صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6108 - 2019 / 1 / 8 - 21:58
المحور:
الادب والفن
ريمون لحدو صداقةُ سنينٍ معَ عبد
منذُ أيّامِ الطُّفولة
صداقةٌ معرّشةٌ بعبيرِ الأزاهيرِ
رسمَ عبد منعطفاتٍ لا تُنسى في ذاكرةِ ريمون
علاقةٌ من لونِ نسيمِ الصَّباحِ المبلَّلِ ببسمةِ الحياةِ
صداقةٌ محبوكةٌ برذاذاتِ انهمارِ المطرِ
كتبَ عبد اسم ريمون
على خارطةِ ذاكرةٍ متوَّجةٍ بالبقاءِ
رأى عبد في صداقةِ ريمون
إخلاصاً في أوجِ الشَّدائد
رأى فيه صديقاً يُعتمدُ عليهِ في منارةِ الأفراحِ
وفي أقصى تصدُّعاتِ الاِنكسارِ!
كيفَ سأنسجُ توهُّجات حرفي
إزاءَ جراحِ أنينِ الارتحالِ؟!
ترتسمُ بسمةُ فرحٍ فوقَ مآقي ريمون
كلّما لفظَ اسم عبد برصوم
صداقةٌ كإشراقةِ الشّمسِ في دنيا من بكاءٍ
صداقةٌ ممهورةٌ بحبَّاتِ الحنطةِ في أوجِ اِخضرارِهَا
رآهُ ريمون مدى العمرِ قامةً فكريّةً نادرةً
في انخفاسِ هذا الزّمان
عبد برصوم رسالةٌ مكتنزةٌ
بأرقى تجلِّياتِ الإبداعِ
رسمَ رؤاهُ بكلِّ جرأةٍ فوقَ طينِ الحياةِ
لم يعجبْهُ اعوجاجاتِ الكثيرِ
من سياساتِ هذا الزّمان
تشرَّبَ فكراً حرَّاً وظلَّ حرّاً حتَّى رفرفَتْ رؤاه عالياً
بعيداً عن الاِنصياعِ إلى جلاوزةِ عصرٍ مُدمى بالآهاتِ
لم يخَفْ من الموتِ ولا من شراسةِ القدرِ
حتّى عندما خمدَتْ كينونته من شموعِ الضّياءِ
لم يقلقْهُ الرّحيل إلَّا من منظورِ اِنكسارِ جموحِ الطُّموحِ
كم كانَ شغوفاً في تقديمِ أقصى ما لديهِ
من أهازيجِ العطاءِ
كي يرحلَ بعدئذٍ مُهَدهدَ البالِ
ورغمَ فداحةِ الانكسارِ
قدّمَ في رحلةِ الحياةِ أبهى ما لديهِ
مُختَتِماً فصولَ العمرِ ببسمةٍ وديعةٍ
في آخرِ لحظاتِ الانطفاء!
جرحٌ ولا كلَّ الجراحِ
جفلَ سامي داؤود وهو يقرأ خبرَ الوداعِ الأخيرِ
وقفَ مشدوهاً يحدِّقُ في الفراغِ الفراغ
ثمَّ تلألأتْ في الذَّاكرةِ عشراتُ اللّقاءاتِ
نقاشاتٌ غنيّةٌ بأعمقِ تجاذباتِ الحوارِ
كيفَ غادرَ صديقنا عالياً
وهو في أوجِ العطاءِ؟
رنَّ هاتفي ينتظرُ بَحّاتِ الأنينِ
ما هذا الخبر المفاجئ يا صديقي؟
لا أصدِّق ما تراهُ عيناي
ولا أنا أصدِّق هذا الارتحالِ المرير
وجعٌ يموجُ فوقَ خميلةِ الرُّوحِ
قدرٌ أشعلَ قلوبَنا بأجيجِ الاحتراق
سامي داؤود صديقُ عبد منذ أيَّامِ الصِّبا
منذُ أنْ كانَ يسوحُ بين اخضرارِ الدّالياتِ
مولعٌ سامي حتَّى النّخاع بأفكارِ عبد برصوم
آهٍ يا صبري، كم كنتُ مشتاقاً أنْ أراهُ يحقِّقُ مبتغاه
رحلَ فجأةً رجلُ الطُّموحاتِ ولم نشبعْ من رؤياه
حياتنا رحلةُ بحثٍ حارقةٍ فوقَ لظى الانتظارِ!
مَنْ يعلمَ ماذا يخبِّي لنا الغدُ الآتي؟
كمْ من الحواراتِ خضْنا
كمْ من الأفكارِ فوقَ بساطِ البحثِ بحنا
عبد برصوم غابةُ فكرٍ مكتنفةٍ بأشهى الثِّمارِ
مراراً سألَ عنكَ وتحدَّثَ عن رؤاكَ بكلِّ طيبٍ
أقدِّم لكَ أحرَّ التَّعازي يا صبري
ظللْتَ مخلصاً وفيَّاً لعبد حتَّى آخر رمقٍ في دنياه
عزاؤنا واحدٌ وجرحنا واحدٌ ودمعنا حارقٌ في لظاه
كأنّنا في حالةِ تيهٍ نحوَ أشرهِ ضراواتِ الاشتعالِ!
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟