أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - السواد في قصيدة -قلبي والشتاء- أسامة مصاروة















المزيد.....

السواد في قصيدة -قلبي والشتاء- أسامة مصاروة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6095 - 2018 / 12 / 26 - 19:26
المحور: الادب والفن
    



اعتقد أننا في المنطقة العربية نعاني على أكثر من صعيد، الشخصي والنفسي، والاجتماعي والاقتصادي، والوطني والقومي، حتى أن لغتنا أخذت طابع السواد الذي يغلب على الكثير من الألفاظ التي نستخدمها، ولم يقتصر السواد أو القسوة أو الألم على المواضيع الصعبة فحسب، بل نجدها طال المواضيع الحب والفرح، حتى أننا لا نحسن استخدام التعبير المناسب للحب، فنقول على سبيل المثل: "أحبك حتى الموت"، فذا التعبير قاسي ومؤلم في ذات الوقت، فكيف يجمع القائل بين الحب والموت، ولماذا لم يستخدم مثل: "أحبك مثل الحياة"؟، إلا يبدو هذا أجمل ومتناسق بين فكرة الحب والحياة، لكن اعتقد أن الحالة العربية تحديدا تعاني من قرون من ختالة القهر والظلم، ما جعل استخدام الألفاظ السوداء مسألة عادية وعابرة، وتعد حالة طبيعية ولا تثير أية تساؤلات.
كما أن هناك عقدة "الشتاء" في هذا المجتمع، فهو رمز الموت والشدة، وإذا عدنا إلى الأدب الفلسطيني تحديدا، سنجد أن غابية الأبطال في الأعمال الأدبية كانوا يموتون في فصل الشتاء، وهذا أيضا ناتج عن سوء الطرق وصعوبة التنقل في فصل الشتاء، وعدم صالحة المسكن في حماية ساكنيه من المطر والبرد.
عنوان القصيدة "قلبي والشتاء" يشير إلى حالة شخصية عند الشاعر، وهو يتحدث عن نفسه في زمن قاس، الشتاء، فالعنوان يوحي إلى حالة القسوة والمعاناة الشخصية عند الشاعر، من هنا نجد الفكرة والألفاظ متوحدة مع هذا السواد:
"هاجمَ القرُّ سريري
في شتاءٍ زمهريري
ببروقٍ ورعودِ
لا تُبالي بِوجودي
وَغِطائي غيرُ مُجْدِ
فحبيبي ليسَ عندي
ما تبقى بعدَ صدّي
غيرُ أحزاني وَسُهدي
ما تبقى بعدّ هجري
غيرُ أشواقي وَقهري
وشتائي ما شتائي
عادَ كي يحْيي بلائي
وَعذابي وشقائي"
فاتحة القصيدة كالعنوان تعطينا فكرة أولية عن فحوى القصيدة، من هنا نجد "هجم" والذي يخدم فكرة القسوة والشدة معا، كما اننا نجد الفاظ: "القر، شتاء، زمهرير، برق، رعد، لا، غير، ليس، صدي، احزان، هجري، قهري، بلائي، عذابي، شقائي" كل هذا يجعلنا نتأكد أن هناك حالة ألم يعاني منها الشاعر، لهذا نجده يركز على ياء المتكلم، واعتقد أنه أراد بهذه الياء أن يجذب اهتمام المتلقي للقصيدة، لأن الحديث الشخصي غالبا ما يثير اهتمام القارئ/المتلقي.
الدافع لهذا السواد والمبرر لوجوده نجده بهذه الأبيات:
"من حنينٍ للِّقاءِ
ضوءُ قنديلي الصغيرِ
باهتٌ مثلَ مصيري
أينَ مني حبُّ عمري
أينَ مني وصلُ بدري"
فهنا لغة بيضاء وناصعة، فهناك "القنديل، الصغير، حب، عمري، وصل، بدري" وإذا ما اضفنا الصورة الجميلة:
"ضوءُ قنديلي الصغيرِ
باهتٌ مثلَ مصيري"
إلى تلك الألفاظ البيضاء نستطيع أن نتفهم حجم الألم الذي يعانيه الشاعر.
بعد هذه المقاطع البيضاء يعود بنا الشاعر إل عالم الألم والقسوة:
"فرياحُ الهجرِ تعْوي
في فؤادي وَتُدَوّي
وثلوجُ الصدِّ تهْوي
فوقَ رأسي بِغُلُوِّ
شجراتي باكْتِئابِ
من رياحٍ باضطرابِ
وسوادٍ في السحابِ
مثلَ سدٍّ أو حجابِ
يحجبُ البدرَ البعيدا
بدرَ أيامي الوحيدا"
إذا ما قارنا فاتحة القصيدة بهذه الأبيات، سنجدها اكثر سوادا وقتامة، وكأن البياض ـ المفقود ـ الذي ذكره الشاعر آنفا، أثاره نفسيا، فلا يمكن أن يتساوى الفرح بالحزن، من هنا نجد تصاعد في لغة السواد، من خلال: "الريح، الهجر، تعوي، تدوي، الصد، تهوي، باكتئاب، باضطراب، سواد، سد، حجاب، البعيد، الوحيد" فالسواد يتصاعد ويتفاقم، فهنا نجد ذروة القسوة والألم عند الشاعر، وإذا ما توقفنا عند ستخدم الياء التي كانت تشير إلى الأنا في البداية، واستخدامها في بعض الكلمات هنا، يمكننا أن نتأكد على أن الشاعر يتحدث بألم شخصي، لهذا نجد ـ في العقل الباطن ـ تمتهى في استخدام حرف الياء.
واعتقد أنه هنا فرغ ما فيه من انفعال، فقد ارتاح بعض الشيء، لهذا لا بد أن تكون الابيات التالية أقل وأخف حدة من هذه:
"قبل أنْ صرتُ شريدا
قبلَ أن صارَ عنيدا
لا يبالي باحتراقي
أو بوجدي واشْتِياقي
أو بدمعٍ في المآقي
بل بصدّ وافتراقِ
زمْجرَ الإعصارُ فوقي
إنّما ليسَ كشوْقي
يا تُرى هلْ لحبيبي
أيُّ علمٍ بلهيبي
لِمَ يزدادُ ابْتِعادا
وَجفاءً وَعِنادا"
اعتقد أن ذكر الحبيب الذي أصبح "عنيد، ولا يبالي" يشير إلى حالة العتب، والتعب غالبا ما يشير إلى الأحبة، بمعنى أن الشاعر ما زال يميل ويحن إلى الحبيب، وهذا ما نعكس على الألفاظ فهناك "بوجدي، واشتياقي، بدمع، افتراق، لحبيبي" فهذه الالفاظ تشير إلى حالة الحزن وليس إلى حالة الألم، لهذا جاء مضمون الابيات ـ إذا ما استثنينا البيت الذي جاء فيه (زمجر الاعصار) ـ أقل حده من تلك السابقة.

اضطراب الشاعر حاضر في القصيدة، لهذا نجد الانفعال ظاهر في الألفاظ والمضمون، فبعد الهدوء ـ النسبي ـ نجده يتوتر من جديد، وبعد العاصة تخف حدة الألم وهكذا:
"أيُّ عُذرٍ للْغيابِ
أيّ فخرٍ باغترابي
عصفَ الوجدُ وثارا
وغدا في القلبِ نارا
جنَّ وِجْداني وَحارا
إذْ رأى الغدرَ نهارا
في عراءِ البيتِ نامتْ
تينةٌ كالنصبِ قامتْ"
تركيز الشاعر على حرفي "العين والغين" يشير إلى حالة الاحتقان التي يعانيها، فهناك : "عذر، غياب، اغترابي، عصف، الغدر، عراء" وكأن الشاعر أسير لأحرف بعينها، بمعنى أنه فقد لغته وقاموسه اللغوي، لهذا نجد حرفه محددة.
اعتقد كان يمكن للشاعر أن ينهي القصيدة عند ما سبق، لأن الفكرة وصلت لنا، إن كان من خلال المعنى الذي تحمله الأبيات، او من خلال الألفاظ التي استخدمها، او من خلال الكلمات والحروف، فهناك تحول كبير في القصيدة جاء في بقية الابيات، وكأن الشاعر بعد أن أفرغ لنا ما في نفسه من احتقان شعر بشيء من الهدوء، وسكنت نفسه، لهذا نجد تحول في لغة الشاعر وفي حدة القصيدة:
"كلَّ عامٍ في الشتاءِ
بعدَ شمسٍ وصفاءِ
كانتِ الأوراقُ تنمو
مثلَ قلبي ثمَّ تزهو
كنتِ مثلي في الغرامِ
مثلَ حبّي وَهيامي
كنتِ عنوانَ الصفاءِ
كنتِ رمزًا للنّقاءِ
نبعَ حبٍّ وحنانِ"
وإذا ما قارنا هذا الأبيات مع ما سبقها، سنجد أنفسنا أمام قصيدة أخرى، غير تلك التي بدأت بحدة وقسوة، فهنا يتمحور الحديث عن حالة من الحنين للحبيب المفقود/الغائب، لهذا نجد "الشمس، الصفاء، الأوراقـ تنمو، قلبي، تزهو، الغرام، حبي، هيامي، عنوان، الصفاء، رمزا، للنقاء، نبع، حب، حنان، فنحن امام لغة جديدة ومضمون جديد، هادئ ومتزن، وبعيدا عن الانفعال والتوتر، لهذا نجد الطبيعة وما فيها من جمال حاضر في الأبيات، لكنه صرعان ما يعود إلى لغة الألم فيقول:

" لا لقهرٍ أو هوانِ
فجأةً يا ناسُ خلفي
لاحَ بدرٌ مثلَ طيفِ
صُوَرٌ مرّت أمامي
كشريطٍ في المنامِ
يا لعشقٍ ضاعَ مني
يا لحبٍّ تاهَ عني
هل هوانا كانَ حقّا
أمْ خداعًا ليسَ صدْقا
غيرُ ذكرى ما تبقى
لفؤادٍ ذابَ شوْقا
جرَفَ الشوقُ فؤادي
ومشى معْ سيلِ وادي
كلّما ازدادَ ابْتِعادي
ماتَ بالعنْدِ ودادي" ولا أدري لماذا أعادنا الشاعر إلى حالة الألم، هل هو تماهي مع الألم الذي بدأت به القصيدة، بحيث أمسى اسير لهذا الألم؟ أم أنه وقع ـ كشاعر ـ في قدسية القصيدة بحيث لم يرد، لم يرغب في (شطب/محو) ما كتبه من ابيات، فجعل هذا الابيات ضمن القصيدة، رغم عدم إضافتها شيء إلى مضمون أو جمالية القصيدة؟
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءات في متنوع السرد-
- مناقشة -ملامح من السرد المعاصر- في دار الفاروق
- السواد والاضطراب في -العدم- السيد عبد الغني
- الأسئلة في رواية -أهل الجبل- إبراهيم جوهر
- جواد العقاد البياض السواد في قصيدة -صوتك-
- ندوة بابيه في نابلس
- شعرية المكان في ديوان محمود درويش -خليل قطناني-
- الحركة في قصة -يوم طويل- باسمة العنزي
- الوشاح الأسود -محمد هاني أبو زياد-
- تمزيق شكل الراوية في -يوميات صعلوك- حسين علي يونس
- التقديم الجميل عند مبين كيوان
- الهدوء عن فاتن بابللي
- السهولة والسخرية في قصيدة -شكوى إلى الوزارة- خالد نزال
- باسم الهيجاوي -أما قبل ..-
- الحرب في كتاب -وجوه الظلال- جورجين أيوب
- مناقشة رواية الباطن للروائي الفلسطيني صافي صافي
- خليل قطناني الأسئلة في قصيدة -رسالة إلى ابن حمديس-
- قصة الومضة والتكثيف -قصة طويلة- جروان لمعاني
- رحلة في الذاكرة -نايف حواتمة-
- الباطن صافي صافي


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - السواد في قصيدة -قلبي والشتاء- أسامة مصاروة