|
القمة العربية التنموية في لبنان في ظل الخلافات العربية العربية
أميرة حرزلي
الحوار المتمدن-العدد: 6131 - 2019 / 1 / 31 - 02:37
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
مقدمة: حملت القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة التي عقدت ببيروت في العشرين من الشهر الحالي، امالا بتحقيق تقدم طفيف على مستوى الاقتصاد والتنمية الاجتماعية لشعوب المنطقة العربية التي انهكتها الحروب، لكن سرعان ما تلاشت تلك الآمال وسط كم كبير من الخلافات السياسية العربية البينية من الخلافات الخليجية مع قطر، مرورا بالنزاع السوري والخلاف اللبناني ـ الليبي وختاما بالخلاف الإيراني ـ السعودي.... فقد هيمنت هذه الخلافات السياسية بشكل كبير على اشغال القمة العربية ما جعل مخرجاتها متواضعة جدا تميل الى الفشل، بالرغم انها كانت فرصة حقيقية لتغليب مصلحة الشعوب الجماعية على المصالح السياسية الضيقة للقادة ولعل دعوة وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الجامعة العربية بعودة سوريا بشكل عاجل الى مقعدها في الجامعة والى حضنها العربي وابعادها عن الإرهاب تفسر هذه الفرصة السانحة، ولكن الرد أمين عام الجامعة أحمد أبو الغيط بعدم نضج الحلول بعد لعودة سوريا للجامعة العربية يعكس حجم الخلافات السياسية العربية والتركيز على المصالح الضيقة للقادة. وعليه من خلال ما سبق طرحه تتمحور إشكالية الموضوع في: كيف ساهمت الخلافات العربية ــ العربية في افشال القمة العربية التنموية؟ نبحث الموضوع في المحاور التالية: 1. أجندة اعمال القمة العربية التنموية. 2. الخلافات العربية ـ العربية 3. تأثير الخلافات العربية البينية على مخرجات القمة العربية التنموية.
1. أجندة اعمال القمة العربية التنموية افتتحت القمة الاقتصادية والتنموية الاجتماعية في بيروت باجتماع مغلق للجنة الوزارية المعنية بالمتابعة والاعداد للقمة بحضور الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ومندوبي الدول المشاركة، الاجتماع المغلق تضمن جلسات علنية لكلمات وفود المملكة العربية السعودية باعتباره رئيس الدورة الثالثة، وكلمة امين عام الجامعة العربية. القمة الاقتصادية في لبنان بدأت فعليا في العشرين من جانفي، حيث ناقشت قضايا ومشاريع قرارات متعلقة بالشق الاجتماعي والتنموي للدول العربية ومن أبرزها : • مشروع قرار دعم الاقتصاد الفلسطيني حول خطة للتنمية القطاعية في القدس 2018 ـ 2022، قررت القمة التأكيد على المسؤولية العربية والإسلامية الجماعية تجاه القدس، ودعوة جميع الدول والمنظمات العربية والاسلامية والصناديق العربية، ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص الى توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات الواردة في الخطة. كما تقرر الطلب من الدول الأعضاء الالتزام بتنفيذ قرار قمة عمان التي عقدت 29 مارس 2017 بشأن زيادة موارد صندوقي الأقصى والقدس بقيمة 500 مليون دولار، والذي أكد عليه قمة القدس بمدينة الظهران بموجب القرار 711 بتاريخ ابريل 2018 ودعوة الدول التي لم تف بالتزاماتها في هذا الشأن بسرعة بالوفاء بها. • مشروع قرار مبادرة الرئيس السوداني الامن الغذائي العربي فقد شددت القمة تنفيذ كل المشروعات الواردة في المبادرة، وقد تم دعوة القطاع الخاص العربي للاستثمار في المشروعات الواردة في المبادرة منها مشروع التكامل والتبادل التجاري في المحاصيل الزراعية والنباتية، مشروع استقرار الإنتاجية في القطاعات المطرية في المنطقة العربية، مشروع تقليل الفاقد والهدر في الغذاء ومشروع سلامة الغذاء، مشروع تحسين الإطار التشريعي والتنظيمي لتبادل المنتجات الزراعية في المنطقة العربية... • مشروع السوق العربية المشتركة: وقد قرر العرب مباركة الجهود التي يقوم بها المجلس العربي للكهرباء في انشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء، والترحيب بتوقيع الدول العربية الأعضاء على مذكرة التفاهم ودعوتها الى السعي لتنفيذ ما جاء فيها. • الميثاق العربي الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات المتوسطة والصغيرة: فقد تقرر الموافقة على الميثاق الاسترشادي لتطوير القطاع بالصيغة المرفقة. • الاستراتيجية العربية للطاقة المستدامة 2030: وبخصوصها تم اعتماد الاستراتيجية المرفقة ودعوة الدول العربية للاسترشاد بها. • دعت القمة الجهات المانحة في الدول العربية وخارجها لدعم جهود المؤسسة الإسلامية الدولية لتمويل التجارة لإطلاق المرحلة الثانية من البرنامج خدمة للتجارة الخارجية في البلدان العربية لاعتبارها محرك أساسي للتنمية. • الأعباء الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على استضافة اللاجئين والنازحين للدول المستضيفة، فقد قررت القمة التأكيد على جميع قرارات القمم العربية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجالس الوزارية الخاصة بالأعباء الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على استضافة اللاجئين السوريين وأثرها على الدول المستضيفة. فالسؤال المطروح هنا كيف يمكن تطبيق وتجسيد هذه المشاريع ومعضلة الخلافات السياسية العربية البينية قائمة؟ 2. الخلافات العربية ــ العربية اشتدت في السنوات الأخيرة وتصاعدت حدة الخلافات العربية البينية فكان أبرزها: الخلاف الخليجي مع قطر: فقد قطعت بعض دول الخليج على راسها السعودية والامارات، اليمن إضافة الى مصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر على خلفية انشطة تمويل الإرهاب علاقاتها مع تنظيمات متطرفة، ودور قناة الجزيرة المزعزع للاستقرار وعلاقة قطر بإيران، جملة هذه الاتهامات التي ساقتها السعودية لقطر كانت شروط يجب على الأخيرة تطبيقها ان أرادت عودت العلاقات معها طبيعية، رفضت قطر تلك الشروط واعتبرت العلاقات مع إيران شأن سيادي داخلي. إثر الخلاف الخليجي مع قطر على سياسيا حيث أصبحت العلاقات متوترة في مجلس التعاون الخليجي، سياسيا انهارت العملة القطرية وتأثر الاقتصاد القطري من الخلاف، اما اجتماعيا انقطعت علاقات النسب والتصاهر بين العائلات في بلدان الخليج. الخلاف اللبناني ــ الليبي: وجوهره يكمن في قضيتان الأولى تتعلق في اختفاء الامام موسى الصدر قبل أربعة عقود بليبيا في ظروف غامضة، وطالبت الجهات اللبنانية مرارا الحكومة في ليبيا الكشف عن مصيره في عهد معمر القذافي و بعد سقوط نظامه، ولكن ليبيا رفضت التجاوب معها حسب مصادر إعلامية لبنانية، أما الثانية فتتعلق باحتجاز نجل الرئيس الليبي السابق هنيبال القذافي في لبنان لأسباب سياسية رغم مطالبة ليبيا السلطات اللبنانية بتسليمه لها، وما زاد من حدة التوتر هو انزال أطراف في حركة أمل العلم الليبي اثناء التحضيرات لاستضافة القمة هو ما أثار غضب ليبيا ورفضت المشاركة في القمة. النزاع السوري: ما يزال النزاع السوري والخلافات الإقليمية بين الدول العربية عليه قائمة، فبعد ثماني سنوات الماضية هناك مما زال يعتبره " الثورة" يجب دعمها واسقاط الحكومة السورية، وهناك يرى أن عسكرته والتدخلات الدولية وانتشار التنظيمات الإرهابية فيه اخرجته عن مساره وهدفه الاساسي تحسين والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وهو ما جعل الجامعة العربية تعلق عضوية سوريا فيها بضغط خليجي وتحديدا من السعودية اذا اخذنا بعين الاعتبار ان سوريا حليف ايران الخصم للسعودية، فهذا الانقسام العربي حول النزاع في سوريا أثر بشكل كبير على عدة قضايا و مسائل عربية. الخلاف الإيراني ـ السعودي: وهو خلاف سياسي استراتيجي بالأساس و ليس ديني ولكن الدين يوظف سياسيا على شاكلة ( سني ـ شيعي )، فالبلدان يمثلان قوتان اقلميتان مهمتان في المنطقة، والتنافس السعودي الإيراني في كسب مزيد من النفوذ والتوسع في عدة دول العربية واضح لاسيما منها سوريا والعراق و لبنان واليمن ،وهو ما يبدو من خلال الاتهامات و التصريحات المتبادلة لكليهما، فهذا الخلاف اذن اثر بشكل سلبي على امن واستقرار المنطقة و على لبنان الدولة المستضيفة للقمة التي تشهد انقسام داخلي حاد حول العلاقة مع ايران والسعودية وقطباه كتلة المستقبل التي يرأسها سعد الحريري و حزب الله بقيادة أمينه العام حسن نصر الله. 3. تأثير الخلافات العربية البينية على مخرجات القمة العربية التنموية ساهمت اذن تلك الخلافات العربية البينية وغيرها في افشال القمة، رغم الجهد الدبلوماسي الذي بذله لبنان في التحضير لها، فمؤشرات الفشل القمة تمظهرت في غياب سوريا وليبيا عنها، فالأولى نتيجة تجميد عضويتها في الجامعة العربية والثانية لخلافها مع الدولة المضيفة لبنان. فضلا عن كان واضحا تدني مستوى تمثيل الدول الخليجية على راسها السعودية ــ كدولة مهمة ـ التي كان تمثيلها ضعيف لخلافها مع لبنان بشأن دور حزب الله الحليف لإيران في سوريا، وقد بررت ذلك بالظروف الأمنية ولكن الدوافع السياسية حسب بعض المحللين كانت الأساس في ذلك. في المحصلة غياب 19 قائدا عربيا وحضور ثلاثة فقط رئيس الدولة المضيفة لبنان ورئيس موريتانيا وأمير قطر فقط مؤشر ضعف لا قوة عن فشل القمة وعدم إعطائها نتائج ملموسة في الواقع، فضلا عن ذلك سيطر النزاع السوري ودور إيران المتنامي في المنطقة على القضايا التي كان من المفترض على المشاركين في القمة تناولها، من جهة أخرى ساهمت الأوضاع السياسية داخل لبنان وعدم تشكيل حكومة توافقية وطنية ساهم في تدهور الوضع السياسي داخلي للبنان، مضافا لها الازمات الاقتصادية، وأزمة اللاجئين ...كل ذلك انعكس سلبا على مخرجات القمة.
خاتمة: ما يمكن ان نستخلصه مما سبق ان مضامين القمة العربية على أهميتها خاصة أعباء النازحين السوريين في دول الجوار ، لم تحقيق أهدافا مهمة يمكن البناء عليها لسبب بسيط وهو طغيان الخلافات السياسية بين الدول العربية فيما بينها على اشغال القمة ، ومع ذلك قد تكون القمة تمهيد للقمم أخرى مقبلة قد تأتي بجديد .
#أميرة_حرزلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القمة العربية التنموية في لبنان في ظل الخلافات العربية العرب
...
المزيد.....
-
5 قتلى و200 جريح.. أحدث حصيلة لضحايا هجوم الدهس بألمانيا
-
من هو السعودي المشتبه به في هجوم الدهس بألمانيا؟ إليكم التفا
...
-
مراسل CNN في مكان سقوط الصاروخ الحوثي في تل أبيب.. ويُظهر ما
...
-
المغنية إليانا: عن هويتها الفلسطينية، تعاونها مع كولدبلاي، و
...
-
هجوم بطائرات مسيّرة يستهدف مدينة قازان الروسية ويتسبب بأضرار
...
-
ناقد للإسلام ومتعاطف مع -البديل-.. منفذ هجوم ماغديبورغ بألما
...
-
القيادة العامة في سوريا تكلف أسعد حسن الشيباني بحقيبة الخارج
...
-
الجيش اللبناني يتسلم مواقع فصائل فلسطينية في البقاع الغربي
-
صحة غزة: حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي بلغت 45.227 شخصا منذ بد
...
-
إدانات عربية ودولية لحادثة الدهس بألمانيا
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|