|
النبوة (3)
الشيخ إياد الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6090 - 2018 / 12 / 21 - 00:14
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في الحلقة الماضية إنتهينا من القول بإن : - شهادة أن محمداً رسول الله - ، ليس شرطاً في إسلامية المرء ولا هي واجبة في جعل الإنسان مسلماً ، ذلك إن الإسلام هو دين الله الذي أرتضاه لعباده وليس هو دين محمد ، قال تعالى : - [ إن الدين عند الله الإسلام ] – آل عمران 19 ، وبهذا التعريف كان كل أنبياء الله من المسلمين دون إستثناء ، وأما هذه الشهادة المتقدمة فلا تعني شيئاً سوى : - الإقرار والإعتراف والقبول بنبوة محمد بن عبدالله وبرسالته وإمامته - ، ومن يقر ويعترف ويقبل بذلك فقد أعتبر من - الذين آمنوا - ، أي إنه يدخل في حيز ودائرة تلك الجماعة التي ورد ذكرها في مقابل الجماعات الأخرى : [ كالذين هادوا والنصارى والصابئين ] ، فهي إذن صفة تعريف لا صفة تقرير ، وهي هكذا وردت في سياقات النصوص . ومادمنا في سياق البحث عن النبوة ، فإننا نقول : - إن النبوة جوهر مستقل بذاته دال على المعرفة اليقينية التي بُعث بها النبي ليكون فاعلاً - ، وهذا يعني : - إن جوهر النبوة هو تلك القدرة المودعة فيها موهبةً وإصطفاءاً - ، ويكون فعل النبي من خلالها في الطبيعة والواقع مقيداً بماهو ممكن بذاته ، وإذا كان ذلك كذلك فهذا يعني : - إن ما يحصل عليه النبي من معرفة لا يدخل في باب القدوة والأسوة - ، ولا يمكن تمثله في الواقع ، لذلك لم يرد في شأنه : - ولكم في نبي الله أسوة - ، بل ورد ذلك في شأن الرسول قال تعالى : - [ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ] – الأحزاب 21 ، ذلك لأن العلة المنتجة للنبوة هي غيرها التي أنتجت الرسالة ، ولذلك فهي ليست علة يمكن التأسي بها والعمل بموجب قوانينها ، ولهذا : - تعلق التصديق بالنبوة لا بسبب علتها المنتجة بل بسبب فعلها في الواقع - ، والخطاب الموجه للنبي متضمن في العادة أسماء وصفات وأفعال ، تتعلق بالواقع وبالتاريخ وبالغيب ، وما يتعلق بالتاريخ والغيب هي تجليات تظهر له بالكشف الغير مألوف ، وليس بالكشوفات العادية . وهنا ندخل بموضوعة هامة ألاَّ وهي علم الغيب أو عالم الغيب : - وهل النبي يعلم ذلك ؟ . ننطلق هنا أولاً من تعريف الغيب كما ورد في اللسان العربي الذي قال عنه : [ إنه كل ما غاب عنك ] فيُعدُ غيباً ، ومن هنا ذهب أهل الميزان لتبني مفردتي : - الغيب المادي و الغيب المعنوي - ، وعرفوا الغيب المادي : - بأنه ذلك الشيء الذي يتعلق بالصورة والهيئة - ، وعرفوا الغيب المعنوي : - بأنه ذلك الشيء الخارج عن عالمي الوجود والشهود - ، ولكن في الكتاب المجيد جعل الغيب بمعناه المطلق هو لله ومن الله ، قال تعالى : - [ فقل إنما الغيب لله ] – يونس 20 ، وأداة الحصر - إنما - قد جعلت الغيب ملكية خاصة به تعالى ، وبهذا الإعتبار يصح القول : إن علم ُ الغيب أو عالمُ الغيب دائرة مفاتحها عند الله قال : - [ وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاَّ هو .. ] - الأنعام 59 ، ولفظ مفاتح ليس جمع مفتاح أي الآلة التي يفتح بها ما أغلق ، بل مفاتح جمع مفتح بمعنى الخزائن ، ومعنى النص : - إن الله عنده خزائن الغيب التي لا يعلمها أحد سوآه - ، أما قوله تعالى : - [ عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحد ] - الجن 26 ، ففيه إطلاق لمفهوم - عالم الغيب - لكن ورود التقييد اللاحق بصيغة الإستثناء المنقطع ، يدل على إمكانية تزويد البعض من الغيب ، يظهر ذلك في قوله : [ إلاَّ من أرتضى من رسول ] - الجن 27 ، والضمير في عبارة - من أرتضى - يعود على الله ، و التبعيض والتنكير في قوله - من رسول - وردت كدليل على من حمل الوحي وجاء به من عند الله لمن أصطفاه من الأنبياء وأداة الحصر أو الإستثناء - إلاَّ - إنما تتحدث عن بعض الغيب الذي يظهره الله لبعض رسله من ملائكته ، ويُفهم هذا من إطلاق لفظ - أرتضى - كونه مشعر بذلك ، وصيغة أرتضى غير صيغة أصطفى الخاصة بما يُناسب النبوة والأنبياء ، وجملة - إلاَّ من أرتضى من رسول - دالة على الملاك الذي أرتضاه الله ليكون حاملاً للوحي ، والجملة لا تدل على من يُبلغ وينفذ الأوامر والنواهي والأحكام ، ( لأن هذه الجزئية ليست من عالم الغيب الذي يتحدث عنه النص ) ، وكما قلنا : - لا بد أن يكون هذا الملاك الذي أرتضاه الله ليخبر النبي قد أطلعه الله على هذا الغيب - ، فمثلاً قصة إبراهيم وقصة لوط وقصة موسى أو قصة عيسى أو قصة مريم وغيرها ، بُلغت للنبي بواسطة هذا الرسول الذي أرتضاه الله ، فأطلعه على ذلك ، ويجب أن نفهم : - إن صيغة الإظهار أو الإطلاع في هذا الباب ، ( هي تجليات وإيحاءات وليست حروفاً أو كلمات ) - ، وهذا ظاهر في قوله تعالى : - [ فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا * ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا ] - الجن 27 ، 28 ، وهذه الحتمية أو قل هذه الجبرية تكون مع الرسل الغير مخيرين والغير مجتهدين ، الذين وصفهم الكتاب بالقول : [ ..لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ] - التحريم 6 ( وهذه صفات الملائكة ) . لكن الرسول الحاكم الدنيوي يكون فعله وعمله قائماً على الإجتهاد والنظر ، وليس فيه جبرا أو تفويضا ، إنما فعله وعمله خاضعاً للواقع ومتناسباً مع الطبيعة ، بدليل قوله : [ لا يكلف الله نفسا إلاَّ وسعها ... ] – البقرة 286 ، ويتعلق هذا بالكيفية والطريقية في تنفيذ الأوامر والنواهي ، ونعود لنقول : - إن الإظهار في معناه يكون على شكل وسيلة إيضاح رمزية - ، ولكن ماذا نعني بذلك ؟ ، نعني به إن فعل المضارع يسلك لما جيء به هاهنا ، أستخدم كعامل رصد ومتابعة في طريقة فهم الوحي وإيصال معناه ، وفي هذا تكون الإشارة هنا بمثابة الضبط والإحكام في عملية الإبلاغ الموكل بنقلها الملائكة للأنبياء . لذلك قيل : - وهذا فعل وأداة مساعدة في فهم النبي جاء بها الوحي - ، ولكن كيف وماهي لغة التخاطب بين الملاك والنبي ؟ ، لغة التخاطب مرتبطة بحسب طبيعة وكيفية الوحي ، ولايمكن الجزم بطبيعة لغة الملائكة إذ ليس هناك لغة معينة ومحددة يمكننا وصفهم بها ، إنما اللغة التي نفهمها عنهم هي عبارة عن رموز وإشارات ( إيحاءات ) تُحاكي عقل النبي ومُقدار فهمه ، ومن خلال ذلك تتم عملية إيصال المعنى المطلوب للنبي ، والنبي مكلف بوضع هذه المعاني في قوالب لفظية دالة ومناسبة للمعنى المطلوب ، ويعني هذا إن ما يحصل عليه النبي من الملائكة هو عبارة عن معاني وليست إلفاظاً وكلمات ، لكن النبي فهم هذه المعاني بلغته وصبها في قوالب لفظية مناسبة وبنفس السياقات المطلوبة ، وكأن هناك تماهياً وليس تخيلاً في المعاني والألفاظ بين الملائكة والنبي . يجري هذا وبنفس السياق حتى في النصوص التي نسمع بها انه قال – إنني أنا الله - ، أو - لاتخافي ولا تحزني - ، أو - قال إنما أنا رسول ربك - ، أو - قالوا نحن رسل ربك - ، وكأن هذه الصيغ وغيرها وردت بصيغة كلمات وحروف ، والحق إنها لم تكن كذلك ، أي إنها لم تكن كلمات وحروف ومفردات لفظية ، إنما كانت معاني تصورها النبي ووضعها في قوالب لفظية متناسبة معها ، وإلى ذلك يُشير صاحب الكفاية في قاعدة التناسب بين الحكم والموضوع ، تلك القاعدة المضطردة والتي تجري في كل ماهو متصور وممكن ، وفي بيان ذلك والرد عليه قال تعالى : - [ وللبسنا عليهم ما يلبسون ] - الأنعام 9 ، أي بالإستحالة في مستوى الهئية والصورة ، وهذا القيد يسري حكمه على كل الإطلاقات الواردة في الصيغ المتقدمة ( سواء في حكاية إبراهيم وقصة العجل الحنيذ أو لوط وقصة قومه الذين جاوءا يهرعون ) ، والتي قد يفهم منها ذلك المعنى البعيد . وبنفس الدليل يمكننا القول : إن لغة الله غير قابلة للتصور ، حين نفهم أو نريد منها هذه الكلمات والحروف ، وحين يوصف بالمتكلم فالوصف صفة بيان للمخاطب لا تدل على الذات ولا تخبر عنه ، وقد قلنا في غير مناسبة ( إن صفاته غير ذاته ) ، وللتوكيد ورد القول التالي : - [ .. ليس كمثله شيء .. ] - الشورى 11 والكلام عن الذات . ونعود للقول : - إن النبي لا يعلم الغيب - ، وأما ما يحصل عليه من علم فهو معرفة غير مسبوقة يأتي بها الوحي ، ومع العلم بهذه المعرفة تصبح حقيقة طبيعية أو علماً طبيعياً ، وكل شيء لا يُعلم أو يكون مجهولاً يُعدُ غيباً ، ومع العلم به تنتفي عنه صفة الغيب ويصبح واقعاً يُفهم من خلال علله ، التي تكون بالفعل قد أصبحت معلومة [ ومن هنا نقول : - ليس في كتاب الله غيب - ] ، وقد دل على ذلك ماقاله الإمام علي عن معنى الغيب في الكتاب ، نعم هناك إشارة للغيب كما يظهر في قوله تعالى : - [ 1 – إن الله عنده علم الساعة ، 2 - وينزل الغيث ، 3 - ويعلم ما في الأرحام ، 4 - وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ، 5 - وما تدري نفس بأي أرض تموت .. ] - لقمان 34 ، وقد أختُلف في معنى و مفهوم - علم الساعة – ، فمنهم من أعتبر العلم بالساعة دليل على يوم القيامة ، والمُراد بيوم القيامة هو قيامة الإنسان التي تكون عند موته مباشرة ، ومنهم من أعتبر العلم بالساعة هو العلم بنهاية الكون . وفي الحالة الأولى : تكون الساعة أو العلم بالساعة حكاية عن موضوعة الموت عن الكيف وعن الزمن ، بمعنى إن العلم بكيفية الموت وزمن الموت هو مما أختص الله بعلمه ، وبما إن الموت هو قيامة الكائن البشري ، فيكون العلم بالساعة بهذا المعنى هو العلم بزمن الموت وكيفيته ، يعني العلم بقيامة الإنسان . وفي الحالة الثانية : يكون العلم بالساعة هو العلم بنهاية الكون ، ونهاية الكون مرتبطة بمعرفة العلل المنتجة لهذا الكون ، أي العلم بالغاية من وجوده ، وفي هذه الحالة تنتفي الغاية من وجود هذا الكون ، فينتهي إلى زوال بعد أن يفقد مبررات وجوده ، فيكون العلم بالساعة بهذا اللحاظ أيئذاناً بنهاية الكون ، ولكي يكون ذلك ممكناً لا بد من عمل وجهد يقوم به - الراسخون في العلم - لمعرفة هذه العلل وغايات وجودها ، وهؤلاء وحدهم القادرون على تحليل الكون ومعرفة خفاياه ومعرفة العلة من وجوده ، هذه النقطة قال عنها الله إنها من علم الغيب الذي هو من أختصاصه . والموضوعات الأربعة الأخرى المذكورة في سورة لقمان تقع في تلك الدائرة ، أي في دائرة البحث عن العلل المؤدية إليها ، وكشف ذلك من مهمات - الراسخون في العلم - ، أعني معرفة تلك العلل ممكن في ظل تطور أدوات وآليات البحث العلمي . ولكن هل النبي هو من - الراسخون في العلم - ؟ ، في تعريفنا للراسخين في العلم قلنا : إنهم تلك الجماعة التي تعتمد في تحليل الموضوعات على البحث والإستقراء والبرهان ، وفي ذلك الطريق يستخدمون أدوات بحث علمية ومعرفية خالصة ، وبما إن النبي ليس باحثاً علمياً أو يستخدم أدوات البحث العلمي ، لذلك فهو بهذا اللحاظ ليس راسخاً في العلم ، إنما هو موجه للعقل لكي يستخدمه ويسخره في المجال العلمي ، وإخراجه من دائرة الصمت إلى دائرة الحركة والبحث ، وإلى ذلك أشار النص الآتي حين قال : - [ إن أستطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلاَّ بسلطان ] – الرحمن 33 ، والكلام فيه عن القابلية وعن الإمكانية ودعوة العقل لإكتشاف المجهول ، عن طريق البحث العلمي والنظر من خلال الآليات و الأدوات ، والتي بها ومن خلالها يمكنه النفاذ والتحرك ، لمعرفة العلل الحاكمة لهذا الكون ، وقد أستخدم فعل الأمر - أنفذوا - ولكن بشرط التمكن من معرفة العلل التي من خلالها يتم النفاذ أو المساهمة في عملية النفاذ ، وهذا يعني إدراك ما يوافق قانون الطبيعة و الوجود . يُميز العرفاء في مقولاتهم بين الصورة اليقينية و المعرفة اليقينية ، كتلك التي يحصل عليها النبي عن طريق الوحي ، فالمعرفة اليقينية هي معرفة بالرموز والإشارات ( الإيحاءآت ) ، والصورة اليقينية سابقة للمعرفة وتظهر عند الكلام عن متلازمة الوحي والنبوة ، والإيحاء أو الوحي مشتق في العهد القديم من لفظ - روا - التي تدل على كلمة - روح - في العربية ، ومعناها - الريح - ، ولها إشتقاقات متعددة في اللغة العبرية ، منها الذي : 1 - ورد بمعنى - نسمه - كما في المزمور 135 النص 17 قوله ( وليس في أفواههم نسمة ) . 2 - ورد بمعنى - نفخ فيه - كما في سفر صموائيل - الأول 30 : 12 - قوله ( وعادت إليه روحه ) أي نُفخ فيه . 3 - ورد بمعنى - قوة - كما في سفر يشوع ( 2: 11 ) قوله ( ولم يبق في أحد روح ) - . 4 - ورد بمعنى - صفة للقدرة - كما في سفر أيوب ( 32 : 8 ) قوله - لكن في البشر روحاً - ، أو كما قال في سفر العدد ( 26 : 18 ) - إنه رجل فيه روح - . 5 - ورد بمعنى - رأي - كما في سفر العدد ( 14 : 24 ) قوله - فيما أنه كان له روح آخر - اي رأي آخر أو فكرة أخرى ، قال في الأمثال : ( 1 : 23 ) - فإني أفيض عليكم من روحي - . 6 - ورد بمعنى - نفس الإنسان - كما في سفر الجامعة ( 3 : 19 ) ، قوله - ولكليهما روح واحد - أي نفس واحدة . 7 - ورد بمعنى - جهات العالم - كما في سفر حزقيال ( 37 : 9 و42 ) ، قال - بسبب الرياح التي تهب منها - . وفي - أشعيا وروحكم نار تأكلكم - ، إذن فكلمة ( روا ) العبرية التي مرت ترجمتها ، إنما تعبر عن الروح في كل هذه المعاني المتقدمة ، ويظهر ذلك في شرح التوارة البابلية لمعنى روا على أنها الروح أو هي الروح ، وبحسب المزمور السابع فالروح ليست واحدة بل هي أرواح متنوعة تكون بحسب الطبيعة والوضع ، فمنها العالية ومنها الهابطة ومنها الشريرة ومنها الطيبة ، وهذا المعنى يقترب من المعنى الوارد في سورة الشمس النص رقم 8 ، قوله تعالى : - ( ونفس وما سوآها فألهمها فجورها وتقوآها ) ، ولابد من التذكير هنا بأن اللغة العبرية حين تستعمل المصدر ، تستخدمه بصيغة الصفة وهذا شائع جداً .. ونعود لنقول : - أن لا ملازمة عقلية بين صورة اليقين ومعرفة اليقين - ، كذلك لا ملازمة عقلية بين المعرفة وبين طبيعة الذات ، ونقصد بالمعرفة تلك التي يحصل عليها النبي بواسطة الوحي ، وهذه المعرفة من صفاتها النسبية والمحدودية لكونها تتعلق بموضوعات معينة ، ولهذا لا يصدر عنها إلاَّ فعل مخصوص واحد ، وحتى يتمكن النبي من هذه المعرفة لا بد أن يكون بينه وبين الملاك شيء مشترك ، وهذا الشيء هو الذي يُسهل عليه عملية الفهم والإدراك ، ولولا ذلك الشيء المشترك بينهما لما تمكن النبي من فهم إيحاءات الملكوت ورموزه وإشاراته ، ولولا ذلك أيضاً لمتنع وجود المعاونة بينهما ، ويدخل في ذلك الشيء المشترك الغاية الفاعلة والغاية القابلة والغاية التامة ، وشرط وجود أياً من هذه الغايات مرتبط بوجود علة من سنخها لا تنفك عنها ولا تحول . وتكون النبوة بهذا الوصف معقولة لمن يؤمن بها ولمن هو شاك أو ناف لها ، لأن هذا يأتي من طبيعتها أو من خلال ما تتم به في التتالي أو في التبدلات . وقد أعتبرت المباحث الكلامية هذا الشيء هو - مبدأ اللطف - والذي يعني : - إن وجود النبوة لطف من الله - ، وبما إنها كذلك فهي تنقسم عندهم إلى ثلاث معان أولها : أن يكون اللطف بمعنى التفضل الدال على التقدم على الغير ، كما نقول فلان فائز بتفضله على غيره . وثانيها : أن يكون اللطف بمعنى التفضل أي ( الموهبة المجانية ) ، كقولنا أنا أوليك هذه المكرمة . وثالثها : أن يكون اللطف بمعنى التفضل عرفان الجميل ، كقولنا أنَّا نقابل الفضل بالنعمة . وثاني هذه المعاني يتوقف على الأول ، [ فإن هبة شيء ما إلى بعض الناس مجاناً ] ، إنما ينشأ عن الحب الذي يظفر الموهوب إليه بحظوة عند الواهب ، والمعنى الثالث يصدر عن المعنى الثاني ، فإن - المنُ يتبع الصنيعة - ، وواضح إن الفضل بالمعنيين الأخيرين يوجب في مقابلها شيئاً ، وهو في الأول الموهبة المجانية ، وفي الثاني عرفان هذه الموهبة ، ولكن اللطف بالمعنى الأول فيه فرق بين لطف الله ولطف الإنسان ، إذ إن لطف الله بمعنى محبة الله الأزلية التي يحظى بها من قد أصطفاه وقربه ، وهذا هو الذي يُبنى على يقين خالص .. آية الله الشيخ إياد الركابي 14 ربيع الآخر 1440
#الشيخ_إياد_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النبوة الحلقة الثانية
-
المفهوم الإفتراضي لمعنى قوله تعالى : [ فلا أقسمُ بالخنس ، ال
...
-
تداعيات النص 40 من سورة التوبة
-
المعجزة والتاريخ
-
السُنة التاريخية و السُنة الطبيعية
-
هل التاريخ يُعيد نفسه ؟
-
ما الفرق بين بكة ومكة
-
قول : ( في نسبية مفهومي الجنة والنار )
-
خرافة عالم البرزخ
-
- الخلل المفاهيمي في لغة النص : - القلب ، الفؤاد ، العقل ..
...
-
في معنى قوله تعالى : [ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ، ولكن
...
-
إشكالية الحكم في الإسلام
-
تحرير العقل المسلم
-
الإسلام والتشيع جدل اللفظ والمعنى
-
السنٌة والشيعة ... إشكالية المفهوم والدلالة
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|