|
الشرعية الدولية على الجناح الموهوم
عبد الخالق الفلاح
الحوار المتمدن-العدد: 6119 - 2019 / 1 / 19 - 10:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشرعية الدولية على الجناح الموهوم الشرعية الدولية او السيادة ظهرت منذ بروز الدولة الحديثة في التاريخ الحديث و ظهور المجتمعات البشرية وكياناتها السياسية الأولى وتعني الالتزام بمجموعة المبادئ والقوانين التي تحكم وتوجّه العلاقات الدولية من خلال هيئة الأمم المتحدة وبما تصدره هيئاتها المكلفة بحفظ السلم والأمن العالميين وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي من مهمة وهي صفة او نظام مؤسس على مرتكزات قانونية أو أخلاقية أو قيمية ينعقد حولها إجماع مجموعةٍ معينة أو أغلب أفرادها نظرا لما يجمع بينهم من تلك الأسس وما توفره من إنصاف وعدالة في تنظيم المعاملات بينهم وحماية حدودٍ دنيا من الحقوق لكل واحدٍ منهم ، أساسها في الطابع التوافقي التعاقدي للقوانين الدولية والمعبر عنه في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تَعتمدها الدول وتوافق عليها وتلتزم بتطبيقها بحكم أنّ الدولة هي المخاطب الرئيسي بالقانون الدولي العام . مصطلح (الشرعية الدولية ) يقصد بها وجوب تطبيق قواعد القانون الدولي العام على سائر التصرفات التي تصدر عن الأشخاص المخاطبين بهذا القانون وهم أساسا الدول والمنظمات الدولية. ومصادر الشرعية الدولية هي مصادر القانــون الدولي نفسها التي حددتها المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وهي: 1 – الاتفاقيات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من جانب الدول المتنازعة. 2 – العرف الدولي المقبول بمثابة قانون كما دل عليه تواتر الاستعمال. 3 – مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة. 4 – أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم كمصدر احتياطي لقواعد القانون, وذلك مع مراعاة المادة (59) التي تنص على أنه لا يكون للحكم قوة الالتزام إلا بالنسبة لمن صدر بينهم وفي خصوص النزاع الذي فصل فيه. ولا يترتب على نص المادة (38) سالفة الذكر أي إخلال بما لمحكمة العدل الدولية من سلطة الفصل في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف . أن عدم تنفيذ وضمان تنفيذ قرارات الشرعية الدولية . ما يترتب عليها من جرائم تفرض على المجتمع الدولي وفي مقدمته مجلس الأمن الدولي والمنظمات الأممية المختصة، الخروج من حالة التقاعس واللامبالاة إن لم تكن هناك تواطؤ في تنفيذ القرارات الأممية كما ان تعطيل الشرعية الدولية بالفيتوهذا النمط من الاحتيال الذي لا يليق بدولة تحترم نفسها. وهذا الخروج على الشرعية الدولية الذي يخضع تطبيق قرارٍ أصدرته لموافقة الجهة التي صدر ضدها تسبب في ضرب مصداقية المواقف الدولية والدول التي تدعي الحرص على مبادئ حقوق الإنسان وتحقيق السلام في العالم وما نشاهده نحن اليوم أنّ الشرعية الدولية اصبحت تخدم الأجندات السياسية للقوى المهيمنة، وهو ما لا غرابة فيه إذا ما أخذنا في الحسبان أنّ هذه القوى أنشأت النظام الدولي لخدمة مصالحها وتكريس هيمنتها على العالم مع تدبير سلمي لخلافاتها وطموحاتها المتباينة . لاشك ان امتلاك خمسة أعضاء في المنظمة الدولية لحق النقض ( الفيتو ) مثل امريكا وروسيا والصين اضافة لبريطانيا وفرنسا تعطل مؤسساتها عبر إعطاءها هذه الحق المغبن لبقية الدول و ينفي أية سلطة فعلية للأعضاء غير الدائمين فيه ، ويجعل من مجلس الأمن محفلا لإبراز توافق الأعضاء الدائمين أو خلافهم ، أي لا ينفع على الإطلاق، إلا من حيث الرمز الهلامي ومنها الولايات المتحدة الامريكية وثقافتها بمجملها تقلل من شأن الشرعية الدولية، وأصبحت القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية الحاكمة الاولى، تآكل مفهوم الشرعية الدولية، وعادت الأمم المتحدة لتكرر تجربة عصبة الأمم، وتتحول الى ساحة لصراع الكبار وتفقد أي دور جدي لها كشرعية دولية تحترم أساس ميثاقها والقانون الدولي رغم أنها هي أحد الأطراف المقررة لهذه الشرعية ، بل الطرف الأول في غطرسة الأقوياء ومحاولاتهم لاحكام سيطرتهم على العالم ، ولو اخذنا النموذج في العراق فمنذعام 2003 حين نفذت الولايات المتحدة الأمريكية جريمة دخولها لهذا البلد خارج نطاق الشرعية الدولية ورغم المعارضة الأممية الواسعة لهذه الجريمة ، فإن الهدف الرئيسي والاستراتيجي لهذه السياسة المتهورة تجاه هذا البلد هو إعادته عشرات السنين إلى الوراء وتدمير كل مقومات النهضة التعليمية والصحية والعلمية التي بناها على مدى عدة عقود بدعم من دولة عدوانية الطبع ورجعية المفاهيم للسيطرة على خيراته وهذا ما تحقق بالفعل حيث نجد العراق يرفل إلى يومنا هذا بالكم الهائل من الأزمات الاقتصادية والسياسية والمعيشية والاجتماعية بل والدينية ليتشبث بالدول الاخرى لبناء من تم تخريبه من بنية التحتية والحضارية والتي خلقتها من خلال المجموعات الارهابية مثل القاعدة وداعش وغيرها وادت الى خلخلة نظامه القومي والمذهبي والاجتماعي والسياسي واختراق سيادته .و نرى في نفس الوقت أن بعض الثقافات السياسية المتحجرة لبعض الدول اعطت لها هذه الشرعية ، وإن لم تجن منها قط ما يبرر هذا التثمين و رغم انها تطير في هواء هامشي وعلى جناح موهوم . عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي
#عبد_الخالق_الفلاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق ...الزيارات وتطوير العلاقات مع الدول
-
العودة الى الحكمة والمعايير الاخلاقية
-
مجلس النواب العراقي والمستقبل المبهم
-
هل الجدار يقضم ترامب ...؟
-
،، الفيليون و سباق العودة الى الذات ،،
-
الدولة وظاهرة الدول داخلها
-
سيادة العراق لا يمكن المساس بها
-
من ذاكرة حُزني
-
التعايش الارث الانساني والتاريخي للعراق
-
العراق ...حكومة بالتقسيط
-
دروس في الاخلاق .... الوفاء
-
دروس في الاخلاق ...الشجاعة
-
الشعب اليمني وثورته في ستوكهولم
-
قمة التعاون الخليجي قمة بلا حلول
-
لاخير في مجلسٍ.... سوق للهرج
-
خيانة الامانة من الصفات المنبوذة
-
دروس في الاخلاق ...الاخلاق السياسي
-
(( دروس في الاخلاق... المدرسة والاسرة ))
-
القيادي الفيلي والاستراتيجية القيادية الجاذبة -الكاريزما”
-
هل وزارة عبد المهدي قلقة وعمرها قصيرة...؟
المزيد.....
-
شاهد.. -غابة راقصة- تدعوك لإطلاق العنان لمخيلتك في دبي
-
بعد مكاسب الجيش في الخرطوم.. هل تحسم معركة الفاشر مآل الحرب؟
...
-
هواية رونالدو وشركاه .. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
أكثر من 20 مرتزقا أمريكيا في عداد المفقودين بأوكرانيا
-
باكستان قلقة من الأسلحة الأمريكية المتروكة في أفغانستان وتحذ
...
-
وزير الدفاع السوري يتفقد ثكنات الجيش بصحبة وفد عسكري تركي (ص
...
-
تركيا.. شاورما تنقذ حياة -مسافر الانتحار- (صور)
-
من أمام منزل السنوار.. تحضيرات إطلاق سراح 3 رهائن إسرائيليين
...
-
سوريا.. من هم القادة العسكريون الذين شاركوا الشرع -خطاب النص
...
-
وارسو.. اجتماع وزاري أوروبي لبحث الهجرة والأمن الداخلي وترحي
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|