|
كائنات البراد المغلي
الشربيني المهندس
الحوار المتمدن-العدد: 6096 - 2018 / 12 / 27 - 19:14
المحور:
الادب والفن
..غلاء الأسعار الذى امتد إلى كل شىء، جعل «الزبون» يناكف بائعا لم يعد قادرا على الصبر، قبل أن تتوقف لعبة الكر والفر بين الشمس والمطر .. غيوم تداعب سماء سرعان ما تنتصر للنور رغم السحب الداكنة .. مَرَّ بالمقهى وقد أنهى ما عليه مِن التزامات، عازمًا أن يقضي هناك بعضَ الوقت، قبل أن تدرك أهدابَه حبالُ النوم. جلس على المقعد متأوهًا، ومدَّ ساقه فرفعها، آمِلًا أن يتحسن وضعها، وأن يصبح غدًا؛ فيجدها قد تخفَّفَت مِن تورمها وأوجاعها. كان الليلُ وشيكًا والطقسُ مُنعشًا ولطيفًا ؛ لا برودة تخترقُ العظـــمَ ، ولا سخونةٌ تكتم الأنفاسَ أو تخنق الصدرَ، والناسُ في حال الخفَّة والائتناس، يتبادلون الحديثَ ترفًا .. لا أدري كيف دخلت . كيف طاوعتني قدماي ، وحملتني إلي هذا المكان .. نظر في ساعته .. لا بد من انتظاره وهنا كما حدد .. مقهي رمسيس .. جلس بجواري شاب أسمر .. شكلك اسكندراني .. أعطاني حبات فول سوداني ..وضعت يدي في جيبي ، اتحسس التذكرة والفلوس .. ابتسمنا .. قال :أنا محمد حافظ رجب ..لاحظ أنني أنظر بدهشة إلي رأسه .. قال : هذه رأسي فعلا أما الكرة في الملعب .. واضح أنك تعرفني .. كنت أحاول إستجلاء طلعته .. وماذا فعال السمار في قسمات وجهه .. قال : ماذا قرأت غير قصة الكرة ورأس الرجل .. بائع السوداني يتحدي ..كنا نغرق في الصمت ثم نعاود الحديث .. هل قرأت العودة من داخل الرأس لعبد الفتاح رزق ..؟ كنت أحاول أن أخفي انفعالاتي خلف قناع من الابتسامات قبل أن يسألني عن هواياتي .. عمار يا اسكندرية .. وشارع النبي دانيال .. إنه رجل الطموح والخيال الجديد الذي يتحدي الكبار .. أدرت وجهي أتفحص المكان .. التلفزيون الملون هناك .. توقفت عند نظرات رجب علي الحائط المقابل ، وهو يحكي .. - هذا (ماردونا) لاعب الكــرة الأرجنتيني في فانلته الزرقاء ، ذات الخطوط الطويلة البيضاء .. هرش رأسه : فانلة الخطيب حمراء أليس كذلك .. ثم قال : هذه أظنها فانلة بيضاء ذات خطوط طويلة زرقاء .. نظر نحوي وجدني فاغر الفاه .. أشار إلي جاره في الصورة .. بيليه الملك البرازيلي بفانلته الصفراء .. وهذا الألماني بيكنباور .. القيصر يا رجل . الا تشجع الكرة . مصفقا أحمد يا صالح لو جبت الجون ..وقام البعض يرقص معه المقهي مزدحم .. مكتب صاحب المقهي علي ما يبدو بجوار الباب .. نظراته الثعلبيه في كل إتجاه .. بجواره تمثال رمسيس .. قلت لجاري : وهذا هو رمسيس الثاني الذي انتصر في معاركه حتي علي اليهود .. همس الرجل واضعا أصبعه علي فمه .. صاحب المقهي يهودي .. سألته كيف عرفت .. ضاحكا التمثال قال لي ذلك .. قلت ربما مال عليه التمثال الضخم فانتقم منه .. يبدو أنك لا تعيش الأحداث .. لقد تم تهريب التمثال بعد أن رفعوه من ميدان باب الحديد .. بعد معاهدة التطبيع اياها .. لحق بدمعة هاربة .. كانت إحتفالية الخروج من الميدان رهيبة ..عاودته الابتسامة ..هذا التمثال من البلاستيك الصيني .. إنت بتشتغل ايه ..؟ قلت بائع روبابيكيا أصوات القواشيط ولاعبي الطاولة والدومينو تغطي المكان .. صورة كبيرة لرئيس الجمهورية بزيه العسكري والنياشين .. بطل أكتوبر .. ضحكت .. إتعلموا .. وتقوللي يهودي .. تفحصته من جديد .. إنه من النوع الذي ينتظرلكن البرابرة لا يأتون .. إعلانات عن سيارات يابانية وصينيه .. قال : فاكر السيارة رمسيس ؟ تجاهلته .. في الجانب الآخر كان إعلان إنسف حمامك القديم .. كليوباترا تحييكم .. .. استخدم قباقيب شجرة الدر بأمان .. علبة سجاير مارلبوروو حجم كبير.. تشعر بسخونة نارها .. بحثت عن حافظ .. كان هناك يتأمل بوستر كبير لتوم وجيري .. راودني السؤال لماذا يهزم الفأر القط ..؟ وبكل هدوء وثقة .. هل هو الذكاء مقابل الغباء ..؟ هل هو الجديد مقابل القديم .. حافظ رجب والتجديد . مثلا . سألته متي سيعود إلي الحياة الأدبية ..؟ قال : بالطبع تطاردني مئات الأفكار الإبداعية ورغم الحاحها وطرقها علي زجاج بابي وشباكي إلا أنني أخرج لساني لها واتهرب ..نحن ابناء الشوارع المظلمة نحس باللاجدوي واللامعني واللا أمل .. ..سأعود لو عاد الغوغاء إلي جحور الفئران السود ..باغتني بالسؤال وهل تستطيع التمرد ..؟ مع قهقهات الحمير الذكية هناك توقف الحديث وشعرت بآلام في قدمي .. لقد مشيت كثيرا .. كنت أجرب الحذاء الجديد ..منذ إصابتي بالفلات فوت ( تسطح القدمين ) والذي حرمني من المشاركة في حرب أكتوبر وأنا أجرب الأحذية الجديدة مدة معينة ..قبل الإطمئنان لها فهي تصيبني بالعصبية أحيانا .. طبعا شاركت في حرب الإستنزاف .. ؟؟ ضاحكا .. ما زلنا نحارب .. لكنه الجهاد الأكبر .. جهاد النفس والغلاء والفساد .. تلفت حولي .. تحاشيت نظرات صاحب المقهي .. أخرجت الهاتف وخاطبت رفيقي بحدة .. أنا في انتظارك بالمقهي .. مليت وطقيت ..تعال بسرعة وبلاش تعمل عنتر ..أغلقت الجهاز متأففا .. كانت نظرات الفأر جيري نحوي تقول الكثير .. تلفت حولي من جديد كانت كائنات غريبة ترقص مع حافظ وهو يرفع براد الشاي واطلقت ساقي للريح
#الشربيني_المهندس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجديد علي مقهي الأدب
-
ملهاة التاريخ والشوكولاتا
-
جوووووووووووووون
-
الكأس ومنديل أخضر
-
خلع اللباس حصريا
-
شهوة السرد والتجريب وحقوق القارئ حياء أبو نصير نموذجا
-
في انتظار القادم وخالص نعازينا
-
جديد من وراء الكواليس
-
قصة من يمسك بالفأر
-
ذاكرة الرماد و القصة البورسعيدية
-
الأدب والتغيير
-
صدي حديث المدينة
-
نيو زد لايف
-
اولاد الابالسه
-
السعيد الورقي والصور السردية
-
علي مقهي ادبي
-
سي سي نو وهيكل أيضا
-
شائعات طائرة
-
الصفر المصري وبنزين 80
-
الصرصار والكلب والمفتح يكسب
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|