أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - ميثاق الضيفي - الأساطير... ماذا لو كانت حقيقة؟؟؟















المزيد.....


الأساطير... ماذا لو كانت حقيقة؟؟؟


ميثاق الضيفي

الحوار المتمدن-العدد: 6103 - 2019 / 1 / 3 - 01:49
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


الأساطير... ماذا لو كانت حقيقة ؟؟؟

مقال/ بقلم الدكتور ميثاق بيات ألضيفي

اكتشف علماء الآثار أدوات في قبور الإنسان القديم (نياندرتال) أدلة على الايمان وان كان ايمانا غير مرئي، لكنه اظهر إن الانسان وان عاش في حياته حكايات خيالية غير انه طور أقدم نظامًا للأفكار سمح بتوفيقها عبر دفنه للموتى بهذه الرعاية وعلى الأرجح انه كان يعتقد أن الواقع لم يقتصر على العالم المادي المرئي, مما عنى إننا ومنذ البداية كنا كمخلوقات نسعى للبحث عن المعنى ولا نميل إلى اليأس والذوبان والانعدام وعلى الرغم من كل الأدلة الكئيبة إلا إن الحياة ربما لا تخلو من معنى وقيمة.
من السمات المميزة للوعي البشري هي قدرته على توليد الأفكار وتجربة حالات لا يمكن تفسيرها بعقلانية إذ لديه الخيال والقدرة على التأمل في الأشياء التي ليست في متناول اليد وحتى لو لم تكن موجودة على الإطلاق لكنها كانت قد نشأت في ذهنه, وعبر الخيال نشأت الأساطير ولذلك غالبا ما يتم إدانة التفكير الأسطوري وتخفيضه باعتباره غير عقلاني وغير مناسب للتغلب على نقاط الضعف البشرية غير إننا لا يجب إن ننسى أنه بدون خيال لما كان يمكن للعلماء من فهم الحقائق الجديدة واختراع التكنولوجيات وصناعة عالم المعلوماتية, لان الخيال صنع الانجازات ومكننا أن نصل إلى الفضاء والمشي على القمر لدرجة إن توسع الأساطير والعلوم معا ساعدت على تحقيق إمكانيات الإنسان والتي لا تطالبه على الإطلاق بمغادرة العالم بل أنها تجعل حياة العالم أكثر اكتمالاً وغنىً.
تستند الأسطورة على تجربة مواجهة الموت والخوف من الانقراض، وترتبط الأساطير مع الطقوس وان العديد من الأساطير لا معنى لها خارج الطقوس المقدسة التي ولدت منها غير أنها في الحالة الدنيوية غير مفهومة، والأسطورة تدور حول المجهول وبالنظر في محور الصمت العظيم لانها ليست قصة مستقلة, فتعمل على إن تقدم لنا الأساطير المفسرة بشكل صحيح الحالة الروحية أو النفسية الصحيحة والتي تضمن العمل الصحيح في المستقبل في هذا العالم أو حتى في عالم آخر. وتعلن جميع الأساطير عن وجود عالم آخر متداخلا بعالمنا ويدعمه إلى حد ما وتؤكد على وجوب الاعتقاد في هذا الواقع غير المرئي والذي يشار إليه أحيانا باسم "الفلسفة الأبدية" لأنه كان يستند إلى الأساطير والحياة الطقسية والتنظيم الاجتماعي لجميع المجتمعات قبل ولادة العلم الحديث وفي معظم المجتمعات بالطريقة التقليدية, ووفقاً لهذه الفلسفة الأبدية فأن كل شيء يحدث في العالم وكل ما نراه ونسمع به له مراسلاته في العالم الإلهي وهو أكثر إشراقاً وأقوى من نظيره الأرضي وكل الواقع الدنيوي ليس سوى ظل شاحب وهو شبه مثالي لنموذجه الأصلي، وفقط عبر المشاركة في الحياة الإلهية يتمكن الشخص الضعيف من أدراك إمكاناته, وقد أعطت الأساطير مظهرًا واضحًا وشكلًا واضحًا للواقع الذي شعر الناس به بشكل حدسي.
تتميز الثقافة الحديثة القائمة على الأفكار العلمية بمفهوم مبسط للغاية عن مفهوم الناس قديما عن الفكرة والايمان الإلهي مما يؤدي إلى حياة ميتافيزيقية منفصلة تمامًا إذ لم تكن الأساطير في مجال اللاهوت الديني بالمعنى الحديث للكلمة إنما في مجال محدود وضيق للفكر وللخبرة الإنسانية وهكذا تم تصميم الأساطير لتكون داعمة للناس في المواقف الصعبة ولمساعدتهم في العثور على مكانهم الملائم والنفسي في العالم ومسارهم الحقيقي, ومع حقيقية رجوع البشر جميعا إلى ادم عليه السلام اب البشرية لكننا مع ذلك كلنا نحاول وكلنا نريد أن نعرف من أين أتينا ونود ارجاع اصولنا إلى شخصيات مقدسة، ولكن بما أن الأصول ضائعة في ضباب عصور ما قبل التاريخ فإن الناس يؤلفون أساطير عن أسلافهم وهي أساطير لا ترتبط بالواقع التاريخي غير أنها ساعدت في تفسير خصوصيات بيئتهم وعاداتهم الاجتماعية. وتكاد إن تكون رغبتنا جميعا ذاتها في أن نعرف إلى أين نحن ذاهبون وبنفس الطريقة التي نشكل بها أساطير عن الحياة، ونريد جميعًا أن نجد تفسيراً لتلك اللحظات الخاصة في حياتنا عندما نتمكن من الارتفاع فوق المستوى العادي ونشعر أن الإنسان والعالم المادي يأويان شيئًا أكثر واكبر واوسع وادق.
على كل حال فبعالمنا الحالي غالباً ما تكون الكلمة "أسطورة" مرادفة لأكاذيب عادية لدرجة إن كل سياسي متهم سيعلن إن اتهامه بالفساد هي نوع من التزوير وأن كل ذلك ليس اكثر من "أسطورة"، مما يعني أنه لم يكن هناك شيء من هذا القبيل ومن هذا وذاك التصقت الاساطير بالجوانب المنافية للعقول فهي لا تصدق تماما وتتناقض بصراحة مع كل ما نعتبره ممكنًا حقًا ولذلك قام المفكرين والعلماء ومنذ منتصف القرن السابع عشر بتطوير منهجًا علميًا للتاريخ مما ادى إلى إن يكون الأهتمام الحالي وبشكل أساس فقط بما حدث بالفعل فسابقا كان الأشخاص الذين كتبوا عن الماضي مهتمين في المقام الأول ليس بالأحداث بحد ذاتها إنما بما كانت تعنيه وتقصده, ومن ذلك كله كانت الأسطورة حدثًا بمعنى ما لربما يكون قد حدث مرة واحدة ولكنه في ذات الوقت لم يتكرر في كل وقت وإن النهج العلمي الصارم للتاريخ لا يسمح باختيار كلمة علمية لوصف هذه الظاهرة غير إن الأساطير هي شكل خاص من أشكال الفن وتسعى جاهدة وراء حدود التاريخ إلى محاولة الدخول فكريا لجوهر الوجود الأبدي مما يساعد على التحرر من التدفق الفوضوي للأحداث العشوائية ويلتقط لمحة عن جوهر الواقع.
ولأن الناس تطمح لتجربة التعالي والسعي إلى تجربة لحظات من النشوة الروحية تؤثر في بعض السلاسل النفسية العميقة فتم لذلك تصميم الأساطير لإيقاظ حالة الشخص من النشوة حتى في مواجهة اليأس لابعاده عن احتضانه لفكرة الهروب الى الموت وإذا كانت الأسطورة غير قادرة على ذلك فهذا يعني أنه قد تخطت عهدها وخسرت كل القيمة، فلذا لا ينبغي اعتبار الأسطورة مجرد شكل أدنى من التفكير والذي يمكن تجاهله في عصر العقل فأن الأساطير ليست على الإطلاق نموذجًا أوليًا للتاريخ والأحداث الموصوفة في الأساطير لا تتظاهر على الأقل بدور الحقائق الموضوعية للواقع غير أنها تحول عالمنا المأساوي المجزأ وتساعد على كشف فرص جديدة، ونحن عبرها متسائلين نردد "ماذا لو؟ .." هو السؤال ذاته الذي نحن ملزمون به والاكتشافات العلمية والتقنية ملتزمة به ولذلك فربما كانت اللعبة الروحية هي التي لعبها الإنسان القديم ، الذي كان يعد شقيقه الميت من أجل حياة جديدة: "ماذا لو كان هناك شيء آخر إلى جانب هذا العالم؟ وان وجد فكيف يمكن له أن يؤثر على حياتنا الروحية واليومية والاجتماعية؟ ربما سنتغير؟ وهل سيكون مثاليا؟ وإذا كنا قد تغيرنا حقاً فهل هذا يعني أن حياتنا ستكون مثالية او صادقة إلى حد ما او وأنها ستحتوي على بعض الحقائق المهمة بالنسبة لنا، على الرغم من أننا لا ولن نستطيع إثبات ذلك بعقلانية؟
لذا فإن الأسطورة تعد أنها صحيحة لأنها فعالة وليس لأنها تعطينا بعض المعلومات عن حقائق الواقع لانها إذا لم تساعدنا على اختراق أعمق في أسرار الحياة فعندئذ لا فائدة منها فهي قيمة حقا إن ألهمتنا بأفكار ومشاعر جديدة تعطي الأمل وتشجعنا على أن نعيش حياة كاملة. ويمكن للأساطير أن تحولنا فقط إذا اتبعنا تعليماتها إذ إن بعضها تشرح لنا ما يجب أن نفعله لإثراء حياتنا وان لم نطبق فحواها على وضع حياتنا تبقى الأسطورة غير مفهومة وغريبة كقواعد لعبة غير مألوفة والتي غالبا ما تبدو مملة ومربكة حتى تبدأ اللعب. وقد أدت الأساطير دورًا مهمًا للغاية وهي لم تساعد فقط الناس في العثور على معنى الحياة إنما كشفت أيضًا عن نواحي الوعي التي لا يمكن الوصول إليها بطرق أخرى فهي بذات الوقت تماثلت على أنها شكلا مبكرا من علم النفس, وقد كانت هناك دائما نسخ مختلفة من ذات الأساطير ومن أجل الاستمرار في نقل الحقيقة الخالدة الواردة فيها يجب أن تتكيف مع الظروف المتغيرة وأنه كلما حققت البشرية قفزة في تطورها تغيرت هي وفقًا للظروف الجديدة غير إن الطبيعة البشرية لا تزال دون تغيير إلى حد كبير كما إن العديد من الأساطير المتولدة والمتناسخة عن مختلف الثقافات ما زالت تناشد أعمق مخاوفنا وأدق رغباتنا.



#ميثاق_الضيفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف... والدول المتشددة
- كيف نبحث ونحلل سياسيا...؟
- الدعم النفسي لمبادئ ادارة الصراعات السياسية
- لا صوت... للرأي العام
- النموذج الكامل لاستراتيجية الآمنين المحلي والدولي
- فلسطين... والخطط والتخبطات الترامبية
- تفعيل اجواء التعليم الجامعي
- الخنق الإقتصادي... مجازر بلا حروب
- رسالتي إلى حضرة الرئيس العراقي
- إستراتيجيات حرب العصابات
- مكنونة البساطة


المزيد.....




- مين اللي سرق الجزمة.. استمتع بأجمل اغاني الاطفال على قناة ون ...
- “بسهولة وعبر موقع الوكالة الوطنية للتشغيل”… خطوات وشروط التس ...
- الشرع يرفض الجدل بشأن طلبه من امرأة تغطية شعرها قبل التقاط ص ...
- -عزل النساء- في دمشق.. مشهد يشعل الغضب ويثير الجدل
- سجلي الـــآن .. رابط رسمي للتقديم في منحة المرأة الماكثة في ...
- طريقة التسجيل في منحة المرأة العاملة في السعودية .. عبر المو ...
- سوريا.. إدارة الشؤون السياسية تخصص مكتبا لشؤون المرأة يعنى ب ...
- تعيين أول امرأة في الإدارة السورية الجديدة
- لا اعتراف بأمومتكن.. أهلًا بكنّ في “برمانا هاي سكول”
- سوريا.. تعليق أحمد الشرع على قلق العلمانيات من فرض ارتداء ال ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - ميثاق الضيفي - الأساطير... ماذا لو كانت حقيقة؟؟؟