أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [84]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي














المزيد.....

[84]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6128 - 2019 / 1 / 28 - 13:27
المحور: الادب والفن
    


84. لِمن ولماذا تكتب أسماء غريب؟

د. أسماء غريب

أكتبُ لخالقِي، ولأبقى في صحبتِه، فهو قارئي الأول وهو دليلي ومرشدي. والكتابةُ عندي صلاةٌ لها طقوسها الرُّوحيّة، كأن أكون مثلاً وأنا أكتبُ على طهارة، أو أن أرطِّبَ شفتيّ بالذِّكر والتّسبيح، ولا نفعَ يرجى من ما قد أكتبهُ ما لم يكن بالله ومنه وإليه. وقبل الوصول إلى هذا المقام كان لا بدَّ لي أن أمرّ بالنّزيفِ الحروفيّ أوّلاً، وأعني به تلكَ المرحلة الَّتي عادةً ما يكتبُ فيها العارف من وحيِ حديثهِ معَ نفسِه عن الله؛ أيْ أنّه يكون في شغل شاغل مع نفسه يُحَدِّثُها شِعراً أو نثراً عن رحلة الاكتشاف الدَّاخليّة لفكرة الإيمان والمعراج إلى سماوات الزّخّ والكشف، وأسمّي هذه المرحلة نزيفاً لأنّ الكتابة فيها تكون باستمرار ولا تتوقّفُ النّفسُ أثناءَها عن ضخِّ كلّ دَمِهَا الإبداعيّ وقذفه فوق الورقة حتّى يستقيمَ أمرُ القلبِ ويتخفّفَ الجسدُ من أثقاله. وهي مرحلة لا بدّ منها، وإن كانَ التَّقدّمُ العلميّ قد حرمنا الكثيرَ ممّا كنَّا نتمتّعُ به في الزَّمن الخالي من وصال حقيقيّ بالحرفِ كان يتحقّقُ عبر التَّزاوج بين يدِ الأديب العارفِ وبين قلبه وعقله، وبين يده وبصره والورقة. واليوم أصبحَ الورقُ زجاجاً سائلاً، والقلمُ لوحةَ مفاتيح واستسلمنا مضطرّين إلى أحكام عالم المعلوماتيَّات الَّتي أهلكتْ أصابعَنا وأكتافنا وبصرَنا وعظامنا وعقولنا أيضاً، وهذا لا يعني أنّني ضدَّ التَّقدم التَّكنولوجي في مجال الإعلاميّات والكتابة وما إليهما، بل على العكس من ذلك تماماً، إنّما أعني أنّهُ منْ عرفَ هبةَ الاطّلاع على بعض ما في لوْح الوجود، ولو لمجرّد فترة وجيزة من الدَّقائق المعدودة يقضيها في النَّظر الرُّوحيّ إلى صفحة أو حتّى فقرة بسيطة من ألواح الخالق، سيعرفُ جيِّداً قيمة ما فقدناهُ، وسيعرف أيضاً أنّ هذه المرحلة الَّتي نعيشها ليست بمرحلة العلم الحقيقيّ، وإنّما العلوم والكنوز الحقّة هي بداخلنا ولا نعرفُ سبيلاً لتفجيرها وتوليدها بشكلٍ يجعلنا نستغني عن هذه العلوم المعاصرة الَّتي نعتقد أنَّها أقصى ما يمكنُ أن يصل إليه إنسان ما.

بعد هذه المرحلة تأتي مرحلة السُّكون، والكتابةُ فيها تكون حديثاً خالصاً مع الرّوح عن الله، وفيها يتوقّفُ النَّزيف الدَّاخليّ، ومن الشّعر ينتقل العارفُ إلى مرحلة النَّثر والعلوم اللَّدنيّة الحقّة عبر النَّظر في اللَّوح المحفوظ الّذي تُفرغ بعضٌ من فصوله في قلبه، وتمرُّ حروفُها إلى أصابعه لتُسكَبَ فوق الورق سكباً ببركة الرّحمن وسلطانٍ وتأييدٍ منه، وقد تكون في كلّ مجالات المعرفة والعلوم والفلسفة والآداب والموسيقى والرِّياضات والكمالات البدنيّة والمعاملات الإنسانيّة والتَّربية الرُّوحيّة والخُلُقيّة وما إليها. أمّا في المرحلة الثَّالثة فإنّ العارفَ الأديبَ يصلُ إلى مقامِ الرّكون، وفيه يركنُ بكلِّيَّته إلى خالقهِ ويُصْبحُ حديثُه خالصاً، ليس عنِ الله، وإنّما معهُ مباشرةً، وهي المرحلة الَّتي لنْ يحتاجَ فيها إلى ورقٍ ولا إلى لوحٍ ولا إلى قرّاء ولا إلى أيّ شيء آخر، لأنّ شعلةَ العشق ولهبها الصَّافي يختطفانه تماماً حتّى من روحه، فيقلُّ ظهوره بين النَّاس وتقلُّ كتاباته، وقد تصبح مجرّد إشارات ونصوص قصيرة جدّاً.

غير هذا، لا أرى أنّ الكتابةَ اليوم قادرة على إحداثِ التّغيير المطلوب مهما كان نوعُها وشكلها، لأنّ كلّ كتابةٍ تخرجُ عن المنظومة الإلهيّة إنّما هي عبث ولهو ومتاع الغرور، وكلّ كتابة لا توصلُ صاحبَها إلى مرحلةِ الانخطاف عشقاً ومحبّةً ليست بكتابة أبداً، إنّما الحرفُ جاء للرقيّ بالإنسانِ، وما الإنسانيّة فيه اليوم من ظلامٍ وانحطاط يدلُّ على أنَّ رسالة الحرفِ قد حُرّفت، وعبثَ بها العابثون، وأصبح أقصى ما يتمنّاه أديبٌ ما أن يظهرَ على شاشات التِّلفزيون، أو أن تركض خلفَهُ الحسانُ من القارئات والمعجبات، أو أن يحظى بألقاب وشهادات فخريّة ما أنزل الله بها من سلطان في زمن أصبح يباع فيه كلّ شيء!



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [83]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [82]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [81]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [80]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [79]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [78]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [77]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [76]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [75]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [74]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [73]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [72]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [71]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [70]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [69]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [68]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [67]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [66]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [65]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [64]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...


المزيد.....




- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [84]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي