|
قدّح المشمش .. يا - حكومة !
عبد الجبار السعودي
الحوار المتمدن-العدد: 1524 - 2006 / 4 / 18 - 08:47
المحور:
كتابات ساخرة
بعد مرور أربعة أشهر على الإنتخابات . قد يترحم عليّ البعض في الدنيا قبل الآخرة وهو يسمع بــ ( المشمش ) في مثل هذا الزمن الرديء الذي نعيشه ، وقد يلعنني بعضهم لأني ( بطران زماني ) وأنا أحدثهم وأذكرهم بتلك الثمرة اللذيذة وحلاوة وميوعة قضمها وأكلها .. ومن ثم حموضة مذاقها وهي تذوب بين اللســــان والأسنــــان ! ومهما كان حكم أبناء جلدتي .. وأبناء وطني ، فإني راض بحكم الخالق .. والعبــــــاد .. في أرض السواد ! لكني وأنا المحروم لا من المشمش و عذوبة مذاقه وحسب ، بل ومن رؤية منظره والترحم على أيــــام زمان ، فقد شدتني الذكرى و بعفوية لا أعرف منبعها .. لأغنيـــة المطرب سعدون جابر وهو يتغنى لا بثمرة المشمش نفسها ، بل بوروده البيضاء المزهرة والفواحة ، حين يردد : قدّح المشمش .. وإنت من قدّاحـــــه تذكرت الأغنيــــة .. و رددتها مع نفسي ، وتحسرت على أمرين لا ثالث لهما في أيـــــام حياتي التي أحيــــاها في بقعة من بقاع المعمورة .. وأنـــا أحمل ، لا هموم موطني وحسب ، بل هموم أهلـــــي و شعبي هناك .. وهموم الأيــــام التي طالت ولا من بشير يمر و ينثر أفراحه على الناس والعباد و يحل من ( عقدة ) الأيــــام التي يحيونهـــا ! تذكرت حماسة الأيــــام التي بها إندفعنــــا لكي تكون لنــــا بصمتنــــا الوطنيـــــة في الإنتخابات الأخيرة .. و عبق الفرحة .. وعيون الناس وهي تأتي من كل صوبٍ وحدر .. تفيض حماساً .. و نخوة .. وشهامة .. و حباً عارماً للوطن ! و رغم إن ( نشوة ) تلك الأيـــــــام لم تزل عالقة في الأذهان والروح المتعبــــة التي يحملها كل عراقي ، لكني ، وكما هُـم أبناء وطني المعذبون ، أتحدث الآن بلغة أخرى .. صارخة .. و رافضــــة لكل ما دار .. و يدور .. ! فلا الوفــــاءُ الحقُ ( يلمعُ ) و يُعلن ( بريقه ) في سماء الوطن من أجل الضحايـــا الشهداء .. ولا الوفــــاء الحق المنصف للكادحين المتعبين يتصدر همم الرجال و نخوتهم ( البطوليــــة ) التي أشبعتــنـــا ( إنتصارات ) ! كل شيء يختلط ، ومن جديد ! ولا كأن الوطن مذبوح و ينوح مع الأيام .. ! وإن جاءت إستجابــــة مــــا .. فهي محسوبة بقدر ما تأخذ فقط .. لا غيــــــر ! مرّت أربعة أشهر بالتمام والكمال على ما أفصحت به أصوات شعب العراق .. نساءً و رجـــالاً .. ولا نسمع إلا وعــــوداً بالبشير القادم والمنتظـــــر .. وشعبنا ينوء ويسيل دماً و تتلاعب به هموم الحياة ومتاعبها و أهواء الطائفية المقيتة و شرورها ! أما الذين إرتضـــوا أن يمتطوا ظهر كل هذه ( المحن ) ، فيبدوا أنهم تناسوا أن للطبيعة قوانينها ، وللحياة جدلهـــا .. ولهموم الناس في الوطن كلها لها مستحقاتها ، قبل مستحقاتهم هم أنفسهم ! فلا من منصب يدوم في وطن العراق ، ولا من كرسي لا تتآكل و تتردى أخشابه ، ولا من عقـــــول تبقى صدئة الى يوم القيــــامة وإن كثــــُر النواح ! فالحـــــال .. و الجود .. من ( الماجود ) كما يُقـــــال ! فيا ( فرســـــان ) الوطن المذبوح ، صغيركم و كبيركم .. لا تجعلوا من جماح ( خيولكم ) و ( خيـــــالكم ) مطحنة جديدة لما تبقى من نعمة أرض الرافدين و بشرهِ ! ولا تختــــاروا ( أرضاً ) لأهواءكم لا تنبت فيها أشجار المشمش والياس والزيتون ! فالأرض الحق التي عليها تقفون هي أرض سومر ومن عاش فيها من أقوام لا زالوا بينكم حتى يومنا هذا ، وهي أرض كيش و عنفوانها و أور وقدسيتها و بابل و رموز جنائنها و نـــُفـــّر و آشور و بسالة أحفادها وهي أرض كربلاء الباسلة و كردستان و صمود رجالها ! فلا تنسوا و تتناسوا و تتماهلـــوا وأنتم ( تتطاحنون ) من أجل أيـــــام ٍ .. و أمجـــاد ٍ .. زائلـــــــة ! فقد قدّحت أشجار المشمش و تذوقت شعوبٌ كثيرة مذاق حلوها .. ونحن لم نزل لم نسمع بها ، ولم نمتـــّع أنظارنــــا ببياض ورودهــــا و فواح عطرها ! و ربمــــــا لا يأكل ( ثمـــــارها ) حلوة و عذبة إلا ( القليـــــل ) من رعية الوطن المحرومين أصلاً ، لا من ( اللب ) و حلاوته وحسب ، بل من لون ( القشر ) و نضارته ! فحذار .. و حذار .. و حذار ، فالثمــــار لا تدوم نعمتها وعافيتها إن لم نرع جميعاً منبعها ونسقي معاً جذور منبتها ، وقد تـــُنخر الأشجار والثمــــار معاً بــ ( ديدان ) لا زالت تعيش بين ثنايــا تربتكم الرخوة التي عليها تقفون وعلى الكراسي التي بها تحلمون !
#عبد_الجبار_السعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خسارة الميناء .. والعيون المتعبة !
-
أحزان مندائية
-
حمامة - هنوة - المذبوحة
-
أيها النمل الذي .. ستأكلنا !
-
الى صديقي خروتشوف ... مع أطيب التحيات !
-
العراقيون المندائيون .. والخط الأحمر !
-
فرشاة حامد .. أنامل حامد !
-
ويستمر القتل ُوالخطفُ المتعمد للصابئة المندائيين !
-
ممارسات مدمرة .. يدفع ثمنها الشعب والوطن
-
ضحك على الذقون
-
وعند كوبا .. بلسم ٌ للجراح
المزيد.....
-
-كُتاب المغرب-يستنكر -التشويش-على عقد مؤتمره الوطني الاستثنا
...
-
في اليابان.. الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان يعزز جسور التباد
...
-
“سجل الآن“ اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون 2024 بالجزائر و
...
-
الحب كحلم بعيد المنال.. رواية -ثلاثية- لأديب نوبل يون فوسه
-
المسرح الروسي يزين مهرجان قرطاج
-
الممثل اللبناني نيقولا معوض يتحدث بالتركية.. ما القصة؟
-
فنانة كازاخية تهدي بوتين لوحة بعنوان -جسر الصداقة-
-
تطورات في قضية اتهام المخرج المصري عمر زهران بسرقة مجوهرات
-
RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز الاتحاد للأخبار في الإمار
...
-
فيلم رعب لمبابي وإيجابية وحيدة.. كواليس ليلة سقوط ريال مدريد
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|