أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عهود الناصري - الحياة للعيش...لا للتعايش














المزيد.....

الحياة للعيش...لا للتعايش


عهود الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 6078 - 2018 / 12 / 9 - 19:06
المحور: الادب والفن
    


ليس من السهل تجاوز الخيبات والانكسارات، بل لا نقوى حتى على الحديث عنها، لأنه ببساطة هناك أشياء أكبر من كلمة آسف، والأشياء التي لا يمكن أن تُصلح، ودائما هناك الذنب الذي لا يُغتفر، واللحظة التي لا تُنسى، والرعشة التي غيرت مسار القلوب، والتمزق الذي لا يُداويه الزمن، هناك شك في كلمة أعدك، والكثير من الخوف من وراء كلمة أريدك...
لا تصدق القوة الظاهرة لأي شخص، إدعاؤه الدائم أنه بخير، لا تصدق صور السعادة المصطنعة، فناجين القهوة الشهية، صور الأصدقاء، الابتسامات، البذلة السوداء الأنيقة، ..جميع الأشياء الباذخة التي يقوم بها من أجل التقاط صورة محاطة بالحب والمتعة، هي مظاهر مفتعلة ليس إلا، لا تصدق أنه بمقدور صورة لا تجمعه بمن يحب أن تكون بدقة عالية، مضيئة، وساحرة...
كاذب من يقول التدخين يسبب السرطان، الخيبات من تفعل.. تصبح الخيبة داء ينهش في جسدك وذاكرتك التي لا تموت فلا تجيد إلا التعايش معه في قادم الأيام...
هل حقا الضربة التي لا تقتلك تقويك، ولماذا عليك أن تُضرب، وما الغاية من هذا العناء، أي ثمن تدفعه، هل ثمن الثقة ، أم ثمن اختياراتك الخاطئة، لا تصدقهم كاذبين، الضربة التي لا تقتلك قد تستهدف مركز التوازن فيك أو تشلك أو تقتل الشعور فيك وتُضعف أقوى ما فيك، تبقيك حيا فقط، لكنها أبدا لن تقويك..
لأنه ببساطة كذلك، حقيقة الأمور كثيرا ما تكون عكس ظاهرها، ورؤيتها بتفاؤل كبير يوقع صاحبه في كل مرة في الزيف الفاضح، يجب أن نتساءل دائما هل فعلا الفشل بداية النجاح، هل يجب علينا أن ننظر إلى الجزء الفارغ من الكأس، ألا يمكننا أن نعترف بأن الفشل لا يعني شيئا غير الفشل، ولا علاقة له بالنجاح، وأن الكأس نصفه فارغ وقد لا يروي عطش الظمآن، وأن قطرة بعد قطرة قد تملأ ذلك الكأس لكن متى بالضبط... حتى يبلغ منه التعب مبلغه، وهل فعلا أن الأشياء التي تأتي متأخرة أفضل من التي لا تأتي أبدا... الأشياء التي تأتي متأخرة ينقصها شغف البدايات، تفتقد ذلك الإلحاح الطفولي، تأتي نعم لكن بعد أن تنطفئ رغبتنا فيها...
يجب علينا أن تصالح مع المفاهيم كما هي في حقيقتها، ونكفّ عن تجميلها بأضدادها، لأن في هذا الفعل تشويه لواقع نعيشه، كل مساحيق التجميل التي يستخدمها العالم اليوم من كلمات منمّقة وألفاظ تفاؤلية مكررة، وعبارات رنّانة مستوردة من ما يسمى بالتنمية البشرية، هي من أجل تزييف للحقيقة القاسية التي نعيشها.. كلها طرق توهمنا أنّنا سنبلغ بها السعادة المرادة، نسهب في الحديث عن الحب والوفاء، والصدق... وكلها أشياء يهدي بها الجميع ليل نهار، لا أحد يتحدث عن الكراهية المختبئة في النفوس عن فساد النوايا عن الوجوه الزائفة، عبارات وجمل نسمعها ونحفظها عن ظهر قلب كي نلون الحياة بألوان مشرقة، إلى أن نشهد سوادها سريعا، فنستيقظ على صدمة قادتها كل طرق روما إلينا.
الحياة كما تعلمناها أو كما علمتنا هي نفسها، هي للعيش بكل معاني مفاهيمها والتي تتضمن حقيقتها فعلا، الحقيقة التي يصعب على الكل استساغتها، التي تكون كالعلقم في مذاقها، صعبة الهضم...
عندما تقرأ كتابات همنغواي أو كونديرا أو كافكا أول مرة، ستقول في بادئ الأمر يا لهم من بؤساء يجتهدون في تخريب سعادة المرء، يتحدثون بلغة فلسفية غامضة، والفلسفة عموما تخريب للعقول، كل هذا من أجل أن تطمئن لمغالطات واهية تسبح ضمنها، وحدها الخيبات من توقظك من سباتك العميق، تدرك أن شخصا مثل كونديرا أو كافكا هم من امتلكوا الشجاعة في البحث عن الحقيقة...
حقيقة الفشل تعني الفشل، تعني أن غيرك نجح بما فشلت فيه أنت، إذا قلت أنه بداية لنجاحك أنت فقد أقصيت فرحة غيرك الذي حقق نجاحا... نصف الكأس يعني أن أشياء تنقصك وقد تكون مهمة، لذلك وجب الاعتراف بالنقصان..
الحياة للعيش نعم وليست للتعايش، اللحظات القاسية يجب أن تُعاش بكل قسوتها، كما تعيش لحظاتك الجميلة بكل جملاها، نحن نعيش بالحياة وفيها ولا نتعايش معها..



#عهود_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة للعيش...لا للتعايش


المزيد.....




- قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل ...
- ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية ...
- حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
- عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار ...
- قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح ...
- الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه ...
- تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
- مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة ...
- دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
- وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عهود الناصري - الحياة للعيش...لا للتعايش