أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - منير المجيد - البيرة، وما أدراك!















المزيد.....


البيرة، وما أدراك!


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 6098 - 2018 / 12 / 29 - 21:42
المحور: كتابات ساخرة
    


إجتنبها إن كنت مصاباً بداء النقرس، والعياذ بالله، رغم أنه داء الوجاهة والكروش وأباطرة روما والخلفاء الراشدين منهم وغير الراشدين، تماماً كما يجب الإبتعاد، إن كنت لاحماً، عن تلك الحمراء منها. هذا قد يكون بقرة أو ثوراً أو غزالاً، لا فرق. تناول الخضار والفاكهة والدجاج والأسماك يا رعاك الله.

البيرة، إن لم تكن مُنقرساً، كالنساء، غاوية، شقراء أو سمراء. يحتسيها زعران جمهور كرة القدم، والشبان في عطل نهايات الأسبوع ليملأوا شوارع مراكز المدن ببولهم وعطن خمائرها. طبيعي، فهي مُدّرة للبول وتزيل حصى كلى المرضى بقليل من الحظ. كما أنها صارت ثقافة في بعض الأماكن، ولها مهرجاناتها.

إن كنت تريد الإيقاع بفتاة فلا تشربها إلّا معها، لأنك ستنفرها برائحة أنفاسك. هذا يشمل كل أنواع الكحول، إلّا الڤودكا.

المعجم الغني يُعرّفها كالتالي: «نَبِيذُ الشَّعِيرِ أَوِ القَمْحِ أَوْ نَبَاتَاتٍ أُخْرَى». نباتات اخرى؟ لعمري هذا معجم فقير!
ويقول لسان العرب: ابن الأَثير في الحديث أَنه نهى عن الجِعَة وهي النبيذ المتخذ من الشعير والجِعَةُ من الأَشربة قال أَبو منصور وهي عندي من الحروف الناقصة ففسرته في معتل العين والجيم.
لا بأس إن لم تفهم ابن الأثير لبعض الغموض اللغوي وأعوجاجاته المزعجة في بعض الأحايين.
في صنوف التحريم، جاء منع الخمرة، التي هي مباح ومن مسّرات الجنة بذكر أن هناك نهراً لها، إلّا أن الجعة لم يرد ذكرها رغم أنها أقدم من الديانات.
يُقال أن المنع جاء لدرء الشبهة في الترنّح أثناء الصلاة وصعوبة الوقوف بعد السجود، كما أن المخمور لن يفلح كثيراً في حرب أو غزوة.
المسيح بن مريم الوسيم كان من عاقرها، كما يبدو، لأنه يقول في سبق طبي، أن قليلها يُنعش الفؤاد. لكم يُذهلني هذا القول.
السؤال هو هل كانت الجعة معروفة في بلاد الشام حينذاك؟ طبعاً. سآتي على ذلك. لكن القليل منها لا يُنعش الفؤاء، فالأمر يحتاج إلى لترين على الأقل، وهذا ليس قليله.

من شرقنا أعطينا البشرية، كما أشياء كثيرة اخرى، الجعة أيضاً. دعونا من كلمة «جعة» ومعتّل عينها والجيم، سأستعمل «بيرة» من الآن فصاعداً.
يذكر التاريخ أن السومريون عرفوها وذكروها في «ترنيمة نينكاسي»، وحمورابي نظّم تداولها في تشريعاته، وورد ذكرها في ملحمة جلجامش. في أوروك (العراق) تمّ إستعمالها كأجر للعمال قبل خمسة آلاف عام، وكذا لعمال بناء إهرامات مصر ووصلت حصّة الواحد منهم إلى خمس ليترات يومياً، ممّا يجعل الإهرامات من عمل سكارى. في إيران وأرمينيا وجد العلماء آثارها، وفي ألواح «إيبلا» السورية التي اكتشفت عام ١٩٧٤ إشارة واضحة إلى إنتاج البيرة قبل ٢٥٠٠ سنة من الميلاد.
قبائل الجرمان نقلوها إلى أوروبا، ومن هناك اكتسحت العالم.

الألمان من أكبر المنتجين ويُخصّصون لها مهرجانات مهولة، حيث تجول سيدات عظيمات الحجم وافرات الأثداء مؤزّرات في وسطهن بقماش يشبه أغطية الطاولات، يحملن عدة كؤوس كبيرة الحجم بطريقة بهلوانية مُثيرة للإعجاب، عابرات جحافل المحتفلين. أنا شاهد على واحدة من هؤلاء وهي تحمل إثني عشر ليتراً وكانت تبتسم.
الألمان يرقصون ويغنّون عند تناولها، بينما يشربها الإنكليز ليتعاركوا.
الشعوب تُقاس حضارياً بطريقة اكتراع البيرة.

هي المشروب الثالث ترتيباً في العالم قيد الإستهلاك، بعد الماء والشاي. كثيره مُعبّأ في زجاجات بسعة ثلث ليتر، أما الذوّاقة فإنهم يفضّلونها من البراميل (درافت).
الصحيحة هي تلك التي تحوي بين ٤ و ٥ بالمائة من الكحول، والمصنوعة من الشعير والخميرة والمعطّرة بحشيشة الدينار، بعضها بنكهات مُغفلة لضرورات كيميائية، كل ما عدا ذلك يعتبر ضراطاً ومؤامرة إمبريالية، لأن خلط البيرة مع الكولا والبيبسي وعصائر الفواكه والأعشاب المعطرة المنكّهة هو مثل تقديم «عقدة أوديب» في قالب كوميدي.

في القامشلي كنّا، في مطلع سنوات الشباب، نشرب «الشرق» الحلبية، تماماً كما كنّا نميل إلى عرق «البطّة». على ذكر البطة: كان المعمل الحلبي العريق من أول ضحايا المقتلة السورية. في العام ١٩٢٧ تأسّست معامل بوزانت سركيس كيوانيان في جبل الأكراد، لإنتاج العرق المثلث الحريف، الذي أبهج الملايين ودمّر بيوت عشرات الآلاف من المدمنين. لحسن الحظ أُفتتح المعمل مجدداً في، هذه تبدو كمزحة، بلجيكا.
وحين غزونا دمشق في فترة الدراسة الجامعية كانت بيرة «بردى» هي المُسيطرة، لسبب بسيط هو ندرة توفّر الشرق. ورغم أن بردى كانت تفخر باستعمال خميرة «پيلسنر» (بإسم المدينة التشيكية)، فإنها كانت سيئة المذاق. كنّا نتحمّلها باردة، وحينما تسخن بسرعة في أمسيات الصيف كان طعمها لا يُطاق.
سمعت أن الشرق وبردى أُغلقا كنتيجة للأزمة السورية، إلا أن عدة معامل قد بدأت الإنتاج مؤخراً بتراخيص من شركات أوروبية. جميل.

نعود إلى موضوعنا. للبيرة فوائد صحية عديدة، إن لم تكثر منها. في الواقع الإكثار من أي شيء ضار. هي، علاوة على أدائها الفعّال في شطف الكليتين، فإنها تحفّز عصارات المعدة، وتمنع مضادات الأكسدة فيها تصلب الشرايين، كما أنها تحتوي على فيتامين ب الذي يمدّ الجسم بالنشاط والحيوية، حتى لو كانت تلك الخالية من الكحول.
وبالمناسبة، الكحول موجودة بنسبة ما في تلك التي يفخر صانعوها بوضع علامة كبيرة على الملصقات تقول «٠٪ كحول». هذا كذب، لأن الكحول موجود بنسب متفاوتة في كل ما نشربه أو نتناوله من أغذية فيها خميرة.

شهدت السنوات الأخيرة تحوّلاً جذرياً في طريقة صنع البيرة. فبعد أن كانت الشركات الكبيرة المسيطرة الأولى على أسواق العالم، جاءت معامل صغيرة جداً (يلقبونها بمعامل ميكروسكوبية) وحازت على جزء غير يسير من السوق. أصحابها أشخاص مولعون بهذا المشروب، ويضعون ذلك في زجاجاتهم.
الآن، تفخر البارات بتقديم أنواع متعددة ومختلفة بجنسيات تشمل كل العالم وقد تبلغ أكثر من خمسمائة صنف في البار الواحد.
إحصائيات عام ٢٠٠٦ تفصح عن الأرقام التالية: استهلك العالم ١٣٣ مليار لتر لتبلغ الإيرادات ٢٩٤,٥ مليار دولار أمريكي. وفي العام ٢٠١٠ استهلك الصينيون لوحدهم ٥٤ مليار ليتر.
صحّة.



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعوض وحشرات اخرى
- عائلة سورية لاجئة في اليابان
- في ثقافة التواليت
- السريان، من القامشلي إلى السويد
- أوساكا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كوبيه، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- أوساكا (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- أوساكا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- الميلاد في الدانمارك ليس جورج مايكل فحسب
- كيوتو (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كيوتو (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كيوتو (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- طوكيو، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- الشينكانسن، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- قامشلو
- لا، هذا ليس رثاء يا أمي


المزيد.....




- -نقطة فارقة-: كيف غير عدوية تاريخ الغناء الشعبي في مصر؟
- -طيور مهاجرة- لإبراهيم السعافين تفتح صندوق الذكريات وتؤكد: ا ...
- “حليمة تعطي ترياق السم لــ علاء الدين“  مسلسل المؤسس عثمان ا ...
- البلاغي المغربي سعيد العوادي يكشف عوالم جديدة لحضور الطعام ب ...
- الكريسماس .. قائمة أفلام رأس السنة الميلادية 2025 الجديدة
- مصر: وفاة أحمد عدوية أحد رموز الغناء الشعبي عن عمر 79 عاما
- الغرافي يرصد مظاهر البلاغة الجديدة في الخطاب البلاغي الحديث
- الممثلة الأسترالية ريبل ويلسون وزوجتها رامونا أغروما تحتفلان ...
- مؤرخ أميركي للمقابلة: واجهت الرواية الإسرائيلية لحرب 48 من م ...
- وفاة الممثلة دايل هادون بسبب تسرب غاز قاتل في منزلها


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - منير المجيد - البيرة، وما أدراك!