صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6115 - 2019 / 1 / 15 - 17:40
المحور:
الادب والفن
صبري يوسف
22. كيف تترجمين الشِّعر، النّص، المقال، القصّة والرِّواية وما هي الأدوات والمراحل الإبداعيّة الّتي تساهم في نجاح النَّص المترجَم؟
د. أسماء غريب
بالنّسبة للنصوص الأدبيّة ثمّة منها ما لا يحتاجُ أمرُ ترجمتِها سوى لبضعة سويعات، وذلك لسلاستها، وعذوبتها وجمال أسلوبها وخفّته ورشاقته، وأشعرُ أثناء ترجمتها بمتعة لا تضاهيها متعة. وثمّة أخرى تقتضِي منّي أنْ أقرأها لأكثر من مرّة، وبأكثر من مفتاح، وقد يتطلّبُ أمر ترجمة الواحدة منها شهرين وربّما أكثر، لأنّها تحتاج إلى الخروج منها واللّجوء إلى مراجع تساعد على تفكيك محتواها، ثمّ بعد ذلك العمل عليها خطوة خطوة. ولا ينتهي الأمر هنا أبداً، إذ بعد ذلك تأتي مرحلةُ قراءةِ النّصّ المترجَم مرّات ومرّات، ومقارنته مع نصّ الانطلاق، حتّى إذا ما تأكّدتُ من تطابق المعاني أو تقاربها في أقصى الحالات، ختمتُ العمل بشكلٍ نهائيّ.
وثمّةَ نصوص أخرى لا يمكنُ ترجمتُها أبداً، ليس لسوء محتواها، وإنّما للاستحالة التِّقنيّة للعمل التّرجميّ عليها، وغالباً ما يحدث هذا الأمر في حالة قصائد الشّعر الحداثي المنثور، الّتي تبدو كما الهذيان أو ثرثرة المجنون في خلوات الفلا تحت القيظ الحارق. هذا النّوع من النّصوص متعة قراءتها لا تتحقّقُ إلّا من خلال اللُّغة الأصليّة الّتي كُتبت بها منذ البداية، وإلّا لأصبح الأمر كارثة بحقّ بعد التّرجمة، لأنّ هذه النّماذج من النّصوص تتحوَّلُ إلى شيء لا علاقة له بنصّ الانطلاق، وتصبحُ مشوّهةً، ركيكة، وثقيلة الحرف وغير مستساغة المعنى.
الأمرُ يختلفُ تماماً بالنّسبة للقصّة والرِّواية، والعمل على هذا النَّوع من الإبداع يكون أكثر يسراً من النَّاحية التّقنيّة والعمليّة والشكليّة، لكنّه من النّاحية الجوهريّة يحتاج لعمل خارجيّ مكثّف، ينقسم إلى عدّة مراحل، إذ تجبُ قراءة العمل لأكثر من مرّة، والبحث عن ترجمات أخرى لهُ (في حالة إذا ما وُجدت)، ومقارنتها بالنّصّ الأصليّ، ثمَّ بعد ذلك يجبُ البحثُ في كلّ تفاصيل الرِّواية أو القصّة بدءاً من المُؤلِّف، إلى الشَّخصيّات، إلى الأسلوب إلى الحبكة وكلّ ما إليها من العناصر الّتي بها تُبنى الرِّواية، لذا فإنّ العمل التَّرجميّ هو أقرب بكثير من العمل النّقديّ. وهو يحتاج أيضاً إلى خبرة واسعة وشاملة في كافّة مدارس التّرجمة ومنظّريها.
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟