|
زايد منارة التسامح
وليد برهام
الحوار المتمدن-العدد: 6106 - 2019 / 1 / 6 - 18:57
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
زايد منارة التسامح وصمت بعض المؤسسات والدول والأفراد نتيجة هجمة شرسة الإسلام ووصفوه بأنه دين الإزدراء والعنف والإرهاب، وهو ما اقتضى على كل فرد ومسئول فى الدول العربية والاسلامية الدفاع عن الإسلام عن طريق نشر مفاهيم التسامح بين الناس بمختلف أديانهم ودياناتهم، لتقول كلمتها وتفصل في هذا الجدل وهذه التهمة التي طالت ديننا الحنيف لتغير من هذه المفاهيم المغلوطة لدين أراده الله أن يكون نموذجاً في التعايش. وكان الشيخ زايد رحمه الله قد أكد مراراً وتكراراً على أن الإسلام دين رحمة وتسامح وتفاهم وتقارب بين البشر، ومعاملة بالتي هي أحسن، ولا يعرف العنف الذي يمارسه الإرهابيون الذين يدّعون الإسلام زوراً، وباسمه يذبحون إخوانهم وأهلهم للوصول إلى أهدافهم المغرضة تحت شعار الدين، في سلوك مشين، والإسلام منهم براء. وله رحمة الله عليه قول مقولة فى هذا الشأن : : "التسامح واجب وإذا كان أعظم العظماء الخالق عز وجل يسامح، ونحن بشر خلقنا ما نسامح، نحن بشر لكننا أخوان واللى بيسير على هذا الطريق واللى بيسير على هذاك واللى بيسير على هذا.. المصيب هو أخو والغلطان هو أخو ليش ما نساعد الغلطان نجيبه إلى الصواب، ونسامح الغلطان إذا غلط حتى يفهم إن نحن ننجده وما نتركه ،ولا ننبذه بل ننجده ونساعده حتى يجى على الطريق الصحيح". وقال رحمه الله: " إن الواجب يحتم على أهل العلم أن يبينوا للناس جوهر الإسلام ورسالته العظيمة بأسلوب يليق بسماحة الدين الحنيف، الذي يحث على الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى يستجيب الناس ويواجهوا الإرهاب باسم الدين والقتل باسم الدين" . وكان رحمه الله، يحن على الطير وطلب أن تسقى الطيور حتى بعد وفاته، ورأى حصاناً كاد يموت عطشاً وجوعاً وطلب من صاحبه شراءه، الأمثلة كثيرة ولا يسعنا أن نعدد كيفية تسامح زايد مع البشر والطير والنبات والحيوان، هذا الإنسان في عهده أعطى الجميع، في الإمارات وخارجها، فأصبح يطلق عليه زايد الخير.
وهناك حكايات كثيرة تروى عن تسامح، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، منها تلك التي تحدث عنها الدكتور سليمان الجاسم مستشهداً بثلاث وقائع محددة، الأولى هي تحمله لتكاليف صيانة قبة كنيسة القيامة المجيدة، أما الثانية فقد سردها قائلاً: كانت استراحة الشيخ زايد في سويسرا تحديداً بمثابة ساحة وقبلة للكثير من الفقراء والمحتاجين من العرب والأجانب هناك، وذات يوم ذهب رجل أجنبي يطلب المساعدة، فقابله أحد العاملين لدى سموه، وعلم من اسم الرجل أنه يهودي، فأبلغ الشيخ زايد، الذي أمر له بتلبية طلبه في المساعدة بضعفين، قائلاً إنه إنسان أولاً وأخيراً. أما الثالثة فيه أن الشيخ زايد كان قد ذهب إلى أحد المطاعم في أحد البلدان الغربية، وأثناء جلوسه وجد تجمعاً كبيراً من الطيور تقتات على بعض فتات الأكل في المطعم، فسأل مدير المطعم هل تتجمع هذه الطيور دوماً هنا فأجابه بنعم، فأعطاه زايد رحمه الله تكلفة حبوب للطيور لمدة عام على أن يلتزم صاحب المطعم بنثر الحبوب كل يوم للطيور، حتى لا تجوع يوماً واحداً. ويأخذ تسامح الشيخ زايد عدة أبعاداً منها :
* ـ النظرة الراضية إلى الماضي : فهو كان حريصاً طيلة الوقت على أن يذكر الشعب الإماراتي بماضيه البعيد والقريب، وألا ينفر منه، بل يعتز به، وألا تغره مظاهر التحديث الحالية، وتجعله ينسى كفاح الأجداد في سبيل العيش. وهنا يقول: "على شعبنا ألا ينسى ماضيه وأسلافه، كيف عاشوا وعلى ماذا اعتمدوا في حياتهم وكلما أحس الناس بماضيهم أكثر، وعرفوا تراثهم، أصبحوا أكثر اهتماماً ببلادهم وأكثر استعداداً للدفاع عنها.. إن الجيل الجديد يجب أن يعرف كم قاسى الجيل الذي سبقه، لأن ذلك يزيده صلابه وصبراً وجهاداً لمواصلة المسيرة التي بدأها الآباء والأجداد، وهي المسيرة التي جسدت في النهاية الأماني القومية بعد فترة طويلة من المعاناة ضد التجزئة والتخلف والحرمان".
* ـ الإيمان بالمساواة : فمع أن الشيخ زايد كان يحض على عدم نسيان الماضي، فإنه لم يرد لهذا الماضي أن يحضر بسلبياته، ومنها النعرة القبلية التي تدفع إلى استعلاء قبيلة على أخرى، إنما بالاستفادة من القيم الإيجابية الناتجة عن التمسك بالأصالة، وعدم التنكر لما سبق. وهنا يقول: "إننا لا ننظر إلى الشباب على أساس أن هذا ابن فلان أو قريب فلان لكننا ننظر إليهم على أساس ما يقدمونه من جهد لوطنهم".
* ـ الاندماج مع الآخر : الذي يعني الانفتاح على الآخرين، والبحث عن الحكمة أياً كان مكان وجودها، وأياً كانت عقائد أو جنسيات من يحملونها، فهي ضالة المؤمن أني وجدها فهو أولى بها، وهنا يقول: "لقد أسهم الآباء في بناء هذا الوطن، وواجبنا أن نبني للأجيال القادمة، وأن نواصل مسيرة الأسلاف، وعلينا أن نستفيد من كافة الخبرات والتجارب دون خجل، نأخذ منها بقدر ما يفيدنا ونحتاج إليه وبقدر ما يتفق مع تقاليدنا ومثلنا العربية".
* ـ خدمة الناس : فالمتسامح مع الناس لا بد له أن يعمل على خدمتهم، بما يحقق مصالحهم، ويدخل السعادة على قلوبهم، ويحترم آدميتهم، ويصون كرامتهم، وهنا يقول: "إن الشخص الذي يرعى مصالح العامة وخدمة المجموع، سوف يجد مني ومن الحكومة كل تشجيع ومساندة، لأن مثل هذا الشخص جند نفسه بنفسه واعتنى بمصالح الآخرين. ومن هنا فإنه يستحق كل التقدير والاحترام والوقار، لأنه يصبح بالنسبة لإخوانه وأهله كالملاذ تماماً كما يلجأ ربان السفينة إلى الميناء ليتقي شر الطوفان أو العاصفة".
* ـ التواضع : فقد أدرك الشيخ زايد بفطرته أن المتسامح متواضع بطبعه، وأن المتكبر على الناس، المتعجرف في تعبيره وتدبيره معهم، لا يمكن أن يكون متسامحاً، حتى لو ظل طيلة الوقت يزعم هذا، ويتحدث به، ويدعي الانحياز له. وهنا يقول: "أكبر نصيحة لأبنائي البعد عن التكبر، وإيماني بأن الكبير والعظيم لا يصغره ولا يضعفه أن يتواضع ويحترم الناس أكثر مما يحترمونه".
* ـ محبة الناس : وقيمة المحبة ركيزة أساسية من ركائز التسامح عند الشيخ زايد، الذي كان يفتح قلبه للجميع. نموذج للتسامح
لأن المغفور له، بإذن الله، كان معروفاً بكرمه الفياض على المستوى العالمي، أقبل عليه عدد من الناس خلال وجوده في إحدى الدول الأجنبية، يلقون التحية ويسألون بعض المساعدات، وكان بينهم يهودي يرتدي قلنسوة، فتدخل أحد الحراس وحال بينه وبين الشيخ زايد، حينها أشار «طيب الله ثراه» للحراس أن يتركوه، وأعطاه ضعف ما طلب، وهذا الموقف كان بمثابة رسالة لجميع الناس تحث على التسامح وتقبل الآخر.
ولهذا ولكل ما سبق وهو بعض من كل لم يكن غريباً أن يلقَّب الشيخ زايد بمنارة التسامح؛ لأنه استطاع أن يجعل من التسامح والوئام منهجاً في التعامل مع الآخرين، سواء مع الأفراد أو القبائل أو دول الجوار، فاستطاع بحكمته أن يحلّ النزاعات الناشبة بين القبائل، ويزيل ما بينها من أحقاد وصراعات، وبات الحَكَم العدل الذي يلجأ إليه الجميع لحلّ خلافاتهم. وبفضل جهوده أصبحت القبائل المتنافرة متوحدة في وطن آمن ومزدهر. كما تجلت سماحة وحكمة الشيخ زايد، رحمه الله، في التعامل مع قضايا الحدود، خصوصاً مع المملكة العربية السعودية، مؤسساً بذلك لعلاقة قوية وراسخة معها، تزداد تطوراً يوماً بعد الآخر. وختاماً يصبح لزاماً على كل عربى ومسلم ان ينتهج التسامح منهاج حياة وليس فقط مجرد شعار . وليد برهام كاتب وسيناريست
#وليد_برهام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استخدام الدراما فى التوعية والتوجيه بجانب التثقيف
-
نادية مراد وجائزة نوبل للسلام احدى ضحايا داعش الارهابية
-
مؤامرة الطائرة الروسية
-
الخراشى أول شيخ للجامع الأزهر
-
أمى وطبق العاشورا .
-
نظام الحكم والبيعة فى المملكة العربية السعودية :
-
منع المغنى الاخوانجى من الاذاعة قرار صائب
-
وضع موظفي الشركات العسكرية والأمنية الخاصة بموجب القانون الد
...
-
مصر ومنظمة العفو الدولية وعدم الحيادية .
-
نحن وأنتم
-
المرتزقة الجدد فى مصر ( المتأخونون )
-
تكفير وارهاب المسلم للمسلم فتنة
المزيد.....
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
-
زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص
...
-
إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد
...
-
تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
-
لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
-
الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
-
لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال
...
-
سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
-
مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م
...
-
فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|