أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امتياز المغربي - غريب لن تشتم رائحة مقتله














المزيد.....

غريب لن تشتم رائحة مقتله


امتياز المغربي

الحوار المتمدن-العدد: 1526 - 2006 / 4 / 20 - 07:12
المحور: الادب والفن
    


عندما تعصف بك امواج الذكريات ،تبحث عن ما يساندك لكي تعيش في ظلالها ،تبحث عن صديق فلا تجده ،وتبحث عن خليل فتكتشف بانه لم يصبح حتى عملة نادرة في هذا الزمن ،وتبحث عن صدر حنون فتجده لم يعد من اختراعات اليوم ،تتجه نحو ركن بعيد في احدى المقاهي العامة ذات الطابع الاسطوري في ديكورات المكان ولغة الألوان ،حينها تسترخي تحس بامتلاك جسدك ،وبهدوء زوبعة افكارك ،فتنجح بتخطي العزلة بالايعاز الى يدك ان تتجه الى احدى جيوب الجاكيت لكي تخرج علبة الدخان ،وتبداء باشعال نفسك بدون ان يشتم احد ما رائحة مقتلك.

تخرج السجارة الاولى ،وتبدا في رحلة الالف ميل التي تريحك من وجع الالم الذي لا زال ينزف رغم استخدامك لكل الادوية ،ولكن بلا فائدة فمن يمتلك الاحساس والذوق والحس المرهف لا يمكن ان يكون بمواصفات الالة التي تعيش بكبسة زر ،وتموت بكبسة زر اخرى اصغر منها في الحجم .

تحترق اكثر مع السيجارة الثانية ،وتصل الى عمق في الفكرة الاولى وتتجه نحو عمق بعيد لا يصل اليه سواك ،وتجد نفسك تدخل في معابد زمنك القديم ،انت وحدك ،وبرفقة اناس غادروك ،وتركو لك قلبا يعاني من الموت المنتظر من على شبابيك هروبك الى اللاشي الى اللامكان الى ابعد مافي الامكان .

و مع السيجارة الثالثة ،تصل الى انك انت ،انت وحدك من دفع ثمن الاخلاص والعطاء والامان والحب والوفاء لكل من حولك بدون طلب شيكات موقعة ،فانت اكتفيت بنظرات صدق مزورة متوجه بالخيانة التي لم تشاهدها عيناك ،فانت ،انت لم ترها ،لانك انسان لا نجد في قاموسه معنى للخيانة ،فكيف اذن ستراها؟

ومع السيجارة الرابعة ،تبحر مع الالم الرابع في قلبك المكسور ،وانفاسك المترهلة ،وسعالك المستمر ،ونظراتك التائهة ،فهي لا ترى شيء ،لا ترى سوى ألوان محددة ،قد لا تعود باي صلة للمكان ،الذي يحتويك ،فتصبح انت ملك على نفسك التي لم تسمح لها بالتحدث اليك منذ زمن طويل.

و مع السيجارة الخامسة ،تتوه في بحر ذكرياتك ،وتعصف بك امواج تقتلك في كل نظرة ،تغزو نفسك ،تدمرك ،تحيلك الى جسد لا يعرف معنى الحراك ،ولا يتواصل مع زمن يحيط به من كل اتجاه ،وانت ،انت تبحث عن مخرج لكي تعود متمردا على نفسك ،وذكرياتك ،فلا تستطيع ،وتبقى في عمق البركان المتاجج ،تتوجع ،تضيع ،تصغر اكثر ،وتطير اكثر ،تبحث عن قارب نجاة ،فلا تجد سوى الغرق ،الذي يحاصرك من كل اتجاه.

ومع السيجارة السادسة ،تكرر المحاولة في بحر دخانك المتصاعد ،لا ترى سوى الألوان الرمادية ،هاجرتك بقية الألوان ،لم تعد ترى ذكرياتك الا من خلال اللون الرمادي ،وتنقلب الوجوه الى خيالات شيطانية ،وعدوانية ،تحيلك الى مجنون يحاكي نفسه في زاوية المكان ،ويحاول ان يبتعد عن اللامكان ،والعودة الى الحياة ،التي لا تبتعد سوى نصف متر عن طاولتك المنزوية.

و مع السيجارة السابعة ،تكون كل قواك قد تحطمت على صخرة الفشل في محاولة الابتعاد عن الضياع في الذكريات عن الصعود الى القاع المتهاوي عن السقوط على قمة الالم ،و براكين الذكريات المهترئة.

و مع السيجارة الثامنة ،تبدأ في تعديل جلستك من جديد ،وتعود الى الحياة ،تعود الى الألوان ،تعود الى التنفس الاعتيادي ،وتعود مرة اخرى بدون قلب ،بدون احساس ،بدون أية مشاعر ،بدون ان تحتاج الى كبسة زر ،فقط كل ما عليك ان تعتدل في جلستك المترهلة.

و مع السيجارة الاخيرة ،تلملم ما تبعثر لديك على طاولة ذكرياتك من جراح نازفة ،و تبدأ من جديد في خوض مخاض الحياة ،الذي لا يسفر الا عن اعلان موت قلب في زمن يرسم بنبض الحياة ،و تعاود استخدام كل المعاملات التي من شأنها ان تعيدك الى مواصلة الحياة في ظل موتك اليومي ،لكي تكون في بحر من الضياع تدخله بقدميك و تسير فيه بكل اصرار ،لانك لم تعد انسان من هذا الزمان بعد ان قتلتك نكبات الزمن ،فاصبحت انسان يعيش الى جانب سيجارة هكذا رسمتك الصورة داخل اطارها الحديدي.



#امتياز_المغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- !ورحل الوجه الملائكي عن موسى
- مقتل غريبة على يد حبيبها الممثل؟!
- زنزانة 76 رؤية لمعالجة عالم الاسرى المحررين
- سعدات من -صفقة المقاطعة- الى- صفقة التخلي
- !!برغوثي ديمقراطي
- مؤتمر الاعلامية العربية في مواحهة المتغيرات السياسية
- فخ السرد السياسي و الكليشيهات طغت على غالبية النصوص المطروحة ...
- هل تتبع عملية -المطر الاول- اعصار كاترينا...؟؟
- الانتخابات القادمة... و ميزان الجزر؟!
- ارهابي في فرقة DAM3RAP--
- -ثلاثي جبران-يعانق بدموعه شجن العود
- الشعب البكائي والسوبر ستار
- قد تنطق الحقائق قبل افواهنا ولكن ........؟


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امتياز المغربي - غريب لن تشتم رائحة مقتله