مارينا سوريال
الحوار المتمدن-العدد: 6103 - 2019 / 1 / 3 - 10:18
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
عدت الى قريتى البعيدة عن العاصمة منذ اشهر طويلة ..الحنين اعادنى الى هنا من جديد
لم اصطحب معى سوى طفلى الصغير تتغذى عيناه على رؤية النهر والاشجار المحيطة
الحنين هو من اوقف نفورى مما كنت نسيته من الماضى تطورت قريتنا الصغيرة وازدهرت عن احوالها التى تركتها عليها عندما غادرت للدراسة فى الجامعة بالعاصمة مع والدتى
اشتم رائحة الطعام اشعر بالرغبة فى البكاء اخشى ان يرانى الصغير فيتضايق ربما يشعر بالخوف لا لااريده ان يشعر بالخوف بل بالفرح ..نعم الفرح الذى افتقدته عندما اصبحت شابة وغادرنا قريتنا وبدات اتعلم واعمل فى تلك الشركة وحتى عندما اصبحت زوجة المدير لم اشعر سوى بالخوف ..كل الاشياء المتوفرة بلا قلق لم تسبب لى الراحة ..كنت اشترى ما احب استطيع التجول ورؤية احدث الموديلات افضل الطعام واشهاه تذوق كل ما لم اعرف رؤية المدن التى حلمت بها فى العالم بطاقة مصرفية صالحة كل هذا لم ينسى كونى منبوذة من المدير ثم من قبل الابن الشرعى الذى سيصبح مديرا بعد والده الخوف على صغيرى ..اصبحت احلم بقريتى من جديد ..اصرخ فى حلمى على الفتاة الصغيرة التى كنت اراها تلعب وتصرخ ببهجة وتتنتظر الاعياد لتخرج وتشاهد ومن كانت تحب حضور المسرحيات التى تتحدث عن الاسلاف والارث رموز القرية التى خرجت منها وجوه العجائز رؤية الفقر فى كل شىء الخوف من ضياع العمل والمال فلانجد الطعام رحيل الاب الذى لااذكره سماع صوت بكاء الام الحلم الذى كان يتكرر قبل الرحيل الى الجامعة من الام التى تبيع فتاتها لاجل الحصول على المال فى الزمان البعيد اضطرت الاسر الفقيرة لبيع فتياتهن ربما اعتقدوا انه افضل للفتاة من الموت جوعا ان تكون من ضمن زوجات لرجل البيت ذلك الحلم كان يجعلنى اصرخ ..اعود للبدء من الصفر..قريتى تكاتفت لم تعد كالماضى المتاجر فى كل مكان تجذب السائحين من انحاء البلاد لرؤيتها فى السابق كان جدى الاكبر اول من وطات قدماه ارض تلك القرية صاحب نزل صغير استطاع بالعمل ان يتوسع كان له ثلاث صبيه مات اثنين اثناء الحرب ومهاجمة قطاع الطرق لنا فلم يتبقى سوى ابى لم يكن ابى مثل ابيه عندما رحل لم تستطع امى الصمود كان كل ما لديها موهبتها فى صنع الحلوى المحلية التى كانت تبيعها لاهل القرية ونعيش منها بالقليل تعلمت فى الماضى ان لااحتاج سوى ما استطيع الحصول عليه لكن فى العاصمة تعلمت اننى اريد كل ما فى العالم ان يسقط بين يدى استغرقت وقتا حتى اتعلم من جديد ان الفراء واحدث الصيحات وافخم الطعام الاوروبى النوم على فراش دافىء كل هذا لايكفى بعد ان اختفت ملامحى فلا اعلم من اين اتيت والى اين الذهاب؟
اراقب الصغير يركض يسمع اصوات الغناء ترتفع الاعلام وتبدأ احتفالات قريتنا اريده صغير سعيد يعرف من اين اتى وهدفه فى تلك الحياة
سوزوران
#مارينا_سوريال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟