أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طالب إبراهيم - هولندا.. البلاد المفتوحة














المزيد.....

هولندا.. البلاد المفتوحة


طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 6117 - 2019 / 1 / 17 - 17:59
المحور: كتابات ساخرة
    


لاجئ سوري في البرتغال يعمل في شركة اتصالات غربية، حين عرف أني قدمت من هولندا للعمل في نفس الشركة، قال: هولندا .. هذه البلاد المفتوحة..!
تحمل مفردة "مفتوحة" معنيين. معنى حضاري يدل على الانفتاح وحرية التعبير والرأي. أو باختصار شديد، بلد ديمقراطي.
لكنها تحمل معنى آخر "سلبي" في الثقافة الشرقية. مفردة "مفتوحة" تطلق على الفتاة التي عرفت علاقة جنسية مع رجل قبل الزواج. وتعني غير شريفة، وغير أخلاقية، لا يمكن مسامحتها أبداً. وهذا في الأعراف الشرقية جريمة كبيرة، لا تتحمل الفتاة وحدها آثارها وإنما كل عائلتها.
ينظر إلى المرأة عموماً في الأعراف الشرقية نظرة سلبية. فكيف إذا كانت على علاقة جنسية مع رجل، قبل الزواج!
مجتمع لا يسمح لها بالخروج وحدها من البيت، لا يسمح لها بالدراسة، لا يسمح لها أن تكون إنساناً، فكيف يسمح لها بممارسة الجنس قبل الزواج..!
كنت واحداً من بين الكثيرين في سوريا، الذين أرادوا تغيير التقاليد والعادات السيئة، التي تفرق بين الجنسين "ذكور وإناث" أو تفرق بين الأجناس البشرية. ومن بين تلك الأمور التي أردنا تغييرها هو النظرة إلى الجنس.
خمنت أن زميلي السوري ربما لا يقصد إهانة هولندا، ربما كان يقصد معنى "الانفتاح".
قلت له: نعم هولندا بلد ديمقراطي، مفتوح على كل الثقافات والآراء.
ابتسم ساخراً. وفتل رأسه، وأدار كرسيه إلى الجهة الأخرى، معلناً انتهاء النقاش. هذه الطريقة في إعلان انتهاء النقاش، طريقة يعتمدها الكثيرون، خاصة في سوريا المنكوبة اليوم. لا أحد يريد أن يسمع الآخر، كل واحد منهم يقول كلمته ويغلق أذنيه.
قلت له: هولندا أبعد ما تكون عن هذا التشبيه. وأتمنى أن يسمح لك وجودك في أوروبا، من الاقتراب قليلاً من الثقافة الغربية، لتتمكن من كشف المستور فيها.
شعرت بالضيق. كتلة كبيرة من الشتائم كانت تسير في داخلي. لكني كنت عاجزاً عن قولها، الشتائم لا تصلح لحل المشاكل، ولا تصلح في النقاش، بل على العكس يجب استعمال اللغة الدبلوماسية حتى لو كانت ميزانيتك "من الدبلوماسية" قليلة.
لكن زميلي السوري نبهني إلى مسألة غاية في الأهمية. أستطيع اللعب في المفردات. أستطيع استخدام المعنى السلبي لكلمة "مفتوحة" بطريقة دبلوماسية.
لأستعيض بها عن كمية الشتائم الكثيرة التي أخبئها في داخلي، الشتائم التي أود أن أقولها وأنا أشاهد هذا العالم العجيب، ولكني لا أستطيع.
سوريا اليوم هي البلاد المفتوحة، "بالمعنى الشرقي". البلاد التي دخلها جهاديون وميليشيات ورجال استخبارات عربية ودولية، وتنظيمات طائفية، وعصابات ومرتزقة. وحولوها إلى ركام.
بلاد كانت "مفتوحة" قبل الأزمة، بسبب نظام حكم لا يعطي قيمة للمبدعين والمفكرين والاقتصاديين ولا يعطي قيمة للتطور العلمي والمهني والأخلاقي، ولا يعترف بحرية الرأي والتعبير.
بلاد مفتوحة بحكومة مفتوحة وسلطة مفتوحة.
العقول التي تنظر إلى الأشياء، باعتبارها إما رجل أو امرأة هي عقول مفتوحة.
الحكومة التي تنظر إلى المواطنين باعتبارهم، قطيع، هي حكومة مفتوحة.
المعارضة التي تعتبر داعش جزء منها، هي معارضة مفتوحة.
الجامعة التي تخرّج أكاديميين، عاجزين عن فهم الشهادات التي يحملونها، هي جامعة مفتوحة.
الانتخابات التي تؤدي إلى استلام دونالد ترامب قيادة أكبر ديمقراطية في العالم، هي انتخابات مفتوحة.
الفكرة التي رددها وزير خارجية هولندا بأنه لا يعرف مجتمعاً متعدد الثقافات يعيش بسلام، هي فكرة مفتوحة.
الميديا التي تحول أردوغان من ديكتاتور إلى رئيس دولة، هي ميديا مفتوحة.
السياسة التي تحول الأغبياء إلى قادة، هي سياسة مفتوحة. المجاعة الذي تحول عمال الإغاثة إلى أغنياء، هي قضية مفتوحة.
الكون الذي يخفي في ثقوبه السوداء، كل مشاعر الطاقة، وكل الشتائم التي يجب أن تقال، ولكن لا يمكن قولها، لأن الدبلوماسية أفضل، هو كون مفتوح.



#طالب_إبراهيم (هاشتاغ)       Taleb_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام للسلطة.. والجهاد للجميع!
- الطائفة العلوية بين الثورة والنظام:
- مذكرات مدرسة في سوريا
- مذكرات معتقل سياسي..أسراب
- ثورة البوعزيزي
- غربة
- حب غير شرعي
- إشارات الثورة..النحوية
- موقف..!!
- لماذا يقتل الصحفيون في كردستان العراق..؟!
- سحب الحرب الأوسطية وشحوب ساعة الصفر
- استعصاء في عدرا
- زيارة خاصة
- مقاربة بين قتل وطني ونجاة مهاجرة
- ليست طلقة وليست في الهدف
- طريق الوطن ..قد يبدأ بانتخابات..
- طرنيب وعشق
- مظلومة يا ناس
- الجريدة
- التغيّر الوردي -من الخيال السياسي-


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طالب إبراهيم - هولندا.. البلاد المفتوحة