|
سألني هل رأيت الله رأي العين حتى آمنت به؟ فأجبت!
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 6092 - 2018 / 12 / 23 - 22:50
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
سألني: هل رأيتَ الله أو رآه أحد غيرك حتى يمكن لنا أن نؤمن به!؟ ****************************************** سألني الرفيق (مالك بارودي) زميلي في منتدى (الحوار المتمدن) عن إيماني بالله فقال: "لا أحد رأى الله ولا أحد يستطيع أن يسأله إن كان خلق أو لم يخلق؟ وإن كان خلق لهذا السبب أو ذاك؟. في غياب دليل علمي على وجود الله يصبح كل كلامك مجرد استنتاجات خاصة بك ولا علاقة لها لا بهذا الله الوهمي ولا بالعلم!" فكان جوابي كالتالي: يا صديقي.. قصة هل هناك خالق ام لا!؟ تلك قصة لا علاقة للعلم بها!، فهي خارج نطاق الدراسات والبحوث العلمية، ولكنها تدخل في نطاق الفلسفة والبحوث العقلية والفكرية أو تتعلق بـ(الايمان الوجداني) للشخص بالتسليم القلبي المباشر، انا شخصيًا حسمتها منذ ما يزيد عن 30 عام بالعقل!.. ثم هل يجب أن لا نؤمن بوجود شيءٍ (ما) أو حدث (ما) غائب عنّا زمانيًا أو مكانيًا أو كيانيًا (*) إلا بعد أن نراه رأي العين!؟؟ هل يقول العلم بذلك؟.. إذن ما فائدة الإيمان؟ الإيمان يكون من خلال التسليم العقلي بوجود أو حدوث شيء لا ندركه بشكل مباشر بحواسنا لكننا نلمس آثاره وتتضافر الأدلة الظرفية وتتعاضد فتجعلنا نسلم بوجوده !، خذ مثلًا (الكهرباء) و(الموجات الكهرومغناطيسية) كلها أشياء لم نرها بشكل مباشر بالعين المجردة ولا حتى بالمجهر الإلكتروني ولكننا اكتشفنا وجودها بآثارها!.. وخذ مثلًا من قالوا بوجود (الذرة) كأصغر وحدة من المادة حتى من أيام الاغريق (500 عام قبل الميلاد) ، هل رأوها رأي العين؟ أم عرفوها بالعقل والتأمل والتفكر والاستنتاج والاستنباط؟؟.. ثم في العصر الحديث (**) تم التأكد من صحة تلك الفرضية التي آمن بها الفلاسفة الاغريق بالعقل والمنطق!.. أي ثبت - بشكل مدروس ومحسوس - وجودها الذي كان فلاسفة وعلماء منذ القدم آمنوا به غيبًا على أساس فرضيات واستنتاجات عقلية منطقية!.. وبالرغم من تأكيد العلماء منذ القرن التاسع عشر على صحة وجود الذرة وأنها تحتوي طاقة هائلة فإن بعض الناس لم يؤمن بوجود الذرة واعتبروها مجرد هرطقة إلى أن رأوا - رأي العين - ماذا فعلت القنبلة الذرية بمدينتي (هروشيما) و (نجازاكي) في اليابان!!.. فآمنوا وصدقوا بوجود (الذرة)!.. ولكن بعد فوات الآوان!.. وربما هذا ما سيحدث لمن ينكرون وجود الله والحياة الآخرة والبعث والحساب حينما ينهضون من قبورهم يوم القيامة ويوم الندامة ويعرفون أنهم كانوا مخطئين في حساباتهم ويقولون كما ورد في مشاهد القيامة في القرآن في حسرة وفزع وندم: {يَا وَيْلَنَا!!، مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا!!!؟؟؟ هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ)!!.. وهكذا فإن العقل بما أعطاه الله من طاقات كامنة وكبيرة يمكنه اكتشاف وجود بعض (الاشياء والاحداث والكائنات الغيبية والمجهولة) متناهية في الصغر أو متناهية في البُعد المكاني أو الزماني من خلال ملاحظة آثارها وجمع الأدلة حولها والربط بينها ثم فرض فرضيات واحتمالات عن حقيقتها والترجيح بينها بميزان العقل ثم محاولة تجريب هذه الفرضيات للتأكد من صحتها!، فهذا هو المنهج العلمي العقلي!.. أنا شخصيًا درستُ بعقلي وتدبري طويلًا كل ادلة فكرة اثبات وجود الله والآخرة ودرستُ كل ادلة نفي فكرة وجود الله والآخرة ثم اخذتُ أوازن وأرجِّح بين الفكرتين وبين أدلة الاثبات وأدلة النفي حتى رجحتْ عندي بالعقل كفة فكرة وجود الخالق فهي التفسير المنطقي الاقرب للعقل وللقلب معًا حيال لغز هذا الوجود العجيب المُحيّر ثم مع حسم الموقف نظريًا وفلسفيًا بالعقل لصالح فكرة اثبات الخالق خضت الجانب التجريبي للمسألة! أي محاولة الاتصال بهذا الخالق عن طريق الصلاة والدعاء والمناجاة وكانت النتيجة هو انشراح صدري وارتياح نفسي وطمأنينة قلبي!، ووالله ما أبدل هذه الراحة والطمأنينة التي أشعر بها بعد كل ذلك القلق والضياع الرهيب بأموال الدنيا كلها !، ثم صدقني ماذا سأخسر انا لو لم يكن هناك الله وحياة اخرى وحساب كما تزعمون؟ سأموت مثلك وانتهي الأمر، ولكن المشكلة عندك انت لو اتضح لك بعد الموت ان الله حق والبعث والحساب حق!، تراك ماذا ستفعل عندها وكيف يكون حالك!؟؟؟؟ هذا هو السؤال الكبير والخطير الذي يجب عليك أن تفكر فيه طويًلا ومليًا قبل الموت!.. صدقني خياري تنعدم فيه المخاطر وخيارك محفوف بخطر عظيم!.. إنك تغامر وتقامر وتخاطر بكل شيء!! وإلى الأبد!!.. تحياتي ********************* سليم نصر الرقعي 2018 (*) التعريف العام الموضوعي لمفهوم (الغيب) : هو ما يغيب عن الحواس فنعجز عن ادراكه بشكل حسي مباشر ولكن يمكننا إدراكه بشكل عقلي ومنطقي!.. ولفهم فكرة الغيب بشكل مبسط انظر لمسألة حدوث جريمة قتل غامضة وغياب وجود شاهد عيان للقاتل وأيضًا غياب وجود دليل مادي ملموس يدل عليه!.. فإن (سيناريو) حدوث الجريمة بالنسبة للمحقق الجنائي هو أمر في حكم الغيب (المجهول) فهو لم يحضر أحداث الجريمة ولم يرها رأي العين كذلك لم يرَ الجاني رأي العين بل ولا يعرف من يكون؟ فهو غيب ومجهول!.. ومع ذلك وبالرغم من كل هذه الغيبيات وغياب الأدلة المادية الحسية الملموسة وشهود العيان، فإنه يمكن للعقل الذكي المنطقي مع جمع المعلومات والشواهد والسوابق والأدلة (الظرفية) ووضعها في (جهاز الفهم والحكم العقلي) في الذهن استنتاج واستنباط (السيناريو) العام لكيفية وقوع الجريمة ثم معرفة الجاني من بين عدة فرضيات واحتمالات وعدة مشبوهين!.. فالعقل انطلق من الغيب والمجهول وتمكن من كشف الحقيقة الغائبة!.. وهذا ما يحدث في العلم أو الايمان الديني القائم على العقل والمنطق والفلسفة!... أما (الغيب) بشكل عام فيمكننا تقسيمه لثلاثة أقسام أساسية: 1 - غيب زماني: فسببه اختلاف الزمان !.. وهو ما حدث في الماضي في نفس المكان الذي نحن به الآن، ولكن لأننا لم نحضره ونشاهده ونراه رأي العين ولا يُوجد لدينا تسجيل ونسخ موضوعي للحدث مثل الصور الفوتوغرافية والأشرطة المرئية والمسموعة فإنه يعتبر بالنسبة لنا من (الغيب الزماني) وكذلك الحال بما سيحدث في المستقبل فهو غيب زماني، ومع ذلك يمكننا بعقولنا وما تجمع لديها من معلومات وملاحظات وتجارب وخبرات وما توفر لدينا من (جهاز منطقي للفهم والُحكم على الأمور) أن نرسم تصورات ذهنية منطقية لتلك الأحداث الغائبة عنا سواء ما حدث منها في الماضي البعيد أو ما يمكن أن يحدث في المستقبل البعيد بالنظر للحاضر وفهم كيف يتطور ويتحرك الواقع المادي والإنساني!. 2 - غيب مكاني: وسببه اختلاف المكان!.. وهو ما يُوجد وما يحدث في نفس زماننا ولكن في مكان آخر يغيب عن حواسنا في تلك اللحظة، فهو بالنسبة لنا غيب ولو كان في الغرفة المجاورة لنا التي يفصل بيننا وبينها جدار !.. وهذا الجدار قد يكون سميكًا عازلًا للصوت أو يكون غير عازل.. فإذا كان عازلًا للصوت فالغيب يكون أشد، فلا شيء ثم غير الصمت البهيم!.. وإذا لم يكن عازلًا فإننا إن وصلت الينا بعض الأصوات والكلمات عبر الجدار الفاصل مثل الكلمات المتقاطعة فإنه يمكننا - ومن خلال تلك (المعطيات والمعلومات السمعية) - أن نتخيل - بالعقل - ما يجري هناك!. بشرط أن يكون عقلنا منضبطًا وموضوعيًا وغير أسيرًا لشطحات الخيال الجامح والأهواء النفسية والمشاعر الشخصية المسبقة فقد نتخيل أمورًا تجري من وراء الجدار لا تمت بصلة لِما يحدث هناك بالفعل!!.. فسبب هذا الغيب المكاني هو الحاجز المادي والمكاني والجغرافي، ولكن عن طريق أجهزة النقل الحي المباشر الحديثة بات من الممكن لنا أن نخترق حاجز الغيب المكاني فيمكن أن نشاهد بشكل مباشر حي ومحسوس ما يحدث لبعض ما يحدث في بلدان وأماكن بعيدة كسطح القمر والمريخ ونراها رأي العين عن طريق العيون الاصطناعية الجبارة وشبكة الاتصالات والمعلومات !... كذلك تقع تحت الغيب المكاني المجرات الكونية البعيدة التي تفصل بيننا وبينها بلايين السنوات الضوئية فبعضها رأيناه بعيوننا الالكترونية الحديثة الضخمة وأكثرها لا يزال قيد عالم المجهول والغيب !. 3 - غيب كياني: وسببه اختلاف الكيان!.. وسبب عدم قدرتنا على أدراك هذه الكائنات بشكل مباشر ومحسوس بحواسنا هو طبيعة كيانها غير القابل للادراك الحسي المباشر، فهي مما يخفى علينا ادراكه بشكل حسي مباشر وربما حتى بأدواتنا وعيوننا ومجساتنا الآلية الجبارة ولكن يمكننا تلمس وجودها من خلال تتبع وتلمس آثارها أو عن طريق استنباط العقل لوجودها مثل الذرة وأشكال الطاقة، وكذلك يقع ضمن هذا النوع الكائنات الغيبية ذات الكيانات غير القابلة بطبيعتها لللإدراك الحسي دون العقلي كالله والملائكة والجن والروح (**) قبل ما يزيد عن 2000 سنة مضت ذكر عدد من الفلاسفة الاغريق فرضيات متعلقة بالذرة ومنهم أرسطو وديموقريطوس وليوكيبوس وقالوا بوجودها بالعقل دون أن يروها رأي العين!.. ومع مرور السنين وتطور العلوم ظهر عدد من العلماء الذين أضافوا إلى ما اكتشفه من سبقهم بالعقل واقتربوا أكثر من عالم الذرات (الغائب) من خلال رسم رسومات افتراضية تصورية ذهنية لشكل وتركيب الذرة وقد اثبتت التجارب أنهم اقتربوا بالفعل بخيالهم العلمي العقلي من حقيقة تكوين الذرة بشكل عام بالرغم من أنهم لم يروها رأي العين جهرةً بشكل مباشر!!. ومن هؤلاء العلماء جون دالتون،وجوزيف جون طومسون، وروثرفورد.
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المثلية أم الشذوذ الجنسي؟ محاولة للفهم!؟
-
تعدد الزوجات وزواج الصغيرات!. محاولة للتفسير لا للتبرير!؟
-
الرجال ومرحلة فقدان خصائص الذكورة!؟
-
هل ستتم إعادة الاستفتاء في بريطانيا؟ وما التداعيات؟
-
ماهي الليبرالية؟ وهل تتناقض جوهريًا مع الاسلام!؟
-
نظرية المؤامرة والكُتب المُؤسَّسة لها!؟؟
-
لماذا فرنسا بالذات !؟؟
-
حوار مع رفيقي المُلحد!؟
-
الإلحاد!.. محاولة للفهم!؟
-
من سيحصد ثمار حركة السترات الصفراء يا تُرى!؟؟
-
هل ستتحول السترات الصفراء إلى سترات حمراء!؟
-
الجزيرة. هل هي قناة اعلامية حرة ومستقلة ومحايدة!؟
-
طريقة قناة الجزيرة القطرية في عرض الأخبار!؟
-
هل سيتحقق حلم الشيوعيين بالمساواة التامة بين البشر؟ متى وكيف
...
-
حينما تتحطم قوقعة الحلزون!!
-
ما هو مصير (بن سلمان)؟ العزل أم إعادة التأهيل!؟
-
الملكية الدستورية هي الحل! لماذا؟
-
الحكم الاماراتي على الجاسوس البريطاني مؤشر لتغيير طريقة اللع
...
-
ذكريات طريفة في اليوم العالمي للمرحاض!؟
-
لغز ذهاب الخاشقجي وحده برجليه للمقصلة لا يزال يُحيرني!؟
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|