حيدر مكي الكناني
كاتب - شاعر - مؤلف ومخرج مسرحي - معد برامج تلفزيونية واذاعية - روائي
(Haider Makki Al-kinani)
الحوار المتمدن-العدد: 6085 - 2018 / 12 / 16 - 01:04
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
النص الأول : ( ج1 )
_______
عنوانه : أبو الأسود يستأذن زياداً.
مصدره : 1- معجم الأدباء ج4 ص280 .
النص :
______
روى عاصم قال: جاء أبو الأسود الدؤلي إلى زياد بن أبيه. وكان يعلم أولاده، وقال: إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم، وفسدت ألسنتها، أفتأذن أن أضع للعرب ما يعرفون به كلامهم؟!
فقال له زياد: لا تفعل.
_______________
التحليل :
في هذا المصدر تنتهي الرواية بــ ( لا - لاتفعل ) هو نهي عن فعل تعليم النحو , فالنهي صادر من زياد من أبيه ولعلّ المطلع على تاريخ أبن أبيه يجد تلك الشخصية السادية المتعجرفة المحبة للسلطة والكرسي العاملة لأي شيء للحفاظ عليه , فإطلاق كلمة (لا) يعني رفض وبعلم حاشيته وأي قرار مخالف لكلمة (لا) فهو طعن بشخصيته حتى لو كانت هذه الــ(لا) غير منطقية فسيتشبث بها لأنه يعدّها جزء من شخصية الحكّام ان يطلقوا قرارات صارمة لا رجعة فيها هذه القراءة الأولى لرواية النص والرواية فيها السند مفقود ,أي لا سند فيها فهي ضعيفة (روي عاصم وقال ) وصيغة الرواية مبنية على فعل (جاء) و( يُعلِّم ) ولو بدأت الرواية مثلا بـ(حين كان يعلم ..) لكانت أكثر قوة وإقناعا أمّا القراءة الثانية والتي تجعل من هذه الرواية ضعيفة وهو ( عنوان تحليلنا النصّي ) ( أبو الأسود يستأذن زياداً ) لا نعرف ما الحاجة إلى الاستئذان ؟ وهل على العلماء في ذلك الوقت طلب الاستئذان من خلفائهم حتى ينجزوا كتابا مثلا أو إصدار مطبوعا ما وهل تحول (أبن أبيه ) الى رقيب لغوي أو دار نشر يفرض قيود على الناشر و جهة تمنح الموافقات للطباعة والنشر كما يحدث في عصرنا الحديث في عصر الرقابة على النص والكتاب والسماح والمنع في النشر والطباعة وحسب معايير وزارة الثقافة والأعلام مثلا؟ وهل اخذ الخليل بن أحمد الفراهيدي موافقات رسمية لكتابة( علم العروض) مثلا وهل استأذن خليفة عصره في معجم (العين ) ؟ ونعتقد هذه القراءات الثلاث تُضعف هذه النصف الأول من الرواية التي تبدء بــ( روى عاصم ) وتنتهي بــ (لا) (لاتفعل ) .
النص الأول : ( ج2 )
_______
عنوانه : توفي أبانا، وترك بنون.
مصدره : معجم الأدباء ج4 ص280 والإصابة ج2 ص242 ووفيات الأعيان ج2 ص536 .
النص :
______
فجاء رجل إلى زياد، فقال: أصلح الله الأمير، توفي أبانا، وترك بنون.فقال زياد: توفي أبانا وترك بنون! أدعوا لي أبا الأسود، فلما جاء قال له: ضع للناس ما كنت نهيتك عنه. فأفعل. وروي في وضع العربية غير ذلك .زاد السكتواري قوله: فقيل له: من أين لك هذا العلم؟! أي النحو.فقال: أخذت حدوده عن علي (عليه السلام) .
التحليل :
_______
قراءتنا الأولى تكمن في بداية الجزء الثاني من هذا النص الى عدم وجود سند في الرواية تبتدأ بفعل (فجاء..) وما يزيد غموض النص وضعفه متن جملة ( فجاء رجل الى زياد ) فالرجل هو مجهول لنا , مجهول الاسم والصفة والمكانة ولا نعرف من هو حتّى يزيد الرواية ضعفا أو قوة وكأنّ الرواية هي تُضعف نفسها (هذا الرجل المجهول ) لابد ان يكون ذو مكانة عند (ابن ابيه ) او ممن يجالسوه أو هو ممن يسمح لهم (أبن أبيه ) بمواجهته وخطأه النحوي هنا غير مبرر وكأنه مقصود باعتبار أن ممن يجالسون ذوي السلطة هم متمرسون في الكلام وفنونه وان كانوا غير متخصصين في اللفظ والمعنى فلا يقعون في مثل هذه الأخطاء , من خلال ما يُطرح من مسائل في مجالسهم فتتحسن ملكتهم اللغوية من السماع , والسماع كان احد المصادر التي يستخدمها العامّة في استعمالاتهم الاتصالية قبل التدوين والكتابة ,والقراءة الثانية تكمن في ردة فعل (ابن ابيه الغريبة ) في قوله متعجبا (توفي أبانا وترك بنون!) كأنّ جيشا أحتلّ قصره وكأنّ مصيبة وقعت ومن يعرف سيرة (أبن أبيه ) فهو يعرف ان الكرسي والسلطة هما فقط ما يقلقه اما باقي الحوادث كلها بالنسبة له لاتعني شيئا مادامت لا تهدد كرسيه حتى لو عُميت الناس أو خُرست لا يهتم للحن الناس وغلطهم فردّت فعله غير مبررة وحين أستأنف كلامه مباشرة ( أدعوا لي أبا الأسود ) وكأنّ الدؤلي يقبع في الغرفة المجاورة لــ (لأبن أبيه ) وكأنّه متوفر ومتاح هذا ما يبدو عليه طلب (ابن ابيه ) وهذا الطلب يناقض طلب ابو اسود الدؤلي المتناقض في الجزء الأول من النص حين يستأذن (ابن ابيه ) بان يضع للعرب ما يجعلهم يعرفون وكان الجواب صريحا (لاتفعل ) وهنا تضاد في المواقف والمعانى وكل هذه التناقضات المعنوية هي تضعف سند الرواية ومتنها , اما القراءة الاخيرة للنص فهي تكمن في وجود قطع لسند أحد الرواة من خلال نعت احدهم بالتدليس او انه مدلّس وحسب المصادر التالية :المعجم الوسيط -جمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م,تاريخ بغداد ج11 ص 25 , تهذيب التهذيب ج7 - ص46 .
لذا قمنا بذكر اسم كل راوي تم ذكره مع نبذة مختصرة عنه وذكر المصدر الذي ذكره وكما يلي :
"وذكر ابن ابي سعد وهو (هو عبد الله بن ابي سعد أبو محمد الوراق , بلخي الأصل ([بَلْخ]: بالخاء معجمة: كورة في خراسان، وكانت من مساكن ملوك العَجَم-المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م),هو عمر بن شبة بن عبيدة النميري أبو زيد البصري , الحافظ الاخباري ,سكن بغداد وكان صاحب اخبار وآداب مات بواسط سنة 274 حسب- تاريخ بغداد ج11 ص 25 - هو عمر بن شبة بن عبيدة النميري أبو زيد البصري , الحافظ الاخباري يروي عن عمر بن علي المقدمي والقطان وابي نعيم مات 202 تهذيب التهذيب ج7 - ص46 "
وحين بحثنا عن شخصية عمر بن علي المقدمي وهو من الأسماء التي وردت في سند الرواية فوجدنا ما يلي :
عُمر بن علي المُقَدَّميّ:
____________
يكنى أبا حفص، وكان ثقة، وكان يدلّس تدليسًا شديدًا، وكان يقول: سمعتُ وحدّثنا، ثم يسكت، ثم يقول: هشام بن عروة الأعمش، وروى عنه عفّان بن مسلم، وسليمان بن حرب، وغيرهما، وقال عفّان بن مسلم: كان عمر بن علي رجلًا صالحًا، ولم يكونوا ينقمون عليه شيئًا غير أنه كان مدلّسًا، وأمّا غير ذلك فلا، ولم أكن أقبل منه حتّى يقول: حدّثنا.
وما تم ذكره حول شخصية (المُقَدَّميّ) نسف سند الرواية نسفا وزاد الطين بِلّة كما يقال , لأننا كيف نقبل رواية من رجل كن يدلس تدليسا شديدا وكيف نقبل منه رواية كاملة وغيرنا لا يقبل من كلمة (حدّثنا ) ؟
النص الثاني :
_______
عنوانه : كتاب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري .
مصدره :
1-( ص 51 ) كتاب انباه الرواة ( تاليف الوزير جمال الدين ابي الحسن علي بن يوسف القفطي) ( ت 624 ) تحقيق ( محمد ابو الفضل ابراهيم ) (ج1 )دار الفكر العربي القاهرة - مؤسسة الكتب الثقافية بيروت - ط الأولى 1986.
النص :
______
وحدّث أبو الحسن ألمدائني عن عباد بن مسلم عن الشعبي قال : كتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - إلى أبي موسى : (( أما بعد فتفقهوا بالدين وتعلموا السنّة وتفهموا العربية وتعلموا طعن الدرية وأحسنوا عبارة الرؤيا , وليُعلِّم أبو الأسود أهل البصرة الأعراب ))
_______________
التحليل :
من خلال قراءتنا للنص نجد أنه يوجد سند للرواية , فالكتاب موجه إلى الأشعري من قبل الخليفة عمر (رضي) وعلينا هنا أن نقف قليلا للتعريف بابي موسى هو (عبد الله بن قيس الأشعري (المتوفي في ذي الحجة سنة 44 هـ) صحابي، ولاّه النبي محمد على (زبيد وعدن)*، و ولاّه عمر بن الخطاب ( على البصرة )، و ولاّه عثمان بن عفان على( الكوفة )، وكان المُحكّم الذي اختاره علي بن أبي طالب (ع). يوم صفين.
* كانت عاصمة اليمن من القرن الثالث عشر إلى القرن الخامس عشر، __________________________________
يبدو ان السند متواجد والتكليف منطقي فهو من خليفة لعامل من عمالّه لكننا لو فككنا نص الرواية لوجدنا الخليفة يطلب من عامله وصايا عامة , (تفقهوا,تعلموا, تفهموا العربية, تعلموا طعن الدرية وأحسنوا عبارة الرؤيا ) ولنقف عند عبارة أحسنوا عبارة الرؤيا سنجد ان هذه العبارة الأخيرة غير متجانسة مع أفعال الطلب التي سبقتها فكلها تأمر بالالتزام بالسنة والكتاب لكن ذكرها هنا غير متجانس مع ما تم ذكره . أصلا علم التعبير عن الرؤيا هو علم أخصّه الله لعباد الله المختارين لهذا العلم ونحن هنا لسنا في خوض تفاسير الأحلام , وحسب علمنا فهو علم غير قابل للتعلم فالنبي يوسف (ع) اختص بهذا العلم ولم يدرسه وكان التعبير هو عاملا مهما في تعريفه بمن حوله ولو كان متاحا ما عجز كل من أحاط بعزيز مصر عن تفسير رؤيا (السبع بقرات ) ولعل من أشهر المعبرين ( ابن سيرين هو أبو بكر محمد بن سيرين البصري. التابعي الكبير والإمام القدير في التفسير، والحديث، والفقه، وتعبير الرؤيا، والمقدم في الزهد والورع وبر الوالدين، توفي 110 هـ بعد الحسن البصري بمائة يوم، وكان عمره نيفاً وثمانين سنة), فمفردة , (فأحسنوا عبارة الرؤيا )لا دخل لها في تعلم النحو وفهم العربية وقد أضعفت متن الرواية , أمّا القراءة الأخيرة للنص فهي بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال و أصابة النص بالوهن والضعف وهي (وليُعلِّم أبو الأسود أهل البصرة الأعراب) وهذا الطلب هو من الخليفة عمر المتوفي ( 23 هجرية )إلى أبي اسود الدؤلي المتوفي ( عام 69هـ ) أيام خلافة عبد الملك بن مروان, ورحل عن عمر بلغ 85 عاماً،وكانت وفاته في البصرة , وبمسألة حسابية بسيطة ولعدم وجود دليل مادي يحدد لنا السنة التي طلب الخليفة عمر من ابي اسود الدؤلي ان يعلم النحو نجد ان عمره لا يتجاوز الخمسة عشر عاما او ربما اقل من ذلك وهذا السن لا يسمح له بالتعليم بل بتعلّم العربية لا تعليمها وبهذه القراءة الأخيرة نكون قد وقّعنا على ضعف هذه الرواية ووهنها وعدم مقبوليتها.
النص الثالث :
_______
عنوانه : استعن بسورة يوسف .
مصدره : ( ص 51 ) كتاب (انباه الرواة ) تاليف ( الوزيرجمال الدين ابي الحسن علي بن يوسف القفطي) ( ت 624 ) تحقيق ( محمد ابو الفضل ابراهيم) ( ج1 ) دار الفكر العربي القاهرة - مؤسسة الكتب الثقافية بيروت - ط الأولى 1986 .
النص :
______
قيل واتى ابو الاسود عبد الله بن عباس فقال : اني ارى ألْسِنة العرب قد فسدت فأردت أن أضع شيئا لهم يقوِّمون به السنتهم قال لعلك تريد النحو اما انه الحق واستعن بسورة يوسف .
_______________
التحليل :
يبدأ هذا النص بفعل (قيل ) وينتهي بــ(قال ) فــ(قيل) الأولى خالية من السند لا نعرف ممن جاءت هذه الــ(قيل ) , اما القراءة الثانية فهي تكمن في مفردة (شيئا لهم ) كأنّه هو لا يعرف ماذا يضع فهو قد علم بفساد السنة الناس لكنه محتار فيما يضع ولذلك ذكر (شيئا) والشيء هنا ليس معلوما بل مبهما وهو في حيرة من امره فيما يضع للذين فسدت ألسنتهم وهذا خلاف لما قام به (ابو اسود الدؤلي ) فهو يعلم مذا يجب ان يضع ليعلم الناس ولو كانت هذه الرواية صدرت عنه لقال (ان اضع النحو لهم ) لا (شيئا ) , اما القراءة الثالثة للنص فهي تجعله تائها فأرشده (عبد الله بن عباس ) الى جادة الصواب بعد ان كان محتارا في وضع (شيء) لتقويم الألسن , ففكر (بن عباس) واكتشف (النحو ) حين قال (لعلك تريد النحو) وهذا يضعف الرواية خصوصا حين أردف قوله بــ( وأستعن بسورة يوسف ) ولا نعرف هنا ما دخل سورة يوسف بالنحو ؟ وهل سور القرآن الباقية لا تُعلّم النحو ؟ و ما هي خصوصية هذه السورة ؟ مع ان القرآن هو كتاب إعجاز من سورة الفاتحة وحتى سورة الناس لا فرق بين سورة وأخرى , ومن خلال القراءات المذكورة أعلاه نجد ايضا هذا النص ضعيف المتن والسند .
نصوص متفرقة تثبت أن الأمام (علي) (ع) هو من وضع النحو
________________________________
قبل الخوض في النصوص المتفرقة التي تثبت ان الامام علي (ع) اول من وضع النحو علينا ان نقف قليلا للأجابة عن السؤال التالي : من هو ابو اسود الدؤلي ؟ "هو ظالم بن عمرو ين سفيان منسوب إلى الدئل بن بكر بن كنانة , كان من سادات التابعين وأعيانهم , روى عن عمر وعلي وأبي ذر وابن عباس وغيرههم , وصحب الإمام علي , وشهد معه صفين , ومات بالطاعون الجارف ( سنة 69 هـ / 688 م) ", وذكرت ذلك فيه ( دائرة المعارف الإسلامية - طبعة دار المعرفة - بيروت - م 14 - ص 61).
نصوص متفرقة (1):
_______
عنوانه : الامام علي (ع) اول من وضع النحو من خلال ابي اسود .
مصدره : الأغاني ج12 ص347 و (ط أخرى) ج11 ص119.
النص :
_____
وقال أبو الفرج الأصفهاني:
أخبرنا أبو جعفر بن رستم الطبري النحوي، عن أبي عثمان المازني، عن أبي عمر الجرمي، عن أبي الحسن الأخفش، عن سيبويه، عن الخليل بن أحمد، عن عيسى بن عمر، عن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، عن عنبسة الفيل وميمون الأقرن، عن يحيى بن يعمر الليثي:
أن أبا الأسود الدؤلي دخل إلى ابنته بالبصرة، فقالت له: يا أبت ما أشدُ الحر! (رفعت أشد).
فظنها تسأله وتستفهم منه: أي زمان الحر أشد؟!
فقال لها: شهر ناجرٍ، ( يريد شهر صفر. الجاهلية كانت تسمي شهور السنة بهذه الأسماء).
فقالت: يا أبت إنما أخبرتك ولم أسألك!
فأتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، فقال: يا أمير المؤمنين، ذهبت لغة العرب لما خالطت العجم، وأوشك إن تطاول عليها زمان أن تضمحل.
فقال له: وما ذلك؟!
فأخبره خبر ابنته، فأمره فاشترى صحفاً بدرهم، وأملّ عليه:
الكلام كله لا يخرج عن اسمٍ، وفعلٍ، وحرفٍ جاء لمعنى. (وهذا القول أول كتاب سيبويه)، ثم رسم أصول النحو كلها، فنقلها النحويون وفرعوها.قال أبو الفرج الأصفهاني: هذا حفظته عن أبي جعفر وأنا حديث السن، فكتبته من حفظي، واللفظ يزيد وينقص وهذا معناه.
_______________
التحليل :
بعد ان قدمنا للنصوص السابقة المتعلقة لروايات قد نُسبت الى غير الأمام علي (ع) فوجدنا بعضها أما فقد السند أو ضعُف متنه وآخر تناقضت دلائله واختلفت معانيه وآخر أضيفت له أحداث وعبارات غير ملائمة للمعنى العام مثل(تعبير الرؤيا ) وغيرها , فقمنا في هذا الجزء من بحثنا المتواضع بتجميع كل الروايات والنصوص مجتمعه مع الإشارة الى بعض الملاحظات التي قد تكون موجودة في نص دون غيره ولعل اغلب هذه النصوص تؤكد ان واضع النحو الامام علي (ع) , فنلاحظ هنا مثلا السند موجود وعن رواة ثقاة وهذا واضح وجلي من خلال عبارة ( ثم رسم أصول النحو كلها ) فهنا تبرز أهمية رسم الأصول لهذا العلم ومن بعد ذلك ،عملية النقل والتطور التي تتم من خلال النحويين فتقول الرواية ( فنقلها النحويون وفرعوها) .
نصوص متفرقة (2):
_______
عنوانه : الإمام علي (ع) أول من وضع النحو .
مصدره :( المنتظم في تاريخ الأمم والملوك) ج 6 ص 345 -346 دار الكتب العلمية -بيروت .)
النص :
______
دون في الـــ (منتظم ) لابن الجوزي , في أحداث سنة (69 هـ) , يذكر لنا وفاة أبي الأسود , وبأنه : " أول من وضع النحو , أخذ عن علي بن أبي طالب العربية , وقد لحن الناس , فأخبر علياً , رضي الله عنه , فأعطاه أصولاً بنى منها . وعمل بعده عليها "
التحليل
_____
المنتظم لم يذكر سند في الرواية لكنه اعتمد على ما حدث في (69 هـ ) ويروي باقي النص من خلال تأكيد ان النحو أُخذ من ( علي بن ابي طالب ) ونلاحظ هنا ورود كلمة (عربية ) ونجد في الرواية مرة تم ذكر النحو وأخرى ذكر العربية فكلمة عربية قد تم اخذها من الامام علي (ع) لكن النحو هو من قام بوضعه , هنا يبدأ التناقض في المعنى لنص مفقود في السند أصلا .
نصوص متفرقة (3):
_______
عنوانه : الامام علي (ع) اول من وضع النحو من خلال ابي اسود .
مصدره : أبو بكر محمد بن الحسن في " طبقات النحويين واللغويين " ص 21( دار المعارف بمصر 1984)تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم - الطبعة الثانية .
النص :
______
ويروي الزبيدي : أنه قال :" تلقيته من علي بن أبي طالب رحمه الله ", وفي رواية أخرى قال : " ألقى إليّ عليٌّ أصولاً احتذيت عليها "والزبيدي في ( طبقاته ) يسجل لنا شهادة لأبي الأسود الدؤلي " . وهذه الشهادة غير مدعومة بسند فقط رواية مذكورة عن ابي اسود الدؤلي في (الطبقات ) .
المصدر : القفطي ( ت 646 هـ /1248 م) في كتابه (إنباه الرواة – تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم ص50 –ج1 ) .
النص :
" وأهل مصر قاطبة يرون بعد النقل والتصحيح أن أول من وضع النحو علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه, وأخذ عنه أبو الأسود الدؤلي " , وأنه رأى " بمصر بأيدي الوراقين جزءاً فيه أبواب من النحو , يجمعون على أنها مقدمة علي بن أبي طالب التي أخذها عنه أبو الأسود الدؤلي " , وأوضح أن الجمهور من أهل الرواية , أجمعوا على ذلك , وبأن الإمام (ع) ذكر أقسام الكلام , وأضاف (لكن) إلى أخوات (إنَّ) , عندما غفل إدراجها أبو الأسود الدؤلي .
تحليل :
نلاحظ في هذه الرواية ذكر شيء جديد لم يتم ذكره في باقي الروايات اولا ان القفطي اجمع على ان مصر قاطبة وان الجمهور من اهل الرواية يرون ان الأمام علي (ع) هو من وضع النحو لكنه لم يذكر سند بأسماء الجمهور .
المصدر :أمّا ابن النديم ( ت بعد 390 هـ /1000م ) في (الفهرست) ,
النص :
" زعم أكثر العلماء أن النحو أخذ عن أبي الأسود الدؤلي , وأن أبا الأسود أخذ ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب" , ثم يدلي بشهادة قيمة حول أصل النحو وواضعه قائلاً : " كان بمدينة الحديثة رجل يقال له محمد بن الحسين , ويعرف بابن أبي بعرة , جمّاعة للكتب له خزانة لم أر لأحد مثلها كثرة , تحتوي على قطعة من الكتب العربية في النحو واللغة والأدب والكتب القديمة , فلقيت هذا الرجل ,فأنس بي , وكان نفوراً ضنيناً بما عنده , وخائفاً من بني حمدان , فأخرج إليّ قمطراً كبيراً فيه نحو ثلاثمائة رطل جلود فلجان وصكاك وقرطاس مصر وورق صيني وورق تهامي وجلود آدم وورق خراساني فيها تعليقات و قصائد مفردات من أشعارهم وشيء من النحو والحكايات و الأخبار والأسماء والأنساب وغير ذلك من علوم العرب وغيرهم, ورأيت ما يدل على أنّ النحو عن أبي الأسود هذه حكايته , وهي أربعة أوراق أحسبها من ورق الصيني , ترجمتها هذي فيها كلام الفاعل والمفعول من أبي الأسود رحمة الله عليه بخط يحيى بن يعمر , وتحت هذا الخط بخط يثق هذا خط على انه النحو .
التحليل :
نلاحظ في متن هذه الرواية انه لا يوجد سند فهي مجرد وصف لما حدث له كما ان المصادر المذكورة ادناه تؤكد ان اغلب الروايات تؤكد ان الأمام (علي )(ع) هو أول من وضع النحو وأسس له من خلال ما سيتم ذكره
المصدر :السيوطي يقول وينقل ما يلي : " اشتهر أن أول من وضع النحو : علي بن أبي طالب (رض) لأبي الأسود , وكذلك ما ذكره الفخر الرازي في كتابه ( المحرر في النحو): " رسم علي (رض)لأبي الأسود باب (إنّ), وباب الإضافة , وباب الإمالة , وكذلك:أبو الطيب اللغوي في (مراتب النحويين) قائلاً : " أخذ ذلك عن أمير المؤمنين علي (رض) , لأنه سمع لحناً فقال لأبي الأسود : اجعل للناس حروفاً , وأشار له إلى الرفع والنصب والجر" وكذلك مصدر :العسقلاني في (الإصابة) يروي عن أبي علي القالي عن الزجاج عن المبرّد قال : " أول من وضع العربية ونقـّط المصاحف أبو الأسود , سئل أبو الأسود عمن نهـّج له الطريق , قال تلقيته عن علي بن أبي طالب " وكذلك ما جاء في مصدر :السيرافي في أخبار النحويين يخبرنا :
بدأت نشأة النحو بالبصرة على يد أبي الأسود الدؤلي , وأخذ عن علي بن أبي طالب (رض) العربية , وكان أفصح الناس ,ونورد هنا رواية غريبة وهي من الروايات الغريبة ونوردها فقط للاطلاع لأنها ليست من ضمن الروايات المطلوبة للمقارنة والتحليل ضمن ما طُلب منّا .
المصدر :ابن سلام الجمحي في (طبقاته) تحقيق وشرح(احمد محمد شاكر ) طباعة دار الآثار.
- ما تفرّد أبا الأسود الدؤلي بأنه واضع علم النحو , أو لم تشر للإمام (ع) كما ذهب ابن سلام الجمحي في (طبقاته) , موضحاً عندما اضطرب كلام العرب وغلبت السليقية , وكان سراة الناس يلحنون " وضع باب الفاعل والمفعول والمضاف وحروف والنصب والجزم وابن قتيبة في ( الشعر والشعراء ) , إذ يجعله " أول مَنْ عمل في النحو كتاباً " .
رأي الباحث
_____
من خلال هذه القراءة التحليلية المتواضعة للنصوص المذكورة في هذا البحث توصلنا إلى ما يلي أن اغلب الروايات التي تحمل سند ومتنها خال من الضعف تشير إلى أن أول من وضع النحو هو الأمام (ع) وبواسطة أبو اسود الدؤلي و أما كل ما ذكر من روايات أخرى فهي ضعيفة وغير مسندة ويتخللها الضعف والشك والوهن هذا ما سمح به وقتنا المقترن بجهدنا المتواضع.
#حيدر_مكي_الكناني (هاشتاغ)
Haider__Makki__Al-kinani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟