أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الثاني: الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن















المزيد.....



راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الثاني: الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 6131 - 2019 / 1 / 31 - 19:36
المحور: الادب والفن
    


الفصل الخامس
(57)

يرحل الأب الحنون بصمت، تثقب قلبه الكبير الهزائم والنكبات التي مرت به ، وتركته مثخن الجراح مكلوما ، وقد أفقدوه الأحباب ، سامية تشعر باليتم وانها ضعيفة بعد تلك القوة التي شهد بها الأعداء والأصحاب ، تبقى الابنة البارة عاجزة عن تنفيذ وصية ابيها ، من يستطيع السفر الآن الى العراق ، وقد أغلقت أبوابه وسدت منافذه أمام أبنائه الطيبين ؟ احبوه ملء القلب وبكل ذرة من كيانهم ، وخدموه بشبابهم ، وقدموا له التضحيات الجسام من اجل ان يعيش مرفوع الهامة ، ولكن وأسفاه ! ما كل ما يتمنى المرء يدركه ! الآف الضحايا يمضون بلا هدف ، يحلمون ان يفيدوا الوطن الجريح ولكن هيهات ..
في المدرسة اعطتها المديرة اجازة لوفاة والدها ، زارتها الزميلات معزيات ، وأرسلت وكيلة الثانوية رسالة مع احدى الزميلات بوجوب عدم التأخير ، فالاب مات ،وسامية يجب ان تقوم بواجبها خير فيام بعد رحيل الأب ، وانه عليها ان تحث طالباتها على الدفاع عن الوطن بالريشة والألوان ، وان الوكيلة لن تسكت بعد اليوم ان وجدت تفاعسا وابتعادا عن الواجب ..
ينصحها الأصدقاء الباقون في الكويت انه عليها ان تسرع بالمغادرة ، والا نفذت وكيلة الثانوية وعيدها ، وفشت امر سامية واسرتها الضحية الى المسؤولين في السفارة ، ليتخذوا العفاب المناسب ، كي تكون الرسامة المستهينة بواجبها ، درسا مفيدا وقويا لمن لا يرعوي ..
تبيع سامية ما استطاعت من اثاث ، وجمعت بعض الملابس التي لايمكن الاستغناء عنها ، واوصت صديقة لها ان تبيع ما تستطيع من اثاث واغراض لمن يحب ان يشتري وان تعطي ما لا يشترى لمن يحتاج من اثاث وأدوات مطبخ واواني ، اخذت سامية معها بعض اللوحات المشهورة ، ولم تستطع ان تحمل معها كل الرسومات والبورتريهات ، وتخلصت من اغلب ملابسها :
- مسموح لك عشرون كيلوغراما فقط وليث مسموح له عشرون ..
- كم لنا ان نحمل ؟
- اربعون كيلوغراما فقط ، خذا الضرورات فقط ، في بلغاريا كل ما تحبان من أشياء ..
صور الوالد وكتبه العزيزة اودعتها سامية لدى بعض الصديقات :
- سوف اكتب لك من صوفيا طالبة منك ان ترسلي كتب ابي وصوره !
يودعها الى المطار بعض الأصدقاء والصديقات ، تتخلف عن توديع الفنانة المرموقة زميلاتها في ثانوية الأمل ، اللاتي يرسلن لها اعتذارهن :
- وكيلة الثانوية لم تسمح لنا ، قالت انها ستشكونا الى السفارة ان قمن بتوديع الفنانة المارقة !
- من هي المارقة ؟
- انها انت يا سامية ، لا ادري لماذا تمقتك هذه الوكيلة !

(58)

تشعرين باليتم ، وان قوتك مهدورة ، ارادتك ناقصة ، تفكرين انك بقيت وحيدة في معترك الحياة ، كل كلمات التعازي والمواساة التي تتلقينها من المعارف والأصدقاء ، لم تستطع ان تخفف عنك جبال الحزن الجاثمة فوق صدرك ، رحل ابوك الحنون ، من يحن على شبابك الضائع وحياتك المسلوبة ؟ من يخفف عنك جراح القلب الفاغرة فاها ، تريد ان تلتهمك ، شعرت انك تحملين ظلم العالم ، وانه ما من قوة بمقدورها ان تبدد دياجير الظلم التي تستبد بك ، رحل الانسان الذي اعتمدت عليه ، وكان نعم الصديق والأخ ، كان كل العواطف ، يزيل عنك عثرات الطريق ، ويخفف بمحبته أطنانا من الخوف والشعور بان الدنيا تضحك عليك ، وتريك وجهها الغادر ، زارتك زميلاتك في الثانوية ، وقلن لك كلمات مواسية ، فلم تسمعي ما ذكرت الزميلات من كلمات ، هل تستطيع اي كلمات ان تبدد عنك ما تشعرين من ضياع ؟ طرق حياتك لادليل فيها ، يهديك الى الطريق الصائب ، كل الطرق تودي بك الى التيه ، انت تائهة في خضم هائل من الأحزان ، تخبرك زميلاتك ان وكيلة الثانوية تتوعدك ، ان تعودي الى الصراط الصحيح الذي رسموه لك ، والافالويل لك ان استمر عنادك ، فقد رحل من كان يمنع عنك السوء، تزورك الجارات متحدثات عن مناقب الوالد الحبيب ، ناصحات ان تسارعي بالرحيل ، فلسن قادرات ان يمنعن الضرر ان قصدك ، توافقين على النصيحة ، في بلغاريا عندك اصدقاء وصديقات عرفت ان الاخلاص معدنهم ، تقررين ان تسافري الى هناك ، عل جراح الفقد تندمل ، تجمعين ما تقدرين على جمعه من ملابس ولوحات ، ومن كتب ليث وملابسه ، وتودعين صور الوالد وكتبه العزيزة لدى صديقتك نجلاء ، تخبرينها انك حين تستقرين في بلاد الغربة ، سوف ترسلين اليها طالبة كتب ابيك وصوره ، تخبرك الصديقة انها على استعداد لتنفيذ ما تحبين ، وان كل اثاث المنزل التي تملكين سوف تعرض للبيع وسوف ترسل اليك ثمنها :
- الاثاث الذي لايشتريه احد اهديه لمن يحتاج ...
في المنزل الذي سوف تغادرينه ذكريات لك جميلة ، عاش الوالد الحبيب هنا ، حققت نجاحك في التدريس وفي الفن ، سوف تتركين كل شيء هنا ، كيف تأخذين معك الكرسي الذي كان يجلس عليه الوالد ؟ والمكتبة التي صنعها الوالد بيديه ، والعود الذي كان الوالد يحبه ويعزف عليه اجمل الألحان ؟ صور الاولد التي جلبها من بغداد وفيها تظهر والدتك وشقيقاك وشقيقاتك ، كل مظاهر الفرح التي كنت تعيشين في ظلالها ، حفظها ابوك في الصور ، عدد من الالبومات ابوك كان يعتز بها ، فهي تحفظ حياة الاسرة السعيدة التي كانت ، وجاء المعتدون فاغتالوا افراد اسرتك وقضوا على الرغبة في الاستمرار عند اشخاص اخطأهم الموت ، ابقاهم الطغاة كي يعيشوا الحزن والفقد بأبشع صورهما ....
تشاهدين الصور ÷، عدد من حيوات الأعزاء انطوت في لحظة واحدة ، وخبا بريقها ، كيف يقضى على ارادة انسان كله حياة ؟ عرف الطغاة ان اغتيال الأحباب يجعل الانسان يشعر انه ميت ، يدعو الله ان يستجيب للدعاء وان يميته ، ولكن الله لم يمت احبابك الراحلين ! الله رحيم لايوجه للمرء طعنات قاتلة ان لم تقتله ، فانها تميت كل رغبة له في مواصلة الحياة .
تغادرك الجارات والزميلات ، تشعرين ان العالم يضيق بك ، وانه ما من احد بقي بجانبك ، فهل ستجدين حياتك المفقودة في بلاد بعيدة عنك ؟ هل تستطيعين ان تبئي من جديد ؟ فيك اصرار عجيب ، لايمكن لأي قوة ان تقضي عليه ÷، غرس الوالد فيك حب الحياة والرغبة في النضال من اجل تحسين ظروفها ، وانت الابنة البارة بأبيك الراحل ، سوف تحافظين على ارثه العزيز ان يتبدد ويضيع ، وسوف تحاولين ان تنفذي وصيته .


(59)

سافرت سامية رغم انفها ، تركت ثانوية الأمل التي أحبتها من كل قلبها لأنها المدرسة التي احتضنتها حين غادرت العراق مضطرة ، وشهدت نجاحاتها في مضمار التدريس ، احبت كل الثانوية بادارتها الحكيمة ومدرساتها الوفيات العاملات باخلاص يشهد له كل الناس ، واحبت الطالبات المجتهدات اللاتي حرصن على التفوق في كل المواد العلمية والأدبية والفنية ، وانا غادرت مدرستي التكميلية التي تتضمن كل المراحل الدراسية ، قضيت فيها سنين الابتدائية وسنوات المتوسطة .... شهدت مدرستي التكميلية سنين طفولتي الأولى وصباي، ترعرعت في حدائقها الغناء ونشأت بين طلابها واساتذتها الذين احبوني وعلموني كل ما كان ينفعني من علوم وآداب ..
لم تعد سامية تلك الانسانة التي تملكتها الفرحة حين جاءت الى اوربا قبل شهور ، للراحة والعمل وعرض اللوحات الفنية التي اثارت اعجاب المتلقين ، سامية اختلفت كثيرا عما كانته في الرحلة السابقة ، لم تعرف ابسامتها كيف تعود الى وجهها الصبوح ، غادرها الفرح بعد ان طرق بابها ، ولم يجد من يستقبله بترحاب . نظر الى سامية الحبيبة وقد غطت علامات الحزن وجهها وكل اجزاء جسدها الذي كنت ارنو الى امتلاكه وانا اخفي تلك الرغبة في اعماق قلبي المفجوع ، سامية التي احبها كل من عرفها ، فهي رائعة الشكل والفكر ، جميلة الروح هادئة الطباع ، اجدها اليوم وقد علتها الغصة ، الحرمان العاطفي رسم اخاديده بدفة وعنف ، تمنيت ان اضمها الى صدري ، ولكني خجلت ! ولماذا يعتريني الحياء وهي المرأة التي ربتني واعتنت بي ، وتعهدتني بالرعاية والاهتمام حتى تحولت من الطفولة الى الشباب ، لماذا اتركها وحيدة تعاني حرمان الحنان ، وتشتكي جراح الروح ؟ لماذا اخشى ان الثم جبينها شاكرا ومخففا من الألم الذي تعيشه ؟ لماذا اشعر بالعجز وانا ارى حبيبتي تنوح وحيدة ثكلى ، غادرها الأحباب مرغمين في رحلة اللاعودة ؟ لماذا يا ليث تقف بعيدا عن مد يديك لانتشال الحبيبة من احزانها ؟ يا ليتني انسى عشقي لها ، اخاف ان اعبر لها عن شديد ولهي وكبر هيامي ، فستكثر هذا الاحساس الجديد مني ، كنت طفلها ، فكيف اطمح ان اتحول الى رجلها ، وبعد ان فقدت كل الأحباب ؟ هل اخبرها عن عشقي لها وهي التي جعلتني ابنها ، وعاملتني راعية لي رعاية الامهات ، سوف انتظر اللحظة المناسبة كي ابوح لحبيبتي بحديث العشق ، سأؤجل ما عزمت على اعلانه الى لحظة سرور وغبطة اجدها مرتسمة على وجه حبيبتي ، فاعلن لها عن حبي الذي حرصت على كتمانه عنها ، منذ ان كنت طفلا حلمت بها ، وبعد ان اصبحت صبيا قوي حلمي بها واشتد ، وها اني اوشك على الشباب ، هل اقوى على الاحتلام بدلا عن البوح لمحبوبتي الأثيرة ؟ وهل يجرؤ عشاقها على البوح بعشقهم لهذه المرأة الفاتنة ان وجدوني اقوى محبة لسامية ، حتى الدكتور خليل العبيدي ، العاشق الأثير لسامية والذي يعرف بقصة عشقه الكثيرون ، اجد ان عشقي للحبيبة يبزهم جميعا ، بعد أيام ستقيم سامية احتفالا بمناسبة بلوغي الثامنة عشرة ، وسوف يكون من حقي ان ابوح بمشاعر قد جاهدت نفسي كثيرا لاخفائها !
نصل الى صوفيا ، وكان الدكتور خليل العبيدي قد جهز كل شيء ، استأجر مسكنا مناسبا لسامية ولي ، واتفق مع مديرةمؤسسة تعليمية في صوفيا ان تقوم سامية بتدريس الفنون التشكيلية لطلابها باجرة مناسبة ، وسامية لاتحتاج الى وساطات فقد كونت لها شهرة كبيرة بسفرتها الماضية واستطاعت ان تحظى باعجاب الناس الاوربيين وتقديرهم ..

(60)

ترحلين عن البلاد التي اوتك ،حين وصلتها مغادرة وطنك مضطرة ، ترحلين والجراح تملأ قلبك وعقلك ، فكرك محصور بنقطة واحدة ، انك يتيمة الآن ، فقدت ينبوع الحب والحنان وغادرت الثانوية التي شهدت نجاحك المنقطع النظير ، اخبرك الدكتور خليل انه اتفق مع احدى المؤسسات التعليمية ان تقومي بتدريس الطلاب مادة الفنون التشكيلية ، وقد فرخت بهذا النبأ ، ولكن من يضمن انك سوف تصلين الى تحقيق النجاح ذاته الذي توصلت اليه في الكويت بجهودك وتفانيك ، وكان ابوك المشجع لك في كل خطواتك ، كل امر يمر بك ، تقومين باخبار ابيك عنه ، فيقوم الأب الحكيم بتحليل الأمر وتبيان ما فيه من جوانب ايجابية وأخرى سلبية ، فيحثك على تعزيز الايجابية منها والابتعاد حسب الامكان عن السلبية ، واستطعت ان تحققي بضل توجيه ابيك الكثير من النجاحات ، واكتسبتي العديد من القلوب ، بعضهم لم يعرفك منذ البداية فوقف مناوئا لك محاربا ما تقومين به من نشاط ، وحين عرفوا الحقيقة عنك ، وانك طيبة تحبين الطيبين وتساعدينهم ، تغيروا واصبحوا متضامنين معك ، ابوك كان يعلمك كيق تكسبين قلوب الناس وتظفرين بتأييدهم ، رحل ابوك وتركك شبه عاجزة ، هل تقومين بسيرتك نفسها ، والناس ليسوا انفسهم الذين تعرفينهم ، واللغة غريبة عنك ، صحيح انك تعرفين بعض الكلمات التي يرددها البغار ، لكنك جاهلة بمدلولات الكلمة ومعانيها ، تحتاجين الى وقت طويل كي تعتادي على الحياة الجديدة التي تنتظرك ، وعليك الاعتماد على نفسك في تدبير امور الحياة والعناية بالاقتصاد الذي هو شريان الحياة ، من يمكن ان يساعدك في تدبير امورك المعاشية وابوك قد غادرك بلا عودة ، وانت معروفة بالاباء والشمم فهل تطلبين مساعدة الأصدقاء في امور المال ايضا ؟ عليك ان تقودي دفة السفينة منذ وصولك الى صوفيا ، يكفي ما قدمه الدكتور خليل لك من رائع الاعمال ، وهو ينتظر منك عرفانا وشعورا متبادلا ، ولكنك تخشين ان تقدمي قلبك لرجل يصرح دائما انه يحبك ، واعماله تشهد انه صدوق ، لقد جربت الحب مرة ، ولن تعودي الى تجربته مرة ثانية ، لئلا تندمي ولات حين مندم ، تشعرين انك مقصرة في حق صديقك الوفي ،ا وحين تقررين ان تبادليه الشعور نفسه ، تنبع امامك قصة فشلك القديم وقصة الاهانات والذل التي اذاقها لك حبيبك الراحل ، تلاحظين ان ليثا يحبك ، في تظراته عشق مكتوم ، تصرفاته معك تنبئك انه معرم بك ، ورغم انك قمت بتربيته ورعايته وقدمت له حب الأم ، فان نظرات عينيه لايمكن ان تفسرهما خطأ عيناك ، ما بالك تتحدثين عن قصص الغرام وقد آليت على نفسك ان تتناسي هذه القصص ، يكفيك لوعات واهات مررت بها ، شهدت نجوم الظهر وهن يضحكن على خيباتك العديدات ، هل تقمعين رغبتك المستعرة في وجود رجل بجانبك ، يحول جليد حياتك الى دفء ، ويحول صحراءك الى حديقة غناء ، ويجلب لك السعادة حين يحضنك بساعديه القويتين ، ويطفيء لهيب انوثتك الظاميء الى احضان رجل يعرف كيف يعزف اجمل الألحان على جسدك ، ظمأ كبير وحاجة الى الاشباع ورغبة بالارواء ، اجلت كل شيء ، قمعت النار المشتعلة في اعماقك ، منتظرة ان يكبر ليث ويعرف قيمتك كأمرأة تطلب الدفء كما عرفك اما منحنه الحب والحنان ، تحبين خليلا وتخشين ان يفعل بك ما قام به الراحل ، تحاولين ان تحبي ليث كما تحب المرأة رجلها ، تقرئين كتابا في الحب الجنسي وتقومين بالتملارين التي به ، وشعور الحب يأتيك ؟ كيف استطعت ان تجلبي الرغبة بأقسى حالاتها وانت المحرومة الى من يرويك منذ قرون ؟


(61)

تبدأ سامية عملها في المدرسة الجديدة ، لم تكن ثانوية فقط مثل مدرستها السابقة ، بل كانت مدرسة تكميلية لكل المراحل ، الابتدائية والمتوسطة والثانوية ـ تدرس المواد بهذه المدرسة بثلاث لغات الانجليزية والفرنسية واللغة الأم لهذه البلاد ، ويعطى للطلا ب العرب دروس في اللغة العربية وآدابها من قبل استاذة عرب ، ولا يوجبون الاختصاص ، كل من يرى نفسه يجيد اللغة العربية وقادرا على تعليمها ، يقبل معلما في هذه المدرسة ، اخبر الدكتور خليل العبيدي سامية :
- سيكون عملك في هذه المدرسة مؤقتا ، حتى تتمكني من اتقان اللغة الأم ، وحينئذ نفدم لك للعمل في احدى الثانويات ولن تكون خاصة للطالبات ، بل ثانويات بلغاريا لكلا الجنسين ..
تفرح سامية لحصولها على عمل ، فهي لاتحب حياة البطالة ، التي جربتها أياما قليلة قبل ان يقبل طلبها للعمل في ثانوية الأمل في الكويت ..
تعود الى اعمالها الفنية التي تركتها بعد ان فجعت بوفاة والدها ، وجميع لوحاتها تعبر عن لوعة الحرمان ،عن اشخاص يرحلون بسبب عدم تحملهم الاستمرار في حياة تخلو من الدفء والمحبة ، رحيل الوالد مفجوعا بأبنائه ، وشعوره ببرد لايمكن ان يزول ، يجعل سامية ترسم الأشخاص المقرورين ، الذين يحبون الناس بعمق ولا يجدون من يبادلهم الحب ، الدكتور خليل العبيدي يقدم ما يستطيع لجعل الابتسامة تعود الى سامية الحزينة ، يفتح قلبه المتيم لترى الحبيبة مدى حبه لها واستعداده لجعلها سعيدة ان وافقت على مشاركته الحياة ..
اظل انا عاجزا عن التعبير لسامية عما يغلي داخل نفسي الولهى ، وقلبي الذي تتربع على عرشه الحبيبة سامية ، افكر دائما ان اقول بعض الكلمات التي اخبؤها للتعبير عن شدة وجدي ولوعتي ، وارى سامية كبيرة الاعتزاز بي ، لاتترك مناسبة والا وتستغلها للتعبير عن مدى حبها لشخصي ،،
تبدأ سامية استعدادها للاحتفال بمولدي ، بعد ايام ابلغ الثامنة عشرة من عمري ، وقد دعت سامية أحبابها ومعارفها في هذا البلد الاوربي لحضور حفل عيد ميلادي ، أتذكر ذلك الحفل الحزين ، حين فقدت ابي وامي وكل أفراد أسرتي ، ورغم ان سامية واصلت الاحتفال بهذه المناسبة ، الا انني اتذكر دائما تلك الأمسية الأليمة ، وان اصبحت ذكرى الأحداث الماضية لاتحمل لي الألم الممض الذي كان ...
تجهز سامية الحلوى بانواعها المختلفة وفناني البيرة والنبيذ ، وانا اخفيت لي ثلاث علب من السجائر التي منعتني سامية من الاقتراب منها :
- انها تضرك يا حبيبي ، الأفضل ان تبتعد عنها !
الدكتور خليل ساعد سامية الأيمن يقدم لها ما استطاع ، تلجأ الى معونته في كل الأمور ، هو اقترح عليها ان تدعو للمناسبة اصدقاء لها ،لم تكن سامية تعرف انهم موجودون في صوفيا :
- ليكن الاحتفال عراقيا بامتياز !

(62)

تقومين بالعمل في المدرسة الجديدة ،التي وفرها لك صديقك الوفي ، تجدين ان العمل في اوربا يختلف كثيرا عن عملك السابق في ثانوية الأمل التي تحبين ، في ثانوية الأمل كانت الهيئة التدريسية من المدرسات فقط ، والطالبات كن بنات ، وكانت اللغة التي تتفاهمن بها هي العربية التي تجيدينها بدقة ، فقد كنت متفوقة في لغتك الأم حين كت طالبة ، اما في بلغاريا فان الاساتذة بعضهم رجال والبعض الآخر نساء ، والطلاب ايضا من الجنسين ، لم تتقني لغة مواطني البلد الذي اتيت اليه اتقانا كاملا ، حين تسمعين الاساتة يتحدثون مع بعضهم البعض ، تبقين عاجزة عن فهم مدلول ما يقولون ، شكوت متاعبك في فهم اللغة لصديقك العزيز الدكتور خليل :
- من الطبيعي انك تصادفين المتاعب في فهم اللغة وتوصيل المعلومة في بداية عملك هنا ، بمرور الوقت وكثرة المران تستطيعين ان تتغلبي على كل المصاعب التي تعيشينها الآن ...
يأتي كلام الدكتور خليل مطمئنا لك ، اعتدت كلماته التي تحمل اليك الثقة بنفسك وقدرتك على اجتياز الصعاب ، لم تتمكني في البداية ان تكوني لك أصدقاء في المدرسة ، الشواغر بين درس وآخر تقضينه في الاعداد لدرسك القادم ، حققت شهرة واسعة كونك فنانة كبيرة تعبر بفنها التشكيلي عن قضايا الانسان المظلوم والعنف الذي يواجهه محاولا التغلب عليه ، في المدرسة لم تتمكني ان تجعلي الطلاب قريبين منك كما كانت طالباتك في ثانوية الأمل ، فاهتمامات الشباب في عمر طلاب الثانوية تختلف كثيرا ، ففي بلد عربي مثل الكويت فيه حركة تقدمية كبيرة ومهمة على صعيد العالم العربي ، والطالبات العربيات لهن اهتاماتهن التي لاتجدينها عند الطالب الاوربي وحتى الذي ينحدر من اصول عربية واسلامية ، زميلاتك الجديدات لم تعاني احداهن من التكتم على عواطفها حين تنبع مشاعرها كشلال ينبعث منه الجمال ، الفتاة الاوربية تلقى الحب وهي ترحب بعاطفة تحمل اليها السعادة فهي تعيش مشاعر الحب حتى ثمالتها ، ولا ترغم نفسها على وأد عاطفة الحب من قبل اندلاعها وكأنها من الأمور المعيبة التي يجدر بالانسان العاقل ان يبتعد عنها ، طمأنك الدكتور خليل انك تستطيعين ان تتجاوزي هذه الفترة التي تشعرين فيها انك غير قادرة على الاندماج في المجتمع الجديد والتكيف معه ، :
- انك انسانة عربية مسلمة ، عشت زمنا في العراق ولم تعيشي الحياة كما ينبغي ، جميعنا العراقيين توجد رغبات داخل انفسنا اضطررنا على قمعها بسبب البيئة التي عشناها ....

تتهيئين للاحتفال الكبير الذي سوف تقيمينه لعزيزك ليث ، فقد بلغ سن الشباب ..

الفصل السابع


(63)

اقترب حفل الميلاد ، وابتدأ احتفال سامية العزيزة بعيد ميلادي ، بدت ملأى بالفرح والسرور وهي تعانقني مهنئة بالعيد ، آملة ان تهل علينا ايام البهجة ، وان تكون ايامنا افراحا متواصلة ، وننهل من ربيع الدنيا التي تفتح ذراعيها مرحبة وباشة بنا ، صبت لها كأسا من البيرة ، وناولتني كأسي من النبيذ :
- في صحة حبيبي !
- في صحتك !
تفتح جهاز التسجيل على اغنية تعشق سماعها ، ترقص بفرح غامر :
- اي رقصة تريدني ان ارقصها لك حبيبي ، هل تحب نجوى فؤاد ام سهير زكي ، ام سامية جمال ؟
- كلهن فاتنات يجدن الرقص ..
- سوف اكون لك ما تحب حبيبي الوسيم !
لم أر سامية بهذا العنفوان ، اخذت ترقص وتتمايل فرحة ، بالعيد الذي وصلته هذه الليلة ، صوت الأنغام يدعو الى الرقص الجميل، وسامية تتقن كل الامور التي تبعث على النشوة والجمال ، تقبلني طويلا وكانت قبلاتها لي قصيرة قبل ان أبلغ سن الشباب ، تدعوني الى مشاركتها الرقص ، حين اعود الى مكاني ، تنضو عنها الثقيل من ملابسها ، اجد انها ساحرة الجمال ، كم تمنيت ان اعبر لها عن شديد حبي ، وعن ولهي بها وقوة هيامي ، لكني كنت اتردد دائما فهي المرأة التي اعتبرتني ابنا لها وانقذت حياتي من موت مؤكد ، هي الليلة تعبر لي عن عشقها الشديد ..
تحضنني في رقصة بطيئة على انغام موسيقى هادئة ، نسير ببطء متلاحمين ، فجأة اشعر بها تضغط بعضوها على عضوي ، كنت دائما اتحين هذه الفرصة واتمنى وصولها ، وها ان الفاكهة التي ظننتها محرمة علي ، تدنو بثمرتها الشهية نحوي ، فتجعلني اطير في دنيا الجمال والمتعة ، نحن المحرومين من لذات الحياة وجدنا انفسنا نبحر في نشوتها، ثلاث عشرة سنة بقيت سامية محرومة من الحب ، وانتظرت ان يبلغ حبيبها سن الشباب لتحقق ما تمنته طويلا ، وانا الطفل المحروم من الابوين والاخوة والاخوات ، وجدت تفاحة ناضجة تناديني ، فلبيت النداء وانا في قمة السعادة . سبحان الله الذي يطعمنا ما نحلم به من لذات الدنيا ، ونقبل على نعمه ونحن نحمده :
- سنكون معا طوال العمر حبيبي !
- نحن لبعضنا البعض حبيبتي الرائعة ..
- كم اعشقك ايها الجميل .
نظل متعانقين حتى الصباح ونحن نحلم ان سعادتنا خالدة لا يمكن ان تزول ....


(64)


في عيد ميلاد عزيزك ليث ، تستعدين ان تجلبي الفرح الى قلبك الذي اضناه طول الحرمان ، تجهزين للاحتفال ، وتهيئين كل شيء لجعل الحفلة في منتهى الجمال ، تشترين قناني البيرة والنبيذ ، وتوجهين الدعوة للأصدقاء كي يشاركوك الفرح ، ويشهدون انك استطعت ان تصنعي الحب بأعماق امرأة عاشت تتطلع الى تجد صنوها في الحياة ، وانتظرت وصبرت حتى استحال الطفل شابا قويا ممتلئا بالأمنيات ، ومستعدا لغرس بذور الحب في صحراء قاحلة عاشت اياما جديبة ، فتاك المعشوق اصبح رجلا جعلت قلبك المحروم يمتليء عشقا له ومحبة ، ادركت بعد حياة مريرة ان كل شيء يمكن صنعه ، وانك حاولت ان يكون الحب ينبوعا من الدفء والظلال ، ولكنك اخفقت في مرادك ، وهذا الرجل الوسيم ينظر اليك نظرات العشق والهيام فهل تجرحين قلبه وهو يتفتح كما تتفتح الورود بعد ان تبذر في تربة خصبة ويعتنى بها ويتم ارواؤها ، هذا يومك ، ترقصين فيه وتمرحين ، تقومين برقصاتك وانت جذلى ، تسألين الحبيب اي نوع من الرقصات يريد ؟
- كل انواع الرقصات تعجبني ؟
- هل تفضل نجوى فؤاد ام سهير زكي ام سامية جمال ؟ ام غيرهن وهن كثيرات ؟
- احب الجمال بكل صنوفه ،واهوى الجمان على الصدور الناهدة !
بلغ حبيبك سن الرجال ، واصبح يتطلع الى امتلاك الجمال ، والتمتع بانواع الحسن والدلال ، فهل يفضل رجلك امرأة حسناء تعنى بجمالها الفتان ؟ ام تستهويه المرأة القوية الشجاعة التي تمتلك ارادة قوية وشجاعة وفكرا ؟ وجسما جميلا وخصرا ؟
توجهين دعواتك العديدة الى ليث كي يشاركك الرقص ، وينظر اليك المدعوون بانبهار ، تشعرين بالحياء وتخشين ان تخسري اصدقاءك الذين عرفت اخلاصهم ، توقفين رقصك مع ليث بعض الوقت ،يمضي الجميع الى منازلهم ، وتبقين توجهين دعواتك للشاب الجميل كي يرقص معك ، تختارين اللحن الهاديء لترقصي عليه وانتما تحضنان بعضكما ، لاتعرفين كيف قادتك حركاتك الى ان تضغطي على موضع الذكورة بعضو الانثى ، فتجدين ان رجلك قد رحب بالخطوة الجريئة منك ، وزاد التصاقه بك :
- احبك ، احبك ، احبك !
- أعشقك ايها الرجل الوسيم !
- انت ملاكي وملكتي وحياتي .
تطيلان الليل على الألحان الجميلة وصوت ام كلثوم وهي تنادي حبيبها ان يمكث معها طول الليل ، وحتى انبثاق النهار القادم ، تنامان متعانقين وانتما تشربان نخب السعادة حتى ثمالتها ، نسيت كل لياليك المسهدة ، لم تتذكري اخفاقاتك في عالم الحب ، وانت تحضنين ليث بكل قوتك واصرارك على أن تعيشي العشق والا تحرمي نفسك من لذاته .. لم تعتادي على الفرح الذي تبعد النوم عن العينين ، كان سهرك حزنا وشعورا بالوحدة والغربة في هذا العالم ، فلتجربي النوع الجديد الذي يسعى اليه عاشقو الحياة وطالبو جمالها والتمتع بالوصال ..

(65)

نعيش احلى الأيام ونكون اسرة متآلفة، لم نكن نحلم اننا سوف ننجح في الوصول اليها ، سامية العزيزة ننكفل بكل المصاريف ، فانا رغم دخلي المتواضع وعدم رغبتي في العمل المتواصل الذي يبعث في نفسي السأم والراتب الضئيل الذي استلمه اخر الشهر ، مبذار ، ادخن وأتناول الكثير من المشروبات الروحية ، ولم تفلح سامية بكل نصائحها للحفاظ على الصحة البدنية والنفسية والتقليل من خطر المشروبات ، فلقد اكتشفت مؤخرا ، انني أضحيت أقوم بعمل مضاد لنصائح زوجتي ، لست ادري لماذا ؟ هل هي الجينات الوراثية التي اكتسبتها من جدودي الأولين ، والذين لم ارهم ؟ اذكر والدي الاثنين ، وانهما كانا يحترمان بعضهما البعض ÷، وكان ابي يحب امي ويقدرها حق قدرها :
- المرأة وردة الحياة ، والأم عطر الورود وأريجها !
كثيرا ما أفكر بنفسي ، ولمَ انا اتصرف عكس الأفكار التي ارددها كالببغاء ، يقول لي اصدقائي حين نتحدث عن معاملة النساء بالحسنى والعمل على تحقيق المساواة بيننا وبينهن ، ان هذه الأفكار مجرد كلام نقوله ونعمل على النقيض منه ، يقول لي الأصدقاء المتنورون الذين غادروا العراق هروبا من الاضطهاد ؛:
- لايمكن ان نساوي انفسنا بالنساء ! هن يقمن بأعمال المنزل ويتسوقن ، ويحملن ويلدن ، ويقمن بالأعباء التي تتطلبها تربية الأطفال ، ويخرجن الى العمل ويتقن اعمالهن كي يحققن المساواة ، اي حماقة تجعلنا نضحي بالمكتسبات التي حققها تسلط الرجال طيلة آلاف السنين ؟ هل من اجل سواد عين امرأة زعمنا لها اننا وقعنا في تلابيبها ؟ هل يمكن للرجل ان يعشق مثل المرأة ؟ انهن يتركن كل ما حصلن عليه من حقوق ، والجري وراء رجل ادعى انه يحبهن ... المرأة مهما كانت واية مكانة استطاعت ان تصل اليها ، لاتستطيع ان تقاوم كلمة تنطلق من فم رجل في لحظة :
- احبك ِ....
الرجل ينسى ما عبر عنه وقد لايعنيه ، والمرأة تظل معلقة بتلك الكلمة وكأنها قيد ذهبي طوق عنقها الى اخر الحياة ....
وانا نفسي الذي كنت اعشق سامية ولا اجرؤ على التصريح بحبي لها ، سرعان ما تغيرت ، واصبحت اكلفها بأقسى الأشغال واصعبها ، وهي تتحمل صاغرة ، ولا تنطق اي كلمة تدل على رفضها لمعاملتي التي لم اكن اتوقع انني اقوم بها نحو سامية المعشوقة ، والتي اكتشفت بعد زواجي منها ان جميع أصدقائها كانوا يبطنون امنياتهم داخل قلوبهم ان تكون سامية من نصيبهم ، ولم يستطع احد ان يعبر عن مدى حبه لهذه المخلوقة التي كنت اراها ملاكا الا الدكتور خليل العبيدي ، الذي غبطني على حبها لي ثم قدم لي التهاني والتبريكات ..
منحنا الله شهدا حبيبة القلب التي تعلقت بها سامية وحققت لها كل ما تمنته من الدميا وهي الطفلة الصغيرة ، فكانت الحبيبة شهد تقدم الشكر لأمها ، فتقوم بتقبيلي ، ولم اجد سامية ناقمة على هذا التصرف من شهد ، بل مضت الأيام وسامية تقدم لنا كلينا ايات الحب وشهد تعبر عن حبها لي، وانا احب الحب الذي يقدمانه لي ..

(66)

تمر السنة الثالثة على زواجكما ، وانت تعيشين في سعادة لم تكوني تتوقعين انك سوف تصلين اليها يوما ، ليث الحبيب وجدت له عملا قبل ان يبلغ الثامنة عشرة من عمره ، هو يحب عمله ، لكنه ليس مثلك يتفانى في ذلك العمل ، لم يغير اعتماده عليك في الأمور المالية بعد الزواج ، حاجات البيت انت تقومين بتوفيرها ، وحاجات الزوج انت ايضا من يقوم بالايفاء بها ، لم تتذمري يوما انك تحملين كل الأعباء ، المهم شعورك ان ليث يحبك ، كلمات قليلة يتلفظ بها احيانا عن ان النساء لايمكن ان يبلغن شأو الرجال ومنزلتهم ، لاتعرفين كيف يردد هذه الأقوال ، التي تتنافى مع ما يؤمن به من أفكار تدعو للمساواة ، انتما في بلد اوربي ، يكفل للنساء حقوقهن المتساوية ، فكيف تسمعين من ليث بعض الكلمات التي لاتدل على ايمانه بالمرأة وحقوقها ، تنجبان ابنتكما العزيزة شهد في السنة الأولى بعد زواجكما ، تعتنين بشهد وتحبينها اكثر من حبك لنفسك ، فهي بضعة منك ، توفرين لها كل ما تحتاج ، وتلاعبينها ، وتحرصين على اسعادها ، بوجودها في حياتكما تأتي السعادة اليكما ، شهد تقدر ما تهبينها من اوقات مرح ولعب وشراء ما تعتقدين انه يجعلها سعيدة ، وهي تشكرك حين تقدمين لها شيئا ، تذهب الى ابيها وتقوم بتقبيله ، لم تجدي هذا العمل غريبا ، كل فتاة بأبيها معجبة ، وانت كنت تحبين أباك الذي كان يقوم بتوفير كل شيء لك ، من اجل اسعادك وادحال الفرحة الى نفسك ، امك كانت ربة بيت ، ابوك من يقوم بتلبية ما تحتاج من امور ، قمت بدور الأب وا لأم معا ، يسعدك حين تتركين كل اشغالك من اجل شهد الحبيبة ، تتركين رسوماتك واعمالك المنزلية وواجباتك كمدرسة في بلد اوربي ، كل هذه الامور تؤجلينها ، وتقومين باللعب مع شهد الحبيبة ، التي كثيرا ما عبرت عن عميق شكرها لك ، بان تسرع الى ابيها ، وتقوم بتقبيله ، وهي تضحك ، لا ضير في هذا ، المهم انك تحبين ابنتك وأباها وان كل ما يسعدهما يسعدك ايضا ، حين تجدين شهد تبكي وتطلب ان تلعبي معها ، وانت مشغولة بالرسم :
- شهد تبكي ، هدئيها ، اشتري لها اللعبة التي طلبتها حين ذهبنا الى الأسواق ,
- لحظة .
- الآن ، شهد اهم من كل ما تقومين به ...
تسارعين الى ابعاد لوحتك وتقررين تأجيل اتمامها الى حين تنتهين من انجاز كل ما يجعل شعد هادئة وبعد ان تنجزي اعمال المنزل ، وتجهزي الطعام ، الاحبة جائعون وانت سعيدة حين يرضون عنك ....
لم تسألي ليث اين يذهب بنقوده ؟ ولماذا لايساهم في مصروف البيت ؟ ولماذا لايشتري شيئا لشهد ابنتكما معا ، وجدتهما سعيدين بان تقومي انت بكل الأعباء ، واعتبرت ان اسعادهما سعادة لك ، بقيت تتفانين في ارضاء ليث وادحال السعادة الى قلبه ، لم تتذمري او تتساءلي الى متى ابذل الأعصاب والمال وهو لاه ؟
مرت ثلاث سنوات وانت سعيدة ، وصلت الى اسعاد شخصين يحبانك، ليث الحبيب ، وشهد حبيبتك وابنتك ..



(67)

تمضي الأيام رتيبة ، تمضني احيانا ، تحقق سامية نجاحات متواصلة في العمل المهني وفي الابداع ، وتظل ابتسامتها متألقة في البيت ، رغم تعدد المهام الملقاة على عاتقها ، لم تطلب مني يوما أن أساعدها في الأعمال المنزلية ، وكل أصدقائي المتزوجين يتذمرون من طلبات زوجاتهم التي لاتنتهي ، أوافق الأصدقاء المتذمرين ولا ادري كيف يقوم سيد البيت باعمال مخصصة للنساء فقط ، صديقي الجديد الذي جاء الى بلغاريا بعد الحصار المفروض على العراق يخبرني ان رجولته لاتتحمل ان يقوم بغسل الأواني او تنظيف البلاط ، وانه اذا رغب يوما في الطهي ، فانه يطلب من زوجته ان تشتري المواد اللازمة لتلك الأكلة ، وان تحضر الاواني وتحدد مقدار الملح والزيت والطحين وكم كأس يضيف من الماء ، وكم تضع من اللحوم وهل يجب ان تكون القطع كبيرة ام صغيرة الحجم ..
طلبت مرة من سامية ان تعلمني كيفية طهي الطعام ، وماذا تفعل له كي يكون لذيذ المذاق ، فجهزت لي سامية كل المواد التي يجب ان تكون في تلك الطبخة ، وحددت لي المقادير ، فأصابني الضجر حين وجدت ان الطبخة سوف لن تكون كما اشتهي لها :
- اكملي انت الطبخة واغسلي الأواني !
- عرفت منذ البداية انك لن تكمل !
- وهل هذا من اختصاصي ؟
- كلا ... ولم اطالبك ان تقوم به !
أبديت غضبي من سامية لأنها تجرأت ونعتتني اني عاجز عن الطبخ ، الذي يقدم عليه الكثير من الرجال :
- المرأة لا تجيد فن الطهي كما يفعل الرجال !
- حتى هذه تحبون ان تجردونا منها ؟
- اشهر الطباخين في العالم رجال ! هل سمعت بامرأة عراقية اصبحت مشهورة عالميا بفن الطبخ ؟
لم استطع الثبات في عمل واحد ، اشتغلت في الكثير من الأعمال ، لكني لا أملك الصبر الذي يجعلني احرز التقدم ، فأترك عملي الى آخر ، اتوقع انني سوف احقق النجاح فيه ،
انا شاعر املك الشاعرية المثيرة للاعجاب كما يذكر ذلك الأصدقاء ، ولكني لم استطع ان اكتب غزلا كما تريد الحسناوات ، وحين اتعرف الى احداهن ، أنظم قصيدة غزل في حقها ، مما يثير نقمة سامية ، التي يبدو عليها الغضب ، لكنها لاتصرح ... وانا واثق ان ايا من اللاتي تغزلت بهن لم تحبني فعلا وان تظاهرت انها تحمل لي عاطفة كبيرة ، الوحيدة التي تراني ملكا هي ابنتي شهد ، وامها التي لم تعد تعبر لي عن حبها الذي أدركه رغم اني اتظاهر بنكران الحقيقة..

(68)

تمر بك الأيام وانت صامدة لاتبدين تذمرا ، مهما حصل لك من ضرر او تعمد أحدهم ان يسيء اليك ، فابتسامتك مرسومة على وجهك ، تعلمت من التجارب التي شهدتها ان الغضب لا يجدي ، وان التوتر لن ينفعك ، ماذا يفيدك الغضب ان تعمد شخص ما ان يسبب لك ما لاتحبين ، فقدان سلامة الروح وطمـأنيتها هو المهم عندك ، تفكرين دائما ان هناك شخصين يهمك امرهما ، هما شهد وأبوها ،يحزنك ان فهما ما بدر عنك خطأ ، اما صديقك الوفي الذي عهدت اخلاصه ، فكل ما يقوم به من اعمال وأقوال تجلب السعادة لك ، تحققين النجاح المتواصل في مهنتك التدريسية ، وفي أعمالك الفنية ، تكونين كالنحمة المتألقة بين الكواكب ، لاتثيرها الأقوال التي تبدر عن اناس حاقدين او قليلي الفهم ، ليث احيانا يتهمك انك لم تحسني فهمه ، وانت استطعت ان تفهمي هذا المخلوق وتقرئي الدافع لكل تصرفاته ، وكأنه كتاب مقروء ، انت من قام بتربيته ، وانت التي احببته وتزوجته ، وشهد الحبيبة تنحاز دائما الى أبيها ، تدركين ان هذا حال مؤقت ، وان حبيبتك سوف تعرف من انت ، وتمنحك التفدير الذي تستحقين ، لم تطلبي من ليث شيئا ، ما يستلمه لقاء عمله ملك له ، وانت تقومين بالانفاق علبه تلبية لما يحتاج ، وحاجاته كبيرة ، أكبر بكثير من قدرة راتبه على الوفاء بها ، أنت معروفة في مجال المهنة والفن ، وتحرزين أرباحا كثيرة ، انت توفرين ، تفكرين بما يحمله المستقبل من مفاجآت ، وليث يؤمن بالحكمة التي تقول اصرف ما في الجيب ، تنقذين ما يطلب العزيزان منك ، شهد وأبوها ، هما لايطلبان الا النقود وهي عندك ، لم تفكري يوما ان تبخلي عليهما ، تقومين بأشغال المنزل لوحدك ، بعض صديقاتك يخبرنك ان أزواجهن يقومون بمساعدتهن في أشغال المنزل ، واعداد بعض الأطعمة التي يجدها أفراد اسرهم لذيذة ، لم تطلبي من ليث ان يقوم باعداد اكلة يفضلها او تحبها ابنتكما شهد ، جاءك يوما :
- احب ان اجرب الطبخ .
- مرحبا ، اي طبخة نحب ان تجرب ؟
- ايها الاسهل !
تخبرينه اي الطبخات تعتبر الاسهل اعدادا لمن لايعرف كيفية اعداد الطعام ، يطلب منك ان تحددي كمية اللحم والرز والبصل والثوم،وكم يضع خضر، وكم تحاج الأكلة من ملح وفلفل وماء ، تحددين له كل المقادير ، يعد الاكلة الى منتصفها ويأتيك قائلا :
- مللت من الطبخ ، اكملي انت ..
- عرفت انني سأكمل .
- هل تحاولين ان تزعمي انني لا أجيد الطبخ ؟
- لم أقل شيئا .
- بل قلت .. اعترفي انني لا أجيد شيئا وانني عالة عليك .
- لا أعترف بشيء ، ولم اقل اي شيء ..
تتعجبين لم كل هذا ؟ ماذا حدث ليتهمك بكل هذه التهم ، وانت التي تحرص على راحته وسعادته ؟


(69)
تسوء علاقتي مع زوجتي ، بعد زيارة قامت بها احدى صديقاتي لبيتنا ، رحبت بها زوجتي ترحيبا جميلا كما هي عادتها مع الزائرات اللاتي لاتحبهن ، وانما تقوم بالترحيب بهن اكراما لي ، الصديقة رحاب لا أحمل لها عاطفة مميزة ،لتجعل زوجتي تغار منها ، هي أقل جمالا من سامية ، لكنها اكثر فتنة ، تتغنج في الحركات وتقول سامية ان رحاب لاتحسن الكلام ، فهي تبلع الحروف ، ولا تظهرها في النطق ، فتأتي الكلمة مبتورة ، لايمكن فهمها ، بعض الرجال يحبون المرأة المغناج ، انا لا أميل لهذا النوع من النساء ، ربما تقدمت رحاب طالبة صدافتي بالفيس بوك اغاظة لزوجتي الجادة ، والتي لاتحب المزاح أو الضحك بدون سبب كما تفعل رحاب ، المهم ان سامية قامت بواجبها ، ودعت الضيفة على الغداء ، فجاءت الضيفة وهي ترتدي قناعا فوق وجهها ، قالت سامية وهي تهمس لي في المطبخ :
- ضيفتك وضعت كيلو غرام من الطحين فوق وجهها ، وأضحت كالمهرج يستدعي الاشفاق !
أنا ابتسمت ولم أعلق بكلمة او اشارة تفهم منها زوجتي انني مستاء من التعليق الساخر ...
بقيت رحاب بعد تناول الغداء وشرب الشاي والفاكهة المنوعة التي جهزت بها سامية طبقا كبيرا ، ثم شربنا القهوة ، ورحاب ما زالت باقية ، انسحبت سامية الى مرسمها ، وبقيت رحاب توشوش لي بكلمات مبهمة ، لم أفهم ماذا تعني منها ، ثم اقتربت مني الزائرة رحاب ، وعانفتني بقوة وهي تجثو على ركبتيها ، اثارني عملها ، فطوقت خصرها النحيف بذراعي واخذت أقبلها ، على الوجنتين اولا ، ثم هبطت الى الشفتين ثم عرجت على العنق ، وانا افتح لها حمالة الصدر ، لامسك بيدي نهديها المتوثبين ، دخلت سامية الغرفة ، ولا أدري ماذا أصابني تلك اللحظة ، أخذتُأصرخ بوجه سامية متوعدا :
- لماذا تفتحين علينا الباب عنوة ؟ لماذا لا تستأذنين أولا ؟ ألا تخجلين ؟ ألا تعرفين الآصول ؟ هل تقبلين أن أفتح عليك المرسم وأنت منشغلة برسم احدى لوحاتك ؟
تضحك رحاب بقوة وخلاعة ، تخرج سامية من الغرفة ، دون ان تنبس بكلمة ، استمر انا في الصراخ :
- فنانة مشهورة ولا تعرف الاصول ! ألم يعلمك أبوك كيفية معاملة الضيوف ؟ هل كان علي ان أبعد رحاب عني وهي تود تقبيلي ؟ هل من الرجولة ان اقوم بهذا الفعل المشين ، الذي يتنافى مع أبسط القيم والعادات الأصيلة !
تقوم رحاب بالغناء والدق على الدف الذي كانت شهد تتعلم العزف عليه ، تطلب مني ان اقوم بشراء علبة سجائر جديدة لها ، لأن العلبتين اللتين كانتا معها قد نفذتا.
تطلب مني فنجان قهوة ، لا أعرف كيف اقوم بعملها :
- سأطلب من سامية ان تجعز لما فنجاني قهوة !
- لا ، ابي ، امي مشغولة بمرسمها ، سوف اقوم انا بما تحبان ..
تقوم شهد باعداد فنجانين واحد لي والثاني لرحاب ، نشاهد فيلما هزليا في التلفاز ، بعد ان تدق ساعة الصالة اثنتي عشرة دقة ايذانا بمنتصف الليل ، تقوم رحاب طالبة مني ان أوصلها الى محطة سيارات الاجرة ، لتذهب الى منزلها ، اقوم بمصاحبتها في الطريق ويدي مشبوكة بيدها ونحن ندندن بأحلى الأغاني وأشهرها ، وشهد معنا ، تقوم بتأييد كل عمل أقوم به او كلام أتفوه به ...

(70)

من أين جئت بهذا الصبر ؟ وكيف لك ان تتحملي كل هذا الذل ؟ انت في منزلك ، تقومين بتقديم كل شيء لحبيبيك الاثنين ، واللذين لاتعرفين غيرهما في هذا الوجود ، لماذا تتعمد صديقات ليث اغاظتك والحط من شأنك ؟ انت القوية المحترمة في مؤسسة التعليم وفي قاعة الرسم ، كيف استباحت زائرات زوجك كرامتك ، ومرغنها في الوحل ، انت تحبينه وهذا هو الجحيم بعينه ! لماذا تتحملين الاهانات من شخص كان يحبك في الماضي ، ثم تبدل حبه لك وانقلب الى عاشقلاحدى صديقاته؟ . ومن تكون رحاب هذه؟ ، وانت صابرة لاتفعلين شيئا ، تتساءلين الى متى يطول تحملك لهذه الحالة العسيرة ، لماذا زال حب ليثلك ؟ ولماذا يفقد المتزوجزن حبهم لزوجاتهم ؟ وماذا جنيت لتعاقبي بمثل هذه المعاملة ؟ انت في بلاد تساوي بين مواطنيها ، ولا تميز بين ذكر وانثى ، لماذا يسيؤون معاملتك في منزلك ؟ أما كان الأجدر بهم ان يلتقوا بعيدا عنك ؟ في صوفيا الكثير من المناطق التي يمكن ان يتلقي فيها العشاق ، لماذا اختاروا لغرامهم بيتك ؟ هل لأنك صامتة ؟ هل السبب يكمن في طيبتك ، وهل فعلها ليث مرات مع صديقاته ؟ من يدريك ؟ قد يكون قعلها مع رحاب نفسها . من يمكن ان يخبرك ؟ انت الساهية الصامتة عن حقك ، وكيف يقوم بهذا العمل الشائن امام ابنتكما الوحيدة ؟ ماذا يمكن لشهد ان تفعل لتقلد اباها ؟ وكيف يكون قدوتها ؟ لاتهمك نفسك ، ولا ترين ان ما اقدم عليه ليث خيانة لك ، الذي تحرصين على تربيته هي شهد حبيبتك ، انها تقلد كل حركة يقوم بها والدها ، ماذا يمكن ان تفعلي ؟ الخيانة جلية بأقسى صورها ، هل تواصلين الصمت ؟ هل تقومين بالصراخ ؟ وانت وحيدة هنا ، مضى من كان يحرص على سعادتك وهناك ، كيف انقلب ليث ، وانت لم تسيئي اليه ، لاتهمك رحاب وأمثالها ، هن كثيرات يخطفن الحب ، ويطيب لهن سرقة الأزواج من بين احضان الزوجة المخدوعة ، هل تواصلين الصبر ؟ وانت في دوامة من التفكير القاسي ، تسمعين صوت الباب ، فهل نزل ليث يلبي طلبا لرحاب ، ام خرج معها ليوصلها الى المنزل ، فهي لايمكن ان تخرج لوحدها في منتصف الليل ، قد نسيا انهما في بلد اوربي ، ويمكن للمرأة ان تخرج في اي وقت تشاء ، ولكن لماذا اخذ ليث يصرخ ؟ هل ليداري على فعلته ، ام ليجبرك على الصمت ، هل خشي ان تقومي برفع دعوى ضده للسلطات ؟ ام انه اسنمرأ سكوتك ونحملك لاهاناته المتواصلة ، انت جبانة ، رغم رأي الناس بك ، توجهين كل الناس للدفاع عن حقوقهم ، وتصمتين حين يكون المعتدي فردا من افراد أسرتك ..
وانت تتأملين الحالة التي وصلت اليها ، يفتح باب المنزل بالمفتاح الذي لدى ليث ، يدخل زوجك منتفخا غاضبا وكأنك انت من وجدها متلبسة بالجرم ، هل رآك منهمكة في تقبيل احدهم ؟ لماذا يغضب ؟ وهل هذه احدى المسرحيات التي صار يكتبها ويخرجها ويمثلها في الفترة الأخيرة ، ماذل يريد منك ؟ لماذا لايكون صريحا ويخبرك عن قراره واي اجراء سوف يقوم به ؟ وهل سيطلب تطليقه منك ؟ وانتما تعيشان في اوربا ، كيف يكون تصرفه القادم ؟ ومن هي رحاب بالنسبة له ؟ هل توافقين ان طلب ان تفكي قيده ، وان توافقي على اطلاق سراحه ، كما يحلو له ان يصف علاقتكما في الاوتة الأخيرة / رحاب لاتشتغل وهي ليست اوربية ، هل تطلب منه الزواج وهي تعلم ان راتبه لايكفي لفتح بيت جديد ، كلهم يعلمون انك التي تنفق في هذا المنزل ، وانت من يلبي حاجاتهم ، ويسرع في تنفيذ ما يطلبون ..
لم يفه بكلمة وذهب الى غرفتكما في بينكم ، وعليك ان تحافظي على الهدوء كله وانت تدخلين الغرفة ، خشية ان يستيقظ الملك الذي اصبح طاغية في الفترة الأخيرة ، وصار ينتقد كل تصرفاتك ، ويستهزيء بكل ما تقومين به من أفعال ، وانت لم تعترضي ولم تستنكري ما يقوم به ، انت تحبين المزاح ، اذن واصلي الصبر وتحملي الأذى ..

الفصل الثامن
(71)

أخذت زيارات رحاب لبيتنا تزداد ، وسامية ترحب بها كعادتها دائما ، مرة واحدة انتابها الغضب من كثرة زيارات امرأة تبدي الاعجاب واضحا بشخصي ، فبادرتها مستنكرا ما أبدته من غضب :
- كيف تدعين انك تحبينني والغضب يتملكك ان اعجبت بي احداهن ؟
- لأني احبك يلمؤني الغضب !
- وهل انا شيء تملكينه ام انسان له مشاعر يسعى لاحترامها ؟
- اني احبك لأنك انسان !
- وهل تريدين تقنين عواطفي وحبس مشاعري ؟
ارادت سامية ان تدافع عن نفسها وعن حبها لي ، فصرخت بوجهها الا تشتد حدتها على المعجبات بي ، فأنا لايثيرني ويجعلني نهبا لمشار الحزن والاستياء ان عبر لها د خليل العبيدي عن حبه لها ، وقد أخذ يكثر من التصريح بهذا الحب ، الذي لم تبالي به سامية ، وفضلت على الدكتور خليل شخصي المتواضع ، ربما هي لم تحبني حقيقة ، وانما أرادت ان تسيطر على مخلوق مسكين ليس معه احد يدافع عن حقوقه المسلوبة ، ووجد سامية تقف بجانبه وتقدم له الرعاية ، حتى اطمأنت نفسه انها الانسانة التي فهمته واحبته وعرفت ان ليث انسان ممتليء بالمشاعر الجياشة ، ويحتاج الى اكثر من امرأة واحدة ’، تعبر له عن مشاعرها المتوهجة وقلبها المتعطش للأحضان ، واقول الحق انني بدأت لا أفهم سامية ، لماذا يستولي عليها الغضب ان مدحتني امرأة ،او قبلت وجنتي او فمي احدى النساء معبرة عن عواطفها المتأججة ؟ سامية لم تعد تعبر لي عن كبير عاطفتها ، ربما الأيام انستها انني رجل يحتاج الى سماعه التعبير عن لواعج الحب ، او ان انهماكها بالعمل افقدها القدرة على النطق ، بقيت صامتة والنساء الزائرات لبيتنا يتفنن في اظهار عواطفهن الحارة نحوي ، سامية لم تلحظ عواطف النساء الأخريات وهن يدلقنها امامي ، ولاحظت كيف تحتضنني رحاب وتقبلني تعبيرا عن عاطفتها ، التي أرغمتها وقتا طويلا على الصمت ، وحين وجدت انني ضقت ذرعا بالقيد الذي تحيطني به سامية ، أنا اعشق الحرية ، سامية مدخولها ممتاز ، فلماذا أرهق نفسي بكثرة الأعمال ؟ والدنيا مملوءة بالجمال الأخاذ والسحر المستعر ؟ لماذا لا ألبي النداء المخبوء في العيون الساحرة ، والتي تعبر عن شدة الشوق وتنتظر مني ان اخفف قليلا من عنف أوارها ؟
شهد الحبيبة تقف بجانبي طوال الوقت ، وحين تجد العبوس واضحا على وجه سامية تلومها ، قائلة لها :
- ابي لم يرتكب اثما .. لماذا تلومينه ؟
- انا لم ألم أباك !
- جوابك هذا يدل على لومك !
ربما تعلمت شهد مني هذه الكلمات الدالة على التقريع ، يلومني بعض الأصحاب ، كيف أشجع شهد على الوقوف ضد امها في الحروب الباردة بيننا ؟ ناصحين ان اجعلها تتخذ موقف الحياد :
- ان شهد ابنتي !
- وهي ابنة لسامية ايضا ! ألم تحملها في بطنها وتلدها وتتحمل آلام الولادة القيصرية والرضاعة الطبيعية ، والسهر طوال الليل للعناية بالطفلة ؟
لا أستمع للنصائح التي اجدها بالية ، لا تتلاءم مع روح العصر الذي نعيش فيه ، ومكافأة لشهد على وقوفها معي تأييدا ، قدمت لها سيجارة :
0 صرت كبيرة حبيبتي ، دخني هذه السيجارة !

(72)

أصبحت متوترة على الدوام ، تزداد زيارة صديقاته الى منزلكم ، فيتضخم ألمك ، نصحتك صديقتك أمل ان تقومي بما يجب لرد الاعتبار الى كرامتك المهدورة ، ماذا يمكنك ان تفعلي ؟ وقد بان الغضب عليك واضحا ، صحيح انك لم تتفوهي بكلمات خشنة ، لم تألفي المواقف والأقوال التي تسيء الى الناس وتجرحهم :
- لكنهن يتعمدون الاساءة اليك ....
- سوف ابقى في مرسمي حين تكون صديقاته في زيارته !
- انت تضرين نفسك بهذا الغياب ! كيف تقبعين في غرفة الرسم ،وهن مع زوجك يتمتعن بحرية وبلا رقيب ؟
- لا أعرف كيف أتصرف ! ليث يقف دائما مع ضيفاته وشهد تؤيد اباها ..
- لاتجعلي الغضب يفسد لك يومك ، كوني هاتدئة وتصرفي بخكمة !
لاتعرفين كيف تحتفظين بهدوئك والنيران تلتهم كل شيء ، الزيارات تتكرر ، وعليك ان تقومي بواجبك بحسن الاستقبال وكرم الضيافة ، والا فالويل لك !
لماذا تحرصين على ان يكونوا راضين عنك ؟ وهم الذين عهدتهم يظهرون البغضاء لك ولكل نجاحاتك ، تتألمين ان تقوم شهد بتقليد اباها فيما يفعل ، واشتد حزنك حين قدم لها سيجارة طالبا ان تدخنها، وهو يعلم ان التدخين يضر كثيرا ؟ هل لأنه ابتلي بعادة التدخين يقوم بحمل شهد على عادة سيئة تسيء اليها ؟
- لاتدخني يا حبيبتي فان التدخين يضر بالصحة !
- ابي يدخن ، وصحته جيدة !
شهد لاتعرف قيمة النصيحة التي تقدمينها ، تخشين ان يكون حب التدخين عادة من العادات التي لاتستطيع التخلص منها ، حتى ان ارادت ..
تتراكم عليك الهموم ، لايمكنك ان تقومي بالرد على ليث ÷، هو يتهمك دائما :
- لماذا تغضبين ان زارتني احدى صديقاتي ؟ والدكتور خليل يتردد على منزلنا ؟
- الدكتور لايقوم بتقبيلي !
- وهل انت غيرى منى ؟ ومن يدريني ؟ ماذا تفعلان حين لا أكون موجودا .. انا اجد ان علاقاتي طبيعية مع صديقاتي ، على العكس تماما ، علاقتك بالدكتور ليست طبيعية ، هو يحبك وانت الآن متزوجة مني !
تدركين ان المناقشة مع ليث لن تجدي ، ولكن كيف يمكنك ان تحافظي على الهدوء؟ والطعنات تتوالى عليك ، غير آبهة بما يصيبك من جراح ..
تنصحك الطبيبة ان تقومي بالعناية بصحتك ، والا تدعي الأحزان تسلبك راحة النفس ، تخبرك الطبيبة بمعلومة انت تعرفينها ، ان أوجاع الروح تؤثر كثيرا على الجسم ، وان الآلام التي تعانين منها سوف تظهر جلية في جسدك ان تقاعست في القضاء عليها منذ بداية اندلاع الهموم في منزلك الذي كنت تظنينه سعيدا ، ها انت تشهدين تصدع البيت الذي عملت على تثبيت أركانه وتقوية ركائزه ، تتداعى الأركان ، وسوف تقع على أم رأسك ـ اثبتي واحتفظي بهدوئك ، وقومي بتمارين ضرورية لجعل نفسك هادئة ، واعملي على مكافحة كل اعراض المرض التي تهدد سلامة امنك الداخلي ....


(73)

قويت علاقتي برحاب ، أخذت تزورني كل يوم تقريبا ، وقد اقترحت عليها ان نلتقي في مكان بعيد عن عيني سامية المترقبتين ، لكنها تصر على اللقاء امام سمع سامية وبصرها :
- زوجتك هذه متكبرة !
- ليست كما تصفين ! ولكنها تحبني بصدق !
- ولماذا تحب نساء أخريات ما دمت واثقا من حبها ؟
- احب ان اجرب فواكه جديدة ! سامية جميلة وقوية الشخصية وموهوبة ومتفانية في عملها ومخلصة لمن يشاركها الحياة !
- كل هذه الصفات تجدها في سامية ؟
- نعم واكثر مما قلت !
- وأنا ايضا احبك !
- انت لاتحبينني ، انما تريدين توجيه سهامك الى امرأة لاتبلغين شأوها !
لست ادري كيف تمكنت من قول الحقيقة لرحاب ؟ وقد بقيت فترة طويلة ومنذ معرفتي بصديقاتي الجديدات اتنكر لسامية وأغمطها حقها؟
رحاب مصرة على علاقتها بي ، ولم أشأ قطع علاقة حب تختلف عما عشته مع سامية القوية في كل شيء ، والمضحية من اجل بقاء من تحب بسعادة ...
أحيانا أتساءل عن الأسباب التي تحدوني ان ارتبط بعلاقات عاطفية مع نساء يختلفن عن المرأة التي احاطتني برعايتها طوال العمر ، وأنقذت حياتي ، وجعلت سنين عمري الخاوية من الفرح والمعنى تزهر ، هل لأن سامية لاتسمعني الكلمات التي تجعلني افخر بنفسي ، وهل في شخصيتي من الصفات ما يخلق مني انسانا فخورا معجبا قد يصل الى الغرور ، اصمم بعد تفكير قصير ان اصل في علاقتي مع رحاب الى مداها ، هي تطلب مني الارتباط بها وطلب يدها من اسرتها العراقية المقيمة في المغرب ، وهل اوجه طعنة نجلاء الى قلب سامية الذي احبني كل الحب وصبرت وتحملت الحرمان من اجلي ؟ ومن سوف يخبر سامية انني ارتبطت بغيرها ، سوف اسافر الى المغرب الجميلة ، واخطب رحاب التي تحبني بطريقة أخرى تتباين مع الطريقة التي عهدتها من سامية ، ومن يضمن لي ان زواجي من رحاب سوف يحرمني من علاقاتي المتعددة مع نساء اخريات ، أبدين لي اعجابهن الكبير ، سامية تعرف صديقاتي وتقدرهن ، تستقبلهن بترحاب وتدعوهن على الغداء او العشاء وتصفني بأعذب الصفات واجملها أمامهن ، سوف اسافر الى المغرب ولا افشي سري هذا امام سامية ....
انظم القصائد الوجدانية احيانا ، واقرأ بعضها امام مسامع سامية التي تبدي رأيها فيما اكتب بصراحة تامة ، بينما الأخريات يبالغن في اظهار عظمة قصائدي وجمالها ، وانا التي اشك في قدراتي دائما ، لا أصدق ما تقوله صديقاتي عن مهاراتي المتعددة ومزاياي ...
أخبرت سامية انني مدعو الى احد المهرجانات الشعرية في بلاد المغرب ، رحبت سامية بالخبر ، وتمنت لي التوفيق ، وجهزت نفسي للسفر ، فحجزت على الخطوط الفرنسية للسفر الى المغرب ذهابا وايابا مدة شهر كامل ، فكرت ان الشهر كاف للخطبة والزواج ..

(74)

رحاب و نساء أخريات ، يصادقهن ليث ، يزرنك في منزلكم ، ويبقين وقتا طويلا ، يتحدثن و يضحكن من اجل الضحك فقط ، لم تعرفي كيفية الضحك بلا سبب ، تحبين ان تتمتعي بالابتسام والضحك حين تسمعين ما يدعو اليه ، تحبين الاستماع الى الطرائف والنكات ، التي تجعل السامع يضحك طويلا ، ولكن ان تبذري وقتك بالضحك على انسان تعرفينه ، ويتعمد احدهم الاساءة اليه وتقليده بطريقة كاريكاتوية ، لا لشيء وانما من اجل اظهارعيوب لم يكن للمضحوك عليه والمستهزأ منه يد في وجودها ، يضخمون طريقة السير او طريقة الكلام ، والخطأ في لفظ بعض الحروف ، ويقومون بتقليد الضحية ، والسامعون يثيرهم منظر الممثل في المسرحية ، فيقومون بضحك متواصل ، لم تكوني ممن يعجب بالاستهزاء بالناس ، مهما كان شكلهم ، كنت سابقا تعمدين الى تبيان اخطاء ما يقع فيه المستهزيء من أشخاص تحبينهم ، وحين لم تجدي من يتوافق معك ناعتين اياك بأنك معقدة لاتحبين التجديد ، ولا تتلاءمين مع مواصفات الحداثة ، اخذت تصمتين ، اذ لافائدة ترجى من اسداء النصح لأشخاص يحبون السخرية من الناس ، وتضخيم عيوبهم ، تجدين ان كل منا فيه اخطاء كبيرة ، ومن الخير ان ينظر المرء في عيوبه الشخصية ، ولا يبالغ في اظهار عيوب الآخرين ، صمتك اخد يطول ، وهم ينتقدونك لكل شيء ..
رحاب لاتتورع في تقليد الناس والمبالغة في اظهار عيوبهم الشكلية ، لجعل السامع يضخك بقوة ، وليث يجاريها في هذا التصرف ، وانت صامتة لاتميلين الى الكلام ، الذي لن يجديك ، اخذت رحاب تتعمد ان تسيء اليك ، لأنك احيانا لاتسمعين ما يقوله اثنان موجودان معك في البيت ، لاتتعمدين الاستماع الى ما يقولان ، كلامهما ذاك ليس من شأنك ، ارادت رحاب يوما ان تجعل الأشخاص الموجودين يضحكون عليك ، لأنك لم تهتمي بما يقولون ، فكلامهم لايعنيك ، لاحظت ما قاله ليث مدافعا عنك :
- دعي سامية وشأنها !
أسعدتك هذه الملاحظة التي اتت عفوا ، وأدركت ان زوجك لايمكن ان يذهب مع الكارهين لك ويؤيد مسعاهم للاساءة لك ÷، ولكن الذي يؤلمك انك لاتستطيعين ان توقفي هذه الزيارات الكثيرة لمنزلك ، والتي تسلبك وقتا ثمينا ، كان الأجدى لك ان تستخدميه فيما ينفعك من امور ، تتساءلين لماذا تواصلين استقبال ضيوف لاترغبين بصداقتهم ؟ ولن يكونوا من أصدقائك مهما فعلت ؟ ارضاء ليث هو غايتك ، يكفيك انه لم يقل لك انه يفضل الأخريات عليك ، ولكن انشغاله مع رحاب وغيرها يزيد من قلقك ، أليس من حقك ان تدافعي عن حبك الذي سوف يسرق منك ؟ ترين انه من واجبك المحافظة على منزلك ان يتهاوى وقد بذلت العمر كله في تقوية اركانه ..
يخبرك ليث انه مسافر الى المغرب لحضور مهرجان ادبي هناك ، تفرحين للخبر ، رغم ان ميل ليث الى قول الشعر قد ظهر مؤخرا ، فهل استطاع ان يجد له متلقين ومعجبين في البلدان العربية ؟ بحيث تتم دعوته لحضور ملتقى ادبي ؟ وهل سوف يلقي احدى قصائده هناك ؟ لايمكنك ان تحكمي على مستوى شعر ليث من الناحية الفنية ، فانت لست ناقدة ، ولكنك تحبين قراءة الشعر والاستماع اليه كما تحبين الألحان الجميلة والأصوات المطربة ..


(75)

في منزل رحاب الكبير تجمع أفراد عائلتها الكبيرة ، تزينت النساء بالملابس المغربية التقليدية الجميلة ، ووضعن الاحزمة اللامعة والاسورة الذهبية ، جلس الابوان كبيرا السن ، يرحبان بالضيوف ، عرفتني رحاب على افراد اسرتها ، الوالد والوالدة والاخوة والاخوات ، وأزواج الاخوات ، كلهم دعتهم الاسرة الكريمة الى حضور حفلة الخطبة ، رأيت رحاب وقد ارتدت اجمل ما عندها ، فبدت مثل البدر جمالا وفتنة ، لم احضر الهدايا الجميلة كما نصحتني رحاب ، التي جهزت كل ما يلزم كي يبدو الخاطب كريما متفهما حريصا على المحافظة على الشمائل العربية ، قدمت الحلويات والمعجنات المغربية اللذيذة مع الشاي الأخصر :
- جئتكم انا العراقي القادم من بلغاريا لأخطب كريمتكم !
- مرحبا بابن وطننا الحبيب!
قدمت لنا التهاني والتبريكات بهذه المناسبة السعيدة ، وحين تناولنا طعام العشاء وأكلنا انواعا من الفواكه ،التي صفت بعناية وجمال في طبق كبير ، وغادر الضيوف الى منازلهم ، اخبرني والد رحاب :
- سمعت انك متزوج من رسامة مشهورة ؟
- نعم ، انا متزوج ...
- وكيف يمكن ان تتزوج من ابنتي على زوجتك ؟
- .....
- هل يبيح القانون الاوربي لك ان تطلق زوجتك ،ان رفضت هي تطليقك ؟
- لا اظن انها ترفض !
- وان رفضت ؟ سمعت انها تحبك حبا جما !
- ولهذا سوف توافق على طلبي للطلاق !
- وكيف اضمن حقوق ابنتي ؟
- ماذا تريدون لضمان حقوق ابنتكم ؟
- منزل هنا في الدار البيضاء وسيارة ! هل يمكن ان توفر لرحاب هذه الأشياء ؟
- ممكن ..
فكرت كيف اوفر هذه الامور ، وأنا لا أملك حسابا بالمصرف ، وراتبي ليس كبيرا ، ولم اكن بالمحب للعمل الثابت ، فأنا ملول سرعان ما يصيبني الملل ، من العمل ان طال مكوثي فيه ، فأسعى لتبديله الى عمل آخر ، أجده أكثر اغراء ،
انهم يريدون ان يحافظوا على حقوق ابنتهم قبل ان يعرفوا موقف سامية من طلبي الطلاق منها ، ان قبلت زوجتي تطليقها ، فلماذا أحقق لرحاب هذه الأمور المالية وهي ستكون زوجتي الوحيدة ؟
وافقت على طلباتهم ، ففرح والد رحاب بموافقتي :
- سنحدد تاريخ كتب الكتاب ، يوم الخميس القادم ...
سمعت ما قاله السيد الوالد وفقدت حماستي لكل شيء ، زواجي من امرأة اخرى وتطليقي لسامية ، والابقاء على زواجي منها ، اصبحت بلا رغبة من كل شيء ، ولم يعد اي شيء يثير عندي استجابة او حماسا ..

(76)

يسافر ليث لحضور المهرجان الادبي ، وتشتاقين الى وجوده معك ، رغم كل النزاعات بينكما فانت لاتستطعين فراقه ، كثرت خلافاتكما في الآونة الأخيرة ، وفوجئت انه يبدو مرحبا بالخلاف ، متلهفا لتعزيزه بما يقول من كلمات حادة ، لم تكوني تتوقعينها ، لماذا سافر لوحده لحضور المهرجان الشعري هناك ؟ اما كان الأجدر به ان يدعوك لمرافقته والسفر معه ، يخبرك الأصدقاء ان المغرب بلد ساحر الجمال ، يأتيه السياح من مختلف العالم، استمتاعا بجوه اللطيف وبحريه الرائعين ، وأرضه الخضراء ، واناسه الطيبين ، نساؤهم هناك يتمتعن بحقوق لاتتوفر للمرأة العراقية ، ولكنه سارع بالسفر ، ولم يعرض عليك مرافقته ، وكأنه كان يخشى ان توافقي على اقتراحه ، لم يكن ليث يحب السفر لوحده قبل ارتباطكما بعقد الزواج ، كان يرحب ان تكونا معا في السفر وفي العودة ، اهكذا يتغير الرجال ، وينقلبون الى نقيض ما كانوه قبل الزواج ، يدهشك الانقلاب الكبير الذي حدث بسلوك ليث وتصرفاته معك ، تظنين انك بقيت محافظة على صفاتك ، التي عرفها الناس عنك ، ولم تحدث فيك الأيام تبدلا ، ولكن هل يمكن لأي انسان الا يتغير مع مرور الأيام ، وتغير كل شيء ، فالحياة تتغير ، وما كنا نحبه ، نجد انفسنا وقد فقدنا حبنا له ، لسنا جامدين ، فهل احسن ليث في تغيره ، ولم يجدك تحسنين التطور ، فذهب الى مصادقة نساء اخريات ، لن تسألي عن الأسباب ، من حق كل امريء ان يصادق من يشاء ، ولكن ما دمتما ارتبطتما برباط الزواج المتين ، على كل منكما ان يحترم الآخر ، وجدت ليث يبدي تقديرا لك امام من يحب النيل منك ، اكبرت عمله ذاك ، لماذا تغضبين ويثيرك ان تزوره صديقات عديدات في منزلكم ، وانت تقرين بحقه باكتساب الصداقات المختلفة مع من يحب ويرتضي ، انت لم تتعرفي الى اصدقاء جدد ، بقيت قائمة أصدقائك كما هي ، طيلة السنوات الخمس الماضية ، لماذا لاترضى نفسك بان يكون لزوجك صداقات جديدة مع الجنسين ، ولكنك وجدت ان النساء فقط يزرن ليث في المنزل ، لم يزره احد أصدقائه الرجال ، هل خلت قائمة أصدقائه من الرجال ؟ تفكرين ان هذا مستحيل ، ولكنك تتساءلين :
- لماذا لم يدع ليث اصدقاءه الرجال لزيارته في المنزل ؟
يتعبك ان تجدي الجواب المناسب لتساؤلك الغريب ، كنت تظنين ان جميع اصدقائك ارتاح لهم ليث وجعلهم أصدقاء له ايضا ، وفوجئت حين اشتدت مناقشتكما حول زيارة الصديقات ، ان ليث يغار من الدكتور خليل العبيدي ، فطنت الى هذه الحقيقة مؤخرا ، والدكتور خليل صديقك المقرب ، الذي يبدي لك الاحترام والتقدير ، ولم يكن في تصرفاته معك ما يدعو ليث الى الغيرة ..
تؤجلين مناقشة الامور التي تسبب حيرتك الى وقت آخر ، ربما تهتدين الى جواب يضع حدا لقلقك المتفاقم ، انت ترحبين بصديقات ليث حين يزرنه في منزلك ، لكنك لست مرتاحة ان تجديه مع احدى صديقاته في مكان بعيد عن عينيك المترفبتين ، لماذا تقوم الصديقات بتقبيله في اماكن لايمكن للصديقة البريئة ان تقدم عليها ، وهذا يفاقم من حيرتك ويزيد من خشيتك ..


(77)

واصلت مراسيم الزواج رغم شعوري بالاحباط ، دفعت للعروس ما أرادت مني ، كي أوفر لها العيش الرغيد الآمن ، اشتريت المنزل بالتقسيط كما ابتعت السيارة التي استهوت زوجتي ، استعنت بما لدى سامية من حساب بالمصرق ، فقد أمنتني على أموالها ، وجعلتني مطلق الحرية ، في ان أتصرف كيف أشاء ، في حساباتها البنكية التي كنت مشاركا لها ، أسحب المقدار الذي أرغب به ، دون ان توجه لي سؤالا عن مآل الثروة الكبيرة التي سحبتها ، عقدنا لدى الفقيه اولا ، ثم ذهبنا الى المحكمة لعقد الفران المدني ، ذهبنا الى منزلنا ، الذي سجلته باسم رحاب ، ودعونا الأصدقاء والصديقات لحفل الزواج ، الذي كان بهيجا ، يغمره الفرح وتملؤه البهجة ، هنأني الجميع بزوجتي الجميلة ، كما قدموا التهاني والتبريكات لرحاب التي وجدت انسانا تثق به ، وتسلم له نفسها ، وهي مطمئنة انه لن يخون ثقتها ، حضر جميع معارف رحاب الحفل ، وانا لم يكن لي احد الا بعض الأصدقاء ،الذين كنت اعرفهم على مواقع التواصل الاجتماعي ، تناول المدعوون العشاء ، وشكرونا على الضيافة متمنين لنا الرفاه والبنين ، تنفست الصعداء حين غادر الجميع ، فقد تعبت من الوقوف طوال النهار ، ارتأيت ان نرتاح قليلا قبل ان نشرع في الدخول ،انها عملية صعبة ، لم أجربها سابقا ، فقد كانت زوجتي الأولى ثيبا ، تناولت كأسا من النبيذ ليريح نفسي المرهقة وجسدي المتعب ، صببت كأسا من البيرة لرحاب ، فاعتذرت :
- عفوا ، لا أشرب ،
- وماذا اقدم لك ؟
- سيجارة !
قدمت لها علبة سجائر ، اخذت واحدة ، أشعلتها لها ، اخذت تدخنها بنهم ، يدل على انها ماهرة في التدخين، فتحت جهاز التلفاز لنستمع الى اغاني ام كلثوم ، التي تبعث النشوة الى النفوس المتعبة ، فتزيل عنها التعب والارهاق ، اعطتني رحاب منديلا ابيض اللون ، لم اعرف في البداية ماذا اصنع به ، ثم ادركت انه يفرش تحت العروس ، للتؤكد من بكارتها ، العرب كلهم والمسلمون يطلبون براءة المرأة من الدنس ، وانها لم ترتكب معها الخطيئة، اخبرني أصدقائي العراقيون ان الكثير من الجرائم ترتكب ، والدماء الزكية تسيل ، بسبب ان فض غشاء البكارة لم يخرج منه دم ، فالشرف والرفعة معقودان بين ساقي النساء ، اللاتي يحفظن شرف الاسر ويدافعن عن عفافها ...
كل الذي قمت به للتخفيف من الملل، الذي اخذ يحيطني بذراعيه ، لم يجدني نفعا ، فشعور بالاحباط يستبد بي ، ويجعلني احس انني اقوم بخطأ في زمان ومكان ليسا بالصحيحين ، قبلت رحاب قبلة طويلة ، لم ادعها تشعر انها خالية من المشاعر الجياشة ،التي كنت احملها قبل عقد القران ، واستجمعت ارادتي المشلولة كي امضي ليلتي هذه الى النهاية المرجوة ، بردت رغبتي في كل شيء ، لم أشأ ان استمر في مهزلة زواجي الجديد ، لم اعرف لماذا اقدمت على هذا الارتباط وعندي كل شيء ، حاولت ان اخفف ما بي من برودة بالقبلات ، فلم تطاوغني شفتاي ، شعرت بهما جلدا يابسا ميتا ، عقلي اراد ان ينهي كل شيء ويتخلص من الأمر الذي اوقعه فيه هواي ، ولا ادري هل ان عدم الرغبة بالاقتران انتقلت من رحاب الي ؟ حاولت النهوض وبان التردد واضحا
- لنؤجل هذه المهمة الى وقت آخر !
- كما تشاء ، ولكنك قد جربت هذا من قبل !
- لاادري ماذا اصابني ؟ ربما التعب والارهاق ...
اقوم وانا انوي الا اكرر هذه الفعلة مرة ثانية ، لتذهب النقود التي دفعتها الى الجحيم ، ولأكسب كرامتي التي اهدرتها حين رغبت بمن لايريدني لذاتي ، وانما لكسب سيارة ومنزل حديث ، ماذا جنيت بيدي ؟ ولماذا جربت اللهاث خلف من لايرغب في محبتي ، سوف انتظر ان ينبثق الفجر ، وأرحل ...

(78)

أيام قليلة مصت على فراقك ليث ، والشوق يستبد بك ، ماذا تفعلين ان كانت حياتكما تجري على ما يرام ؟ خصوماتكما كثرت في الآونة الأخيرة ، ولم تعرفي سبب الخصام ، كل ما تعرفينه ، انك كنت حريصة على التعبير عن رأيك بصراحة ، علموك وانت طفلة صغيرة الا تترددي في ابداء رأيك الذي ترينه صائبا ، مهما كانت النتائج ، تتذكرين قول والدك :
- لا تسكتي عن ابداء رأيك يا ابنتي !
- وان كان رأيي لايعجب احدا ممن أحبهم !
- تعلمي ان تذكري رأيك بلين وهدوء ، لا احد ممن تحرصين على صداقتهم ، سوف يخاصمك ، ان الاختلاف في الرأي يا حبيبتي لايفسد الود !
تتذكرين نصائح والدك الحنون والذي تميز بالحكمة ، وتدافعين عن صحة رأيك ، ليث انت تعرفينه جيدا ، كان يحترم ما تقولينه ، ويقدر أفعالك ، ولم يقف ضدك مجادلا معترضا ، أصابك العجب لموقفه الذي بدا غريبا ، انت الحنونة والمخلصة له ، كيف طاوعه قلبه ان يقف ضدك في مناقشاتمكا ، ، حتى انه بدأ يؤيد الأغراب ، ويقف مع كل زائرة لمنزلكم تريد الانتقاص منك !
تشتاقين لوجوده معك رغم كل ما حدث ، حياتك زاخرة بالعمل ، ملأى بالنجاحات ، تكتب عن لوحاتك الصحف والمجلاب باعجاب ، ويشيد النقاد الفنيون برسوماتك المعبرة عن قضايا الانسان المعاصر ، وتوقه الى الانعتاق من كل أنواع القيود ، ليث كان يفرح لنجاحاتك ، ويهديك التهاني ان توصلت الى تحقيق ما تصبو اليه نفسك من جمال فني وابداع في مضمار الرسم ، لاحظت انه اخذ يقلل من اهمية النجاح الذي تحرزينه ، لماذا تبدل ليث بهذا الشكل المفاجيء ؟ وهل اذنبت انت بحقه ؟ وهل قلت كلمة اثارت استنكاره ؟ انت دقيقة جدا فيما تقولين ، تفكرين عشرات المرات قبل ان توجهي نقدا للآخر ، وخاصة من كنت تحبينه . وقد عاش ليث وهو يتمتع بحمايتك وتدليلك ، فما الذي جرى وادى الى تغيره ؟ وهذا التغير يؤلمك ، سافر الى خارج اوربا دون ان تعرفي السبب ، وشاعريته التي دعتهم في المغرب يوجهون له الدعوة لحضور مهرجان شعري ، كنت تفرحين بها كثيرا ان شاركته السفر ، ليث يصحبك في كل سفراتك ، تخبرينه ان قررت السفر الى احدى البلدان ، واقامة معرض لك هناك ، الفرح يظهر على وجهك وكل قسماتك حين يشاركك ليث السفر الى اي بلد تذهبين اليه ، لم يحدث مرة ان توجهت لأحد البلدان وحدك ، حتى الدكتور خليل الذي كان يحرص على السفر معك لحضور معارضك ، لم تفرحي لصحبته لك كما تفرحين ان شاركك ليث ، وانت تعرفين كم يحبك الدكتور خليل ، وحدثك عددا من المرات هن حبه الكبير لك ، ليث لم يحدثك عن حبه ، بل قرأت ذلك الحب على ملامح وجهه وفي نبرات صوته ، فكيف فقدت حبه الكبير ؟ ولماذا انقلب عليك ؟ لمن توجهين سؤالك الحائر هذا ؟ ومن يمكن ان يعرف الاجابة ؟ الذي تدركينه انك تشتاقين الى ليث رغم الخصومات التي جرت بينكما ، كان يصرخ حين تبدين رأيا قد يختلف قليلا عن رأيه ، ولقد ظننت انه يبدي آراءه التي يعرف انها مخالفة لما تعتقدين بصحته ... لم يتصل بك ، ولم يسألك عن الأحوال ، شهد تتصل به يوميا ، وهو يهاتفها مستفسرا عن احوالها ، وكيف بدت حياتها اثناء غيابه ، وهي المتعلقة بأبيها كثيرا ...


(79)

رحاب لاتحب شيئا ، كل الأشياء التي لا أستغني عنها ، أجد رحاب لاتحمل اهتماما نحوها ، اعتدت مع سامية ان استمع الى الألحان العذبة صباح كل يوم وفي المساءات ، سامية لا تدخل مرسمها الا حين تكون الموسيقى صادحة بأجمل الأنغام ، وحين تنهمك باعداد احد انواع الأطعمة يكون النغم الجميل رفيقها ، يصيبها التوتر ان لم تصبح على احدى أعنيات فيروز ، وتصيبها السآمة ان ودعت نهارها وذهبت الى سريرها ، والغرفة تخلو من الأصوات التي تصاحبها في ليلتها ، وتدعو الأحلام السعيدة الى زيارتها في ليلتها ، فتغدو الليلة جميلة حافلة بالبهجة ، سامية ان استيقظت كانت البسمة تعلو وجهها ، وكل جسدها كان مرحبا باليوم الجديد وقد هل على العالم ، فتسعد به النفس ، العادات الجميلة التي كان الجد يقوم بها كل صباح ، فتجلب الطمنينة الى النفس المجهدة ، كانت سامية تقوم بها ، اصبحت عادة جميلة ، لاتعرف سامية البقاء في سريرها ان زارها الفجر بنوره الفضي ولا تنتظر حتى تأتيها أشعة الشمس الحانية ، التي تشرع في بعث الدفء الى النفوس المكدودة التي أتعبها العمل بلا أمل ، تقوم سامية باداء التمارين الرياضية بعد ان تضع أبريق الشاي على النار ليغلي ، فتضيف عليه بعض أوراق الشاي ، وحين تنتهي من تمارين الصباح ، وتجهز المائدة بما سوف يكون طعام الافطار ، تفتح المذياع للاستماع الى اخر الأخبار ، والألحان الهادئة تكون بصحبتها دائما ، تستمع الى تغريد العنادل وغناء البلابل ، ويكون يومها زاخرا بالسعادة ، وحين يقبل الليل ويهيمن قمره المضيء على البشرية ، فينير حياتهم ، ويجعل لياليهم ملأى بالدفء والجمال ، سامية ان تهيأت للنوم تعطرت وارتدت اجمل ملابس نومها ..
لم ألحظ كل هذه العادات الفاتنة لدى رحاب ، التي لااعرف كيف يمكن ان تحب المرأة رجلا ان هي لم تعرف جمال الألحان ، وكيف تتوق انوثتها الى احضان الرجولة ،ان هي لم تسع الى طلب الجمال في كل مكان يمكن ان يوجد فيه ، وردتني هذه المقارنة بين المرأتين دون قصد مني ، وساءلت نفسي ما الذي كانت تطلبه فوق ما كان من نصيبها ؟ وهل المرء يكون بهذا الطمع ان وجد احدا ميالا لتحقيق مطالبه ، مهما بلغت من الضخامة ، فهل كانت السعادة تنقصني ، ام ان سامية قد قامت بتدليلي فوق ما يحتاج المخلوق ليث الى التدليل ، تتصل بي شهد فأوصيها بأمها ، وان تحسن معاملتها ، فهي من الرقة لايمكن ان تتحمل جحود من احبتهم وقامت بالتضحيات الجسام من اجلهم ....
هل من اطلق القول المأثور (لاتعرف اهمية انسان الا بعد ان تجرب غيره) قد عانى مثلي في التنكر لمن اكرمه ؟ سوف لن اظل سلبيا وانا اجد راحتي تتعرض للانهيار بيدي وموقفي وارادتي ..لأول مرة انصح شهد بان تحسن معاملة امها وانا جاد ، أصدقائي كلهم كانوا يصفون سامية بالأم المثالية ـ ترد سهام المرض عن ابنتها وعني ايضا وكثيرا ما سهرت الليالي لتدرأ المرض عنا ، وآثرتنا على نفسها ....

(80)
شعورك بالإرهاق تستطيعين التخفيف منه ، بعد ادائك لبعض التمارين الرياضية ، لماذا جعلت التوتر يستبد بك ، ويسلبك راحة اليقين ، ماذا يجري ان سافر ليث لزيارة بعض اًصدقائه في المعرب ، ولحضور مهرجان شعري ، انت تحبين سعادته ، فلتسعد نفسك بسفره المفاجيء ، لقد زرت بلدان كثيرة ، وعرضت لوحاتك في معارض البلدان التي قمت بزيارتها ، المغرب انت تحبينها ، ناسها كرام يرحبون بالضيوف ، كانت رحلتك اليهم قصيرة في العام الماضي ـ وصحبك ليث ككل الرحلات التي تقومين بها ، قررت ان تعودي الى زيارة الأرض الخضراء الزاهية ، ذات المناظر الخلابة ، تنفسي بهدوء وعمق ولا تدعي الهموم تسيطر عليك ، قضيت اياما وانت نهب لمشاعر الخوف ، هل رحلة لأيام قليلة قام بها ليث يمكن ان تجعلك مرعوبة بهذا الشكل الغريب ؟ ماذا يمكن ان يجري ، هدئي نفسك وارتاحي ، وعبري عن مخاوفك في لوحة جديدة ، تنالين بها اعجاب المتلقي ، وتضيفين نصرا جديدا الى رصيدك الكبير ، فنك واعجاب الناس به ، جديران بان تحافظي عليهما، بأن تولي صحتك عنايتك واهتمامك ، لقد نشأت لدى اسرة كريمة ، علمتك كيف تضبطين نفسك ، وتملكين غضبك ، وتحافظين على سكينتك ، ان وجدت ان الهدوء صعب في وقت من الأوقات ، فبعض التمارين كفيلة بجلب الراحة التي أوشكت ان تغادرك في الأيام الماضية ، تفرحين كثيرا حين يتصل بك ليث ، ويخبرك انه مشتاق اليك ، كما ان شهد الحبيبة اخذت تهتم بك ، وتراعي مشاعرك ، وكانت قبل أيام لاتبالي، حب ليث وشهد وتقديرهما يعتبران اغلى ما في هذه الدنيا ، سوف تبدعين في رسوماتك ، وترسمين لوحات جديدة تعبر عن نصرك ، كسبت معركتك مع الشك ونقصان الثقة ، عادت اليك ثقتك بالنفس التي كنت تعهدينها ، افرحي وكوني بخير ، زوبعة مرت بحياتك وكادت ان تقلع سعادتك ، لكنك بالهدوء استطعت ان تتغلبي على من كان يرغب بايذائك ، اخبرك ليث انه عائد اليك ، واستعدت شهد لتجعل عودة ابيها سعيدة ،اقترحت اعداد بعض الاكلات التي تعرف ان أباها يفضلها ، طلبت منك ان ترتاحي :
- امي الحبيبة ، سوف اهيء ما يحب ابي من ألوان الطعام !
- وهل اساعدك حبيبتي ؟
- سوف اساعدك انا اليوم بعد ان قدمت لنا ما نحب طيلة العمر !
يا لهذا الكلام الجميل ، انت سعيدة ، عادت اليك شهد بحبها وسيعود ليث ايضا ..



انتهت

نبذة موجزة من السيرة

نشرت المقالات في الصحافة العراقية منذ عام 1960 وكانت حينذاك في
السادسة الابتدائية
اول قصة كتبتها عام 1962 حين كانت في الثاني المتوسط
-واصلت الكتابة في الصحف الكويتية بين عامي 1979 – 1986 باسم مستعار ( نورا محمد )
لها ست مجموعات قصص قصيرة عناوينها كالآتي:
التمثال عام 1976
امرأة سيئة السمعة عام 2005
لائحة الاتهام تطول عام 2007
التابوت عام2008
لستَ انت عام 2012
غسل العار عام 2017
- ولها ست روايات : العرس عام 2010--------------فاقة تتعاظم وشعور يندثر عام 2014------ أرواح ظامئة للحب عام 2015---------------------- هموم تتناسل .... وبدائل في شهر 10 عام 2015.......................... وأدتك قلبي عام 2017
- الرواية السادسة عنوانها ( راحلون رغما عن أنوفهم ) صدرت عن بيت الكتاب السومري عام 2018
- اصدرت مجموعة من الحوارات أجرتها معها بعض الصحف والمواقع النتية
- تدريسية متقاعدة عملت في مجال التعليم مدة اربعين عاما في بغداد والكويت والرباط
- عملت مراسلة صحفية لإيلاف والنور الالكتروتين وطريق الشعب والزمان الورقيتين
- لها خبرة في المكتبات ، عملت امينة للمكتبة عام 1975 في مدرسة الرصافي العراقية في الكويت وفي المدرسة العراقية التكميلية في المغرب فيما بين 1993- 2003
- كانت عضوة في لجان تحكيمية لمسابقات النور ومنتدى الأدباء والمرايا في القصة القصيرة والقصيرة جدا
- تنشر في الحوار المتمدن لها موقع فرعي فيه
- اختيرت افضل كاتبة في العالم العربي عام 2009 من قبل مجلس الصحافة العالمي
- كرمت من قبل وزارة الثقافة عام 2010 ضمن المكرمين لحصولهم على جوائز عربية وعالمية
- كرمت من قبل عدد من البيوت الثقافية في المغرب والعراق

عضوة في الاتحادات والجمعيات التالية
- الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
- رابطة المرأة العراقية
- اتحاد كتاب الانترنت العرب
- اتحاد كتاب الانترنت العراقيين

- كانت الشخصية الأولى في كتاب الدكتورة ناهدة محمد علي ( شخصيات نسائية متفردة)
- كتب عنها الأديب جواد عبد الكاظم في معجم الأديبات والكواتب العراقيات في العصر الحديث- الجزء الثاني.
- اورد اسمها الباحث جواد عبد الكاظم في الروائيات العراقيات في دليل الروائيين العرب
- ذكرت ضمن موسوعة مشاهير الثقافة العراقية من قبل الفنان سعد السعدون
- ذكرت نصوصها ضمن أنطولوجيا مختارات من الأدب النسوي العربي للمبدع عامر السعدي
- ذكرت ضمن سلسلة نخلة من بلادي لبان الجواهري
- ذكرت ضمن موسوعة شخصية من بلادي لموفق الربيعي
- ذكرت سيرتها في سلسلة أدباء من بلادي لعبد الرضا السوداني
- ذكرت سيرتها في ( تجلياتهن) للناقدة لقاء موسى
- ترجمت بعض من قصصها القصيرة والقصيرة جدا الى الانجليزية والفرنسية والايطالية



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الاول : الفصل الاول وا ...
- بائعة الورد : قصة قصيرة
- وصول متأخر: قصة قصيرة
- كيف تنأى عن موقفك ؟
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الخامس والأخير
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الرابع
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الثالث
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الثاني
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الأول
- نازك الملائكة عاشقة الليل والطفولة
- لميعة عباس عمارة
- لماذا يتم التحرش بالنساء ؟
- رسالة الى امرأة عراقية في يومها الوحيد
- المساواة بين الجنسين هل هي حقيقة ؟
- التكسب بالقصيدة العربية
- قراءة في المجموعة القصصية ( غسل العار) لصبيحة شبر بقلم يوسف ...
- معاناة الطفولة العراقية
- التعليم في العراق والطريق المسدود
- نضال المرأة من اجل الحياة
- نضالات المرأة من اجل وضع حد للارهاب


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الثاني: الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن