ونصف المليار مسلم في العالم. والاعتراض هنا أن غاية الحكومة الإماراتية هي الدعاية لنفسها، خاصة وهي مساهمة في تدمير اليمن، وقتل عشرات الألوف من المدنيين الأبرياء في هذا البلد غير السعيد... وآخرون يعترضون أنه ليس في هذه الوثيقة أي ذكر للقضية الفلسطينية، كمحاولة للتقليل من أهميتها ...الخ

رغم هذه الاعتراضات، إلا إني أعتقد أن هذه الوثيقة تاريخية، ومهمة جداً، خاصة في هذه المرحلة، حيث تم اختطاف الدين الإسلامي من قبل عصابات من المتطرفين الإرهابيين، وضعوا الإسلام في مجابهة غير متكافئة مع البشرية، حيث تبنوا المذهب الوهابي التكفيري المنحرف عن الإسلام الحنيف، وتمادوا في شن حرب إرهابية ذهبت ضحيتها عشرات الألوف من الأبرياء، و نحو 80% من الضحايا هم مسلمون.

يتمترس مشايخ الإرهاب بحديث منسوب للنبي محمد أنه قال: (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب)، وهو حديث أقل ما يقال عنه أنه ضعيف، خاصة وهناك عشرات الآيات القرآنية التي تبجل الأديان السماوية الأخرى وخاصة المسيحية واليهودية. ورغم هذا الحديث، فقد كشف لقاء البابا بشيخ الأزهر أن في دولة الإمارات وحدها يعيش اليوم نحو مليون مسيحي، علماً بأن دولة الإمارات جزء من جزيرة العرب. فإذن هذا اللقاء والوثيقة خروج على ما يتمترس به دعاة معاداة الأديان الأخرى من أحاديث، والسعي للعمل وفق ما تتطلبه المرحلة الحضارية التي تحث الخطى نحو التقارب بين البشر.

أما كون غاية دولة الإمارات هي كسب دعاية عالمية لنفسها وتحسين صورتها بين الأمم، فما يهمنا هو نتاح هذا اللقاء، وحتى لو كان هذا ضمن (الغايات غير المقصودة) من قبل الإمارات، لأن الغاية التي نريدها هي إدانة الإرهاب ونشر روح التسامح للتعايش بين أتباع الأديان المختلفة بسلام، وسحب البساط من تحت أقدام مشايخ التطرف الديني. أما كون يد الإمارات ملوثة بدماء الأبرياء في اليمن، فهذه جريمة ندينها بقوة، ولكن ماذا نخسر لو قامت هذه الدولة بالمبادرة الطيبة التي تلكأت غيرها من الدول في استضافة هذا اللقاء؟ وحبذا لو تتسابق الحكومات الأخرى في هذا المجال لإدانة الإرهاب والعمل على التقريب بين الأديان والمذاهب، حتى ولو كانت غاياتها لرفع مكانتها الدولية.

أما الاعتراض الآخر بعدم الإشارة إلى القضية الفلسطينية، فهذه القضية سياسية بحتة ومزمنة، وهناك مئات المشاكل الأخرى في العالم لا يمكن الإشارة إليها، أو حلها في لقاء واحد بين زعيمين دينيين. فالوثيقة تخص مواجهة التطرف الديني، والإرهاب الذي يُرتكب باسم الدين الإسلامي، والتقارب بين المسيحية والإسلام. وكل مشكلة في العالم تحتاج إلى مؤتمرات خاصة بها. وهذا لا يقلل من أهمية هذه الوثيقة التاريخية. والجدير بالذكر أن القضية الفلسطينية تم تجييرها حتى من قبل أعدائها وضد الشعب الفلسطيني، وكأنهم يريدون أن يقولوا لنا أن الإرهاب وجد لتحرير الشعب الفلسطيني، بينما الحقيقة تثبت العكس. فالإرهاب الإسلامي لم يضرب إلا الدول الرافضة للتطبيع مع إسرائيل مثل العراق، وسوريا واليمن وليبيا. كما هناك تقارير موثقة تثبت أن إسرائيل تعالج جرحى الإرهابيين في سوريا، وكذلك بات معروفاً لدا القاصي والداني، أن القوات الجوية الإسرائيلية تضرب القوات السورية وحلفائها التي تحارب الإرهاب في سوريا. فإذنّ، تسخير القضية الفلسطينية ضد هذه الوثيقة قول حق يراد به باطل.

نستشهد هنا ببعض ما ورد في الوثيقة، وفي ختام هذا المقال نورد رابطها لمن يرغب في قراءة نصها الكامل(*)
تبدأ الوثيقة ((باسم "الأخوة الإنسانية" التي تجمع البشر جميعا، وتوحدهم وتسوي بينهم. وباسم تلك الأخوة التي أرهقتها سياسات التعصب والتفرقة، التي تعبث بمصائر الشعوب ومقدراتهم، وأنظمة التربح الأعمى، والتوجهات الأيدلوجية البغيضة.باسم الحرية التي وهبها الله لكل البشر وفطرهم عليها وميزهم بها.باسم العدل والرحمة، أساس الملك وجوهر الصلاح.باسم كل الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة، في كل بقاع المسكونة.باسم الله وباسم كل ما سبق، يعلن الأزهر الشريف- ومن حوله المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها - والكنيسة الكاثوليكية - ومن حولها الكاثوليك من الشرق والغرب - تبني ثقافة الحوار دربا، والتعاون المشترك سبيلا، والتعارف المتبادل نهجا وطريقا)).

كما تؤكد الوثيقة على:
((أن حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هي خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية.
- أن الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين - حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته - بل هو نتيجة لتراكمات الفهوم الخاطئة لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي؛ لذا يجب وقف دعم الحركات الإرهابية بالمال أو بالسلاح أو التخطيط أو التبرير، أو بتوفير الغطاء الإعلامي لها، واعتبار ذلك من الجرائم الدولية التي تهدد الأمن والسلم العالميين، ويجب إدانة ذلك التطرف بكل أشكاله وصوره)).أنتهى الاقتباس

يجب أن لا نقلل من أهمية هذه العبارات التي تصدر باسم زعيمين لديانتين كبيرتين في العالم، كان لحد وقت قريب من الصعوبة حتى التخيل بحصولها.

أقول ما الخطأ في هذا الكلام وهو غيض من فيض مما جاء في الوثيقة. لذلك أتمنى على كل المثقفين التنويريين من دعاة التعايش السلمي بين البشر، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية والسياسية والأثنية، أن يدعموا هذه الوثيقة، وهي الخطوة التي كنا ننتظرها، ولا يهمنا مكان صدوره، أو الجهة التي استضافت اللقاء، أو كونها لم تشر إلى المشاكل الكثيرة الأخرى التي يعج بها العالم. فالوثيقة تخص مواجهة التطرف الديني الذي يهدد الحضارة البشرية، والدعوة لتعايش أتباع مختلف الأديان بسلام.
كما يجب التوكيد أن الأديان مهمة لغالبية البشر، ويجب التعامل معها بواقعية واحترام معتقادات الناس، وليس حسب الرغبات الطوباوية.
وبالتأكيد هذه الوثيقة تحتاج إلى ترجمتها إلى عمل متواصل لتنفيذ بنودها، وهذه من مسؤولية الجميع، رجال الدين، والحكومات ووسائل الإعلام، والمؤسسات التربوية وغيرها. ومنع خطباء المساجد من التحريض ضد أتباع الأديان والطوائف الأخرى، واعتبار أي تحريض من جرائم إثارة الفتن الطائفية ومحاسبتهم عليها.
فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. وتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية هي الخطوة الأولى. ويجب أن تتبعها خطوات كثيرة لإتمام المسيرة في التقارب بين البشر والتعايش بسلام.
[email protected]
ـــــــــــــــــــــــ
* شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان يوقعان وثيقة الأخوة الإنسانية - النص الكامل
https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1224504-%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A-%D8%A7%D9%94%D8%A8%D9%88%D8%B8%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%84%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%94%D8%AE%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%95%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا وإيران.. تقاسم نفوذ، أم ادارة للصراع بالنيابة؟
- المأزق البريطاني في الخروج من الوحدة الأوربية!
- هل حقاً العلاقة مع إيران وأمريكا تسيء للسيادة والكرامة؟
- هل المطلوب أن نضحي بالعراق في سبيل إيران؟
- مخاطر عدم الوجود العسكري الأمريكي في العراق
- لا، لم يحن الوقت بعد لذبح البقرة السعودية!
- المطلوب من السيد عادل عبد المهدي تلبية مطاليب الشعب لا الأحز ...
- ماهي مبررات ترشيح الاستاذ الدكتور محمد الربيعي لوزارة التعلي ...
- مرحى لسروة عبدالواحد رئيسة لجمهورية العراق
- حول لصوص الكلمة مرة أخرى
- لأهل البيت ربٌ يحميهم
- الأزمة الأخلاقية هي أم الأزمات في العراق
- البصرة المنكوبة بالعطش والقتل بالرصاص
- هل يمكن للحكومة العراقية التخلص من (تهمة) المحاصصة؟
- لماذا العراق أولاً؟
- التظاهرات التخريبية دائماً تبدأ بمطالب مشروعة!
- ومتى كان العراق مستقراً؟
- منجزات ثورة 14 تموز 1958*
- العراقيون ضحية مثالياتهم
- ذكاء العراقيين المدمر


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالخالق حسين - أضواء على وثيقة الأخوة الإنسانية بين الأزهر والفاتيكان