أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - المصحفُ في بيتي …. جوارَ البتول














المزيد.....


المصحفُ في بيتي …. جوارَ البتول


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6114 - 2019 / 1 / 14 - 10:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




قبل أيام، وقف السيدُ الرئيسُ إلى جوار قداسة البابا تواضروس، لحظةَ تدشين الكاتدرائية والمسجد في العاصمة الإدارية الجديدة، ليتحدثَ عن "شجرة المحبة" التي غرسناها معًا، نحن المصريين، في أرض مصرَ خلال السنوات الماضية، والتي يجب أن نحافظَ عليها ونرعاها حتى تورقَ وتُرسلُ شذاها إلى العالم بأسره. ثم أشار الرئيسُ عبد الفتاح السيسي إلى قداسة البابا قائلا: لن أنسى أبدًا الموقفَ المحترم الذي اتخذه قداسةُ البابا عام 2013، حين اعتدت يدُ الإرهاب الأسود على الكنائس المصرية ودمّرتْ منها ما دمّرت. في ذلك العام قال البابا كلمةً خالدةً لا تُنسى: "وطنٌ بلا كنائسَ، خيرٌ من كنائسَ بلا وطن.” تلك الكلمةُ الطيبة عكست معانيَ عظيمةً، يجب أن نتوقفَ جميعًا أمامها. المعنى هو "الوطن" هو الذي علينا أن نجعلَه صوبَ عيوننا جميعا. فحين حافظنا على الوطن، نجحنا، ليس فقط في أن نُصلِحَ ما هدّمته يدُ الإرهاب، بل نجحنا في أن نُشيِّدَ الجديدَ على أرض الوطن. شيّدنا خلال عامين أربعة عشر مدينةً بها مساجدُ وكنائسُ وغيرها من المنشآت الحيوية. وإذن، الأصلُ في الموضوع هو بالضبط ما قاله قداسةُ البابا؛ إن وعيَنا وحرصَنا على بلدنا مصر، هو السبيلُ الأوحد لكي نجعلها أجمل. تلك هي الرسالةُ التي تخرجُ من أرض مصر العظيمة إلى العالم بأسره. رسالةُ التسامح والمحبة والسلام و(قيمة) أن نظلَّ متماسكين متّحدين كشعبٍ واحدٍ لا تنفصم عُراه. ثم ختم الرئيسُ كلمتَه بقوله: "اللي حفظ مصر هو اللُه سبحانه وتعالى. حفظ مصرَ من أجل خاطر أهلها (الناس الطيبين).”
هنا، سألتقطُ من خطاب الرئيس في الكاتدرائية، تلك الكلمةَ الأخيرة: (الناس الطيبين ). صدق الرئيسُ في ذلك التوصيف الدقيق. ( نحن بالفعل شعبٌ طيب). مفطورٌ على التحضّر والنبل والطيبة، مهما نشزت عن تلك القاعدة شراذمُ ناتئةٌ، تحاولُ تخريب الوطن، لصالح خصوم الوطن!
لديّ في قلبِ بيتي دلائلُ خالدةٌ تُصافحُ عينيّ كلَّ صباح وتقول لي: (اطمئني يا ابنتي وقَرِّي عينًا، فأنتِ تنتمين إلى شعب طيّب.) المصحفُ الهائلُ الذي يصلُ طولُه إلى قرابة النصف متر، ذاك الذي يقفُ في صدارةِ مكتبتي، أهدتني إياه سيدةٌ مصرية مسيحية طيبة، فقدت ابنتيها في حادثة إرهابية ضربت الكنيسة المرقسية بالعباسية عام 2016. ذهبتُ إليها لأُقدّم واجبَ العزاء في كريمتيها الصبيّتين الجميلتين وعيناي حادشتان بالدموع وقلبي مصدوعٌ بالوجع، فإذا بها تربتُ على كتفي وتواسيني؛ ثم قدّمتْ لي ذلك المصحف الجميل، مع صورة تجمع ابنتيها الشهيدتين. وذلك التمثال الجميل للسيدة العذراء البتول، الذي يجاور المصحف في صدر مكتبتي، أهدتني إياه سيدةٌ مصرية مسلمةٌ مقيمة في لبنان. قبل سنوات، كنتُ في مؤتمر في بيروت، وذهبتُ لأزورَ كنيسة السيدة حريصا وأوقدَ شمعةً من أجل شفاء ابني المتوحّد "عمر". شاهدتني السيدةُ وأنا أقفُ في الساحة دامعةَ العينين أناجي اللهَ وأنظرُ إلى الأعلى نحو التمثال العملاق للسيدة البتول، وأهمسُ: “يا رب، بحق وجع هذه البتول على ابنها، اشفِ لي ابني.” فاقتربت مني السيدةُ وهمست: “ارمي حمولك على ربنا يا بنتي." ثم دخلت الكنيسة واشترت لي تمثال العذراء، وقبّلتني ومضت. وأمّا المسبحةُ الجميلة المُعلّقة في عنق تمثال العذراء في مكتبتي، فقد أوصى بها لي بالاسم، قداسةُ البابا شنودة، رحمه الله، وتسلّمتُ هديتَه الثمنيةَ يومَ رحيله في 17 مارس 2012، أثناء طقوس الجناز في الكاتدرائية. وأما مديرة منزلي، السيدة عفاف طه، المصريةُ البسيطةُ، فدائمًا تحكي بفخر عن "أمجد"، ابنها المسيحي الذي أرضعته مع ابنها "محمد" قبل تسعة وعشرين عامًا، ومازال يودّها ويُناديها: "أمّي"، حتى يومنا هذا. وهو ما حدث لقداسة البابا شنودة حين كان طفلا يتيمًا، فأرضعتُه سيدةٌ مصريةٌ مسلمة طيبةٌ، فكانت لها أُمًّا، ولم ينسَ فضلَها عليه. كلُّ تلك الوقائعُ، وغيرها ملايين الوقائعُ التي تحملُها ذاكرة كلُّ مصريّ ومصرية، من أبناء هذا الشعب الطيب، إن هي إلا أوراقٌ غزيرة أورقت من "شجرة المحبة" التي تحدّث عنها الرئيسُ الأسبوع الماضي في خطابه بالكاتدرائية. في كلّ ورقة حكايةٌ، وفي كل حكاية دليلٌ على عظمة وطيبة هذا الشعب النبيل. الشعب المصري الذي سيظلُّ واحدًا وفي رباط إلى يوم الدين. طوبى لمصرَ التي قال عنها اللهُ في كتابه العزيز: “ادخلوا مصرَ إن شاءَ اللهُ آمنين.”، وطوبى لشعب مصر الطيب الذي قال عنه السيدُ المسيحُ عليه وعلى أمّه السلام: “مباركٌ شعبي مصر.”
والشكرُ موصولٌ لكلِّ من يحبُّ الوطن. ذاك أن:“الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئيسُ يصفعُ الطائفيةَ ... بكاتدرائية ومسجد
- الرئيسُ يضمُّ المحرابَ والمذبح
- سعد والاسكندراني …. ومسيو موريس
- سيناءُ البهيةُ ... التي عادت عروسًا
- كيف كسر الرئيسُ الحائطَ الرابع؟
- الرئيسُ يكسرُ الحائطَ الرابع
- مَن الذي يغازلُ إسرائيل؟
- هدايا الكريسماس … من الرئيس لأطفال مصر
- في المعبد اليهودي … بالقاهرة
- على هامش الفستان… طاقيّةُ التقيّة
- كلامٌ هادئ في شأن تونس والأزهر
- زهرةٌ بين منال ميخائيل و… بسملة
- عمرو سعد … والصبايا الجميلات
- نصف قرن على ميلاد الهرم
- مصرُ الكويتُ … والوزيرةُ الجميلة
- تلويث الذوق العام
- برقية إلى … نادية صالح
- كيف أكتبُ عن -عيد الحب”!
- ثلاثةُ رجال من مصر
- أنغام: وحشاني يا أختي جدًّا


المزيد.....




- بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران ...
- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- 40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
- حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق ...
- أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة ...
- لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م ...
- فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب ...
- ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال ...
- الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - المصحفُ في بيتي …. جوارَ البتول