أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبدالرزاق دحنون - قضيَّة المرأة الساكتة














المزيد.....

قضيَّة المرأة الساكتة


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6104 - 2019 / 1 / 4 - 12:09
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


حين قرأت محضر تسجيل وقائع قضية المرأة الساكتة المكتشف في خرائب مدينة نفر السومرية في وادي الرافدين والتي حدثت في حدود عام 1850 قبل الميلاد, تذكرت قول فيدور دوستويفسكي عن روايته الجريمة والعقاب: إنها تقرير سيكولوجي عن أحدى الجرائم. قضية المرأة الساكتة تندرج في هذا السياق, وتعود بداية الوقائع إلى عام 1950 حين عثرت بعثة مشتركة من المؤسسة الشرقية في جامعة شيكاغو والمتحف التابع لجامعة بنسلفانيا على لوحين من الطين في مدينة نفر السومرية جنوب العراق سُجّل فيهما محضر لمحاكمة خاصة بجريمة قتل. أحد اللوحين كُسرت حوافه ولكن أمكن إكمال الأسطر المفقودة بالاستعانة بكسر صغيرة من نسخ أخرى من الوثيقة نفسها. وإن حقيقة وجود نسختين أو أكثر من سجل واحد تدل على أن قرار محكمة مدينة نفر قد اشتهر في جميع الأوساط القانونية في بلاد سومر بكونه سابقة قضائية مشهورة.
الحادثة كما روتها ألواح الطين تقول: إن ثلاثة رجال هم حلاق وبستاني, وشخص ثالث لم تُذكر صنعته, قتلوا لسبب ما, أحد موظفي المعبد. ولأسباب غير معروفة أخبر هؤلاء زوجة القتيل بمقتل زوجها, لكن المرأة سكتت واحتفظت بسر القتلة ولم تبلغ السلطات الرسمية بالأمر. إلا أن خبر الجريمة وصل أسماع الحاكم في العاصمة, فأحال القضية إلى مجلس الحكماء في المدينة .
نهض تسعة رجال في هذا المجلس لمقاضاة المتهمين, وقد شرح هؤلاء القضية في مجمل تفاصيلها وتوصلوا إلى أن الجريمة لا تقتصر على الرجال الثلاثة وهم القتلة الفاعلون,بل يلزم مقاضاة الزوجة بسبب بقائها ساكتة, كاتمة الأمر بعد علمها, الأمر الذي يجعلها شريكة في الجريمة. ثم تقدم محامي الدفاع معلناً لهيئة المحكمة أن المرأة لم تشترك في قتل زوجها, لذلك ينبغي تبرئتها, مبرراً أن تلك المرأة كان لها من الأسباب ما حماها على السكوت, لأن زوجها لم يكن قائماً بإعالتها. ونهض ممثل الدفاع العام من جديد معلناً أن الذين قتلوا الرجل لا يستحقون الحياة, إن أولئك الرجال الثلاثة وتلك المرأة يستحقون القصاص. ولكن دفاع المرأة أكد مرة أخرى قائلاً: مع الاعتراف بأن الزوج قد ُقتل وقد علمت المرأة بذلك وسكتت, فما هو ذنبها حتى تستحق القصاص.
تدخل القاضي معلناً أن زوجة لم يقم زوجها بإعالتها, مع الافتراض بأنها كانت تعرف أعداء زوجها, وأنها بعد مقتل زوجها علمت بالأمر, ولم تشترك في الجريمة, فلماذا نعاقبها على سكوتها, ينبغي قصر العقوبة على أولئك الذين ارتكبوا القتل فعلاً. وبموجب قرار القاضي حُكم على الرجال الثلاثة بالقصاص وأطلق سراح الزوجة. ولكن ماذا يقول القضاة في عصرنا الحديث عن هذه الجريمة وبماذا يحكمون؟
أرسلت ترجمة محضر جلسات المحكمة إلى البروفيسور أوين روبرتس عميد كلية الحقوق في جامعة بنسلفانيا,آنذاك, فكن جوابه: إن قضاة اليوم يتفقون مع القاضي السومري ويحكمون بالحكم نفسه. مبرراً قوله , أن تلك الزوجة لا يمكن أن تعد شريكة في الجريمة بموجب قوانيننا اليوم, فإن من ينبغي أن يعد شريكاً في الجريمة ليس من علم بارتكابها فقط بل يجب أن يكون قد آوى المجرم القاتل أو أسعفه أو زين له أو ساعده.
هذه القضية نظرت فيها محكمة مدينة نيبور السومرية في وادي الرافدين من أكثر من أربعة آلاف سنة. فماذا يقول قضاة المشرق العربي لو عُرضت عليهم هذه القضية من جديد؟ هل يحكمون بما حكم القاضي السومري, أم أن الأحكام تتغير بتغير الأزمان, ولكل زمان دولة ورجال؟



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هي السيدة ديمقراطية؟
- شيوعيون في المساجد
- أنا أحبُّ سقراط
- حاشية من تاريخ مصر الحديث
- أفسحوا الطريق
- إذا قطعتم أصابع كفي سأرسم بأصابع قدمي
- سنة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو في العراق
- ثمن السُّكر الذي تأكلون
- هل فكرة الاشتراكية ما زالت خياراً اجتماعياً صائباً؟
- يُلكم المُدير الياباني كلّ صباح
- على هامش كتاب-حِكَم النَّبيّ مُحمَّد- للأديب الروسي الكبير ل ...
- فولتير و جرس الإنذار
- ثورة الملح
- عبد الوهاب المسيري ذلك الرجل النبيل
- مقطع من سمفونية الكمنجات الكردية
- اليهود في رواية الجندي الطيب شفيك
- شيوعيون يزرعون عبَّاد الشمس
- اللَّحظةُ الشُّقيريَّة
- لماذا خلق الله الذباب؟
- أنا مش كافر بس الجوع كافر


المزيد.....




- “من هنا” رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2024
- تفاصيل قصة -الفتاة اليزيدية- التي ادعى الاحتلال أنه حررها من ...
- الحرب على غزة تهجير وخيام وأرواح
- الوكالة الوطنية للتشغيل توضح شروط منحة المرأة الماكثة في الب ...
- خطوات التقديم على منحة المرأة الماكثة في الجزائر 2024 وشروطه ...
- الكويت.. الداخلية تضبط متهما من الأسرة الحاكمة هارب من تنفيذ ...
- الوكالة الوطنية للتشغيل توضح شروط منحة المرأة الماكثة في الب ...
- حماس ترد على رواية إسرائيل.. وتكشف ما حدث لـ-امرأة إيزيدية- ...
- الكويت.. ضبط فرد من الأسرة الحاكمة هارب من تنفيذ حكم بالسجن ...
- أدين بـ90 جريمة اغتصاب..42 حكما بالمؤبد لرجل في جنوب إفريقيا ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبدالرزاق دحنون - قضيَّة المرأة الساكتة