أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات (145) عوامل اختراق المجتمعات















المزيد.....

مباحث في الاستخبارات (145) عوامل اختراق المجتمعات


بشير الوندي

الحوار المتمدن-العدد: 6095 - 2018 / 12 / 26 - 19:14
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مباحث في الاستخبارات (145)

عوامل اختراق المجتمعات

بشير الوندي
-----------
مدخل
-----------
هل ان هنالك شعوب تختلف في مجال استعداد افرادها للتجنيد عن شعوب اخرى؟ ام ان هنالك مراحل ضعف مجتمعي تمر على جماعة ما تجعل امكانية تطويع افرادها للتجنيد مهمة سهلة على العدو ؟ وهل هنالك حالات تجعل التجنيد جماعياً في مجتمع او جماعة او فئة ما ؟
ان مبحثنا هذا يسعى الى تلمس اجابات وخلق حالة من العصف الذهني من اجل نفي او اثبات تلك الفرضية , وهو امر عصي على مقال ان يحيط به , الا ان بالامكان ان نلقي بعض الضوء على جوانب الموضوع .
------------------------------
اشكالات في التعريف
------------------------------
قبل كل شيء لابد من اعطاء تعريف واضح لإصطلاح العمالة من اجل اسقاطها على كافة الاشكال التي تسعى الكثير من الجماعات والافراد للتلاعب بالاصطلاحات من اجل تبرير فعل الخيانة والعمالة .
وقبل ان نستعرض تعريف العمالة , علينا الاعتراف ان اساس التعريف يتطلب بالضرورة ان نؤكد ان هنالك الكثير من الاصطلاحات التي تتغير معانيها بحسب التطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية , والسبب في ذلك ينبع من ان بعض التعريفات تحتاج الى تأكيد ماقبلها من ثوابت ومن واقع لامجال لتغييره او على الاقل لابد من ان نتخذه اساساً.
ولتبسيط الامر نقول ان لامعنى لتعريف اصطلاح العمالة مالم تكن هنالك محددات تحدد مايعاكسها , فالعمالة للاجنبي تتطلب ان يكون هنالك وطن محدد بحدود واضحة لكي نستطيع ان نقول ان عكس العمالة هي الوطنية , فحين لم تكن هنالك حدود بين الدول كما هو الحال الان – لاسيما في الشرق الاوسط والدول العربية – فان الوطنية لم تكن هي المضاد السياسي للعمالة لدولة اجنبية , والخيانة لم تكن خيانة للوطن , وهذا لايعني انه لم تكن هنالك خيانة وعمالة , لكنها كانت خيانة بجماعة او لحاكم او لقبيلة او لدين .
ولكن مع وجود محددات الوطن من علم وحدود وشعوب مسماة نسبة لاوطانها , فان هذا المحدد يقطع الطريق امام تمييع اصطلاح الخيانة ويجعل محاولات الالتفاف عليها بمسميات مشتركات القومية والدين والمذهب والفكر .
ومن هنا لابد من تثبيت اصطلاح العمالة بانها العمل على الاضرار بالمصالح الوطنية لشعب ما من خلال العمل مع جهات خارجية مضادة لمصالح البلاد .
ولعل القاريء اللبيب قد لاحظ اننا لم نقل في التعريف ان العمل مع دولة اجنبية مضادة لمصالح البلاد , والسبب ببساطة ان هنالك (جهات ) لم تصل الى مرحلة الدولة , لكنها تمتلك مقومات اقتصادية وعسكرية تجعلها بمثابة عدو لبلد ما , فالعمالة لداعش هي عمالة بالرغم من انها عمالة مع (جهة) وليست مع دولة , ومن هنا نستنتج ان الاساس في العمالة هو العمل على الاضرار بمصالح البلاد او تفضيل مصالح جهات اخرى على مصالح الوطن .
-----------------------------------------------
عوامل اختراق الشعوب والجماعات
-----------------------------------------------
في اعتقادنا , ان هنالك نوعان من العوامل التي ترجح سهولة اختراق شعوب او تجمعات سكانية من قبل العدو دون سواها , النوع الاول من العوامل هي عوامل قوة العدو , والنوع الاخر من العوامل هي عوامل ضعف الشعوب المستهدفة بالاختراق .
ففي النوع الاول نقول ان هنالك عوامل تتوافر في دول ما (او عدو ما كداعش ) تجعلها متمكنة من التحضيرات اللوجستية والبنية التحتية لممارسة فعل الاختراق الاستخباري .
فمن تلك العوامل :
1- قوة الاقتصاد – او الثروة – حيث ان الثراء عامل مهم لتمكن جهة ما من تجنيد جماعات باعداد كبيرة وفعالة , فاعمال التجنيد الاستخباري هي بطبيعتها اعمال معقدة تحتاج الى ميزانيات هائلة وباذخة لاسيما مع الاهداف الدسمة , اما الميزانيات الفقيرة بل والمعدمة احياناً فانها تكون مكبلة الايدي .
بل ان الامر لايقف عند حد الموازنات الاستخبارية , بل يتعداه احياناً الى ميزانيات حكومية خاصة , كما في الدعم الذي تقدمه دول الى احزاب وميليشيات ومنظمات وواجهات , فدول الخليج على سبيل المثال دفعت مليارات ثمينة من الدولارات الى منظمات مسلحة او الى جماعات سياسية في سوريا وليبيا والعراق ودول كثيرة اخرى ومنها اموال ومقرات وبدلات سفر واقامة مؤتمرات ومرتبات وقنوات فضائية وصحف واعلانات وغيرها , وهذا عمل لايمكن ان يُجارى بالوعود لاسيما مع العملاء .
2- القوة العسكرية : فالقوة العسكرية تفرض واقعاً سياسياً على الارض وعلى الساحة السياسية , وهي من اهم اوجه القوة التي تفرض اراداتها على الشعوب وتمهد الطريق امامها للتجنيد حتى الجماعي منه احياناً .
3- القوة العقائدية العابرة : هنالك دول تتمتع بقواعد عقائدية دينية او سياسية او مشتركات قومية , وهي مركزها وراعيتها , وهو امر يفتح الكثير من الابواب ويدغدغ الكثير من المشاعر لاسيما مع توافر العوامل السابقة , فوهابية السعودية وشيوعية الاتحاد السوفيتي ورأسمالية الولايات المتحدة الامريكية وغيرها كثير .
لقد سمحت تلك العقائد التي تتميز باتساعها خارج بلدانها , سمحت بان تسهل الاختراقات الاستخبارية للشعوب والمؤمنين بافكارها بشكل كبير , ومن هنا جائت النكتة التي روجها جهاز السفاك الشاهنشاهي على حزب توده الشيوعي الايراني " اذا امطرت في موسكو , رفع عناصر توده مظلاتهم في طهران!!! .
ونحن هنا لانشكك بان من تأثروا بالعقائد العابرة هم بالضرورة عملاء , الا ان تأثر قطاعات واسعة من الشعوب والجماعات يجعل للجهة الراعية للعقيدة تلك متمكنة للاختراق اكثر من سواها .
4- اللغة والثقافة المشتركة : لاشك من ان اللغة عامل جوهري في الاختراق او التقرب للشعوب لاسيما تلك التي تشترك بتاريخ مشترك , ويدخل تحت هذا العنوان الاستعمار لفترات طويلة , وهو مايفسر التأثير الفرنسي على الدول الفرانكفونية لاسيما في افريقيا مثلاً , وهو مصداق للمثل الفرنسي( " لافرقاطة كالكتاب !!!).
5- الابهار التكنولوجي المصاحب للقوة : لاشك من ان سيطرة التكنلوجيا الاجنبية تسلب الشعوب الضعيفة الكثير من اراداتها شريطة ان يكون التطور التقني مرتبط بالقوة الاعلامية والسياسية والعسكرية والاقتصادية , فالهند او اليابان او كوريا لاتستطيع بالتويوتا وسامسونج ان تؤثر في شعب ما , اكثر من تأثير الحلم الامريكي وتلفون ابل وسندويج ماكدونالد .
اما في باب النوع الثاني من العوامل , ونعني بها العوامل التي تجعل بعض الدول سهلة الاستهداف اكثر من سواها , فهي :
1- الفقر المرض الجهل : لاشك ان الدول الفقيرة ستعاني شعوبها بالضرورة اكثر من سواها من المرض والجهل ونقص التعليم والتشويش , وهي عوامل تنعكس على الاستسلام الشعبي وشدة الانبهار بالقوة الخارجية والامتنان من المساعدات وتشجع على التبعية للدول القوية والراعية , وهي ارضيات خصبة للاستباحة والتجنيد , بالرغم من ان النخبوية في تلك الشعوب هي المعول عليها للمقاومة , كما هو حال النخب الدينية في العراق في ثورة العشرين على سبيل المثال.
2- الاضطهاد القومي والديني : لاشك من ان التنوع الثقافي والقومي والديني والاثني هو فسيفساء ممتازة , الا انها تحمل في دواخلها عوامل تهدد بالخطر على النسيج الاجتماعي للشعوب .
ففي بعض الاحيان يؤدي اضطهاد قومية ما او مذهب ديني ما او دين ما , يضطرهم الى الشعور بالعزلة والنكوص ويثلم الجانب الوطني لتلك الاقليات مما يجعلها لقمة سائغة للدوائر الاستخبارية ويفتح افاق الخرق الاستخباري لها تحت يافطة التطلع للانعتاق.
3- غياب العدالة : لاشك ان الحكم الدكتاتوري , هو حكم غير عادل وقاسي ومن ثم يفرز انتفاضات ومقاومة وردود افعال من جماعات تسعى للانعتاق , الا ان الانعتاق يحتاج الى تنظيم وتمويل وسلاح وتعزيز للغضب من السلطة , وهي عوامل تجعل الابواب في بعض الاحيان مواربة للدوائر الاستخبارية الاجنبية من اجل استغلال الجهات المعارضة وتمويلها وايقاعها في شباكها , وامامنا المعارضة السورية للاسد وكيف تم التلاعب بها من اكثر من جهاز استخباري واستمالتها من خلال توفير احتياجاتها .
4- ضعف التشريعات او تطبيقاتها : لاشك من ان من امن العقوبة اساء الادب , فبلد مثل العراق مثلاً تسرح وتمرح فيه الدوائر الاستخبارية في كل اتجاه , بل ان لها احزاب وساسة , ولكن للآن لم يجرؤ احد اتهام احد قضائياً بالعمالة , ولعل المحاولة اليتيمة الوحيدة في كشف شبكة تجسس اسرائيلية قبل عدة سنوات ابان احتلال العراق بعد 2003 , تلك المحاولة احبطت على يد الامريكان , وهو امر يحتاج الى مقال مستقل.
كما ان من مظاهر ضعف التشريعات هو في عدم مراقبة تمويلات الاحزاب وعدم مراقبة حساباتها لاسيما في الحملات الانتخابية الضخمة.
--------------------
عوامل التمييع
--------------------
لاشك من ان العمالة هي عمل منبوذ يحط من قيمة اصحابه , كما انها اعمال خطرة تُوصل مرتكبيها في كثير من البلدان الى حبل المشنقة او الى الزنزانة لفترات طويلة , ومن هنا تسعى تلك الجماعات الى محاولات تمييع فعل الخيانة وتغليفه بسوليفانات براقة كالمشتركات القومية والتقديس المشترك والعدو المشترك ووحدة الهدف وغيرها من التخريجات التي لاتصمد امام التعريفات القانونية لفعل الخيانة والتعاون مع الاجنبي وتغليب مصالحه مهما تضاربت او اضرت بمصالح شعوبهم وبلادهم .
-------------
خاتمة
-------------
هنالك عوامل تنبع من قوة دولة ما , واخرى من ضعف شعب ما , وهي عوامل تنعش الاجهزة الاستخبارية في اختراق الجماعات والشعوب , ومن جهة اخرى هي تصعب الامر على استخبارات الدول الضعيفة في مكافحة التجسس ومكافحة العمالة وتقف مغلولة امام كشفها وهو امر يتطلب على الاقل تعزيز المؤسسات التي تحمي النسيج الاجتماعي والحرص على العدالة وتكافؤ الفرص واحترام التنوع الاثني والقومي واطلاق الحريات ومكافحة الفساد , وهي عوامل بالامكان دعمها حتى من قبل الدول الفقيرة .والله الموفق.



#بشير_الوندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباحث في الاستخبارات (144) الاستخبارات قبل الحربين العالميتي ...
- مباحث في الاستخبارات (143) الاستخبارات في التاريخ
- مباحث في الاستخبارات (142) الاستخبارات البحرية
- مباحث في الاستخبارات (141) الاستخبارات الجوية
- مباحث في الاستخبارات (140) الحرب الالكترونية
- مباحث في الاستخبارات (139) الذكاء الصناعي
- مباحث في الاستخبارات (138) الاستخبارات وصناعة القرار
- مباحث في الاستخبارات (137) تحليل الشخصية
- مباحث في الاستخبارات ( 136) الاستنطاق
- مباحث في الاستخبارات (135) المحددات
- مباحث في الاستخبارات (134) التبادل المعلوماتي
- مباحث في الاستخبارات (133) التواصل المعلوماتي
- مباحث في الاستخبارات (132) الاستخبارات وشكل السلطة
- مباحث في الاستخبارات (131) السياحة بين الامن والاستخبارات
- مباحث في الاستخبارات (130) حرس الحدود
- مباحث في الاستخبارات (129) حماية الشخصيات
- مباحث في الاستخبارات (128) علم الجهل Agnotology
- مباحث في الاستخبارات (127) مراكز الدراسات بشير الوندي
- مباحث في الاستخبارات (126) المكتبة الاستخبارية
- مباحث في الاستخبارات (125) مكافحة التسريب


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات (145) عوامل اختراق المجتمعات