أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 11














المزيد.....

الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 11


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6111 - 2019 / 1 / 11 - 00:30
المحور: الادب والفن
    


من بلاد المغرب، المعلقة على حافة العالم كأيلٍ جبليّ، طارَ ابنُ سلطانها ذات ليلةٍ بأجنحة عفريتين من طائفة الجنّ، وصولاً إلى بلاد الكرد، كي يحظى برؤية ابنة سلطانها.
" مَمْي آلان "، سبقَ أن شق طريقاً سماوياً، مماثلاً، حينَ جسّدَ له الحلمُ صورةَ فتاةٍ لا نظير لحُسنها ورقتها، لدرجةٍ جعلته في صباح اليوم التالي يفيقُ مريضاً بعلّةٍ لا يُدرك مدى ما تسببه من ألم سوى مَن عرفَ عذاب العشق. على الأثر، ولأمد طويل، بقيَ يصدى في سمع الأمير اسمُ تلك الفتاة، " زين "، الذي رددته أصواتٌ مبهمة في أوان الحلم ذاك.
عرّاف القصر، وكان قد استنجد به السلطانُ الملول، نطقَ جملة وحيدة ضاعفت حيرة مولاه: " أسقوه شراب السوما! ". هكذا مضى الرسلُ يبحثون في طول الأرض وعرضها عن ذلك الإكسير، المفترض، إلى أن عثروا عليه في بلاد الكرد لدى كهنتها الزردشتيين. عادوا بالزجاجة السحرية لسلطانهم، فأمر هذا بأن يسقى منها الأميرُ المدنف، المستلقي في فراشه كالميت. بعد وهلةٍ، رأى كل من كان حاضراً غمامةً بيضاء تنسل عبرَ النافذة، لتغمر الحجرة بفيضٍ من النور. أنتفض جسدُ المريض عندئذٍ، ثم توردت سحنته وكانت لأيامٍ صفراء شاحبة. السلطان السعيد، أمر بترك الأمير ينعم في نوم هانئ. هكذا أخلى الجميعُ الحجرةَ دون أن يعلموا، بالطبع، أن عفريتين من طائفة الجن كانا قد حلا فيها تواً، وأنهما ينتظران حلول الليل حتى يستهلان في رحلةٍ توصل الأمير إلى بلاد الإكسير السحريّ.

***
التاجر الكردي الدمشقي، " جانكو "، أتى إلى مدينة موغادور ( الصويرة ) بمنتصف القرن التاسع عشر، قادماً من جزيرة كريت في مهمة سرية تتعلق بمصير الأمير المنفيّ " بدرخان ". وكان التاجرُ قد قصّ وقائع تلك الأسطورة على صديقه المغربي اليهودي، المُعرَّف بصفته الدينية؛ " الرابي ". ثم أتخذ تاجرنا لاحقاً اسمَ بطل الأسطورة لولده الوحيد، الذي كان ثمرة علاقة ملتبسة بجارية من المدينة. معدن العائلة، ما لبثَ أن انصهر بنقائه وشوائبه تحت شمس المدينة الحمراء. وإنه مؤسس العائلة نفسه، مَن نقل أعماله فيما بعد إلى مراكش، حيث استقر به المقام في حي القصبة قريباً من قصر السلطان. هذا الحي، كان آنذاك مخصصاً لسكن كبار التجار والأعيان. على الطرف الآخر من القصبة، كانت تمتد ساحة المدينة، المنذورة لمشاهد إفناء المحكومين بالإعدام واستعراضات الفرق العسكرية وعروض المشعوذين والمهرجين والقوالين.

***
حفيدُ حفيد " جانكو "، وكان قد ورث أيضاً تجارة الأثاث الدمشقي، عاد وأطلق على أصغر أبنائه اسمَ " آلان "، مختَصَراً، فيما حظيت الابنةُ الوحيدة باسم " زين ". الابن البكر لشقيقهما الكبير، الذي أُعطيَ اسمَ جدّه ذاك، " راغب "، يبدو أنه هوَ مَن تعهَّدَ مهمة الحفاظ على تجارة الأسلاف، لتستمر في صلبه، على الأقل. وإذ عاد إلى التراب بلا ذرية، صاحبُ الاسم الأسطورة، " آلان " المسكين؛ فإنّ شقيقته، " زين "، ستتقمّص مصيرَ الجدّة الأولى بصفة الجارية!

***
بدَوري، رأيتني أنتقل إلى المغرب بعد عقدين من الإقامة في السويد. ربما كنتُ أبحث، هنا وهناك، عن الفردوس الموعود هرباً من جحيم وطنٍ لم أعُد إليه قط طوال تلك السنين. أوروبا، التي كانت طوال معظم القرن العشرين ملاذَ الشعراء والفنانين والحالمين، انتهى أخيراً ـ على حظي! ـ مفعولُ إكسيرها السحريّ. مذ بداية حلولي في أحد بلدانها، عانيتُ ما كان يعانيه اليهودي والغجري في عقد الثلاثينات من القرن المنصرم. بيدَ أن استقراري في مراكش، المأمول منه حظوة العيش بحرية وكرامة، لاحَ هوَ الآخرُ ضرباً من المستحيل ولأكثر من داعٍ: دخلي الماديّ الثابت، على الرغم من أنه يتيح لي حياة جيدة في بلد كالمغرب، ولكنه مرهونٌ ببقاء عنواني في السويد. كذلك، بل وقبل كل شيء، لا بد أن آخذ بعين الاعتبار وجود أولادي في البلد الأخير.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 10
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 9
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 8
- إحسان عبد القدوس؛ الصورة النمطية للكاتب/ 2
- إحسان عبد القدوس؛ الصورة النمطية للكاتب
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 7
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 6
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 5
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 4
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 3
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 2
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 1
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 5
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 4
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 3
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 2
- من أجل نصف كرون
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 1
- لقيط
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 5


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 11