أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الباسوسي - خرزات الضوء (قصة قصيرة)














المزيد.....

خرزات الضوء (قصة قصيرة)


احمد الباسوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6108 - 2019 / 1 / 8 - 00:07
المحور: الادب والفن
    


فرقعات مكتومة دوت في فضاء الحديقة الساكن شبه المظلم. طارت اذناب من اللهب الى السماء، تفتت الى خرزات ضوء حمراء صفراء زرقاء وارجوانية تزامنت وتزاملت في تشكيلات رسمت على قبة السماء الزرقاء لوحة لشجرة الكريسماس الخضراء المخروطية، وقد نقش شعرها المنفوش بالخرزات الضوئية ذات الألوان الزاهية. كما ظهرت لوحة أخرى لوجه كامل الاستدارة، صنعت فيه خرزات الضوء تشكيلا زاهيا بدا كأنه وجه "مخلوقة" مثل القمر المكتمل، كانت تتابع فناء الحديقة والرؤوس المرفوعة نحوها بعيون مدهشة لامعة الزرقة، وفم وانف دقيقين كأنهما نتفتين من ضوء حليبي مغموستان في فضاء مهيب تشكله الوان الطيف النزقة اللعوب المتباهية بوجه القمر. في بداية مطالعتي وتحديقي في السماء ابهرني منظر وجمال خرزات الضوء وهي تتراقص وتتمايل وتتشكل لوحاتها قبل ان استفيق من هدوئي المبهور على ابتسامة "وجه القمر" يطالعني باهتمام، يبتسم لي في حياء، يهمس في أذني في مناجاة. تسمرت جوارحي، انفصلت عن صاحبي جواري، وعن الحديقة وروادها، وعن الصخب الذي لازم الفرقعات والاضواء، وعن عناق المحبين ساعة اطفاء الأنوار في تلك اللحظة المدهشة من الزمن. "كأنها هي"، التقاطيع، الملامح، الحيوية والجمال وخفة الدم. تأكدت انها عادت من جديد، تهفو بقوامها الممشوق، تخطر بحركات الملكة بين وصيفاتها، تنثر الجمال والبهجة بين ولئك التواقين الى مجرد نظرة من عينيها الجميلتين. هكذا كانت في هذا المكان في العام الماضي، لكنها الآن تخطر من العلياء، متوشحة بخرزات الضوء الملونة، تسكب دفئها فوق الرؤوس التي تطالع السماء بنفحات من الطيبة والحب والبهجة وربما السعادة. انتبهت جيدا الى همسها ووجهها الحليبي الذي اعتراه مسحة طفيفة من الحزن والقلق، كأنها ارادت ان تبوح لي بسر غامض، ربما لم استطيع ان اجمله داخل خلايا رأسي التي اعتراها شلل عظيم في تلك اللحظة الفريدة. تسمرت عيناي تطالع في العلياء وفي جميع الجنبات، تراقب خلاياها وهي تتنقل بين المدعوين في الحفل بمنتهى الخفة والرشاقة والوداعة مثلما اعتادت زمان، تنثر البهجة والفرح في عالمهم البارد، القاسي، الذي خلى من الطمأنينة والحب وتمدهم بالزهور والحلوى وتدعوهم الى تناول وجبة العشاء. لم ادرك كم مضى من الوقت على هذا اللقاء الشخصي المتميز؟ ولا حتى عما اذا كان أحدهم قد شاركني اياه في لحظة لقاءها والفوز بابتسامتها الجميلة؟. كل ما ادركته ان خرزات الضوء لم يعد لها وجود في السماء، وان المدعوين قفلوا عائدين الى موائدهم وصخبهم وانفلاتهم، وان صاحبي ينقر باصرار وبقوة على كتفي ليستعيدني من شرودي المذهول. حينما التفت اليه شدني الذهول ثانية بقوة هذه المرة، لقد رأيتها، كانت تقف بجواره، "هي نفسها" بشحمها ولحمها من كانت تخاطرني من السماء منذ قليل، لكن ملامح الوجه "القمري" أصغر بنحو عشرون عاما. أجل ابنتها الجميلة التي تشبهها كثيرا في كل شيء حتى عذوبة صوتها وعيناها الجميلتان. كأنها هبطت من عليائها والبستها روحها وجسدها أيضا، جاءت تدعونا الى البوفيه المفتوح الذي اعدوه في تلك المناسبة الفريدة التي اعتادوا على اقامتها مع مطلع كل عام جديد.



#احمد_الباسوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهزيمة والعدم في فقاعات الصابون للكاتبة فاتن فاروق
- ثلاثة مشاهد قصصية
- عائدة من السماء
- الديك الرومي قصة قصيرة
- كاميرات آدمية (قصة قصيرة)
- أزمة في الطب النفسي أم ازمة في الثقافة المصرية
- دراسة نقدية عن كتاب : ايام من الهمس والجنون يوميات معالج نفس ...
- كتاب نظرات مضيئة في القصة والرواية والنقد الأدبي للكاتب المب ...
- المصريون البسطاء بين مصر القديمة ومصر الحديثة، قراءة في كتاب ...
- ام كلثوم والشيخ كشك وعبقرية المصريون
- تجليات الرمز وتشكيل النصوص بالكلمة
- سائق الحافلة
- أفهم (قصة قصيرة)
- الكمساري (قصة قصيرة)
- طلعت رضوان والسباحة ضد التيار
- دراما رمضان 2016 وسياق متحي للثورات
- رجل المقشة
- رحلة السيدة العجوز
- الأشباح تقتل في الظلام (قصة قصيرة)
- البيت العتيق


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الباسوسي - خرزات الضوء (قصة قصيرة)