أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - العين الزجاجيّة














المزيد.....

العين الزجاجيّة


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1521 - 2006 / 4 / 15 - 12:00
المحور: كتابات ساخرة
    


كرأس الجاموس تماماً رأسه!
شارباه, لو وقف عليهما نسْران لما انحنيا..
جسده بضخامة مصارع ياباني عملاق..
حشرجة أنفاسه تهدر من منخريه كعواصف الرياح العاتية.
صوته أشبه بهزيم الرعد في ليالي الشتاء القاسية.
لديه شبق التيوس؛ يومياً يضاجع زوجته وما ملكت يمينه من النساء... عدة مرات!
نادراً ما رآه المعتقلون يبتسم..
يقال والعهدة على الراوي, أنه يأكل يومياً ثلاثة ديوك بلدية مشوية مع عظامها. ويشرب ثلاث بطحات كبيرة من العرق البلدي المثلث.. وأن إدارة السجن تقوم بتغيير قاعدة المرحاض الذي يستخدمه, عدة مرات في السنة, بسبب بوله الحارق والذي يشبه في آثاره الأسيد!
الجميع يسمّونه (عزرائيل) مع أنه نادراً ما يكلف بمهمة داخل السجن. حيث تقتصر نشاطاته على التعامل مع المعتقلين من ذوي الرؤوس اليابسة؛ فيكون المعتقل أمامه بمواجهة خيارين, إما الموت الزؤام, أو الخضوع التام والاستسلام كلياً لمشيئته.
قال لي المحقق بعد أن أعْيته الحيلة في استنطاقي: يبدو أننا سنطلب معونة عزرائيل أيها القزم, وسوف تندم على الساعة التي ولدت فيها..
ما إن أدخلوني إليه, حتى انسفحت قشعريرة في ظهري وهبط قلبي إلى أمعائي... فقد ظننت أنني بحضرة شمشون الجبار! والحقيقة أن الوصف شيء والواقع شيء آخر تماماً. كل ما سمعته عنه من رفاقي المعتقلين لا يقترب قيد أنملة من وهج طغيانه الرهيب!
كان جالساً على مقعدٍ خشبي, يلبس جلباباً فضفاضاً مشمّراً عن ساقيه المكسوتين بالشعر الكثيف. وقد غمس قدميه في وعاء فيه ماء ساخن, يقوم بتدليكهما أحد المساجين.
للوهلة الأولى تطلّع صوبي بحيادية أدخلت الطمأنينة إلى قلبي الواجف!
تُرى, هل الماء الدافئ والتدليك الناعم أدخلا اللذة والوداعة إلى كيانه؟
- من هذا الصعلوك؟ (سأل بازدراء وغطرسة)
- معتقل جديد سيدي.. (أجاب مرافقي)
- لماذا جلبتموه إليّ هذا (النص دكّة) إنه لا يتحمّل نفخة...
- سيدي! إنه عنيد جداً ومتكتم...
وكأن كلباً مسعوراً عضّه لدى سماعه العبارة الأخيرة, فانتفض واقفاً راكلاً السجين الذي يقوم بخدمته وأسقطه أرضاً. واندفع صوبي كالثور الهائج وهو يجأر بكلمات لم أفهم منها حرفاً واحداً, ووجّه صفعةً قوية على وجهي انطلقت على إثرها عيني الزجاجية من محجرها كالسهم, وارتطمت بالحائط وتناثرت على الأرض شظايا صغيرة...
ويا لهول ما حصل!
شهق مدهوشاً وقد فغر فمه وتشنّج وجهه وجحظت عيناه من وقع المفاجأة وصرخ مذعوراً: (وععععع...!) وكاد يسقط مغشياً عليه!!!
يا إلهي! إنه إنسان عادي! يخاف ويصرخ وربما يبكي كطفل... هذا العزرائيل الشمشوني تعرّى تماماً أمامي وأظهر الجانب الإنساني الخفي من شخصيته!!!
شعرْتُ بالحنو تجاهه, أشفقتُ عليه, خاطبته مواسياً مهوناً عليه الأمر:
- والله العظيم سيدي لم يكن قصدي...! أنا آسف أشدّ الأسف, الحقيقة أنني فكّرتُ بنزع عيني الزجاجية قبل مقابلتك, لكنني ترددت, وخمّنت أنني قد أثير اشمئزازك فتقرف من منظري القميء هذا... ولم أشأ..
- (مقاطعاً بعد أن استعاد رباطة جأشه وهمد) اغرب عن وجهي أيها الأعور النحس! "يلعن أبوك لأبو اللي جابك لهون عرص... - موجهاًً كلامه لمرافقي - خذه الآن, بعد الغدا منتحاسب.. "
لدى عودتي إلى الزنزانة, كنت مترعاُ بالسعادة. شعرتُ بنشوة من حُكِمَ عليه بالإعدام وقد انقطع به حبل المشنقة لحظة التنفيذ, فأعفاه الحاكم من العقوبة وأخلى سبيله... رفعتُ قبضتيّ إلى الأعلى وهمستُ فرِحاً: ياي.. عيني الله!
غير معقول! لقد عدتُ سليماً معافى بعد أن زرعتُ الهلع ولو للحظات, في قلب أشرس سجان...
شكراً لتلك الدجاجة التي نقرت عيني وفقأتها بينما كنت أقترب من صيصانها في الخمّ أثناء طفولتي الشقية.
شكراً لذاك التقني الماهر الذي صنع لي العين الزجاجية..
آهٍ لو أن لي رِجْلاً اصطناعية أو يداً أو رأساً أو حتى (....) اصطناعياً...!
لكنت فعلتُ العجائب بعزرائيل الدراكولا هذا...



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان ختامي لقمّة عربية
- مباحثات سرّية
- الأصابع الشهيدة
- لكي يكتمل النصاب
- امتحانات مطلع العام
- اقتراح طوباوي للحكومة
- قبلة شرعيّة
- موعظة في المركز الثقافي
- زيارة ودّية إلى فرع الأمن
- ردود سريعة
- هواجس مسؤول
- تعاميم
- من يدفع أولاً... يضحك أخيراً
- وماذا بشأن أشباه (خدّام)؟
- استبيان
- ألو!... ألو
- تقرير أمني
- الكوسا والديموقراطية
- استفتاء عربي
- فضائح عند غيرنا.. تزكم الأنوف


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - العين الزجاجيّة