فيروز فوزي
الحوار المتمدن-العدد: 6098 - 2018 / 12 / 29 - 15:44
المحور:
الادب والفن
جاليليو عرف منذ بداية مساره العلمي أن طريق شغف الاكتشاف
وحب استنباط حقيقة مغايرة للدغمائية السائدة ليس بالمشوار السهل.
لقد تعرض لأبشع ألوان العذاب لأنه آمن بحتمية تغيير ما تعودت عليه الأساطير.
هذا المثال عن جاليليو وآخرين يجعلنا نساءل حول مستوى تقبلنا وتراحمنا
مع آخرين قد لا نتفق معهم وقد يشكلون أضدادا لمعتقداتنا
إلا أننا ملزمون ومن معطى إنساني استيعاب مكنونات الآخرين
والتعامل مع التجارب الإنسانية بروح من الوعي بالذات أولا
و فهم ذوات الآخرين .
لا يخلو يوم من موقف معبر يعكس كم هي وسائل المواصلات
مخبر حقيقي لقيم التعددية والاختلاف والتعايش بمختلف مستوياته في المجتمع الكيبيكي،
لم أتصور قط أن موقفا كهذا الذي وقع أمامي اليوم داخل المترو،
سيجعلني في اختبار داخلي فعلي لقدرتي على تقبل الاختلاف والتسامح
مع تجلياته الأكثر جذرية،
ثلاثة شباب في العقد الرابع من العمر أمامي في لحظة حميمية مباغتة،
الأول في وسط المجموعة يقبل الثاني في فمه وفي نفس الوقت يضع يده على مؤخرة الثالث،
مشهدية سريالية تدفع بكل مفاهيمك للتسامح والتعايش إلى حدودها القصوى ...
مذهولة بين الركاب من مختلف الأصول والانتماءات العرقية والدينية والثقافية
تجمعنا قاطرة المترو, نشترك الفضاء والزمن ومن غير أن يقصد أحد
فثمة مجتمع كيبيكي مصغر داخل المترو بجميع سماته وملامحه وتحديداته
يجد لنفسه مناخا للتسامح مع هويات كل من يكونه واختياراته ما لم يتدخل في حرية
وخصوصية الجميع, بما هم في نهاية المطاف أفراد مستقلون ويتقاسمون المجال العام
ولهم داخله نفس الحقوق وعلى القدر نفسه من الالتزامات والواجبات .
مثل هذه المواقف وغيرها في المواصلات العامة وغيرها من الأماكن ت
جعل أي وافد جديد يتعلم كيف يصبح مواطنا في المجتمع الكيبيكي
ويكتسب أسلوب العيش المشترك مما يعنيه من الممارسات والمظاهر التي يحترمها
من وازع اقتناع ذاتي واستعداد قبلي للوقوع في اختبارات
وبل صدمات أولى كتلك التي وقعت فيها أمام منظر العلاقة الثلاثية المثلية ...
#فيروز_فوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟