أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فهمي عبد السلام - قراءة في - رباعيات الإسكندرية -- لورانس داريل - وتحديات الشكل















المزيد.....



قراءة في - رباعيات الإسكندرية -- لورانس داريل - وتحديات الشكل


فهمي عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 6124 - 2019 / 1 / 24 - 23:15
المحور: الادب والفن
    


قراءة في "رباعيات الإسكندرية" – لورنس داريل
وتحديات الشكل الراوائي

-1-
إسكندرية الأربعينات، هذة المدينة العبقرية هى مسرح الاحداث فى رباعيات لورانس داريل الرائعة، التى ترجمها إلى العربية د . فخرى لبيب ترجمة رائعة. يقدم داريل خلال رباعيته الجميلة عالما شديد الثراء والتفرد، عالم الجاليات الاجنبية وملحقاتهم، من الأرمن والشوام واليونانيين والأتراك واليهود.
يرسم لنا داريل جدارية هائلة لذلك العالم الثرى المدهش الساحر، الذى غاص فيه عميقا عميقا، فنرى معه الوان الحب وحبائل الشهوة، الشذوذ والفضيلة، الود والقتل ، السمسرة والشعر ، الجاسوسية والتصوف ، نراها تتحرك جميعها فى شوارع الاسكندرية المهجورة ، وميادينها المظلمة وفى المواخير وقاعات الاستقبال، فى حمأة المكيدة والمكيدة المضادة.

الإسكندرية التى غزت قلب انطونيوس وكفافيس ونجيب محفوظ ،غزت قلب داريل. الإسكندرية بتفاصيلها التى تأسر الالباب، بغطرستها اللونية، بفقرها الساحق وجمالها الأخاذ، ، الحوانيت الصغيرة تحميها من الشمس قطع من تندات مهلهلة ، أكشاك الفاكهة بهياكلها الخشبية المتألقة، لون البرتقال الذهبى الدافئ يرقد على شرائح تتألق بالأحمر الارجوانى والقرمزى ، الحجر الازرق ضد العين الشريرة، قعقعة الترام، نداءات الباعة الجائلين الأشبة بالنواح، وهدير اجهزة الراديو فى المقاهى، ولعنات عرب الشوارع، ويصف نسيم ( أحد أبطال العمل ) المدينة البغى الخلابة قائلا :
إنها مدينة تفعل بالحب ماتفعله معصره النبيذ، والخارج منها إما أن يكون رجلا مريضا، أو يعانى الوحدة، أو نبيا، إننى أعنى بما أقول كل الذين جرحوا بعمق فى قدرتهم الجنسية.

على ارض الإسكندرية تلتحم وتتشابك وتتصارع مصائر الابطال وتتقاطع فى الجدارية الهائلة، التى يرسمها داريل فى لغة شعرية جميلة ولننظر كيف يرسم داريل آذان الفجر السكندرى بلغة ترقى الى الشعر المصفى :
استعيد فى ذاكرتى لحظة لابد أن تلوثها الكلمات، وأنا راقد إلى جوار امرأة نائمة فى حجرة رخيصة بالقرب من الجامع، والصمت يبتلع المدينة فى ذلك الفجر الربيعى، التقطت أذناى صوت المؤذن الأعمى العذب، وهو يرتل بصوت معلق كالشعرة فى الطبقات العليا لجو الإسكندرية، وقد رطبها النخيل، يرتل كلمات الآذان وبعض الآيات القصيرة، يتحدث خلالها عن كمال الإله الدائم الواحد الذى لايعصيه احد، كماله العظيم الذى لا ينوب عنه أحد، يشق الدعاء العظيم من الكلمات الوضاءة طريقة إلى وجدانى الناعس كحية، لفة بعد لفة، وصوت المؤذن العجوز يهبط من نغمة إلى نغمة، حتى يبدوالصباح كثيفا بقدرته على لأم الجراح، وايماءات منحة كونية غير مستحقة وغير منتظرة، تغمر تلك الحجرة الرثة، حيث رقدت ميليسا تتنفس فى هدوء كطيور النورس، وهى تهمهم فوق سطح المحيط المتألق الوميض، بلغة لن تعرفها أبدا.



-2-

الرواية عن تجربة ذاتية لحياة داريل فى الإسكندرية فى الأربعينيات، وبطل العمل هو "دارلى" ( تدليل داريل )، المدرس الفقير المحاصر بالفقر والمسكن الرث، والهواجس السوداء تنتابه عن قدراته كروائى. وفشله الذريع فى تدبير أمور حياته الصغيرة، الذى يعيش فى فوضى كاملة.
لقد ظهرت ميليسا فى حياة دارلى وكانت قد وصلت إلى الحضيض هى الأخرى، لقد هربت من اليونان فرارا من زيجة ظالمة، وعبرت البحر الأبيض تلبية لنداء المصير، حيث عملت فى البداية كموديل للرسامين. وبعدهاعاشت لفترة كمحظية لتاجر الفراء " كوهين " اليهودى العجوز البخيل صاحب الوجه المجدور البليد، الذى لايتورع عن الغش فى المعطف الذى يهديه إليها. وعندما تطلب منه ميليسا أن يتزوجها، يتهرب كوهين ويماطل ويهرب منها .

وأخيرا تعمل ميليسا كبغى بائسة، وراقصه مبتذله فى كبارية رخيص، ظهرت ميليسا مصادفة فى حياة دارلى، " كى تنفس فى خياشيمه بعض أنفاس الحياة ". أحبته ميليسا لأنها على حد تعبيرها " لاول مرة فى حياتها تجلس مع رجل وهى لاتخشى أن تكون حمقاء او طائشه ". واحاطت ميليسا المصدورة المٌفَزَعة حياة دارلى بحنان المرأة الشرقية الغامر. واعتبر دارلى أنه أصبح رجلا سعيدا بظهور ميليسا فى حياته، وقد عمق الفقر الرباط بين المدرس الفقير والبغى الضائعة، لكن هذة السعادة لم يكتب لها أن تستمر طويلا، فقد كان القدر يخبئ لهما ظهور جوستين فى حياتهما.

جوستين ربه الجمال ونجمة المجتمع السكندرى المتألقة، أشهر نساء المدينة بجمالها وبفضائحها وبزوجها. إنه نسيم حصنانى أشهر رجال الإسكندرية وأغناهم. رجل المال والبنوك الوسيم الشاب، الذى يدير اعماله بدقة فائقة وهو شارد البال، وقد اكتست ملامحة الوسيمة بعلامات الحزن العميق. إنه الأمير الحزين خريج أكسفورد، والابن الأكبر لآل حصنانى، أشهر العائلات القبطية بالمدينة.
كان دارلى يلقى محاضرة عن كفافيس، شاعر المدينة الشيخ فى أتيليه الإسكندرية، لقاء قروش كى يدبر ثمن معطف لميليسا. عقب المحاضرة قابلته جوستين، وبعد عدة لقاءات كان دارلى قد سقط فى حب مشبوب لهذة اليهودية الساحرة. ولم يكن دارلى ( العشيق ) أو نسيم ( الزوج )، هما أول أو آخر طابور ضحايا جوستين. فجوستين كما تقول عنها كليا:
" هى النسخة الضحلة التى أنتجها القرن العشرين لمحظيات الماضى العظيم، مثل مدام "دوبومبادور " و " لايس ". إنها بغى أصيلة، والبغى الأصيلة هى حبيبة الرجل الحقيقية ". ولم تكن جوستين فى نظر دارلى سوى واحدة من سلالة الملكات الرهيبات اللاتى تركن رائحة حبهن المحرم النفاذة كالأمونيا كى تحوم فوق الاسكندرية ".

أما نسيم فيقول عنها:
" انها عظيمة بشكل من الأشكال وهناك انواع من العظمة تدمر الحياة العادية إن لم تمارس فى الفن أو فى الدين. لقد أٌسئ إلى موهبتها، عندما وجهت ناحية الحب، واعترف أنها كانت سيئة فى العديد من الأمور ولكنها، أمور صغيرة وليس بوسعى أن أقول أنها لم تؤذ أحدا، لكن هؤلاء الذين أذتهم أكثر من غيرهم، قد صيرتهم أكثر نضجا، إنها تخلع عن الناس نفوسهم البالية،ولابد أن ذلك كان يؤلمهم.
كان يعقوب ارناؤوطى أحد الذين خلعت عنهم جوستين نفوسهم البالية، إنه زوجها الأول وكتب عنها رواية بعنوان " عادات "، روى خلالها كيف التقى فى الإسكندرية بيهودية شابة، وكيف أحبها وتزوجها، وكيف سافرا إلى أوروبا، وعودتهما ثم طلاقهما.
فحينما التقت جوستين بأرناؤوطى، كانت فقيرة ووضيعة المنبت، وكانت تخجل أن يرى مسكنها فى حى العطارين القذر المزدحم. وأدعت إنها يونانية الأصل، ولم تخبره بأصلها الحقيقى كيهودية. لكن أرناؤوطى اليهودى الألبانى الأصل الذى يحمل الجنسية الفرنسية، شم رائحة جوستين اليهودية، فلا يشم رائحة اليهودى إلا يهودى مثله. وسجل أرناؤوطى فى عادات أنه لم يكن كلانا يملك الشجاعة الكافية للإعتراف بأصله كيهودى.

حدثته جوستين الجميلة السمراء، حيث يختلط السمار العاجى مع البياض والشعر الأسود، وقد سلطت عليه عينيها العصبيتين، اللتين تتأوهان وتنطقان بالفضول الجنسى. حدثته حديثا رائعا عن حياتها المتخمة بالنوائب، وعن طفولتها وهى تنمو مع اللطمات من أبيها الذى يرتدى طاقية الفرو، ويغطى بها خصلات شعره المدهونة بالزيت، وعن حياتها التى شبهتها بأنها جرح لا يندمل.
يتذكر أرناؤوطى تلك الليلة الصيفية الرائعة فى ضوء القمر، وهما فى الشرفة المبللة المطلة على البحر، وجوستين تضغط براحتها الدافئة على فمة، وتمنحه كنوز جسدها وسجاياه، وهى تقول المبحوح العميق:
- أسرع فطسنى دعنا ننتهى من قمة الرغبة إلى قمة اللذة
ويكمل ارناؤوطى ذكرياته، يبدو أنها نالتنى فى خيالها، إلا أن الكلمات قيلت بدرجة كبيرة من الاعياء والمذلة، فمن كان بوسعه أن يمتنع عن حبها.

-3-

بعد الزواج يدرك أرناؤوطى انه وقع فى جب بلا قرار، فالمعبودة السمراء الساحرة، أظهرت أنها شديدة الجهل بأمور الوفاء الصغيرة المعروفة، والتى تشكل أٌسس الحياة العاطفية بين الرجال والنساء. وأرناؤوطى الذى تجاوز الأربعين يصاب بالدوار، من سرعتها الفائقة فى الانتقال من جو إلى جو. ومن موعد إلى موعد، ومن رجل إلى رجل، فالمعبودة الساحرة تخونة باستمرار ويصاب بالدهشة والاسى عندما يعلم انها تخونة فى اوقات كان يعتقد ارناؤوطى خلالها انه اقرب مايكون اليها فتقول له مدافعة عن نفسها:
" أنت نفسك حدثتنى عن تقبلى اللذة فى مأساوية، إنها مهدرة عندى تماما، وأعلم أننى أبدو للجميع كائنا بلا قلب، لكنهم عليهم أن يقروا بأن ما افتقده فى القلب أعوضها فى الروح، ففى الروح يكمن البلاء .
على الرغم من قدرة ارناؤوطى الهائلة على التسامح مع المعبودة الساحرة ، المتخمة بالنوائب، التى تجد خلاص روحها فى اللذة كبديل مأساوى لفقدان السعادة، إلا أنه يشعر بالاشمئزاز منها، ومن ضعفه المشين حيال فضائحها ونزواتها وخياناتها. فيسخر منها ويهينها فيقول لها:
" اننى أعرف ماتعانين منه بالضبط ، اتوقع رغبتك فى إستثارتى حتى أضربك، كى أعطى خطاياك نوعا من الغفران. ففى كل مره تخونيننى فيها يأكلك الذنب، لكننى أرفض أن أكون قوادا "لملذاتك " . ويقول لها مرة أخرى الحقيقة بلا مواربة:
" ايتها اليهودية المختلة المهووسة المزعجة "
فتبكى بذلك النشيج الكثيف الفظيع الذى مجرد تذكرته يجدد آلام أرناؤوطى.

يصاب ارناؤوطى بالرعب حينما يدرك أنه غير قادر على ابتعاد جوستين عنه، فقد قام برحلة قصيرة بعيدا، لكنه وجد الحياة بعيدا عن المعبودة الساحرة، مليئة بضجر قاتل لايمكن احتماله. وكأنه جاء الى الاسكندرية خالى الفؤاد ليتحول الى قواد لملذات تلك اليهودية المهووسة الساحرة، فكل قراراته بالهجران والفرار بجلده، كانت تنهار مع قبلة او ابتسامة من جوستين وتبدو له " كل قبلة من قبلاتها بمثابة ضربة تقرب الانسان من قبره ".

تعترف جوستين لارناؤوطى فى لحظة من لحظات الصفو بأنها تعرضت وهى طفلة لحادثة اغتصاب من اجنبى سكندرى يضع عصابة سوداء على عينه. والعاشق هو ذلك المتآمر الأبدى ضد نفسه، يتأمر ارناؤوطى ضد نفسه حينما يخيل له حبه المجنون بأنه توصل أخيرا إلى سر تقلب المعبودة الساحرة، فعبادة اللذة عندها، وهوسها الجنسى، واللذة المهدرة، سببها أنها تحاول أن تستعيد تلك التجربة مرة أخرى. وهذا الهوس هو البديل الذهنى لحادث الاغتصاب، فلو حل عقدتها لخطا مكان ذلك الشبح ، وسيحتل مكانه ، وسينال قبلاتها كما لم ينلها أحد من قبل، وسينالها كما لم ينلها إنسان.
ويحمل أرناؤوطى مرض جوستين على كاهله ويرحل به، إلى بادن وزيورخ وباريس، يقدم مريضته إلى أشهر علماء الطب النفسى وعلى رأسهم فرويد " بجلاله قدرة ". ويعجز فرويد لكن " مانيانى " لا ييأس من تلك المريضة المصابة بالهوس الجنسى السحاقى، فيجلس أرناؤوطى يستمع إلى صوت مانيانى العارى القاسى الرفيع، وهو يعيد المرة بعد الأخرى أخبرينى باسمه .. يجب أن تخبرينى باسمه فترد جوستين فى إعياء " لا استطيع أن اتذكر ... لا استطيع أن اتذكر.
وينتهى الجزء الاول " جوستين " بنهايات خارقة حزينة، أهمها فرار جوستين ذات صباح، هربا من هوسها ومن احساسها بالذنب حيال زوجها وعشاقها، الذين سببت لهم كل هذة الآلام. إلى أين ؟ إلى فلسطين حيت التحقت بواحدة من الكييوتزات اليهودية، إنه فرار أشبه بالانتحار، فالعمل اليدوى الشاق قد يحرر هذة النفس القلقة.
لكن السؤال :- هل الكيبوتزات الصهيونية وحدها هى التى توفر عملا يدويا شاقا ؟ تموت ميليسا بأمراضها التى تفاقمت، وهى ترى دارلى غارقا فى حب جوستين . وتحدث جريمة قتل غامضة فى إحدى رحلات صيد البط ، وكان ضحيتها هذة المرة كابوديستريا او دى كابوا الذى اشتهر بقدرته الجنسية الضخمة كثروته، إنه أحد مهاويس الجنس، وهو صاحب العصابة السوداء الذى اغتصب جوستين، والذى وصلت قضيته إلى فرويد نفسه، فقد وجدت جثته فى قاع الملاحات الضحلة بكينج مريوط ، وبخلاف جريمة قتل كابوديستريا الغامضة، تقع جريمة أخرى على رصيف الميناء ، كانت ضحيتها امراه عجوزا هشم أحدهم جمجمتها الهشة.
لم يكن القتيل مرأة عجوز، فقد ظنوا للوهلة الأولى أنه أمرأة بسبب الثياب التي ترتديها الجثة، لكن الجثة تعرفوا فيها على سكوبى. ضابط الشرطة الإنجليزى الذى تجاوز الثمانين عاما، صديق دارلى والذى يقول عن نفسه " القرصان العجوز ". لم يكن سكوبي سوى شاذ جنسيا ومصابا " بجنون القمر "، فحينما يكتمل القمر لايستطيع سكوبى مقاومة الاغراء ، أن يرتدى ثياب عاهرة ،و يتجول على رصيف الميناء وقد ارتدى زي العاهرة.
وذات ليلة ينهار سكوبى ويتوسل فى مذلة إلى دارلى ويكشف عن سره، ويطلب منه أن يأخذ ثياب العاهرة، يأخها لكي يتخلص منها ومن جنون القمر ، كى ينقذ القرصان العجوز من شوه المجنون، ويأخذ دارلى الثياب، لكن جنون القمر كان أقوى من سكوبى، فهشم أحدهم رأسه على رصيف الميناء.
جريمة انتحار عارض اخرى تهز المدينة، لقد استيقظت المدينة ذات صباح على انتحار الروائى الكبير " بورسواردن " بالسيانيد، وهو فى ذروة النجاح والتألق الادبى، انتحار غامض بلا سبب ظاهر لكاتب لامع ، والمفاجأة أنه ترك وصيه يوصى خلالها بمبلغ مالى محترم إلى دارلى، هذا المبلغ يتيح لدارلى الفرار من كل هذا الجنون الذى مارسته الإسكندرية على ضحاياها، فيفر إلى جزيرة نائية فى قبرص كى يضمد جراح القلب هناك، وينسى المدينة التى اطبقت عليه وعلى أصدقائه برهبتها.

-2-

مفتاح الرواية الجميلة يقبع فى بورسواردن وحياته وانتحاره الفاجع، فهو يعمل فى مكتب المخابرات الإنجليزية بمصر لكى يطفو على سطح الحياة. ومشغول طيلة الوقت بتقديم صور كاريكاتورية، عن نفسه وعن عدميته بسلسلة من السخريات السوداء. فثلاثيته الأخيرة التى حققت نجاحا هائلا، صدرت بذلك العنوان العدمى الخالص " الله يحب الدعابة "، وتصدير الرواية كان بذلك المثل العربى الجدير بكل عدمى " الدنيا مثل الخيارة ، ساعة فى يدك وساعه فى شرجك ".
فى بقية أجزاء الرباعية نكتشف أن خلف كل تلك السخريات السوداء ، وخلف كل وقاحة بورسواردن، وخلف كل هذة الموهبة الأدبية الرفيعة المتوحشة، كان بورسورادن مدينا بكل ذلك، إلى تجربة حب أليمة، نخرت روح بورسواردن، وتركت قلبه محض ندوب، إذ كان بورسواردن على علاقة حب آثمة مع شقيقته العمياء الوحيدة ليزا .

ويقدم داريل درسا فى تناول " الجنس " كمادة للأدب، حيث يسمو بعلاقة منحرفة شاذة، إلى ذرى رفيعه من ذرى الفن الجميل. لقد ولد بورسواردن وشقيقته العمياء ليزا لأبوين ماتا مبكرا، وتُرِكا لدى عمة عجوز صماء مشغولة طيله الوقت بتدبير احتياجاتهم الاساسية ، فى كوخ موحش كئيب بغابة من غابات انجلترا ، تاركة لهما أن يتعلما ما يستطيعان تعليمه لنفسيهما وما أقسى اليتم والوحشة، على القلوب الغضة البريئة. والتصق الطفلان اليتيمان المفزوعان التصاقا حميما، ولم يكن لديهما سوى كتاب لبلوتارك عن العالم القديم، حفظاه عن ظهر قلب، ورأت ليزا العمياء الدنيا بعينى بورسواردن الشاعر – الطفل، وغدت العمياء ملكة حياته الأسطورية الغريبة ، وأعاشها فى قصور فسيحة ( اخترعها ) من التنهيدات ، فى مصر وفى بيرو واحيانا بيزنطة ، أحال بورسواردن كوخهما البائس إلى قصر بأرضيات فاخرة من فسيفساء تتألق بالحيات والصقور والاقزام . كان بورسواردن شاعرها وأميرها وعيناها اللتان تبصر بهما فى ظلامها الأبدى. وكانت ليزا ملهمته وملكته الاسطورية التى اخترعتها وحدتهما وشاعريته، وأنجبا طفلة، وكان بورسواردن أول من أدرك أن لعنة رهيبة قد حاقت بهما، وبدأت الحياة الشعرية القديمة تفقد سحرها، وتَدَخَلَ العالم أكثر وأكثر فى أمورهما، وفى عالمهما المتوحد وفى قصورهما وممالكهما . وأدرك بورسواردن استحالة أن يقيم أى منهما علاقة سوية خارج حبهما الملعون . فقرر بورسواردن الهرب والى أقصى الارض، إلى مصر، فالملك الإله فى مصر الفرعونية، لايتناسل فى رحم إمرأة غريبه، هذا الحب المحرم الملعون شحذ موهبة بورسواردن الرائعة ، فإحتل بها مكانة عالية فى ذرى الأدب الرفيع، لكن هل تكفى الانجازات الأدبية الكبيرة، لمداواة جراح بورسواردن الغائرة، لم يكن هناك سبيل لإنهاء هذة الجراح سوى القبر، فالقبر وحده هو القادر على إنهاء هذة الآلام، فانتحر بورسواردن عقب تلقيه رسالة من ليزا.

وعبر الرباعيات الطويلة، نكتشف مع دارلى أن ظاهر الأشياء لا يعبر أبدا عن باطنها، إذ نكتشف أن خلف القصص الرومانسية لحب دارلى الملتاع ومطاردة جوستين لبورسواردن، وغيرة الأمير نسيم على معبودته السمراء، التى تبحث فى الجنس عن خلاص الروح، لم تكن كلها سوى واجهة رومانسية رائعة، تخفى خلفها مؤامرة سياسية عملية بشعة، ولا مجال فيها لأدنى عاطفة ، ولم يكن رأس المؤامرة سوى الأمير الحزين نسيم، الذى لم يتردد فى قتل شقيقه الأوحد " ناروز " عندما بات وجوده خطرا على " الخطة ".
نكتشف فى بقية اجزاء الرواية أن نسيم كان قد كرس حياته وثروته وعلاقاته وزوجته لرساله سياسية ، فهو يعيش دور من نذرته الأقدار كى يعيد بعث الأمة القبطية، ومؤامرته كان هدفها الوحيد هو أن يحتل أقباط مصر ( على يديه ) مكانهم اللائق تحت شمسها. لقد أعده والده " ملتاؤوس " لهذة الرسالة منذ أن كان طفلا. وكانت حسابات نسيم كالآتى، أن الأسد البريطانى تخلعت أسنانه، وأن أيام الإنجليز فى مصر باتت معدودة، وأن القوة الوحيدة التى تمتلك القوة والحيوية الكافية لكى تلعب دورا أساسيا فى المنطقة هم يهود فلسطين، عندما تقوم دولتهم المنتظرة . فلو ساعدهم نسيم بتهريب السلاح إلى العصابات الصهيونية الآن سيعتبرونه رجلهم فى مصر. وسيردون له الجميل مستقبلا، ولن يطلب منهم سوى أن يتبوأ الشعب القبطى مكانته، ويسافر نسيم إليهم سرا، لكن الوكالة اليهودية ترتاب فى هذا القبطى الذى يعرض خدماته فى الوقت، الذى يرفض فيه اليهود المصريون التورط فى أعمال تفقدهم ثقة المصريين. ونسيم الذى أعده والده لحمل رسالة رفع الظلم عن الشعب القبطى، شأن أصحاب الرسالات الكبرى، لا يتوقف عند أول عقبة، فيقرر الزواج من يهودية، حتى يحظى بثقة الوكالة. ولم يكن أمام نسيم امرأة قادرة على أن تلعب هذا الدور باقتدار أكثر كفاءة من تلك الساحرة الشبقة المختلة جوستين.، سيوظف نسيم قدرات جوستين من جمال وذكاء وسحر ولماحية وقدرة لا تبارى فى انتزاع امتثال الرجال، فى شئ أثمن من الحب وأغلى وأرفع مكانة، سيوظفها نسيم فى المؤامرة السياسية وفى صناعة المستقبل السياسى لهذة المنطقة الحساسة من العالم وفي تحرير أمته .
حينما أطلعها على سره الدفين ، اندهشت جوستين وهى ترى هذا الفاتر الرخو يتهيج ويشتعل وهو يجعلها تنطق بالكلمة السحرية
سنرسل الاسلحة .. إلى ..
ترد عليه جوستين بصوت كالفحيح
إلى فلسطين
انتعشت اليهودية الساحرة فى دورها الجديد وتألقت كمتأمرة ، ولما كان دارلى وبورسواردن يعملان فى مكتب المخابرات البريطانية، كان هم نسيم الأكبر أن يبعد أنظار المخابرات الإنجليزية عن الخطة، والتى لم تكن تتفق مع مخططاتهم، لهذا السبب وحدة أطلق نسيم الساحرة اليهودية كى توقع فى حبائلها بورسواردن ودارلى، لم يأخذ دارلى فى يدها غلوة ، أما بورسواردن فكانت محنته الأليمة تقف كسياج بينه وبين أن يتم اختراقه، حتى لو كانت تلك المرأة هى جوستين. لقد أمدته تلك المحنة ببصيرة ضارية متوحشة، جعلته لايرى فى الساحرة اليهودية إلا امرأة متسلطة مستبدة مزعجة تفرض نفسها على الآخرين، باعتبارها مشكلة. ولم يتورع بورسواردن عن طردها من غرفته وقد أمسك برقبتها وهو يقودها الى باب الغرفة قائلا لها :
" هل تنفضلين وتتعطفين وتتكرمين بأن تبلغى سن النضج "، " تريدين اقتحام حياتى ؟ لماذا ؟ أنت ياعزيزتى بابٌ دوارٌ للجنس علينا جميعا أن نمر به ؟؟
ويقول لها عندما يرى الحاحا عليه يزداد ومطاردتها له اصبحت سخيفة لا تطاق:
" أنت تريدين أن تقتحمى حياتى، لكن الفنان الذى تمتطيه امرأة كالسرج، يشبه الكلب الإسبانيولى وفى أذنه " قرادة"، إنها تسبب له أكلانا، تسحب دمه، وهو لايستطيع الوصول إليها " .
وبينما رأى دارلى أن علاقته بجوستين " اصداء لعلاقتها بأرناؤوطى " ،لم ير بورسواردن فى أرناؤوطى سوى " سجان مولع بالتحليل النفسى ". واما عن حادثة الاغتصاب التى عجز أمامها فرويد ومانيانى فقد انغرست كلمات بورسواردن فى نفسها كالشوكة :
" من الواضح انك استمتعت بما حدث ، بل ربما أنت التى أغريته بذلك، كفاك هذا الصراخ وإسقطى هذا الإثم الذى ابتدعتيه، وأكدى لنفسك أن الأمر كان ممتعا، وكان بلا معنى أيضا "
وفى موضوع أخر يقولها :
" هل تفرضين علينا نفسك كمشكلة ؟ أؤكد لك أن شأنك شأن اليهود تحبين العقاب وتحبين أن تأتى ثانية لتناليه، وكل أفعالك وثيقة الصلة بالسلب والنهب، وهى صفات ملاصقة لكل يهودى"
لم تنفذ جوستين إلى نفس بورسواردن، أهانها وعاملها باعتبارها امرأة مستبدة اعتادت إخضاع الرجال. لكنه لم يفطن إلى المؤامرة، بل وخاض صراعا كبيرا فى الإدارة التى يعمل بها، ضد إتجاه كان يجمع الأدلة ضد نسيم والثعلبة اليهودية. وانتصر بورسواردن فى هذا الصراع، وكان قد وصل إليه خطاب من ليزا، وكان بورسواردن قد تنبأ أن يظهر فى حياة ليزا رجل، وبظهوره ستتحرر ليزا من قبضة بورسواردن عليها. وأطلق عليه بورسواردن "الغريب الاسمر"، وبعد طول تردد أرسلت له ليزا بالخبر الذى كان ينتظره فى توقع كئيب، وبعث لها معبرا عن سعادته لأنها " لم تعد مقيدة فى اصفاد شقيقها المعذب " . لكن لأنه يعلم استحالة فرارها من تلك الأغلال، التى قيدها بها طيلة تلك السنوات طالما ظل حيا موجودا فى مكان ما من العالم. فيجب أن يزيح نفسه من على المسرح حقا وكان قرار الانتحار.....
. تصادف هذا مع قضاء بورسواردن ليلة عبثية ، دخل خلالها مباراة للظفر بقضاء ليلة (بأجر) مع ميليسيا ضحية دارلى وجوستين، فى هذة الليلة عرف بورسواردن من ميليسا أن جوستين ونسيم يرسلان السلاح إلى اليهود فى فلسطين، وأن كوهين عشيقها السابق هو من أخبرها، فقرر بورسواردن أن يقتل نفسه بالسيانيد، كى يزيح نفسه من على المسرح بأسرع ما يمكن، وأن يكشف المؤامرة، وان يبعث برساله من العالم الاخر إلى نسيم يسخر منه. وفوجئ نسيم فى الصباح المبكر بصوت بورسواردن عبر التليفون يضحك تلك الضحكة التهكميه المكتومة،وهو يقول لنسيم أنه سيترك له رساله عاجلة فى غرفته بفندق جبل النسر ، يهرع نسيم إلى الغرفة كالمجنون، ليجد جثة بورسواردن مسجاة، وعلى مرآة الحمام كتب بورسواردن بفرشاة الحلاقة :
" كل شئ تم اكتشافه ، مخازن السلاح ، وكوهين ، وفلسطين " بورسواردن .

عاد دارلى إلى الإسكندرية والحرب العالمية مندلعة، ليجد ليزا تبحث عنه، كى تأخذ رأيه بشأن الخطابات الخاصة التى كان بورسواردن يبعث بها إليها، كى يساعدها فى اتخاذ قرار، هل من اللائق نشرها أم لا، يأخذ داريل الرسائل ويبدأ القراءة، وهو يشعر بإثم وبشاعة استكشاف أعمق أسرار حياة إنسان آخر. فوجد الرسائل تحليلا وحشيا للذات وقد صيغ فى كلمات لاتضطرب ولا تتلعثم، فالحقيقة والوهم كانا يمتزجان فى رؤية ناصعة تعمى الابصار، أسى هائل وجمال مطلق قد صيغا فى كلمات ورؤى تعلق فوق عقل الكاتب مثل نجم الموت الأسود. وكان دارلى ينتفض وهو يقرأ تلك الروائع التى تفوق كل روائع هذة النفس المتألمة، فهذة الخطابات ليست أدبا إنها الحياة بذاتها، وماتحويه سطورها من آلام، إنما هى آلام الحياة نفسها بما فيها من رعب وإذعان وخضوع. ويحقق دارلى رغبة بورسواردن بحرق تلك الدرة الادبية.
كانت جوستين قد عادت وانكشفت المؤامرة وتم تجريد نسيم من امواله، وحددت السلطات إقامة جوستين فى المنزل الريفى بكرم " ابو جريج ". وكان لابد أن يلتقى داريل بها بعد أن انقشعت أوهام حب جوستين المزيفة. فوجد نفسه كأنه يرى امرأة أخرى، وكان من العسير أن تنبعث صورة تلك العشيقة الساحرة، التى كانت كل كلمة أو إيماءة منها كافية لأن تبطئ الدم فى العروق، فقبلتها على جبينه جاءت باردة كالنعى، وجمالها القديم الذى لازالت تحتفظ به، رأه جمالا هامدا " لمومياء طليت بطريقة خرقاء حتى تعطى وهما بالحياة ". أفلت دارلى منها فلم يرسوى امرأة فظة سوقية شرسه، تتوق إلى أن تنشب مخالبها فى لحم نسيم، الذى تقول عنه لدارلى " أنه رفيق مؤامرة مثالى " لكن كزميل سجن فى الهزيمة فهو شخص لا يطاق "
اخر مشهد بين دارلى وجوستين عندما استيقظ ليجدها تقف إلى جوار فراشه عارية، وقد ضمت يديها فى توسل أشبه بأمراه متسولة فى الشارع، وتطلب منه فى مذلة " بعض الملاطفات والربتات " بعض التحبب ، ذلك كل ماترجوه " أما دارلى فكان يبحث عن سر ذلك التقزز الهائل الذى يجيش فى اعماقه ويمحو كل مشاعر أخرى فيكتب :
" هذة صورة حبى التى كانت ، ذات يوم ، رائعة ، ترقد الآن فى خواء على ذراعى ، بلا طول وبلا حول، كمريض فوق منضدة العمليات يتنفس بالكاد، كان من العبث أن أكرر اسمها ، الذى كان يحمل ذات يوم قدرا كبيرا من السحر، لقد غدت أخيرا مجرد امرأة ترقد هناك ، ملطخة مهلهلة، مثل طائر ميت فى مزراب، وقد تغضنت يداها كالمخالب، كان الأمر وكأن بابا حديديا هائلا قد أوصد فى قلبى وإلى الابد "
ويتساءل دارلى من كان الآثم فى كل هذا ؟ الآثم هو الحب الذى يبتكر صورا كى يتغذى عليها ، فالحب مجموعة من الاوهام المنتقاة التى يخدع بها العاشق نفسه ولم يكن دارلى سوى عاشق، والعاشق مثل الشاعر، يتآمر ضد ذاته بصورة أبدية.



#فهمي_عبد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حجرة الفئران-... قصة قصيرة
- في.... الجاكس...قصة قصيرة
- قراءة في - مرايا - نجيب محفوظ


المزيد.....




- القائمة القصيرة لترشيحات جوائز الأوسكار 79
- فيلم صيني بيلاروسي مشترك عن الحرب العالمية الثانية
- -آثارها الجانبية الرقص-.. شركة تستخدم الموسيقى لعلاج الخرف
- سوريا.. نقابة الفنانين تعيد 100 نجم فصلوا إبان حكم الأسد (صو ...
- من برونر النازي معلم حافظ الأسد فنون القمع والتعذيب؟
- حماس تدعو لترجمة القرارات الأممية إلى خطوات تنهي الاحتلال وت ...
- محكمة برازيلية تتهم المغنية البريطانية أديل بسرقة أغنية
- نور الدين هواري: مستقبل واعد للذكاء الاصطناعي باللغة العربية ...
- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فهمي عبد السلام - قراءة في - رباعيات الإسكندرية -- لورانس داريل - وتحديات الشكل