أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - رسالة من رئيس وزراء فرنسا .. إلى الدكتور نظيف














المزيد.....

رسالة من رئيس وزراء فرنسا .. إلى الدكتور نظيف


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1521 - 2006 / 4 / 15 - 12:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صحيح أن الذى حدث قد وقع فى فرنسا .. لكن العبرة يمكن أن تنفعنا فى مصر.
والحكاية كما هو معروف للقاصى والدانى بدأت بتقديم الحكومة الفرنسية قانوناً جديداً للعمل. وتضمن هذا القانون أحد البنود يسمى بـ "عقد الوظيفة الأولى" وتعطى هذه المادة حقوقاً واسعة لأرباب العمل للاستغناء عن خدمات العاملين الشبان الذين يقل عمرهم عن 26 عاماً وفصلهم دون إبداء الأسباب خلال العام الأول والعام الثانى لتسلمهم الوظيفة.
وتصور الجميع أن المسألة قد انتهت بسلام بمجرد تمرير القانون. لكن سرعان ما ثبت خطأ هذا الظن، حيث خرج طلبة الجامعات، الذين لم يتخرجوا ولم يتوظفوا بعد، ونظموا مظاهرات عارمة احتجاجاً على عقد الوظيفة الأولى الى اعتبروه عدواناً على مستقبلهم وحقهم فى التوظف وإحاطة فرص العمل المستقبلية بضمانات قانونية لا يتم التلاعب بها.
وكالعادة .. حاولت بعض الأجهزة الحكومية تشويه حقيقة هذا الحركة الاحتجاجية الطلابية تارة، والتهوين من شانها تارة أخرى، والتركيز على الحل الأمنى فى الحالتين.
لكن حركة الطلبة – التى تذكرنا بثورة 1968 التى اندلعت من باريس أيضاً – استطاعت بحسن تنظيمها ووعى قيادتها، أن تكسب تضامن كثير من النقابات العمالية والأحزاب السياسية مع أهدافها.
ورغم ان وزير الداخلية، ساركوزى، مشهور بغلظته فى مواجهة التحركات الجماهيرية، وبالذات التى تجتذب شرائح واسعة نسبياً من المهاجرين، فانه وقف أمام قوات الشرطة المحيطة بطوفان المتظاهرين من الشباب قائلاً لرجاله : "أذكركم أن هؤلاء مواطنين فرنسيين، وأن من حقهم أن يعبروا عن آرائهم بحرية. لذلك فان واجبكم الأساسى هو حمايتهم. أما استخدام العنف فلا يجب ممارسته إلا ضد مثيرى الشغب الذين سيحاولون جر هذا التظاهر السلمى المشروع إلى أحداث عنف".
وكأى مجتمع حى.. كان هناك من يؤيد هذه الهبة الشبابية مثلما كان هناك من يعارضها، بل ويحث الحكومة على عدم الامتثال لمطالبها، من باب أن ذلك سينال من هيبة الحكم.
ووسط هذا الاختلاف فى الآراء .. واصل الشباب مظاهراتهم ومفاوضاتهم مع الحكومة.
ونتوقف هنا لنفتح قوساً لجملة اعتراضية هى أن الحكومة لم ترفض "التفاوض" مع المتظاهرين، ولم تعتبر هذا التفاوض إهانة لها أو استهانة بها.
ونغلق القوس لنعود لمتابعة "الثورة الفرنسية" المصغرة، ونصل إلى قرار الرئيس جاك شيراك بالغاء عقد الوظيفة الأولى الذى فجر شرارة هذه الحركة الاحتجاجية وما نجم عنها من تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية.
وحتى لحظة كتابة هذه السطور كان زعماء هذه الحركة الاحتجاجية – الذين أحرزوا انتصاراً مبيناً لا شك فيه – يتباحثون حول ما إذا كان قرار الرئيس الفرنسى كافيا لوقف المظاهرات والعودة إلى مقاعد الدراسة، أم لا!
وما يعنينا من هذه "الثورة الفرنسية" المصغرة عدة أمور منها:
أولاً- أن الرئيس جاك شيراك – بجلال قدره – لم يستنكف أن يتراجع عن قانون تقدمت به حكومته، ولم يجد فى التراجع عن هذا القانون نيلاً من هيبته كرئيس، أو من هيبة الدولة ككل، بل إنه على العكس رأى أن الاستماع إلى نبض الأمة والتجاوب مع مطالبها هو أقصر الطرق للحفاظ على هيبته وهيبة فرنسا .. الدولة والجمهورية.
ثانياً – لا يوجد فى السياسة أبيض وأسود، ولا توجد حقائق مطلقة ومجردة، ولا يوجد مبرر أو مسوغ لشخص، أو جماعة ، أو حزب، أو حكومة لادعاء احتكار الحكمة والحقيقة. فالقوانين التى تصدر فى أرقى الديموقراطيات هى محصلة مساومات وحلول وسط وموازين قوى، وليست "عنواناً على الحقيقة" كما تقول الأدبيات القانونية، لأن الحقيقة ذاتها نسبية ومرتبطة بـ "المصلحة"، والمصالح بدورها ليست متطابقة بين كل الناس.
ثالثا – ان الديموقراطية لا تقوم فقط على الحوار داخل الغرف المغلقة بين "مؤسسات الحرية"، لأن نتيجة هذا الحوار – مهما كان حراً – يمكن ان تسفر عن قرارات لا تحقق مصالح أغلبية أبناء الأمة.
من هنا تأتى أهمية منظمات المجتمع المدنى الأخرى، وأهمية القنوات التى تكفل حقوق التعبير للناس.
وعلى سبيل المثال فانه من المؤكد أن عقد الوظيفة الأولى كان سيمر لو كان السيد راشد يقود الحركة النقابية الفرنسية.
كما أنه من المؤكد أن الرئيس شيراك لم يكن ليقوم بالغاء هذا العقد المقبور بيد الحكومة التى وضعته لولا حركة الشارع والناس الذين لم يتركوا مستقبلهم ليكون ألعوبة فى يد عدد يزيد أو يقل من البيروقراط والساسة المحترفين.
وأخيراً .. وليس أخرا .. فان رئيس وزراء فرنسا دومينيك دو فليبان لم يركب رأسه ولم يعاند شعبه بعد ان رأى أن هناك قطاعاً معتبراً من الأمة الفرنسية غير مستريح لهذا القانون.
فقال بكل بساطة "لقد كان هذا القانون تجربة " .. أى أن على الجميع أن يتعلم منها.
وليت الرسالة التى أطلقها دو فلبيان تصل إلى الدكتور أحمد نظيف.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تساوي حياة المواطن.. ثمن وجبة كفتة!
- تقرير مهم لمجلس غير مشكوك في مصاهرته للحكومة
- حوار ساخن مع الجنرال جون أبى زيد
- معاقبة السعودية بسبب إسرائيل.. ومصر بسبب نور.. والسودان بسبب ...
- فضيحة خطيرة
- الوزراء .. مطالبون بصوم ربيع الأول والآخر!
- من الذى أضرم النار فى معقل الليبرالية المصرية ؟
- المهندسون يرفعون شعار: الضغوط الأجنبية هى الحل!
- تونس الخضراء .. ثنائية السياسة والاقتصاد
- نصف قمة
- عفواً يا فضيلة المفتي: أرفض تطليق ابنتي
- »عمر أفندي« يستنشق أولي نسائم الشفافية
- استقلال تونس .. بدون عدسات الحكومة اللاصقة .. والملونة
- ! أرباب الصناعة.. وأرباب السوابق
- يا عم حمزة .. رجعوا الأساتذة .. للجد تانى
- طرق أبواب مغلقة بالضبة والمفتاح!
- البراءة ل»عمر أفندي«.. و»العبّارة«!
- ليس من حق -بلير- التأكيد على أن الله معه
- -ترماى- الكويز .. وقطار منطقة التجارة الحرة
- حرمان زويل من الدكتوراه .. ومنع أبو الغار من الكلام!


المزيد.....




- أسقطه عن اللوح ونهش ذراعه.. شاهد ما حدث لراكب أمواج هاجمه قر ...
- تأثير غير متوقع من -ميلتون-.. طفلان يعثران على طيور مدفونة ح ...
- مفتي عُمان ينعى يحيى السنوار: لحق بأسلافه -المجاهدين-
- المخابرات الكورية الجنوبية: بيونغيانغ ترسل قوات لمساندة روسي ...
- ميلوني من بيروت: استهداف اليونيفيل -غير مقبول-
- مصير حماس بعد -ضربة- مقتل السنوار.. وهل تتوقف الحرب في غزة؟ ...
- برلمان ألمانيا يقر حزمة أمنية جديدة ومجلس الولايات يرفض جزءا ...
- مصر تحذر من استدراج المنطقة لحرب واسعة تداعياتها بالغة الخطو ...
- لبنان يستدعي سفير إيران في بيروت بعد تصريحات قاليباف في -لحظ ...
- لافروف يوجه رسالة لإسرائيل عن لجوئها للاغتيالات السياسية وضر ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - رسالة من رئيس وزراء فرنسا .. إلى الدكتور نظيف