صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6129 - 2019 / 1 / 29 - 00:45
المحور:
الادب والفن
صبري يوسف
87. المرأة، كيف تراها أسماء غريب وتقيّمُ مسارها الحضاريّ؟
د. أسماء غريب
باركتني هذه الحياة بتجارب عميقة اطّلعتُ من خلالها على المرأة في كلتا حالتَيِ الإشراق والكسوف، أمّا عن حالة الإشراق فأعني بها ماحققته المرأة من إنجازات وانتصارات على المستوى الروحي والأخلاقي والعلميّ والفكريّ على حدّ سواء، فظهرت إلى الوجود أسماء لنساء غيّرن العالم بين قدّيسات وطبيبات ومهندسات، وعالمات وأديبات وأمّهات مددن المجتمعات بأجيال ناجحة من الأبناء الذين ساهموا في إعلاء صرح الحضارة الإنسانية منذ أقدم العصور إلى اليوم، أمّا حالة الكسوف، فأعني بها تلك التي تُسَجِّلُ مرحلة سقوط المرأة في بئر الرذيلة بشكل جعلها تصبحُ العدوّ الأول حتّى لبنات جنسها، وهي لهذا تراها تتقلّبُ كما فصول الحياة الأربعة، فتارةً تجدُها خضراء ذات عطر وعطاء وكرم، ومرّة أخرى مكفهرّة عارية من كلّ فضيلة وخُلُق، ومرّة ثالثة تصبح جحيماً، مفعمة بكل غلّ وحقد، وقحط وجدب. وهي لأجل هذا القحط الذي أصبحت فيه -حينما تخلّتْ عن فضيلتها ومنبتها الأول وطبعها الكريم الذي جبلها عليه الرحمن -، سهُلَ التلاعبُ بعقلها وعواطفها، فحدثَ أن سقطت في شراك ما يسمى بـ"الحضارة المدنية" و"التقدم" و"الديمقراطية" الكاذبة وأحابيلها المعسولة، فخرجت من بيتها وهي تراه سجناً لتعانق العالم العريض، وتركت أبناءها وزوجها للخادمة، وعرّت ذراعيها وصدرها وحشرت نفسها في البناطيل الضيقة وكشفت عن ساقيها ورُكْبَتَيْها، وصبغت شعرها بالأخضر والبنفسجيّ، وبالأحمر والأشقر والأسود، ظنّاً منها أنها هكذا ستبدو في أعين الرجال أجمل وأجمل، ناسية أن كلّ هذا التقدّم الذي أصبحت فيه ما هو في الحقيقة سوى تطورٍ إلى الخلف تحوّلت بموجبه إلى مجرد سلعة بعد أن كانت ملكة بيتها وسيّدة نفسها، وكيف لا، وهي التي خوّلت لدُورِ الموضة والسينما والإعلانات استدراجَها إلى كلّ شيء أفرغها من إنسانيتها، حتى أنها أصبحت لا تحبُّ الدخول إلى المطبخ وطهي الطعام فيه حتى لا توسَم بالدونية والتخلّف، وأصبحتْ ترفض تماما إرضاع أطفالها حتى لا تعود إلى عهود الظلام الأولى! المسكينة ضحكوا عليها في كلّ شيء، وروّجوا بها كلّ شيء، ووضعوا صورتها عاريةً حتى على معلبات أكل القطط والكلاب. وهي بكل هذا سعيدة وراضية جدّا جدّا.
آآآه، يا عزيزتي المرأة، ما الذي فعلتِه بنفسكِ، بالله عليكِ، متى تستيقظين، وتضعين كأس الوهم من يديك، وتتركين حانات المكر والخديعة، في زمن أصبحت فيه القدوة من النساء، تلك التي تغادر بيت الزوجية إلى الأبد، أو تلك التي تحتال على أكبر عدد من الرجال! متى يُرفع عنك كلّ هذا الحجب يا امرأة من ريح، يا من كنتِ لي ولغيري من أصدقاء الحرف خير معلّم، ودليل تعلّمْنا في تنوره دروس الحياة الكبرى!
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟