أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الثورة والتغيير














المزيد.....


الثورة والتغيير


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 6077 - 2018 / 12 / 8 - 14:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يفترض لكي تكون "الثورة" جديرة بالتثمين والتقدير، أن تكون عبارة عمليتي هدم وبناء متتاليتين. تعقد الحياة والحضارة ‏جعل هذا أمراً بالغ الصعوبة، خاصة في ظل حالات الفوران أو الجيشان العاطفي، التي تصاحب الثورات بشكلها ‏التقليدي الجماهيري. لقد تخطت البشرية إمكانية التغيير عن طريق الثورات الجماهيرية، التي صارت الدعوة إليها الآن ‏دعوة للفوضى وليس الثورة بمضمونها الإيجابي‎.‎
هناك الآن مشكلة خطيرة، ليس في عملية البناء الجديد المرتجى من الثورة فقط، ولكن في عملية هدم القديم. فتعاظم ‏أعداد سكان المدن والدول، وارتباط حياة الناس بصورة تامة شاملة بالدولة ومؤسسات المجتمع الرسمية والأهلية، جعل ‏المتضرر الأول والأعظم من أي اختلال للنظام والاستقرار، ليس طبقة الحكام، وإنما المواطن العادي البسيط‎.‎‏ مرافق ‏المياة والكهرباء والتليفونات والبنوك والمواصلات وهيئات جمع القمامة وغيرها، لا يحتمل المواطن الثائر نفسه تعطلها ‏أياماً أو لحظات‎.‎‏ وقد رأينا موجات الهجرة المليونية من سورياً. ليس فقط هرباً من الموت، ولكن أيضاً للافتقاد لمقومات ‏الحياة.‏
التغيير الآن لابد وأن يتم بالضغط المتزن الهادئ، وليس بالثورات التي لا تحتمل حتى عبء وتداعيات التخريب، علاوة ‏على افتقادها لمشروع منظم متكامل للجديد الذي يحل محل ما ضاقت به في حياتها‎.‎
التغيير الحقيقي لا يأتي فجأة، ولا يتحقق بإصلاحات جزئية‎.‎‏ ولا يتأتى بتغيير أشخاص على رأس هرم السلطة، أو حتى ‏مجرد إعلان تبني سياسات أو دساتير جديدة‎.‎‏ يأتي التغيير الحقيقي بمشروع متكامل لاستبدال المنظومات بكامل ‏مكوناتها‎.‎‏ التي تشمل الأهداف والفكر السائد لإدارة المنظومة، ومؤهلات المكون البشري وطبيعة العلاقات والإجراءات ‏الحاكمة للعمل بالمنظومة، وتحسين الموارد المادية، مع تغيرات مناظرة للبيئة التي تعمل فيها ومن خلالها.‏
المجتمعات الحية المتحضرة، تتضمن منظوماتها المختلفة آلية ذاتية للتصحيح والتطوير المستمر. بحيث يجوز ‏اعتبارها في حالة ثورة مستمرة، لا تتوقف لحظة واحدة عن فعلها الثوري، وبالتالي تنتفي فيها الحاجة لثورة تهدم وتقيم ‏جديداً.‏
المشكلة في المجتمعات والشعوب الراكدة، والتي استقرت على حالة تخلف وفساد، تجعل من المستحيل إقامة جديد دون ‏هدم القديم. وقد رأينا تجربة الشرق الأوسط مع ما سميناه "الربيع العربي"، وقد نجحت بعض شعوبه في الهدم إلى حد ‏الخراب الشامل، دون مؤشرات للقدرة على الإتيان بجديد. واقتصر جهد بعض شعوب على هدم جزئي، عاد معه القديم ‏للسيطرة، وإن بصورة أكثر هيمنة مما تمت الثورة عليه، كما في الحالة المصرية. ربما تونس فقط هي التي استطاعت ‏بثورتها التقدم بضعة سنتيمترات للأمام.‏



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد بن سلمان
- هو صراع المتناقضات
- الأغنية المصرية وتحولات الواقع
- الطريق للمشترك الإنساني
- نظرة بانورامية لفلسطين السليبة
- التمرد والمغامرة
- عفواً أستاذنا سيد القمني
- الليبرالية بين لعبتي كرة القدم والحوكشة
- ديناميكا التطور
- الفرق بين الدين والتدين
- أيديولوجيا السقوط
- كارثة مقدسة
- سويعات مع ثقافة التخلف
- قبطيات أرثوذكسية
- رؤية علمانية للرهبنة المصرية
- الصلب والقيامة في الأناجيل الأربعة
- العراق والشام واليوم التالي
- خيار التعامل مع قطر
- في مخاضة تيران وصنافير
- عودة القذافي


المزيد.....




- حرب ترامب التجارية: لاغارد تحذر من الانزلاق إلى صراع تجاري ش ...
- -ارتكبوا جرائم من شأنها المساس بأمن الدولة-.. قرار قضائي جدي ...
- مدفيديف يرفض دعوة وزير الخارجية البريطاني لـ-هدنة غير مشروطة ...
- ترامب: تلقينا ردودا جيدة جدا من روسيا وأوكرانيا بشأن وقف إطل ...
- ظاهرة نقص العمالة الماهرة في أوروبا.. كيف يمكن الاستجابة لهذ ...
- الشيباني في العراق.. دعوة لفتح الحدود وتشكيل مجلس مشترك
- -الحياة لا الحرب-.. رسالة نشطاء المناخ من على مدخنة لشركة تص ...
- الإعلان الدستوري.. دستور مصغر للمراحل الانتقالية
- مرشح للرئاسة في الغابون يطالب بمحاكمة -عادلة- لعائلة بونغو
- مصطفى طلاس.. قصة وزير دفاع الأسد الذي أرعب السوريين


المزيد.....

- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الثورة والتغيير