|
لقاء جنيف : أي مخرج .. أي نتيجة ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6077 - 2018 / 12 / 8 - 17:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انتهت الجولة الأولى من المفاوضات بين النظام المغربي ، وبين جبهة البوليساريو ، وبحضور وفدي النظام الجزائري والنظام الموريتاني ، دون ان تسفر على تقدم ملموس ، اللهم دعوة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لجميع الأطراف ، بتجديد لقاء ثاني في الربع الأول من يناير القادم . من خلال استطلاع موقف الأطراف ، هناك تناقض في التأويل ، كما هناك معركة تجري بين المتفاوضين ، تسمى بمعركة حرق الاعصاب ، للتأثير نفسيا على موافق الخصم ، بما يدفع به الى ارتكاب هفوة او خطأ ، يركب عليه الطرف الآخر ، لتبرير انسحابه من المفوضات ، دون تحميله نتيجة وأسباب الانسحاب ، اذا كانت الإجراءات ، او المفاوضات تسير ضد مصلحة خصم . فبعد ست سنوات من الجمود ، وبفعل الضغوط الدولية ، وعلى رأسها ضغوط البيت الأبيض الأمريكي ، الذي هدد بسحب المينورسو ، وفرض تقليص مدة تجديد وجودها ، لستة اشهر بعد ان كانت سنة ، وهو اجراء القصد منه الضغط على النظام المغربي ، اجتمع بجنيف وفدا اطراف النزاع ، تطبيقا للقرار 2440 الصادر عن مجلس الامن في أكتوبر الأخير ، والذي من جديده ، التساوي بين اطراف النزاع في المعاملة والتصور ، وتحميل أي طرف المسؤولية عند الاخلال بمقتضيات القرار 2440 . لكن هل يمكن تصور حصول جديد من لقاءات جنيف ، او ان اللقاء في كل جولاته ، سيكون تكرارا للقاءات مانهاتن بالولايات المتحد الامريكية ؟ عند قبول اطراف النزاع ، وبضغط امريكي ، الدخول في مفاوضات مباشرة ، وبدون شروط مسبقة ، كانت حسابات الأطراف متناقضة ، وكان الأساس ، ليس هو المفاوضات ، بل كان التحايل على الوقت ، بغية خلق أوضاع تربك عملية التفاوض ، التي رغم وجود النظام المغربي بجنيف ، فانه يرفض وصف اللقاءات بالمفاوضات ، ويسميها ب الطاولة المستديرة ، وهو ما يتعارض كليا مع منطوق القرار 2440 . النظام المغربي متمسك بحل الحكم الذاتي ، ويرفض أي حل قد ينتهي بالاستفتاء وتقرير المصير تحت اشراف الأمم المتحدة . والنظام المغربي حين يعارض تقرير المصير ، فذلك لأنه سلاح ذو حدين . فمن جهة ، انْ تم تنظيم الاستفتاء ، فان نتيجته ستصب في الاستقلال وبنتيجة 99 في المائة ، وإذا كانت للنظام من شكوك ، فما عليه الاّ تنظيمه وسيرى بأم عينيه النتيجة ، ومن جهة ، فذهاب الصحراء بالاستفتاء ، سيكون حجة عليه ، ستسبب في اضطرابات ستهز كيان النظام بالكامل ، ولن يجد من الغربيين من سيدافع عنه . لذا فنزاع الصحراء مرتبط بوجود النظام كنظام ، وهو ما يخيف النظام ليقينه بنتيجة الاستفتاء التي ستكون في غير صالحه . ألم يقل الحسن الثاني " سيطرنا على الصحراء ولم نملك قلوب الصحراويين " ، وهو اعتراف برفض هؤلاء العيش تحت ظل نظام متجبر ، ومعتدي ، وحگارْ ، وغير ديمقراطي . اما جبهة البوليساريو فهي تتمسك فقط بحل الاستفتاء وتقرير المصير ، بحجة احترام الشرعية الدولية ، المسطرة في كل قرارات الجمعية العامة ، وقرارات مجلس الامن . لكن ما يثير السخرية هو حضور النظام الجزائري ، والنظام الموريتاني في شخص وزيري الخارجية لقاءات جنيف . ونحن نتساءل : ما هي الصيغة القانونية لحضور اطراف منحازة في الصراع ، وليست محايدة . ان الجزائر وموريتانية تعترفان بالجمهورية الصحراوية ، وتدافعان عنها . فكيف سيكون تدخلهما ، خاصة تدخل وزير خارجية الجزائر الذي اعتبر مجيئه لجنيف بمثابة تسلية حين قال " جين انضحكوا اشوية " . فهل القصد من الضحك ، هو ضحك على الصحراويين ، ام على الأمم المتحدة ، ام على مجلس الامن ، ام على السيد كوهلر ممثل الأمين العام ؟ وكيف سيكون التدخل الجزائري . هل سيقنع الصحراويين بالتخلي عن الاستفتاء وتقرير المصير ، ويحثهم على قبول الحكم الذاتي طبقا للسلطات التي ستحددها الأمم المتحدة ، وليس تلك التي سيقترحها النظام المغربي ، ام انه سيقنع هذا الأخير بالتخلي عن حل الحكم الذاتي الذي ترفضه الجبهة ، ويشجعه على قبول الاستفتاء ؟ ولماذا حضور النظامين الجزائري والموريتاني ، وليس حضور اسبانيا التي كانت تحتل الإقليم ؟ المفاوضات فاشلة مسبقا ، بسبب تعارض مواقف ومصالح الأطراف . النظام المغربي لن يقبل بحل الاستفتاء ، لان نتيجته ستصب في غير صالحه ، وهو يعرف ان ذهاب الصحراء تعني سقوطه . فهل سيقبل الانتحار عن طيب خاطر ؟ والجزائر التي تدعم الجبهة ، لن تقبل بحل الحكم الذاتي ، لأنها ان قبلت به ، يعني انتصار النظام المغربي على النظام الجزائري . فهل سيقبل النظام الجزائري الانتحار عن طيب خاطره ؟ والجبهة بدورها ، لن تقبل بحل الحكم الذاتي ، لأنها ان قبلت به ، ستكون قد انتحرت امام الصحراويين المتمسكين بالجمهورية الصحراوية ؟ المفاوضات الجارية اليوم بجنيف ، هي نوع من العبث السريالي ، الذي تستفيد منه كل الأطراف . فالجميع يلعب على الوقت الذي لن يزيد الاّ معاناة لصحراويي تندوف المحرومين من ابسط شروط الحياة ، وبما فيها حرمانهم من الشغل في الجزائر . السؤال : ما العمل ؟ الحل بيد الولايات المتحدة الامريكية ، وهي توظفه لإهانة الأنظمة ، وللّعب على تناقضاتها ، لاستنزاف كل المنطقة المغاربية ، وطالما ان الوضع هكذا ، فأمريكا ليست متسرعة من امرها . فهل سيتمر النزاع لخمسة وأربعين سنة قادمة ، بلا سلم و بلا حرب ؟ الحل سيكون مع التجديد للرئيس الأمريكي بولاية رئاسية ثانية ، وهي مؤكدة ، وفوزه مضمون ، لأنه جلب لأمريكا ملايير الدولارات ، وجعل منها تتبوأ اول واكبر دولة مهابة في العالم . ان نهاية 2019 ،وبداية 2020 ستحمل صدمات قاسية ، ستقف وراءها واشنطن لازمة الصحراء الغربية ، والتي لن تنتهي الاّ بالاستفتاء وتقرير المصير طبقا للشرعية الدولية ، وتحت اشراف الأمم المتحدة ، لا عطاءه مصداقية دولية وقانونية . الحل بيد أمريكا ، ومفاوضات جنيف ، مثل مفاوضات ما نهاتين ، هي عبث سريالي ، يخدم مصالح النظام المغربي ، والنظام الجزائري ، وقيادة الجبهة ، ويضر في الصميم صحراويو تندوف ، وكل شعوب المنطقة . فإلى متى حل الشعوب ؟ .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملكية برلمانية ام جمهورية برلمانية .. اي تغيير جذري سيكون با
...
-
كل شيء للفقراء .
-
أيّ بلاد هذه ........ بلادي ليست قابلة للنسيان ( 9/9 )
-
هل عدد الصلوات وعدد الركعات ممارسات شرعية ؟
-
دولة السحل ..... تسحل مواطنيها
-
أيُّ بلاد هذه ......... ( 8/9 )
-
يمامة أطلسية طارت تنشد الحرية
-
اي بلاد هذه .... بلاد قابلة للنسيان ( 7/9 )
-
الزمن العفن ..... الزمن الرديء
-
ايّ بلاد هذه ...... بلاد قابلة للنسيان ( 6/9 )
-
قلم الرصاص ، كاتم الصوت القاتل
-
تحليل خطاب الملك / خطاب تودّد
-
أبلاد هذه ........ بلاد قابلة للنسيان ( 5/9 )
-
أيُّ بلاد هذه ...... الظلم والحگرة والقهر ... ( 4/9 )
-
تحليل القرار 2440 لمجلس الامن .
-
أيّ بلاد هذه .... واشْ منْ بلادْ هذي ... ( 3/9 )
-
أيُّ بلاد هذه ... واشْ منْ بلادْ 2/9
-
أيّ بلاد هذه ..... 1/9
-
موت الاحزاب . الدولة البوليسية تفرغ الاحزاب من مضمونها . ( 1
...
-
طلقات في عز الليل
المزيد.....
-
وزير خارجية أمريكا يحذر رئيس بنما: تحركوا ضد الصين وإلا -سنت
...
-
ماسك: ترامب وافق على إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
...
-
الكويت.. سقوط عصابة -الثعلب المصري-
-
وزير الكهرباء السوري يكشف عن خطط لزيادة ساعات الوصل وتحديات
...
-
تايلاند تسهل إجراءات السفر وتقدم مزايا جديدة للسياح
-
باكستان.. مقتل شرطي خلال حملة تطعيم ضد شلل الأطفال
-
تعليق إيراني بشأن -حقائب أموال ترسل إلى لبنان-
-
بسبب مقاطعة خطاب زيلينسكي.. استبعاد حزبين في ألمانيا من مؤتم
...
-
السياسي الأوكراني ميدفيدتشوك: أوكرانيا تعود إلى -زمن الخراب-
...
-
صحفية أوكرانية: لا مزيد من الأموال لزيلينسكي بعد الآن!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|