|
مبارك يطلب إذن..هل أهان دولة القانون؟
احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 6102 - 2019 / 1 / 2 - 15:33
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
قال الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، خلال الإدلاء بشهادته فى محاكمة مرسى وأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة بشأن اقتحام الحدود الشرقية: "المعلومات اللى هقولها تتعلق بالأمن القومى وعلشان إدلى بشهاداتى بصفقتى كنت رئيس جمهورية والقائد العام للقوات المسلحة لابد من موافقة رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة"، وبعد سؤاله عن دور الإخوان فى أحداث يناير، قائلا:"عايز إذن علشان أتكلم عن دور الإخوان فى أحداث يناير لأنى لو اتكلمت هرتكب مخالفة وهطلع من هنا هدخل فى حته تانية". تعرف دولة القانون " بأنها الدولة التي تضع لنفسها قیودا قانونیة من اجل تنظيم علاقتها مع مواطنیها وتطبق علیهم أحكام تستمد أصلها من قوانين موضوعة قائمة على إتفاق جماعي، مجردة من إرادة الحكام وإرضاءهم" ، إذاً دولة القانون الهدف منها قيام توازن بین احتياجات ومتطلبات السلطة وضمانات ومكتسبات الحقوق والحریات العامة، لأن تغلیب متطلبات السلطة یؤدي في النهاية إلى الإستبداد والدكتاتورية ، وتغلیب ضمانات الحقوق والحریات العامة یؤدي إلى الفوضى والكيانات الهشة، ولنجاح دولة القانون يجب ان تصبح السلطة ، سلطة قانونية ، ليست امتيازا لمن يمارسها ، بل مجرد وظیفة ذات صلاحیات محددة تمارس في ضوء مجموعة من القواعد القانونیة، فخضوع الدولة بسلطاتها المختلفة لمجموع القواعد القانونیة یعد العنصر الجوهري لقیام دولة القانون ، وذلك حتى لاتصبح الدولة ، دولة بوليسية او دولة دينية . لكي تقوم دولة القانون لابد من توفر مجموعة من الاسس والمبادئ والمقومات ، أهمها، الدستور الذي یحدد شكل الدولة ونظام الحكم فیها ، وینشئ السلطات ویبین إختصاصتها ویحدد طبیعة العلاقة بینها، وبالتالي یعتبر الضمانة الأولى لممارسة السلطة ممارسة قانونیة خاضعة لحدود وضوابط معینة ،ثانيا ، الفصل بین السلطات(السلطة التشریعیة، السلطة التنفیذیة، السلطة القضائیة)، حيث یأتي في صدارة المقومات التي تبني علیها دولة القانون، وبدونه لا تقوم الركائز الأخرى ، فبدون هذا المبدأ ، يبقى الحكم المطلق المستبد بالسلطة وتصبح السلطة المطلقة ملك لمن یمارسها ، مبدأ الفصل بین السلطات سیظل الاساس الاهم او حجر الاساس في بناء اي نظام دیموقراطي حر، مبدأ ، یقوم أساساً على العداء الشدید لتركیز السلطة في ید شخص او جماعة او هيئة ، وسیبقى خیر ضمان لحقوق الأفراد والحفاظ على حریاتهم، حيث يضمن خضوع السلطات الحاكمة للقانون ولیس خضوع الأفراد فقط ، ثالثا ، مبدأ استقلال القضاء ،الذي يعتبر من أهم السلطات الثلاث ، والذي يعبر بصدق عن كیان دولة القانون ، ويعتبر دعامة أساسیة لقیامها ومن المبادئ الدستوریة الأساسیة ، حيث لا تقوم الدولة في ظل حكم او سلطة تهيمن على القضاء ، وبالتالي لا بد من سلطة قضائیة مستقلة تخضع الحاكم والمحكومین للقوانین الساریة المفعولة في الدولة وتكون مستقلة على جمیع المستویات وبعیدة عن كل الضغوطات سواء سیاسیة، إجتماعیة، مالیة ، فإذا كانت السلطة التشریعیة تختص بسن القوانین والسلطة التنفیذیة تتولى تنفیذها ، فإن السلطة القضائیة هي التي تقوم بتفسیر القانون وتطبیقه، وبشكل متساوي سوءا فیما بین الافراد، أم بین الافراد والدولة ، أي لا يمكن للسلطة القضائیة القیام بالمهام المنوط لها في القانون دون أن تكون مستقلة عن سلطة التشریع والتنفیذ ، وان يتعاونوا معها من اجل تحقيق دولة الفانون . مبارك كعادته وضع رئيس الجمهورية في موقف لا يحسد عليه أمام دولة القانون والديموقراطيات الحرة ، عندما طلب امام المحكمة (اقتحام الحدود الشرقية) بطابعها الجنائي ونركز هنا على طابعها الجنائي، حتى يدلي بشهادته يجب الحصول على اذن من السيسي شخصيا بصفته رئيسا للجمهورية !. ليترك انطباعا بطلبه وإصراره هذا لكل من يرغب ويعمل على اقامة دولة القانون ، ان هناك توغلا للسلطة ما على حساب السلطة القضائية ، وان السلطة القضائية تابعه وليست مستقلة ، وان مصر مازالت بعيدة كل البعد عن دولة القانون والمؤسسات والدستور ، ذلك الدستور ، الذي يبين في مادته 184 " ان السلطة القضائية مستقلة، تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقاً للقانون، ويبين القانون صلاحياتها، والتدخل فى شئون العدالة أو القضايا، جريمة لا تسقط بالتقادم "،فإصرار مبارك في الحصول على اذن اطاح بهذه المادة وقضى عليها ، ومن هنا أطاح بالدستور وأهان دولة القانون ، فالقضية منظورة امام المحاكم الجنائية وليس امام اي محاكم أخرى ، فقد يمكن على مضض أن نقبل منه طلب ، لدواعي تتعلق بالامن القومي ، النظر فيها من قبل القضاء العسكري وفقا للمادة 204 من الدستور المصري ، ولكن ما الداعي من الحصول على موافقة رئيس الدولة حتي يدلي بشهادته في بعض الامور، وإذ كان الحادث يتعلق بالامن القومي ، لماذا تم الموافقة بادئ الامر ان ينظر فيها أمام المحاكم الجنائية ، مع العلم ان جميع محاكمات مبارك ومرسي وجماعة الاخوان كانت ومازالت امام المحاكم الجنائية . لتحقيق العدالة لا يصح على الاطلاق ان تقوم المحكمة او اي شخصا بتقديم طلب اذن لجهة أوسلطة ما حتى يمكن الإدلاء بشهادته ، لو حدث ذلك ستكون سابقة من نوعها في دولة تقول ، أنها تطبق مبدأ الفصل بين السلطات وتحافظ على سلطة القضاء ، السلطة القضائیة من أهم السلطات الثلاث والتي تعبر بصدق عن كیان دولة القانون ، فممارسة السلطة القضائیة لصلاحیاتها ومهامها كضمان لإحترام القانون وحمایة الحقوق والحریات في دولة القانون، الذي لا یتحقق عملیا وفعلیا إلا من خلال تكریس الإستقلال التام لها في ممارسة مهامها ، ویعد إستقلال القضاء من المبادئ الدستوریة الأساسیة في دولة القانون . المحكمة بصفتها تمثل السلطة القضائية ، كما نعرف تستدعي وتأمر بطلب الحضور والمثول امامها لكي تتحقق العدالة ، لا تتقدم بطلب اذن ، وعلى القاضي أن لا یخضع إلا للقانون في أداء مهامه ، ویجب أن یتمتع بالحمایة من كل أشكال الضغوط والتدخلات والمناورات التي قد تضر بأداء مهامه أو تمس نزاهة حكمه ، حتى تتحقق مقولة " لا سلطان على القضاء إلا القانون " ، ما سمعناه وشهدناه مخالف تماما لمبدأ استقلال السلطة القضائية بل جعلها تابعة لاوامر وأراء السلطة التنفيذية ،لنفترض ، ان الجهات المقدم اليها طلب الاذن رفضت ، اذا ماذا سيكون موقف المحكمة ، وما هي الاجراءات الواجب إتخاذها ، وما هى درجة حكمها ، اخيرا ،هل سيخرج مكتب رئيس الجمهورية بتصريح في هذا الشأن يعيد به وضع النقاط على الحروف؟... ما علينا إلا الانتظار .
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرنسا بين الإحتجاجات والانتلجنسيا
-
الجنيه بين التعويم والتخفيض
-
بروباغندا عقيمة
-
مصر: زيادة أسعار المحروقات لثالث مرة في عامين
-
إذن: مصادر تمويل الموازنة تضخمية
-
أمريكا والصين من صراع تجاري الى حرب عملات
-
النص .. تأويل لا تفسير
-
رسالة الى من يهمه الامر(تحديد الأسعار)
-
قصة في سطور - أتت تحمل مفاتنها -
-
خفض سعر الفائدة .. قرار غير موفق
-
تيلرسون في القاهرة يامرحبا.. يامرحبا
-
الى الرئيس..هم ذئاب وليس أشقاء
-
الحراك الإيراني بين النطفة والعلقة..هل تجهضه أمريكا؟
-
يوسف زيدان بين البارانويدية والعمالة
-
بورسعيد .. صنعت تاريخ
-
ملف سد النهضة..من الإحتواء الى الإجهاض
-
أذون الخزانة المصرية..إتساع الفجوة التضخمية
-
فعل بن سلمان ما كنا نطالب به السيسي- تأميم الترستات -
-
الاقتصاد المصري..صندوق النقد بين الأخطاء والفشل
-
أحمد موسى..بين الطوارئ والقضاء العسكري
المزيد.....
-
-أنا-.. فيفي عبده تتصدر غلاف أغنية ويجز الجديدة
-
محمود عباس يصدر إعلانا دستوريا بشأن من يتولى السلطة الفلسطين
...
-
مأساة غزة: قصف مدرسة يلجأ إليها النازحون في حي الزيتون
-
الولايات المتحدة تستعيد ثلاثة مواطنين محتجزين في الصين
-
إنقاذ 5 أشخاص بعد غرق اليخت السياحي في البحر الأحمر المصري
-
بعد أنباء عن وصول وفد مصري لبحث الصفقة.. مصدر سياسي إسرائيلي
...
-
الجزائر: النيابة العامة تستجوب بوعلام صنصال واتهامات له بالع
...
-
الجزائر: نواب أوروبيون يدعون للإفراج فورا عن بوعلام صنصال
-
وزراء خارجية مجموعة السبع يدينون -الأنشطة الخبيثة- لروسيا في
...
-
التصعيد الروسي الأوكراني: ما مواقف الدول المغاربية من احتمال
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|