جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 6117 - 2019 / 1 / 17 - 18:01
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
العربية من الحاكم الى الحكمة
كلنا نعرف باننا نستطيع صياغة مفردات بمعنين مختلفين من الثلاثي (حكم) فهناك (الحاكم) و (الحكومة) من جهة و هناك (الحكمة) و (الحِكم) في الاقوال من جهة اخرى. لا يسأل احد ما العلاقة و لماذا هذا الاختلاف و لكن بمجرد نظرة بسيطة للحياة الاجتماعية البدوية العربية قبل الاسلام نستطيع ان نستنتج بان القبائل العربية لم تعرف (الحكمة) بل (الحاكم) و هذا شيء طبيعي لان الحكمة (دار الحكمة) ليست من احتياجات الحياة البدوية القروية والمتنقلة و عقليتها بل سمة حضارية تدل على الاستقرار و حياة المدينة.
يستعمل القرآن (الحكمة) بكثرة و نقرأ عن (الحكيم لقمان) و كاشارة للقرآن نفسه (ذكر الحكيم) و (احكمت آياته) و تحول (الحكيم) ايضا الى اسم عربي (عبدالمحسن الحكيم) . ينتشر الثلاثي (حكم) في جميع اللغات السامية حسب احتياجاتها فالحكمة هي دون ادنى شك صفة سامية شمالية نجدها بصورة خاصة في الارامية في حين ان معنى الحكم (الحاكم) سامية جنوبية كان عربيا.
الحكمة و الفلسفة هي تأثيرات يونانية ارامية على العربية ظهرت بعد استقرار القبائل البدوية العربية بعد الاسلام و بعد الاحتكاك بالحضارات المتطورة المجاورة - سواء ذهبت الى القلم و الدفتر من اليونانية او الى الكتاب و البيت و الحكمة من الارامية فان العربية تطورت من لغة هامشية بدوية بسيطة الى لغة حضارية غنية بفضل الاستعارات و الترجمة و الاحتكاكات مع حضارات الشعوب المجاورة اي تطورت العربية من قبائل تحتاج الى حاكم يحكم و رئيس عشيرة الى لغة الحكمة الاحكام.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟