أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - أتمنى أن يطول عمري حتى أرى...














المزيد.....

أتمنى أن يطول عمري حتى أرى...


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 6125 - 2019 / 1 / 25 - 09:51
المحور: كتابات ساخرة
    


كتابات ساخرة
أتمنى أن يطول عمري حتى أرى...

ماجد الحيدر

" أتمنى أن يطول عمري حتى أرى نهاية هؤلاء!" هذه أكثر العبارات انتشارا وأكثر الأمنيات الحاحا لدى العراقيين. قالها الفقراء والمظلومون والـ"نكضانين" على مر العصور. ترنم بها اليساريون في السجون والفلاحون الجائعون في الصرائف والوطنيون المتحمسون في العصر الملكي وكان المعني بكلمة "هؤلاء" هما في الغالب الثنائي الوصي عبد الإله ورئيس الوزراء المزمن نوري السعيد اللذين تجسدا في مخيلة الناس كرمزين للشر الخالص وعائقين أساسيين لتقدم البلاد و"تحررها من الاستعمار البغيض" على وفق أدبيات ذلك العصر. ثم حانت تلك اللحظة، ورأى الناس جثتي هذين الرمزين تجرجران في الشوارع في الرابع عشر من تموز 1958 وتعلقان على الشرفات في مشهد جسد انفجارا هائلا لأحقاد وتراكمات السنين، مشهد لم يخل من بشاعة ظل البعض يعير هذا "الشعب" بها رغم أنه لم يبلغ ما بلغته لحظات انفجار مماثلة في بلدان أخرى لعل اكثرها عنفا وبطشا الثورة الفرنسية التي صادفت اليوم نفسه قبل 169 عاما من سميّتها العراقية!
وتململ الخاسرون من الوضع الجديد، وأخذ البعض يردد قائلا: متى نخلص من خطابات هذا الزعيم؟ كم نتمنى أن تطول اعمارنا حتى نرى نهاية "أبو أذان"؟ ولم يضطر هؤلاء الى الانتظار قرابة الاربعين عاماً كما فعل سابقوهم ليشاهدوا الزعيم من شاشة التلفاز قتيلا على يد رفاق الأمس الغادرين، لكنهم لم يتوقعوا أن يكون ذلك اليوم فاتحة لأكثر السنوات رعبا وظلاما ودما في تاريخ البلاد حين صالت ذئاب الحرس القومي البعثي وجالت وأغرقت الشوارع بالدم. وعاد الناس يتمنون ان يطول بهم العمر ليروا نهايتهم.. والخ الخ الخ!
تحضرني هنا حكاية رواها لي أحد المقيمين المزمنين في سجون الانظمة المتعاقبة عن مربٍّ وأديب عجوز كان شريكه في الزنزانة اسمه يحيى الشيخ عبد الواحد واشتهر بيحيى قاف. كان الرجل يقضي عقوبة السجن لخمسة عشر عاماً لنشاطه السياسي اليساري وكان، كما يروون، يردد لرفاقه: لا أتمنى شيئا سوى أن يطول عمري حتى أرى نهاية المجرم عبد السلام عارف. العجيب أن رفاق زنزانته زفوا اليه يوم 16-4-1966 الخبر الذي كان ينتظره عندما صعد عبد السلام لطيارته لحما ونزل فحما كما كنا نردد مع أطفال المحلة. لم يزد يحيى قاف على القول: الحمد لله، الآن استطيع أن أموت مرتاحا! ثم توجه الى فراشه وتغطى بلحافه وغط في نوم ابدي لذيذ، إذ اعلنت وفاته في اليوم التالي ونعته الصحافة اليسارية السرية.
من نكد الدنيا على العراقيين أنهم، عبر تاريخهم، لم يخلصوا من حاكم سيء الا الى أسوأ ولهذا تراهم أبدا يرددون: أتمنى أن يطول عمري حتى أرى نهاية هؤلاء! غير أن الكثير منهم (باستثناء من اختار طريق الكفاح السياسي الحافل بالآلام والخسارات) أناس مسالمون بائسون منزوعو الأنياب والأظفار فتراهم (مثل صديقي الفيسبوكي الذي قرأت له بالأمس أحدث أمنية من هذا النوع) يفضلون أن يجلسوا في بيوتهم ومقاهيهم يتبادلون النكات والحسرات والتعليقات واللايكات بانتظار أن يقوم مخلص ما، ولو من وراء البحار، بتحقيق أمنيتهم العزيزة قبل أن يأخذ السيد عزرائيل أمانته!



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن شبه الجهورية العراقية وأسمائها
- خمس مراث لشارع الرشيد
- أم في بيت الله - قصة قصيرة جدا
- سلالة النسائين العظام - شعر
- امتحان القواعد
- مع الباحث سالار فندي وحديث عن أول دراسة أكاديمية حول حركة ال ...
- أي رقيب - النشيد القومي الكردي في أول ترجمة موزونة الى العرب ...
- الرجل والجبل - شعر
- من الشعر الغنائي الفارسي - رفيقتي الأمينة
- زوجان واثنتا عشرة قصيدة
- مشهد - شعر
- لماذا أخاف الجنة - شعر
- أغنيةٌ لصحابتي
- من نماذج المعارضة الشعرية في الأدب الانكليزي
- هو الذي رأى - شعر ماجد الحيدر
- في الحان - قصة قصيرة جدا
- أناشيد كارمنا بورانا - المجموعة الكاملة
- البوم الإله - قصة قصيرة للكاتب لأمريكي جيمز ثيربر
- الفَراش والنجمة - قصة قصيرة للكاتب الأمريكي جيمس ثيربر
- نوروز - شعر قوبادي جليزاده - ترجمة ماجد الحيدر


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - أتمنى أن يطول عمري حتى أرى...